الطريق لبناء السودان الجديد يبدأ بالاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية
أكرم إبراهيم البكري

ومع بداية عهد جديد برغم هشاشة الطريق الذي نسير فيه من اجل تحقيق دولة العدالة الاجتماعية وبعد 30 سنة او يزيد تحت ظلم الشمولية التي اذاقت البلد وهناً على وهن في كل الأصعدة ينبعث ضوء ضئيل على وامل ان نحقق حلم لواقع أفضل كان لابد ان نخو خطوتنا الأول في المسار الصحيح ببداية تعتبر أولوية وهي خطة الاكتفاء الذاتي.
ولكن مهلاً ما هو الاكتفاء الذاتي: –
يمكننا القول بان الاكتفاء الذاتي هو قدرتنا على إنتاج جميع الاحتياجات التي نحتاجها للغذاء محليا من خلال الاعتماد الكامل على مواردنا وامكانياتنا الذاتية، ومحاولة الاستغناء كليا عن استيراد أي سلع غذائية من الخارج لتلبية هذه الحاجة الغذائية في السودان.
ولكي نحدد تلك الحاجة التي نريدها ومن بعد ذلك نستطيع القول باننا قد حققنا اكتفاء ذاتي يكون ذلك من خلال قياس نسبة انتاجنا الوطني من جميع الأغذية مقارنة مع اجمالي الاستهلاك ويشمل هذا الاستهلاك (انتاج + صادر + وارد + اعانات) وهنا يمكننا القول باننا وصلنا الى انتاج ذاتي كامل.
وفى نفس الوقت يمكن ان تكون الدراسات للوصول للإنتاج الذاتي بخطوات جزئية من خلال قياس معدل انتاج جزئي لنوع معين من الأغذية مثلا وصلنا الى انتاج ذاتي من اللحوم او الخضروات او الفواكه او الحبوب ويحدد ذلك من أجمالي استهلاك تلك الأغذية بواسطة مقياس متوسط الاستهلاك للفرد السنوي
وقد يتبادر للذهن لماذا نسعى للاكتفاء الذاتي ولماذا هو أولوية في ظل التغييرات السياسية التي تشهدها البلاد مع مطلع هذا العام ولماذا يعتبر تحقيق الاكتفاء الذاتي مطلبا جوهريا وملحا في هذا التوقيت تحديدا من عمر الثورة السودانية، وتكمن أهميته الاكتفاء الذاتي في الاعتماد موارد البلد وبلد مثل السودان يعتبر من اغني دول العالم وبالأخص انسانة الذي يعمل على تطوير الإمكانات الذاتية للاستفادة من بقية الموارد وبالتالي ينعكس ذلك في التقليل من الاعتماد على الدول الأخرى ان كانت إقليمية او عالمية مما يدعم استقلالية القرار السياسي والسيادي الوطني لدولة حديثة النمو خرجت من تحت براثين منظومة شمولية ظلت ترهن قرارات الوطن لمصالح دول اخري وبالتالي يتم وضع حداً من تأثيرات سلوكيات (الابتزاز) التي قد تمارسها بعض الدول علينا بغرض افراج ازماتنا الاقتصادية والشاهد الان ما تفعله بعض الدول التي قامت نهضتها على عقول أبناء هذا الشعب النبيل .
وتشير تقارير المنظمات الدولية في مجال الغذاء والزراعة إلى أن عدد السودانيين الذين لا يزالون يعانون من نقص التغذية أو سوئها، يصل إلى زهاء 37% من جملة الشعب
وتسير تقارير اليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة) حول أطفال السودان
– 2.6 مليون طفل يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة.
– حوالي مليون طفل سوداني تعرضوا للتشرد في عام 2019م.
– هنالك 3.6 مليون طفلاً خارج المدارس، معظمهم في المناطق المتضررة من النزاع.
– أكثر من 38 % من الأطفال دون سن الخامسة في السودان مصابون بصغر الحجم مقارنة بأعمارهم.
– حوالي 17% منهم يعانون من تحول البنية مقارنة بأطوالهم.
– يموت نحو 120 طفلاً يومياً بسبب نقص التغذية والأسباب ذات الصلة
وقد يعود ذلك كله الى ان السودان بلد استهلاكي في المقام الأول، فالتحدي الماثل اما م تلك المرحلة من عمر الوطن ليس في العلاج والتعليم بقدر ما هو حوجه عاجلة لسد النقص الغذائي بما يتوافق والسيادة الوطنية فشعب جائع لا يستطيع الابداع ولا التعليم فالجوع هو محور كل الاوجاع والامراض
الواقع المرير
والى هذا الوقت من عمر السودان ما بعد الاستقلال لايزال هذا القطر وبرغم كل الإمكانيات عاجز عن تحقيق اكتفاء ذاتي من الاغذية الأساسية. ويعاني حوالي 37% من سكانه من المجاعة أو سوء التغذية، بالرغم من التطورات التكنولوجية الهائلة والاستثمارات التي عرفها مجال الإنتاج الزراعي والحيواني والذي ساهمت فيه عقول سودانية مساهمة فعاله فالشاهد في الامر ان متوسط استهلاك الفرد السوداني من اللحوم ( البروتين الحيواني ) يبلغ حوالى 9 كيلو جرام في الوقت الذي اشارات فيه منظمة الصحة العالمية بان الحد الأقصى لتناول البروتين الحيواني للدول الأقل نمو هو 23 كيلو جرام للفرد في العام وفى نفس اللحظة نجد ان دول اخري تعتمد على اللحوم السودانية مثل مصر نجد ان متوسط استهلاك الفرد للحوم 19 كيلو جرام الى 22 كيلو جرام للفرد في السنه ومثال اخر المملكة العربية السعودية فان متوسط استهلاك الفرد للبروتين الحيواني يبلغ 54 كيلو جرام للفرد في السنة وتلك الدول نسبة للخلل الإداري في كيفية إدارة موارد الدولة وتحقيق الاكتفاء الذاتي فان معدل استهلاك الفرد فيها للحوم التي تمدها بها دولة السودان اعلى من المصدر وقد نعلل هذا الخلل إلى ضعف الاستثمار في المجال الزراعي / الحيواني او سياسة البلد في فترة ماضية
اذن عليه من المفترض في ظل هذا التوجه السياسي الجديد ان تكون من ضمن الأولويات التشجيع على تحقيق الاكتفاء الذاتي وفقاً لدراسات ومناهج بحثية دقيقة تواجه النمو السكاني المتواصل واحتمالية نقص الموارد المائية بسبب الجفاف وأيضا سيادة الدولة في منهجها والحد من تزايد أعداد المهاجرين القرويين إلى المراكز الحضرية الذي ينعكس سلبا على الزراعة المعيشية كما يحدث الان في الخرطوم من تكدس غير مبرر.
يواجه السودان تركه ثقيلة خلفتها الحقبة السوداء الماضية من عجزا غذائيا في العديد من القطاعات الزراعية مثل الحبوب والسكر والزيوت النباتية وفى القطاع الحيواني بإهمال متعمد وتجريف غير مسبوق للثروة الحيوانية على الرغم من أهمية هذه المنتجات.
وعلى حكومة الفترة الانتقالية تلك ان تعمل على تهيئة الوضع بتنفيذ أولوياتها الأساسية وفق برامجها الاسعافي السياسي والاقتصادي ويكون بأطلاق مبادرات من أجل تحفيز وتمويل الاستثمارات في القطاع الزراعة/ الحيواني أملا في زيادة الإنتاج ورفع معدلات الاكتفاء الذاتي الامر الذي يعود بالفائدة على الدولة بتخفيف العبيء على ميزانيتها وخلق فرص عمل وزيادة النشاط الاقتصادي عبر مشاريع وتعزيز الأمن الغذائي للسودان
أكرم إبراهيم البكري
[email protected]