أهم الأخبار والمقالات

رسالة الى رفاقي في تجمع المهنيين السودانيين

د. أمجد فريد

“المالك للشىء… مملوك له”
الحلاج

أعزائي…
منذ تباشير بداية انتصار ثورة شعبنا الباسلة، والتي لعبتم فيها وبواسطة هذا البناء العظيم لتجمع المهنيين السودانيين دوراً مقدراً، واصبتم سهماً وافراً في إسقاط نظام بطش جثم على صدور السودانيين سنين عددا حتى قطع عنهم نفس الحياة، وأودى بهم الى مشارف الهلاك، فجاءت انتفاضة شعبنا باسلة وجريئة، بعنفوان اذهل الدنيا واصبح حديث العالمين، منذ ذاك الحين طفت الى سطح الحوار العام نقاشات شتى باسئلة كثيرة غير محسومة الرد ولا مقطوعة الإجابة، وذلك من طبيعتها ومن طبيعة الوضع الجديد الذي مرت به البلاد بعد خلع المجرم البشير، والذي ارتفعت فيه الآمال لتعانق ابراج السماء وازدادت فيه المخاوف من المجهول القادم في وضع لم يمر علينا جميعا من قبل.
وبطبيعة الحال، كانت هناك نقاشات تم حسمها وأخرى حسمتها تطورات الأوضاع وتوازنات التحالف الأكبر لقوى الحرية والتغيير، ولكن ظل التجرد والحرص على المصلحة العامة ديدن مجلس التجمع في نقاشاته، وبذل الجهد والعطاء غير المحدود ديدن العمل في مكاتبه المختلفة… وظلت روح الزمالة النقابية والإخاء في الوطن تجمعنا كما جمعنا الهدف المشترك بالخلاص من حكم البشير وعصبته منذ ديسمبر الماضي.
وأنا أعلم ان الأشياء ليست كما تبدو عليه، ظللت انظر مشفقاً منذ ترجلي عن تمثيل النقابة في مجلس التجمع الي انفجار أزمة التجمع الحالية، والتي وصلت الى ذروتها بما حدث في صفحة التجمع يوم أمس نتيجة للتراشق الاعلامي ببيانات المواقف. هذه الازمة التي قد يبدو أن ما فجرها هو القرار رقم 20 من مسجل تنظيمات العمل والمتعلق بلجان تسيير الاتحادات المهنية، ولكنها في حقيقتها نتيجة لتراكمات مسبقة متعددة الأسباب. كان القرار رقم 20 هو فتيل الازمة لأنه خرج بالتجمع مرة أخرى من مساحته الآمنة التي يتفادى فيها نقاش الوجهات الاستراتيجية والاسئلة الكبرى ليخوض في لجة نقاش التكتيكات والخيارات المختلفة للمعارك كما كان يحدث إبان مرحلة العمل الثوري. ولكن هذا الانتقال الذي حدث فجأة بالقرار رقم 20 لم يكن تطوراً موضوعياً كما لم يكن التراجع الى مساحة النقاشات العامة موضوعياً، فالأخير حدث نتيجة تمدد خطاب ونفوذ الاحزاب السياسية الشريكة في الحرية والتغيير خلال فترة تكوين الحكومة وارتفاع نبرة الحراك السياسي خلال فترة اللقاءات مع الحركة الثورية وغير ذلك مما شهدته الفترة الأخيرة التي صاحبت نهاية التفاوض مع المجلس العسكري… وكل تلك القضايا غير المتعلقة بشكل مباشر مع اهتمامات التجمع في العمل النقابي وما وضعته فيه الظروف التي مرت بالبلد ووحدت كياناته للعمل من أجل إسقاط النظام. تلك القضايا لم يكن التجمع ولا عضويته على قلب رجل واحد فيما يليها ولا تقع في دائرة اهتماماته المباشرة الأكثر الحاحاً مما جعله يستسلم في خضمها لعنان الحرية والتغيير، وهو ما جعل نقاشات التجمع في تلك الفترة في إطار الروتيني اليومي والمكتبي المسطح بأكثر من نقاش القضايا، ليأتي القرار رقم 20 والذي يناقش لب اهتمامات التجمع في كيفية استعادة البناء النقابي وتكتيكاته ليفجر الأمر دون وحدة فكرية تجمع بين مكوناته وعلى أثر غياب طويل من نقاش التكتيكات والسياسات. حاول مجلس التجمع اكثر من مرة استدراك هذا الغياب فانشأ لجنة للعمل النقابي منذ مايو وأنشأ لجنة للسلام لتعد رؤية يجتمع حولها التجمع ويتبناها وغير ذلك من القضايا التي تحتاج الى وحدة الفكر والارادة، الا انه أهمل متابعتهم ومناقشة مخرجاتهم تحت ضغط اليومي والمباشرة والملح من تطورات، وهو ما منع الوحدة الفكرية لكيانات التجمع من التخلق واصبحت المواقف حول القضايا المعنية جزراً معزولة بينها مساحة التشكك وعدم معرفة مواقف الاخر الحليف.
على صعيد آخر، ونسبة لتصدر التجمع لمسرح الحراك السياسي لفترة طويلة، انصب سخط وغضب الحانقين على مخرجات العملية السياسية بشكل مركز على تجمع المهنيين السودانيين، وعلى الشخوص البارزة فيه بطبيعة الحال، وهو ما أدى الى خلق رأي عام – بغض النظر عن صحته من عدمها- سلبي وسط فئات سياسية واجتماعية ناشطة. وبالطبع استثمرت مجموعات سياسية عديدة في تنمية هذا الرأي العام السلبي واستندت الى تباينات سابقة في الآراء والمواقف داخل التجمع لتغذيه أكثر وأكثر وتدفع به ليسود في العقل السياسي الجمعي بتصوير التجمع وكأنه على حافة التشرذم والانقسام في فترات كثيرة كان فيها واقع الحال مغايراً لما هو حقيقة من عمل متناسق ومنسجم داخل التجمع. حتى أن بعض الدعابات والسخرية التي كان يتم تداولها على سبيل المزاح بين بعض أفراد المجلس، أصبح يتم ترديدها في المجال العام كحقائق ووقائع مثبتة يتم استخدامها للنيل من التجمع وتشويه صورته، هذا الرأي العام الذي أصبح واقعاً انعكس داخل التجمع وجزر مواقف كياناته المعزولة، ليبني حواجز أخرى من عدم الثقة والعدوانية المدفوعة برغبة تطهرية للتنصل عن كل ما يتم انتقاده بغض النظر عن حمل المسئولية فيه.
وبالطبع أدى ذلك الى تجاوزات مؤسسية من أطراف عدة في مواقع مختلفة من هيكلة التجمع… سكرتاريته، المجلس، والمكاتب التنفيذية، والتي أصبحت كلها جزر معزولة تتحرك دون الرجوع الى بعضها البعض وباءت كل المحاولات بوضع خطة عمل شاملة او نقاش تصور موحد ومواقف موحدة لتجمع المهنيين بالفشل اثر اصطدامها بحواجز عدم الثقة والسعي وراء الطهرانية المطلقة… وساهم في ذلك أيضاً التنازع السياسي بين المجموعات المنتمية الى أحزاب سياسية داخل التجمع – وهو صراع متوهم أيضا غير مبني على اي عوامل او اختلافات موضوعية- فانتشرت التسريبات الكاذبة واستفشت ممارسات تشويه المواقف وذكر أنصاف الحقائق في النقاشات التي لا تكتمل.
أعزائي…
لقد جاءت لحظة الحقيقة، وانتم تعلمون كما اعلم انه لا منتصر في هذا الصراع لو كانت نتيجته هدم المعبد على رؤوس الجميع، فاغلب هذه الصراعات مبنية على هياكل من قش عمادها سوء الفهم او قلة الخبرة او الافتراضات الذاتية المسبقة التي لا تسندها الوقائع الموضوعية أو التشكيك فيما يمكن التيقن منه. وكل هذا يحتاج لشجاعة في مواجهته داخل التجمع وفي أروقته التي تحتاج الى معالجة وليس بالتراشق الاعلامي والسعي الى طهرانية زائفة… فان معركة التغيير لم تنته بعد… ولا نزال نحتاج الى رماة تجمع المهنيين فوق جبل احدهم يحرسون الثورة حتى لا يكون مكسب الشعب السوداني من غنائم الثورة محض الاياب.
أعزائي في مجلس تجمع المهنيين…
“المالك للشيء مملوك له، ومن أراد الحرية فليخرج من ملكوت الرغبة”
ولسا قدامكم معارك

 

د. أمجد فريد
الجريدة

‫4 تعليقات

  1. بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
    ما ( قحت ) بمتخلفة ولا حمدوك (ببليد ) !
    كثر الحديث من مفطومي النظام البائد وممن والاهم عن تفرق الصف أحادا وتمزقت ( قحت) كما سبق لهم بين المنشية والقصر وذاك حمدوك لا يستطيع جلب دولارات امريكا وأوربا ولا ريالات ودراهم الخليج ويستمر اللطلم علي الخدود وشق الجيوب علي حال السودان بعد غياب ( قورو) السياسة والاقتصاد البشير الذي لا بديل له الا البشير وحوله الخبراء في الاستراتيجية ربيع عبد العاطي وفي الاستثمارات د. مصطفي عثمان طبيب الاسنان الذي هجر قلع الضروس وتخصص بدلا عنها في قلع الريالات ( شحذة) من أمراء الخليج .
    تلك المناحة والعويل بسبب غياب دروس الديمقراطية لثلاثين من عجاف السنين فتفرد فيها نفر قليل من الحركة الاخوانية يتعلمون في كرسي الحكم مبادئ ساسة البشر في الاقتصاد والمال والدين فكان الرتق هنا وهناك في ثوب تزداد ثقوبه يوما بعد يوم الي أن كشف الله عورة المخبوء وبان طفل الانقاذ يعض بنان الندم ويتحلق القوم يبكون ويتلاومون.
    قحت يحملها منحني التعلم صعودا كل يوم وتأخذ من تجارب الديمقراطية وهاهو درس مجاني من مجلس العموم البريطاني تحاور لاشهر في أنجع الطرق للخروج من الاتحاد الأوروبي وتدور النقاشات البناءة ولم نسمع بسلاح البحرية البريطانية يتذمر من طول أمد النقاش ويسطو علي الحكم بانقلاب ولا تذمر سلاح الجو البريطاني من اختلاف الصف ووحدته وبل علي العكس الكل يتحدث عن ( صالح بريطانيا) وأيضا ( صالح السودان) يحمل قحت للتحاور والنقاش واختلاف الرأي وتعدد المذاهب داخل الجسم الواحد وفي نهاية اليوم الشعار واحد ( حنبنيهو) يناجون السودان علم يصمت الجميع في حضرته.
    قحت كما الاجسام الحية تنمو بمرور الايام وتتعدد احتياجاتها للتكيف مع المعطيات والمستجدات وتتحسب للطوارئ ويصبح النظر والكتابة عن فشلها في هذه المدة القصيرة من الاماني تمور في النفس وتسأل لقحت التخلف والفشل ليعود المؤتمر الوطني صبيا يتقافز بترسانته من ذات الخبراء وربما حملهم علي كراسي متحركة من مستشفيات برلين وتركيا ولندن وغيرها.
    قحت لم تدخل في ( الزهايمر) كما تشهد دور العلم في بلدان عدة بنجابة ( حمدوك) وخبرته في مجاله لا تتقاصر عن اكسابه أيضا خبرات ربما تعوزه في التحاور السياسي وحذق فنون اللعب في الساحة السياسية بين لاعبين من أمريكا وأوربا ودول الخليج وكسب ود الجميع في نية واحدة ( السودان أولا) ولا تعوزه الخبرات في أن يتحول من اقتصاديات التنمية الي جلب استثمارات التنمية من دول الخليج وأوربا في شراكة حقيقية لا دولارات تحمل بالطائرات لتوزع بين الانسباء والازواج والدعاة الفاسدين .
    في الختام لا ( قحت ) متخلفة في تفكيرها ولا حمدوك ( بليد) والسودان بخير باذن الله في عهدة شباب التغيير ومن سار في حذوهم. وبالله التوفيق والمنعة.
    وتقبلوا أطيب تحياتي

  2. بالمناسبة تجمع المهنيين يعتبر مؤشر وحيد و جيد لأنه قد خرج من رماد الطبقة الوسطى و هي روح ديناميكية المجتمع و قيادته نحو التقدم. و لكنه كان لاحق للأحداث شأنه شأن النخب السياسية التي قد فجأها تقدم الشعب و خروجه في ثورة ديسمبر و قد اصبحت كل النخب بما فيها تجمع المهنيين لاحقة للاحداث و اللاحق للأحاث ينتظره الكثير أولها البحث عن بوصلة تحدد له مساره و المسار هنا واضح في نظر الشعب السوداني و لا مسار غير معادلة الحرية و العدالة و لا يمكن تحقيقها بغير تحديد أهداف الطبقات الصاعدة نحو التخلق لاعادة الميلاد بعيدأ أحزاب الطائفية و أحزاب و حل الفكر الديني من كل شاكلة و لون بما فيها الشيوعية كأيدولوجية متحجرة و تمثل نفسها كدين بشري فاشل شأنه شأن الاديان في فشلها في تحقيق تناغم المجتمع و لا حل خارج مسار التاريخ بلفسفته الحديثة و الاخلاق.

  3. بالمناسبة تجمع المهنيين يعتبر مؤشر وحيد و جيد لأنه قد خرج من رماد الطبقة الوسطى و هي روح ديناميكية المجتمع و قيادته نحو التقدم. و لكنه كان لاحق للأحداث شأنه شأن النخب السياسية التي قد فجأها تقدم الشعب و خروجه في ثورة ديسمبر و قد اصبحت كل النخب بما فيها تجمع المهنيين لاحقة للاحداث و اللاحق للأحاث ينتظره الكثير أولها البحث عن بوصلة تحدد له مساره و المسار هنا واضح في نظر الشعب السوداني و لا مسار غير معادلة الحرية و العدالة و لا يمكن تحقيقها بغير تحديد أهداف الطبقات الصاعدة نحو التخلق لاعادة الميلاد بعيدأ أحزاب الطائفية و أحزاب و حل الفكر الديني من كل شاكلة و لون بما فيها الشيوعية كأيدولوجية متحجرة و تمثل نفسها كدين بشري فاشل شأنه شأن الاديان في فشلها في تحقيق تناغم المجتمع و لا حل خارج مسار التاريخ بلفسفته الحديثة و الاخلاق.

  4. بالمناسبة تجمع المهنيين يعتبر مؤشر وحيد و جيد لأنه قد خرج من رماد الطبقة الوسطى و هي روح ديناميكية المجتمع و قيادته نحو التقدم. و لكنه كان لاحق للأحداث شأنه شأن النخب السياسية التي قد فجأها تقدم الشعب و خروجه في ثورة ديسمبر و قد اصبحت كل النخب بما فيها تجمع المهنيين لاحقة للاحداث و اللاحق للأحداث ينتظره الكثير أولها البحث عن بوصلة تحدد له مساره و المسار هنا واضح في نظر الشعب السوداني و لا مسار غير معادلة الحرية و العدالة و لا يمكن تحقيقها بغير تحديد أهداف الطبقات الصاعدة نحو التخلق لاعادة الميلاد بعيدأ أحزاب الطائفية و أحزاب و حل الفكر الديني من كل شاكلة و لون بما فيها الشيوعية كأيدولوجية متحجرة و تمثل نفسها كدين بشري فاشل شأنه شأن الاديان في فشلها في تحقيق تناغم المجتمع و لا حل خارج مسار التاريخ بلفسفته الحديثة و الاخلاق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..