أخبار السودان

لماذا فشلت المخابرات التركية في العثور على البغدادي؟

عندما ترجل عناصر القوات الخاصة الأميركية من ثماني طائرات هليكوبتر لمداهمة المجمع الذي تحصن فيه زعيم داعش أبو بكر البغدادي منذ يوليو الماضي في إدلب، كانت لديهم معلومات استخبارية من عدة مصادر في العراق وسوريا تؤكد موقعه.

وكانت القوات الخاصة على بعد بضعة كيلومترات من الحدود التركية، إذ نقلها مسار مهمتها إلى المجال الجوي التركي ما استدعى إخطار تركيا وروسيا بخطة تنفيذ عملية في المنطقة من دون كشف تفاصيلها.

تساؤلات كثيرة تدور حول جهل تركيا بما كان يدور في منطقة تخضع لمراقبة جيشها والفصائل الموالية لأنقرة.

موقع جيروسالم بوست نشر مقالا عن الموضوع يستعرض تساؤلات حول “فشل عضو حلف شمال الأطلسي المجهز بالطائرات المسيرة والأجهزة المتطورة فضلا عن مواقع المراقبة في إدلب، وجهله بوجود البغدادي في المنطقة”.

وسائل الإعلام التركية وجميعها تقريبا مؤيدة للحكومة، ادعت بأن البغدادي تمكن من الدخول إلى إدلب بعد عبوره المناطق الخاضعة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وزعمت ارتباط القوات الكردية بالتنظيم الذي كان لها دور أساسي في هزيمته بسوريا.

وبدأت أنقرة في التاسع من أكتوبر الماضي عملية عسكرية ضد وحدات حماية الشعب التي تشكل العمود الفقري لقسد، كان هدفها المعلن إنشاء “منطقة آمنة” بعمق 30 كيلومترا لإبعاد القوات الكردية عن الحدود التركية، لكنها أوقفت عمليتها في أعقاب اتفاقين منفصلين مع الولايات المتحدة وروسيا.

وتتهم تركيا وحدات حماية الشعب بالارتباط بحزب العمال الكردستاني، الفصيل الكردي المتمرد المحظور في تركيا والذي يقاتل جيشها منذ عام 1984. وطالبت أنقرة السيطرة على جزء من شرق سوريا لطرد الوحدات من المناطق الحدودية معها، لأنها ترى في وجود القوات الكردية تهديدا أمنيا كبيرا لها.

وتقول تركيا إنها تقاتل داعش أيضا، وهاجمت منطقة عفرين الكردية في يناير 2018، بسبب مخاوفها الأمنية أيضا، إلا أن استخباراتها لم تتمكن من العثور على البغدادي، على الرغم من تأكيدها على ارتباط القوات الكردية وداعش، وفق كاتب المقال في جيروسالم بوست.
وفيما تدعي تركيا أن استخباراتها “لعبت دورا رئيسيا في مقتل البغدادي” بسبب احتجازها وتسليمها مساعدا محليا إلى العراق هو إسماعيل العيثاوي، وفق المقال، والذي زود الجانب الأميركي بمعلومات مهمة.

وتقول تركيا إن العيثاوي دخل أراضيها عبر منطقة خاضعة لسيطرة حزب العمال الكردستاني. وهنا يتساءل الكاتب عن سبب عدم اعتقاله عندما دخل حدودها، وتابع أن مروره عبر منطقة يسيطر عليها الأكراد إذا كان دليلا على عدم تحليهم باليقظة، فإن قدرته على الدخول إلى دولة ضمن الناتو يكشف أيضا فشل مخابراتها.

تجدر الإشارة إلى أن محكمة عراقية قضت في سبتمبر 2018، بإعدام العيثاوي الذي قالت إنه “نائب البغدادي وشغل مناصب عديدة في داعش منها مسؤول لجنة الإفتاء، وعضو في اللجنة المفوضة والمكلف بوضع مناهج دراسية للتنظيم”.

وكان البغدادي، وفق صحيفة نيويورك تايمز، يدفع أموالا لجماعة “حراس الدين” المحلية التابعة للقاعدة، مقابل الحصول على الحماية. ويمثل ذلك فشلا تركيا في معرفة ما كان يجري في إدلب بين الشبكات المتشددة. وبحسب الصحيفة الأميركية فإن البغدادي كان يوجه داعش لدفع أموال لـ”حراس الدين” من أجل المساعدة في تهريب أشخاص من المناطق المحيطة بدير الزور.

وقالت الصحافة التركية إن أنقرة عثرت على العيثاوي في فبراير واستجوبته، لكنها سلمته بعد أيام. ولا تزعم تركيا أن استجوابها أدى إلى الحصول على معلومات استخباراتية عملية وتصر على أن استجوابه اللاحق على أيدي العراقيين ووكالة الاستخبارات المركزية الأميركة (CIA) “أتاح سلسلة من العمليات التي تستهدف المجموعة الإرهابية”.

وتساءل الكاتب عن سبب عدم حصول الاستخبارات التركية على المعلومات المهمة ذاتها.

وكانت صحيفة واشنطن بوست قد أفادت بأن الاستخبارات الكردية عثرت على مخبر وصفه مسؤول بأنه من العرب السنة وانقلب على التنظيم المتشدد بعد أن قتل أحد أقاربه. وبعد ذلك حول الأكراد اسمه على الأميركيين الذين أمضوا أسابيع في التحقق من مصداقيته قبل أن يغتنموا الفرصة خلال الشهر الماضي ويشنوا الغارة على مخبأ البغدادي، بحسب الصحيفة.

وأشار الكاتب إلى صحيفة “ذي غارديان”، التي نشرت مقالا قبل أيام تحدث عن أن الوصول إلى البغدادي ساعد فيه رجل سوري “استخدم في تهريب زوجتي شقيقي البغدادي، أحمد وجمعة، إلى إدلب عبر تركيا”.

وقال الكاتب “لقد أحضروا أيضا أطفال البغدادي من العراق. الاستخبارات التركية لم تلاحظ تهريب أقارب البغدادي على ما يبدو”.
العملية الأخيرة ضد البغدادي في 26 أكتوبر، لم تتم بمشاركة تركيا أو علمها بطبيعة العملية. وكالة فرانس 24 قالت إن ذلك يكشف وجود “انعدام ثقة في تركيا الحليف في الناتو”.

ويتساءل آخرون عما كانت تركيا تعرفه وعن أسباب عدم حصولها على مزيد من المعلومات من أكثر من 1000 من مقاتلي داعش تحتجزهم في سجونها. ويقول المبعوث الأميركي السابق إلى التحالف الدولي ضد داعش، بريت مكغيرك، وهو من منتقدي تركيا، “من المهم التنبه إلى أن الجيش الأميركي اختار إطلاق هذه العملية على بعد مئات الأميال من العراق، بدلا من المنشآت الموجودة في تركيا، الحليفة في الناتو، والقريبة من الموقع” المستهدف.

الحرة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..