
* طالبت نقابة العاملين بالتعليم العام (التي تنتمى للنظام البائد) بإقالة وزير التربية والتعليم ( محمد الأمين التوم) احتجاجاً على تصريحاته حول نتائج امتحانات الشهادة السودانية، التي قال إنها كانت (تُطبخ بليل) خلال العهد البائد، ووصف اعلان نجاح المائة الاوائل بنسبة تفوق ( 95 % ) بأنه خداع للمجتمع، بالإضافة الى حديثه بان حوالى نصف تلاميذ الصف الثالث بمرحلة التعليم الأساسي لا يستطيعون قراءة كلمة واحدة، ولا يعرفون حتى الحروف!
* كما هدد مدير الإدارة العامة لامتحانات السودان (مختار محمد مختار) بالاستقالة، واصفا ما قاله الوزير بأنه تشكيك في نزاهة الإدارة التي لم تجرؤ اي سلطة سياسية على التشكيك في عملها، مطالبا باستقالة الوزير أو إعفائه، قائلا “يا أنا يا الوزير في الوزارة”!
* ابد تعليقي بانني أربأ بأستاذ كبير ومربى قضى وقتا طويلا في التعليم الى ان وصل الى منصب مدير الادارة العامة لإحدى اهم الإدارات في السودان، أن يتفوه بعبارات مثل التي كان يستخدمها قادة النظام البائد بدون خجل أو حياء للإساءة للشعب ومنتقديهم، تطفح بالشتائم والسباب و(لحس الكوع) و(طالعونا) و(تحت جزمتي) ..إلخ، وإذا وجدنا لأولئك العذر بسبب الإناء الذى (طفحوا) منه أو (ولغوا) فيه، فما عذر معلم وأستاذ مهمته تربية الأجيال وتنشئتهم على مبادئ الأخلاق وزرع قيم الفضيلة والخير في نفوسهم، في التفوه بها؟!
* كان بإمكان المدير اللجوء لأسلوب آخر لدحض اتهامات الوزير وتبرئة إدارته، أما أن يهدد ويتوعد ويستخدم هذه العبارات، دعك من أن تكون موجهة للمسؤول الأول للتربية والتعليم في البلاد، فهو أمر مرفوض يستدعى أن يغادر أو يُعفى فورا، لحماية المنصب الرفيع من هذا الاساليب والعبارات التي لا تليق به!
* كما ان الوزير لم يأت بشيء من عنده، ولم يؤلفه، ولم يتجنَ على إدارة الامتحانات عندما تحدث عن المعالجات التي كانت تحدث لإظهار النتيجة بمظهر زائف تدل على حسن العملية التعليمية، بينما يعرف الكل مدى التدهور الذى وصل إليه حال التعليم في البلاد وفقر المناهج والنقص المريع في المدرسين والتدريب والتأهيل والكتاب المدرسي وكل شيء، فكيف يتوقع المرء مع كل ذلك السوء أن تكون النتيجة بكل ذلك البريق واللمعان ونسبة النجاح العالية إلا إذا كان الذين كانوا يجلسون للامتحان يأتون من عالم آخر، أو كانت النتيجة تتعرض للمعالجة كما قال الوزير، وهو أمر لا يخفى على أحد !
* ليس ذلك فقط، بل ظلت أوراق الامتحانات نفسها تتسرب وتُباع وتشترى، وصارت (ملاذا) للفاشلين من طلاب الدول الأخرى للحصول على الشهادة السودانية بكل سهولة ويسر للالتحاق بمؤسسات التعليم العالي في بلادهم، ولقد حدثت الكثير من الوقائع التي يعرفها الجميع مما اصاب سمعة السودان والشهادة السودانية في مقتل، وأعلنت العديد من الدول عدم الاعتراف بها، فهل كان ذلك تجنيا من الوزير، أم لسوء وفساد العملية التعليمية آنذاك والمؤسسات المسؤولة عنها؟!
* لا يستطيع أحد أن يكابر أو ينكر ما قاله وزير التربية والتعليم عن فساد التعليم في البلاد طيلة العهد البائد ومعاناة الكل منه، وعلى رأسهم المدرسين الذين لم يجدوا غير التجاهل الكامل على كافة المستويات وفى كل المجالات، سواء في مجال التدريب والتأهيل وبقية المجالات المرتبطة بالمهنة، أو في الاستحقاقات المالية الضئيلة التي يحصلون عليها نظير العمل الشاق الذى يؤدونه، بالإضافة الى الظروف القاسية التي يعملون فيها، فكيف يمكن مع كل هذه المآسي أن يكون الحصاد بمثل الصورة الزاهية التي تعكسها نتيجة الامتحانات في مرحلة الأساس أو في المرحلة الثانوية؟!
* أما عن تهديد مدير الامتحانات (يا أنا يا الوزير في الوزارة)، فأقول له بأعلى صوت: (الوزير)، لأننا نحتاج لمن يواجهنا بالحقيقة المرة حتى نصحو من الأوهام ونصلح أمرنا، وليس مَن يخدعنا بالكلام المعسول والنتائج الكاذبة، ويقضى على مستقبل أولادنا !
زهير السراج
الجريدة
دا .. فارا ساكت