على الحكومة الانتقالية ضبط سُعار الأسواق قبل أن نهتف بـ “ماذا حصل في سوق البصل”؟
د. عثمان الوجيه

أيام الجامعة لم أقتدي بالبشير و “إشتغل طُلبة لأكسر سني !” ولكن أدرت مكتبي –الوجيه للإعلان / بأمدرمان- حيث كان زائري الدائم صديقي الوحيد –كادر شباب أحد الأحزاب العريقة- وبحكم ان المركز العام قريب مني كان معي بإستمرار.. ذات مرة دخل علي وهو يرد على هاتفه سمعت منه فقط “يا ولد هسة لو مشيت كومت ليك بصل في الملجة ما كان أحسن ليك ؟” عاتبته لأني لم أعهده كذلك وعبت عليه تركه لمحموله مفتوح في لحظة غضب ولماذا رد على المتصل وهو في عصبيته تلك، فقال لي بالحرف “ياخ دة ود أختي وأول ما عرف إنه حزبنا ح يشارك في الحكومة إفتكر إنه خاله ح يكون وزير وقعد يقدني يومي عشان داير قروش !” بصراحة إستحيت من تطفلي ولكن دافعت عن موقفي بسؤاله “طيب ليه يكوم بصل في الملجة وأترابه في موسم الهجرة إلى العبيدية بحثا عن الذهب الذي لا يحتاج لمحاصصات حزبية ؟” ولكن… 72 ساعة وأنا أبحث عن أي وسيلة تواصل معه لأعتذر منه، لأنه كفء في عمل دراسات الجدوى ولم أستفد منه لطمعي وليتني لو حاولته مرة أقلاها كنت اليوم أمتلك سيارة من التنقيب عن الذهب وكان ممكنا أن أنسق معه هو في الملجة لتوزيع البصل، كيف لا ؟ وأنا الذي إستقبلت في اليومين الماضين 4 طرائف لا أدري إن كانت صحيحة أم هي من بنات أفكار من راسلني من السودان الذي تساءلت قبل يومين في مقالة بـ “حتى تخطى سعر –البصل- التفاح؟” وليتني لم أقارن ؟ لأني تحسرت على مقترحي ومحدودية طموحي الذي لم يزيد أكثر من الإحتفاء بالذهب وسخرت من البصل و “أكليه وزارعيه وموزعيه !” قال أحدهم :- أنه اْب للبلاد من غربته وأراد أن يكمل نصف دينه ولكن والدته أقسمت بألا تذهب بـ -الشيلة- ناقصة جوال بصل فإضطر أن يؤجل زفافه للإجازاة القادمة حتى يتمكن من توفير “الذهب البصلي ؟؟” وقال اْخر :- أن أحدهم تقدم لخطبة قريبته وزعم لهم بأنه تاجر بصل فكلفوه بالتقصي عنه وإكتشف أنه طبيب “الكذاب أراد خداعهم ؟؟” وقال اْخر :- أنه سأل بائع –أقاشي- عن سعر –السلك- فسأله البائع :- “ببصل ولا بدونه ؟؟” واْخر قال :- أنه إقترح على والدته عمل –صندوق بصلي- وتعهد بأن يدخل ببصلتين –أقصد صرفتين- بشرط أن يكون أمين الصندوق “حتى يُؤتمن على الأحجام والأنواع والألوان ؟؟” بالله عليكم.. دعونا من هذا الهراء، والسؤال “منذ متى كان البصل سلعة إستراتيجية ؟؟ وهل يدخل في صناعة الأدوية المنقذة للحياة ؟؟ وهل يُجلب من بلاروسيا البيضاء ؟؟ وهل له شعبة لفصل القشرة عن البصلة ؟؟ حتى يصل سعر جواله نصف المليون !!” إجتهدت طوال 72 ساعة في إقناع معارفي بالداخل لمقاطعة البصل بيد أني فشلت في إقناعهم حتى من الله على شعبي الأبي بإنخفاض سعره إلى 05% ولم أجد أي إجابة من رافضي المقاطعة حينما قلت لهم “البصل يُستخدم في الطهي ويمكن التخلي عنه لأن كل الأسرة تظل طول اليوم بالخارج مع أزمة المواصلات، ولاْكلي السَلطة عليهم الإكتفأ بالطماطم والتبش –عندنا في أبي زبد الأركلة بالدكوة لذيذة- ولمحبي البوش –أحصلوا على الخبز أولا- !!” بالله عليكم،، كيف لبلد زراعية تمر بأزمة بصل حادة “لم أقل الفواكه أو بعض الخضروات التي لا يعرفها سوادنا الأعظم- ؟” فما الذي جعل هذه الندرة و –الشُح البصلي- هل أحجم المزارعين عن زراعته أم أن هناك اْفة حلت بفسائله وقللت إنتاجيته أم أن هناك –ود مقنعة- إحتكره “وفي هذه الحالة لن أحمل الحكومة المسؤولية !!” هنا تحضرني طرفة فليسمح القارئ الحصيف بأن أوجزها في هذه المساحة وبهذه العجالة وهي :- عند إندلاع أزمة مقتل الطالب الإيطالي –ريجني- في مصر وزعمت القاهرة بأنها ألقت القبض على القتلة وعرضت مقتنيات القتيل كأحراز وسرعان ما نفت الوصول للقتلة، حرصت أن أسمع رد فعل صديقتي –لميس الحديدي- التي إستضافت أحد –لواءات وزارة الداخلية- وسألته بالحرف “أها نقول ديل الإخوان كمان ؟” الرجل إنتبه على أنه على الهواء مباشرة –وبلاش هوا- فقال لها ضاحكا “بكل أسف في المرة دي معندناش دليل بأة ؟” لكني،، سأحمل الحكومة الإنتقالية سبب غلاء البصل وفلسفتي في ذلك :- لو تساهلنا عنده سترتفع أسعار بقية المنتجات الغذائية وبما أن الأمن الغذائي أهم من الأمن القومي “إن وجد ؟” سأضطر لحجز هتاف #إيه_الحصل_في_سوق_البصل في “ثورتنا البصلية !” فألحقوا سُعار الأسعار أيها الفشلة لأن الثورة مستمرة You rebels continued to hold out وعلى قول جدتي :- دقي يا مزيكا.
خروج :- لا أدري سبب إهتمام الإعلام المصري بما فعله تامر الرفاعي المتحدث بإسم الرئاسة المصرية مع معدي الفلم الوثائقي “المسافة صفر / السقوط على أبواب طرابلس” الذي عرضته قناة الجزيرة قبل يومين ولن أذكركم بما فعلة سامح شكري وزير الخارجية بمكرفون نفس القناة في السودان.. ولن أزيد، والسلام ختام.
د. عثمان الوجيه



