
المتابع لقطاع التعليم طيلة فترة الإنقاذ لن يتفاجأ بحديث الوزير حول “هندسة” نتائج الشهادة السودانية لتخرج إلى الرأي العام “بما يرضي الله” والحريص على أن يتسيَّد قطاع التعليم أولويات الفترة الانتقالية بالضرورة يؤيد ويدعم فتح كل هذه الجراح وتحمل ثمنها.
استقال مدير الامتحانات احتجاجا على حديث الوزير حول تزوير النتائج طيلة سنوات الإنقاذ التي لم تترك شبرا في البلاد بلا غش وخديعة، استقال بدلا عن إبداء درجة من الشجاعة والشفافية لمواجهة هذه التركة الثقيلة من الفشل.
التعليم خلال سنوات الإنقاذ لا يحتاج كثير عناء، نتائجه واضحة عمليًّا.. بل إن ما لحق بقطاع التعليم طيلة هذه السنوات التي تذيل فيها التعليم ميزانية الدولة كان لابد من أن تكون نتائجه مبذولة فشلا في كل القطاعات.
تردِّي بيئة مدرسية، غياب تأهيل للمعلمين، مناهج معلومة للجميع ورواتب لا تسد حاجة المعلم من مصروفات يومية، فكان لابد أن تكون المحصلة ما هو معلوم طيلة هذه السنين.
حديث الوزير ليس بالأمر الجديد بل أن هناك تقريرًا رسميا سبق ونشرته “التيار” يخص لجنة تحقيق رسمية في ولاية الجزيرة لنتائج امتحانات عام 2014. وهذا فقط مجتزأ منه..
((توصلت اللجنة إلى أن هنالك تعديلا واضحا وغير مبرر، حيث اتضح للجنة من العينات العشوائية لأوراق اللغة الإنجليزية أن عددًا كبيرًا من الدرجات المرصودة على أوراق الامتحانات لا تتطابق مع درجات كتيب النتيجة، وبعد التقصي ثبت أن هناك أيادٍ امتدت لتعديل النتيجة بتوجيه من الوزيرة، حيث قام مدير امتحانات مرحلة الأساس بإضافة درجة لعدد (9) تلاميذ من المجلس الإفريقي بنات لمادة اللغة الإنجليزية وفقًا لتوجيه الوزيرة، حتى يتسنى إدخالهم قائمة الشرف. وأثبتت لجنة التحقيق أن (57) تلميذًا وتلميذة، أحرزوا الدرجة الكاملة (280) خرجوا من المرتبة الأولى والثانية، ولم يظهروا في قائمة الشرف.. هذا عطفًا على تعديل نسبة النجاح العامة في اللغة الإنجليزية من 52.2% إلى 62%)).
التزوير في كل شيء خلال عهد الإنقاذ ليس محل جدل، لكن أن يرفض كثيرون شفافية الوزير ويعتبرون ذلك “إشانة سمعة” للشهادة السودانية فهذا أمر لا يقبل تفسير سوى الهروب من مواجهة الواقع الذي قامت الثورة لتغييره، وهذه واحدة من آثار الإنقاذ التي خلَّفتها؛ أن نخشى الشفافية ونهابها، وهو الأمر الذي اتبعته الإنقاذ في أمور عديدة بدواعي “الأمن القومي” ومنها قضية الشهادة السودانية.
مواجهة الحقائق الصادمة هي خطوة أولى نحو الحل وليس الهرب منها.
شمائل النور