
تحية لثورة ديسمبر المجيدة و الخلود لشهدائنا الابرار و المجد لثوارنا البواسل من الشباب و الشياب الذن ما بدلوا تبديلا فى منافحتهم لنظام البطش و الطغيان المتدثر بعباءة الدين و الدين منه براء, أذهلنى بجاحة فلول الحركة المتأسلمة بمختلف طوائفها من أحزاب و سلفيين و إرهابيين و صحفيين بعد نجاح الثورة فى إزاحة نظامهم الشيطانى عن المشهد السودانى للابد, إذ أصابتهم فى البداية العزة بالاثم و تمسكوا بعري السلطة و لو بسفك الدماء و الكذب و كل الموبقات الذميمة, ثم لجأوا للتسويف و المماطلة و محاولة إحتواء الثورة ثم سكتوا عندما قضى الامر , اصابهم اليأس فى البداية ثم الحقد ثم ضمتهم حالة من الانكار و التوهان و هم ألان يتوهمون أنهم راجعون أو قد يرجعون بصندوق الانتخاب أم بغيره, غرتهم بواقى فلولهم فى مفاصل الدولة و المال الحرام الكثيرالذى نهبوه على مدى 33 سنة منها 3 سنوات مع الدكتاتور النميرى و أطلقوا ألسنتهم السليطة نحو الثورة و الحكومة الانتقالية , بذلوا أموالهم لتعكير الوضع الاقتصادى المأزوم أصلا و هم من تسبب فيه و أدى إلى سقوطهم الداوي.
واقع الحال يقول أنهم لن يرجعوا ابدا فثورات العراق ولبنان، بعد السودان والجزائر، التي اعتُبرت موجة ثانية لما سُمي «الربيع العربي»، ليست نهاية المطاف، والأرجح أن تتلوها موجات أخرى و هى ذات إصرار فى أبعادها المطلبية , لا يثنيها أشد أنواع القمع و لو أدى ذلك للموت. كما أن هذه الثورات ليست حالة خاصة بالمنطقة، ولا هي معزولة عن ظاهرة عالمية تحدث أمام أعيننا منذ سنوات، وهي ظاهرة من شقين؛ الأول يتعلق بالشباب، والآخر بتنامي الإحباط والغضب عالمياً.
التفسير لذلك نجده أولاً في الإحصائيات التي تقول إن 41% من سكان العالم اليوم هم من الشباب دون سن الـ25 وهم غاضبون جدا, وثانياً في أن غالبيتهم يشعرون بالغضب مما يرونه انسداد الأفق أمامهم بالنظر إلى زيادة الأعباء المعيشية والضغوط الاقتصادية وتقلص فرص العمل والإحساس بالتهميش والقلق من المستقبل. هذان الأمران نجدهما واضحَين في الحراك اللبناني والعراقي، مثلما كانا في أحداث السودان والجزائر، وقبل ذلك في الموجة الأولى من «الربيع العربي»
الشباب أيضاً يبرز كعنصر فاعل في احتجاجات فنزويلا والبرازيل وتشيلي، مثلما رأيناه يتقدم مظاهرات المناخ في أوروبا وأميركا وآسيا بل وحول العالم.
الشباب استفادوا في حراكهم من أشياء لم تكن متوفرة لجيل الآباء وتحديداً وسائل التواصل الاجتماعي وانتشار الهواتف الذكية، ما أتاح لهم منصات يتبادلون فيها الأفكار والأخبار، ويعبّرون عن آرائهم بحرية، وينظمون حراكهم الذي ينقل غضبهم من الفضاء الإنترنتي إلى الساحات والميادين والشوارع.
لهذا رأينا السلطات في السودان والعراق، على سبيل المثال لا الحصر، تلجأ إلى حجب وتعطيل الإنترنت لمواجهة المظاهرات الشعبية ومحاولة عرقلة تنظيمها، وهو أمر كان له تأثيره، لكنه لم يوقف الاحتجاجات الناجمة عن غضب عارم من أوضاع متردية ومشكلات متفاقمة تتطلب حلولاً حقيقية وتغييرات جذرية.
وينقل احد التقارير عن الرئيس السابق للأرشيف الوطني العراقي، سعد إسكندر، قوله: “الثورة ليست ضد أمريكا، لكنها ضد إيران و ضد الدين في السياسة، وليس الدين ذاته”، وأضاف أن المتظاهرين المستاءين من الفساد والمليشيات الشيعية، التي تطور بعضها إلى مافيات تدير عمليات ابتزاز، مشيرا إلى أن الأهم من ذلك أن هذه هي “ثورة ذات بعد اجتماعي، لقد كانت الوطنية في العراق دائما سياسية، لكن الآن أصبح فيها عنصر العدالة الاجتماعية”.
أيضا نجد أن حزب الله و هو يمثل دولة داخل الدولة اللبنانية قد أو عز لمختصيه بعمل إستطلاع وسط اللبنانيين عن رغبتهم فى إستمرار الاحتجاجات من عدمها فأتت النتيجة صادمة لحزب الله, أن 76% من الشعب اللبنانى مع إستمرار الاحتجاج لغاياته.
تونس نموذج يوضح أن التغيير المطلوب جوهري وليس شكلياً. فالحكومات التونسية التي شُكِّلت لم تلبِّ مطالب الناس، ولم تستطع تضييق الهوة مع الشباب. وعندما حانت فرصة الانتخابات مجدداً صوّت الشباب لصالح رئيس جديد، صوّت 90% من الشباب بين سن 25 و28 للأستاذ الجامعي قيس سعيد، موجّهين رسالة قوية إلى الأحزاب والرموز التقليدية بأنهم يريدون روحاً جديدة وشخصيات تعبّر عن توقهم للتغيير، ولم تتلوث سياسياً، وتمنحهم الأمل بأنها ستعمل بنبض الشارع لتحقيق تطلعاته والانصراف للعمل الصعب المطلوب للإصلاح الاقتصادي والسياسي.
هذه التحولات تطرح تحديات جديدة في أسواق العمل وتفاقم من وضع مقلق أصلاً لصناع القرار. الاحتجاجات التي تتالت منذ 2011 طغى عليها بوضوح هذان العنصران؛ الشباب والأوضاع الاقتصادية. صحيح أن هناك مطالب وشعارات سياسية برزت، لكن الاحتجاجات حرّكتها بدايةً الضغوط والمطالب الاقتصادية، لذا فإن الحلول لا بد أن تراعي بل تركز على هذين العنصرين، من دون أن تغفل بالطبع الإصلاحات الأخرى المطلوبة. فهناك شكاوى في الدول العربية المعنية من تردي التعليم والخدمات الصحية ومن انتشار الفساد ومن التهميش وضعف المشاركة السياسية.
إن الطائفية ..المتدثرة دائما بلبوس الدين أو الطبقة السياسية ,تقسم المجتمعات عموديا، بينما تعيد الاحتجاجات تقسيم المجتمعات أفقيا، حيث يجتمع الفقراء والضعفاء والمحرومون والمقهورون، بشكل عابر للفئوية، ضد طبقة منتفعة تشكلت عبر استغلال الشعارات والعواطف و تطويع الدين لمآربها الخاصة و هذه الاحتجاجات أيضا رسالة للأحزاب الاخرى التى مازال بعضها يتاجر بقضية الدين و قوانين سبتمبر, إن الله سبحانه أمر فى كتابه بإقامة العدل فى الارض قبل إيقاع العقوبة و العقوبات هى وسيلة و ليست غاية لذاتها.
صلاح فيصل