مقالات وآراء سياسية

التمكين الثوري ..والدولة العميقة

مصطفى محكر

قلتُ لوجدي صالح الناطق الرسمي بإسم قوى الحرية والتغيير، من أبرز أسباب الثورة رفض مبدأ ” التمكين “الذي مُورس على نحو واسع خلال السنوات الماضية ..ولكنكم الان تمضون  باندفاع ثوري نحو “التمكين” لعناصركم في الحكومة الانتقالية ، وبالتالي لن تتحقق أهداف الثورة!!.. الرجل دافع  بشدة عن مواقفهم بتأكيده بأنهم لن يفعلوا ذلك كونهم يؤمنون  بتحقيق شعار” حرية- سلام – عدالة ” ، وأنهم لن يفصلوا أي شخص من وظيفته مالم يتبين أنه يعمل ضد الحكومة ..وزاد “هناك رموز تعمل ضد الحكومة ، وحتما سنتصدى لهم  بالقانون ، بحيث لايُظلم أحد.

 

حديث وجدي صالح يقع في “دائرة المعقول” ، ولكن الذي يتوقع حدوثه أن أي وزارة أو مؤسسة حكومية ستعمل منفردة ، بعيداً عن القانون الذي يتحدث به الناطق باسم الحرية والتغيير، وهو أمر نأمل أن  يخيب ظننا بحيث لايقع ” فالانقاذ الوطني” التي أصبحت في ذمة التاريخ من الأخطاء  الفادحة التي وقعت فيها بلا تدبر فصلها لكوادر مؤهلة ، تحت “هاشمية” الثورة ، وكان يمكن أن لاتشرد أي موظف كفء دون مسوغ قانوني ولكنها فعلت ثم رحلت .

 

الان قوى الحرية والتغيير التي تحكم البلاد وفقا للمد الثوري..عليها أن لاتكرر أخطاء الإنقاذ ..فعدد  كبير من الكوادر المؤهلة لربما كانت توالي النظام السابق بقناعة أو “حرصا” على منصب وهولاء كثر، وحتماً سيحرصون على وظائفهم غير “باكين” على نظام قد سقط.. لذلك ينبغي أن لاتأخذ القوم حمية الثورة والعمل بمبدأ “الكسح والمسح ” .. وعلى قوى الحرية والتغيير أن لاتفقد أي موظف مدرب وله خبرات في الخدمة المدنية فهو “أفيد” من “ثوري” بلا خبرات .. نحن لانقول بذلك ليترك الحال دون تغيير.. بل نؤمن على ماقالت به  قوى الحرية والتغيير في اخر مؤتمر صحافي عقد “بوكالة السودان للانباء ” حينما أكدت بأن أي موظف له أملاك سوف يسأل  عنها من منطق” من أين لك هذا؟ “.وهذا أمر مهم  تحقيقا  لمبادي رفض الفساد حتى تبلغ البلاد مرحلة” زيرو فساد”.

 

أمر أخر في غاية الأهمية على قوى الحرية والتغيير التي شكلت الحكومة الانتقالية أن لاتنشغل “عميقا ” بالدولة العميقة ، فمعاش أهل السودان وتوفير ضروريات الحياة ، والالتفات للأوضاع الصحية والبئية بالغة السوء يعني الناس بالدرجة الأولى.. وتذكروا أن الإنقاذ الوطني ظلت تحشد الملايين  في “الأرياف والبنادر”.. ولكن حينما عزا “الرغيف” وتدلل”البنزين” وشح النقد  في البنوك..لم تجد الإنقاذ هذه الملايين .. الملايين التي فقدت لياقة الاصطفاف خلف الإنقاذ..الانقاذ التي سقطت حينما عجز أقرب الموالين من الدفاع عنها،   والأزمات تحيط بالبلاد في ظل انسداد سياسي كامل. لذلك على حكومة حمدوك أن لاتضيع المزيد من الوقت في تفكيك الدولة العميقة التي إن كانت موجودة حقا لاختلف الامر.. فالامور الان تمضي طبيعية جدا.. فأين الدولة العميقة التي من أبرز مهامها  عرقلة “الأداء الحكومي” ..عليكم بمخاطبة حاجات الشعب مباشرة وانسوا أمر “الدولة العميقة”..التي لا وجود لها الا في الخيال.

 

مصطفى محكر

[email protected]

تعليق واحد

  1. قال(( الملايين التي فقدت لياقة الاصطفاف خلف الإنقاذ )) !!!

    والله ضحكتني يا محّكر ..
    يا رااااجل .. متين (انقاذكم) كان عندها ناس مصطفه خلفها ؟؟
    لسه بتبّرروا وتروجوا لجماعتكم !!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..