مقالات وآراء سياسية

لماذا فشل مشروع نظافة الخرطوم ؟

د.فراج الفزارى

خلال فترة عملي بدولة قطر تدرجت في الوظائف فعملت خبيرا لمشروع النظافة العامة لمدة من الزمن قبل إنتقالي للعمل بمكتب وزير البلدية والبيئة مستشارا لصحة البيئة ثم الصحة العامة ..

لقد كانت تجربتي في مشروع النظافة العامة بدولة قطر تجربة رائعة في مشروع رائد جعلت من مدينة الدوحة عاصمة النظافة في المنطقة الخليجية والعربية بلا منازع وبشهادة الخبراء العالميين…

وكان يمكن لذات التجربةأن تنجح في السودان ولكنها … فشلت تماما بولاية الخرطوم رغم إعادة التجربة عدة مرات باثواب وجلود متغيرة ….فما هي أسباب الفشل وهل يمكن تجاوزها إن أردنا أن نري الخرطوم بعيون الستينات من القرن الماضى في جمالها ونظافتها ؟

ودون الدخول في التفاصيل  فإن فشل مشروع نظافة الخرطوم يرجع الي ثلاث أسباب رئيسة وهى الفردانية … عدم التأهيل الفني وقلة وسؤ إدارة الإمكانات المتوفرةمادية كانت أم بشرية… ولا رابع لها إلا الفساد المستشري في أجهزة الحكم المحلي علي المستوي العام ولن تكون الخرطوم أستثناءا.

أما الفردانية فهى تكمن في طبيعة الشخصية السودانية التي تفتقر الى روح العمل الرسمي الجماعي وعدم التخطيط له…وهى ظاهرة إجتماعية نفسية في الشخصية السودانية وتحتاج الى دراسة علمية معمقة.

أما عدم التأهيل فهو قيام كادر الضباط الإداريين في محلياتهم بالتغول علي تسيير إدارة خدمات النظافة العامة وهناك خلط كبير ما بين الإدارة العامة وإدارة خدمات النظافة العامة التي أصبحت فرعا من العلوم التي تدرس في الجامعات وأكثر الفئات تأهلا لها هم المهندسين ومفتشى الصحة الذين كانوا مهمشين تماما في إدارة خدمات النظافة …

وتتجلى قلة وسؤ إدارة الإمكانات والإمكانيات المتوفرة في ضعف التخطيط والرقابة والمتابعة والتقييم

وعدم كفاءة وكفاية الخدمات المقدمة من آليات ومعدات  وحتى الحاويات كانت شبه معدومة  في الأحياء والميادين العامة فضلا عن عدم تفعيل التشريعات وإنعدام البرامج التوعوية لرفع الحس وشعور المواطن بدوره في الحفاظ علي سلامة البيئة.

إذن ما هو الحل؟ وكيف الإستفادة من تجارب المدن الأخرى التي تعاني من ذات المشاكل في إدارة خدمات النظافة العامة ؟

في تقديري ومن خلال تجربتى الطويلة في عمل البلديات وإدارة خدمات النظافة .. وكذلك إطلاعي على الكثير من تجارب المدن العربية في خدمات النظافة بحكم عملى مستشارا لمنظمة المدن العربية بالدوحة فإن الحل يكمن في إسناد إدارة خدمات النظافة العامة الى شركة عالمية  متخصصة في هذا المجال ولن يزيد في تقديرى تكلفة ذلك العمل عن 15 مليون دولار في السنة وكان يكفى تسديد هذا المبلغ من المنحة اليابانية التي قدمتها الوكالة اليابانية للتنمية ( جايكا ) لولاية الخرطوم ولن تعدم الخرطوم الحيلة مستقبلا   في الحصول على مثل تلك المنح من الحكومات أو الوكالات المهتمة بالبيئة هذا إذا إفترضنا عجز الدولة عن توفير هذا المبلغ الزهيد …

وهناك نمطان وثلاث أساليب في استقدام الشركات العالمية لا أريد الدخول في تفاصيلها وهي كثيرة ولكن يفترض في المسئولين المضطلعين بشئون البيئة أن يكونوا علي معرفة بها ,,

ولكننى أختار وأرشح من جانبي الإسلوب الثالث  من النمط الثانى حيث تتقاسم كل من الدولة والشركة العالمية مسئولية إدارة الخدمات حيث تقوم الشركة بإدارة الإمكانيات المتوفرة للولاية حسب التخطيط الحديث في إدارة خدمات النظافة وذلك وفق عقد عمل محدد المهام شريطة أن تكون إدارة هذه الخدمات تحت مكتب الوالى أو حاكم الولاية مباشرة من خلال هيئة إشرافية  عليا مهمتها المراقبة والمتابعة لتنفيذ بنود الإتفاقية وصرف المستحقات المالية وليس لبقية الإدارات في المحليات بالذات أية سلطة على عمل الشركة إلا من خلال وجود ممثليها في الهيئة الإشرافية …

 

د.فراج الشيخ الفزاري

إستشاري الصحة العامة وشئون البيئة

[email protected]

 

‫4 تعليقات

  1. طيب ما انت نفسك خاتي ليك مية لقب قدام اسمك, نظافة الخرطوم تبداء بوجود قانون في البلد ومؤسسات قبل اي شي, وبعدين شركات النظافة دي ما عايزة دكتوراة يا دكتور

  2. مع احترامى لرائك يا دكتور يجب فى المقام الاول تعليم الانسان السودانى احترام البئية بمعنى تعليمه الحفاظ على النظافة اولا حيث تجد ان الذى يتعاطى التمباك او يدخن السجائر بعد الفراق من التدخين او السفة يقوم برميها فى اى مكان بدون مراعاة النظافة وقس على ذلك تجد احدهم ياكل سندويتشا وهو يقود سيارته وبعد انتهاءه من الاكل يقوم برمى ما تبقى او الورق الذى لف به الساندويتش فى الشارع وهكذا ، لذلك تعليم الانسان اهم من استجلاب شركات عالمية وكذلك سن القوانين والغرامات المترتبة على المخالفات ثم بعد ذلك يمكن تكوين شركات محلية وجلب استثمارات فى المجال وخلق صناعات مرتبطة بنظافة العاصمة مثل صناعة تدوير النفايات الخ . ودمتم

    1. لك الود والتقدير أستاذ بوكو ( وأكيد ليس بوكو حرام )
      فلسفة معظم الدول ( خاصة الخليجية ) في إستقدام الشركات العالمية المتخصصة في عمليات النظافة العامة ليس بسبب وفرة المال فقط ولكن إنقاذا للوضع المتردى الذى كان قائما في عواصم ومدن تلك الدول من سؤالإدارة أوعدم كفاءة الخدمات رغم كفايتها كما ونوعا.
      الشركات العالمية سوف توفر للكوادر المحلية الخبرة وطرق وأساليب إستخدام التكنولوجيا الحديثة والتدريب ومن بعدها سيتولى أبناء البلد مسئولية إدارة هذه الخدمات .
      وكل الدراسات ذات العلاقة في البيئة أو الإدارة المحلية تؤكد على أن البلديات هي المسئول الأول عن نظافة المدن والتخلص من المخلفات إعتمادا على الأجهزة التنفيذية التابعة لها (….. إلا إذا ….) وهذا هو الباب الذى ترك مؤاربا لدخول البدائل بما فىها إستقدام الشركات العالمية المتخصصة ولو الى حين .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..