مقالات وآراء سياسية

السعودية وقفت مع إرادة أهل السودان

 ياسر عبد الكريم

المنطق الذي استخدمه الاستاذ الخطيب في ندوة الحزب الشيوعي مع كامل تقديري له لم يكن موفقا هو نفس المنطق الذي كان شائعا منذ عشرات السنيين ويبدو أن الحزب الشيوعي الذي أحترمه انه لا يريد ان يجدد الدماء في الحزب التي كان من الممكن أن تقيه مثل هذه التصريحات

 

أستاذ الخطيب لجأ الى نفس الخطاب الذي لا يعترف بأخطاءنا ونفس الخطاب الذي قلما نعترف فيه بمسؤوليتنا عن التدهور الذي نعيش فيه وانما نرجع دائما اخفاقنا إلى مؤامرات إقليمية غربية استعمارية هذا هو الخطاب القديم للحزب الشيوعي لم يتغير بعد ونفس الخطاب الذي قلما يحاسب الديكتاتور على قراراته الخاطئة وضيق أفقه واجرامه وغبائه يتركه ويوجه سهامه الى أعداء مفترضين

 

صحيح أن السياسة الدولية في جوهرها سلسلة من المؤامرات، فكل دولة تتآمر على بقية الدول حتى تحقق مصالحها لكن نجد مسؤولينا وسياسينا يقومون تحميل الآخرين كامل المسؤولية عن تدهور حالنا وعن هزائمنا.

 

فهل السعودية هي التي قالت للبشير أفصل الجنوب وهل السعودية هي التي عينت جيش جرار من الوزراء وبكل هذه الإمتيازات ويفسدون ويستمتعون بمال الدولة ؟ هل السعودية قالت للبشير ارتكب مجازر في السودان طبعا لا ولكنها نظرية المؤامرة التي تلائمنا دائما لأنها تجعلنا نهرب من الاحساس بالعجز والفشل الذي نستحقه والأسوأ أنها تمنعنا من رؤية أخطائنا واصلاحها. اننا نهرب ذهنيا من مسؤولياتنا ليس فقط عندما نتبنى نظرية المؤامرة ولكن ايضا عندما نتوقع من الآخرين ان يقوموا بالواجبات التي تقاعسنا عن أدائها..

 

نظام البشير كان يمارس قمعا غير مسبوق ضد معارضيه فيلقي بعشرات الألوف إلى السجون ويعصف بحرية التعبير ويختفى كثيرون قسريا ويموتون بالتعذيب يحدث هذا في السودان فلا يتحرك السودانيون ليعارضوا قمع النظام لكنهم للغرابة كانوا يشعرون بخيبة أمل عندما يستقبله زعماء الخليج في السعودية أو الامارات ويعقدون معه الصفقات المربحة لبلادهم. ويقدمون له الدعم المادي ليس له كنظام وانما للشعب الذي مازال عائشا بين حنايا هذه الدول وكأن أستاذ الخطيب كان يتوقع من السعودية والامارات أن يدافعوا عن حقوق السودانيين بدلا منهم.  وللغرابة ايضا في ذلك الوقت لم تخرج مظاهرة واحدة تندد أو تعلن الرفض للنظام ولقمعه بل على العكس خرجت مظاهرات تؤيده وترقص معه

 

اذن أستاذ الخطيب كان يتوقع من الزعماء الخليجيين ان يتخذوا مواقف لم نتخذها نحن مع ان القضية قضيتنا وليست قضيتهم أبدا. هؤلاء الزعماء يعملون من أجل تحقيق مصالح مواطنيهم بسياسات هادئة ورزينة وليس لتحقيق مصالحنا، أولا لأن القضية قضيتنا وثانيا لأننا في ذلك الزمان الذي تقصده نحن السودانيون تقاعسنا عن الدفاع عن حقوقنا..أتركك من الخليجيين وصل الامر الى زعماء غربيين اعتقدوا بأن الشعب السوداني متعايش مع الإستبداد ولا أمل مرجو منه لكن بعد أن نجحت ثورة ديسمبر تبارى زعماء العالم في مديح الثورة السودانية ومن بينهم الشقيقة السعودية والإمارات وإحترمت ارادتنا وإختيارنا وقدمت لنا المساعدات من قمح وبترول وضخ عملة صعبة في خزينة الدولة ولا مناً ولا أذى

 

ليس للسعودية أي اطماع في السودان لا في مياهه ولا في موانيه ولا في أراضيه . حين تسابقت دول عدة كروسيا وتركيا لنهش جسد السودان الهالك بعد أن عرضه الكيزان للبيع لم ترغب السعودية في أن يكون لها نصيب من هذا الجسد الذي نحُل بعد أن أهلكه شيوخ الضلال فعرضوا الزرع والضرع للبيع وبأثمان بخثة وإنما السعودية كدولة مواقفها دائما لم تقم على تربص أو تصيد لحال ضعف ووهن بهدف الإستغلال السئ لحاجة بعض الدول حين ضعفها

 

المملكة العربية السعودية كانت ومازالت تعتز بالشعب السوداني الكريم الأصيل وبالصلات السودانية وبالسودانيين الذين يقيمون على أراضيها من أطباء وأساتذة جامعات ومهندسين ومحاسبين وقانونيين وسائر المهن والأعمال …كما يكنّ الشعب السوداني للملكة السعودية قيادة وشعباً كل الحب والتقدير في جميع مواقفها ودعمها الذي مازال يتدفق على الوطن

 

ياسر عبد الكريم

[email protected]

‫3 تعليقات

  1. مرنقك ليك في وظيفة في السعودية؟ عندما كان البشير يقتل في المسلمين في دارفور وجنوب كردفان والنيل االازرق والجنوب الحبيت وفي الخرطوم لم نسمع بقم من السعودية وبعد هذا تدافع عنها! خليك من الخطيب فهو رجل شجاع طعن الفيل وليس ظله.

  2. ” مرنقك ليك في وظيفة في السعودية؟”

    وجهة نظر الكاتب بنيت على منطق رصين وموقف اصيل.
    لقد كانت وما زالت السعوديه تقف الى جانب هذا الشعب
    في كل ما مر به من محن وإحن وازمات في مختلف الازمان والحكومات.
    ولكن نهضة اي بلد تعتمد على شعبه في المقام الاول.
    فماذا قدمنا نحن لهذا الوطن ؟ قف مع نفسك وتسأل ؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..