أخبار مختارة

نموذج الدولة التنموية في السودان خطة الإصلاح الاقتصادي والنمو “المقترحة”

د. محمد محمود الطيب

المقدمة
اَي خطة اقتصادية، أو برنامج اقتصادي يهدف للإصلاح والبناء، ويستهدف أكبر قاعدة اجتماعية تشمل السواد الأعظم من السكان في اَي مجتمع، لابد أن تستند علي أساس نظري، وفلسفة اقتصادية، مبنية على أسس علمية متينة مستندة علي النظرية الاقتصادية “Economic Theory”.
هذا في حد ذاته يعتبر “Necessary, But not Sufficient Condition”، وكذلك هو بمثابة الشرط الأساسي لرسم خطة اقتصادية معتبرة. ولكن ذلك غير كاف. إذ تجدر الإشارة لمراعاة عاملين أساسين في وضع اَي خطة اقتصادية علمية، وهما عنصر الفعالية “Efficiency”، وعنصر العدالة “Equity”. وتكون الخطة أو البرنامج الاقتصادي ماض في الاتجاه الصحيح إذا تمت مراعاة كل ما ذكر.
لقد مضت الثلاثون عاما الأخيرة عجافا، وهي مجمل سنوات التيه، والضياع. وقد عانى فيها شعبنا الصابر الويلات، وتحمل الكثير من الألم في كل مناحي الحياة. والأكثر إيلاما أن كل هذا الألم والدماء والموت والدمار كان يمكن تفاديه، إذ يعتبر “Unnecessary Pain”. وإذا سألت هؤلاء المتاسلمين ما معنى أن يموت أكثر من مليوني سوداني في حرب الجنوب، ثم يتم في النهاية فصله من الشمال، لا اعتقد أنك ستجد الإجابة المنطقية. وإذا سألتهم ماذا يعني أن يجوع أربعين مليون نسمة فقط في بلد يمتلك أكثر من مليوني فدان من الاراضي الخصبة، وكميات مهولة من المياه، وخبرة زراعية معتبرة متراكمة منذ الحضارة النوبية القديمة – وبالمناسبة الساقية اختراع سوداني أصيل – لاعتقد أيضا سنجد أجابة منطقية، بل ستجد مهاترات واستنكارا، وادعاءات فارغة٠

كانت تجربة الإنقاذ مريرة في كل مناحيها. وكان الثمن غاليا كثيرا تمثل في الدماء وضياع الموارد وأهمها المورد البشري الذي قد لا يعوض، كذلك يجب أن نضع في الاعتبار الفرصة البديلة. “Opportunity Cost” . وقد لا تكون هذه في الحسبان لدى الكثيرين عند التحدث عن حجم الدمار الاقتصادي، وإهدار الموارد المتعمد. اَي إذا قمنا بحساب ذلك، بمعنى أن نحسب حجم إجمالي الناتج القومي لو تم استغلال كل هذه الموارد استغلالا صحيحا، اَي لم تهدر في حروب عبثية او لم تسرق وتحول لبنوك اجنبية، ولم تستغل في قطاعات غير إنتاجية او لم تكتنز في شكل مجوهرات وحلي ثمينة وعربات فارهة وشقق وفلل فاخرة في الداخل والخارج، آكاد أجزم لو تم حساب كل ذلك في فترة تلاتين عاما لبلغ هذا الهدر تريليونات الدولارات٠
إن تجربة نظام المتاسلمين يمكن الاستفادة منها ومن أخطائها الفادحة ٠ فأول هذه الدروس أنه لا يمكن أن تحكم بلدا كالسودان بعقيدة واحدة، وفكر واحد وأيديولوجية واحدة٠ فالمسائل الاقتصادية تحكمها النظريات العلمية السليمة ولايمكن أن تعتمد على الغيبات والفرضيات العبثية، كقولهم إن “الموسم الزراعي هذا العام سيكون جيدا بفضل الله ونتوقع خريف خير وبركة دون أن يتحدثون عن ماهية الخطة اذا لم يكن الخريف جيدا”٠

هذا قول ممكن أن يصدر من وزير مالية يحمل دكتوراة من جامعة لندن لكنه متأسلم٠ كذلك يجب أن نتعلم من تجربة المتأسلمين الجشعين أن مبدأ العدالة الاجتماعية ليس منحة تمنح من فتات ديوان الزكاة، ومنظماتهم الخيرية، بينما يستحوذ أهل الحظوة علي كل الكعكة، والغريب في الأمر تبريرهم الديني لاهمية الفقر في المجتمع، مثل قولهم: “الارزاق بيد الله” أو قولهم: “كثرة المال امتحان وقلته ابتلاء”. وهناك كثير من أحاديث الدجل، واستغلال الدين٠
خلاصة القول إنه من أجل سودان جديد معافى من كل العلل والأمراض التي تكشفت في فترة حكم المتأسلمين، ولتدارك كل الأخطاء يكون لزاما علينا وعي الدرس حتى لا نقع في نفس الأخطاء وعلينا السير بمنهجية وعلمية وعملية وبراغماتية في نفس الوقت. بمعنى أن نبتعد عن الدوغماتية، والتحجر، والتعصب الايديولوجي الضيق، ونلتزم العلمية. فالاقتصاد الآن علم فيه الكثير من الثوابت، وكذلك هو علم اجتماعي فيه الكثير من الفرضيات القابلة للتقييم النوعي، ولكن في حالة الأزمة السودانية الماثلة للعيان يظل الإجماع على الثوابت أمرا مهما للغاية بدون أدنى شك٠

الأساس النظري لمفهوم التنمية والتخطيط الاقتصادي
منذ عقد الثمانيات من القرن الماضي ظل الفكر الاقتصادي في معظم دول العالم، ولا سيما العالم الثالث منحصرا علي الفكر النيوليبرالي وإجماع واشنطون”Washington Consensus”، والذي يرتكز على نظريات الفكر النيوكلاسيكي، وحرية الأسواق، في تحديد اتجاهات النمو الاقتصادي، وخلق فوائض اقتصادية تمكن من التراكم الرأسمالي، وبالتالي إعادة عملية النمو، والتقدم الاقتصادي، وفق مؤشرات كمية معروفة كمعدل النمو السنوي أضف إلى ذلك انخفاض معدلات التضخم، والعمالة، مع انخفاض العجز الداخلي – الميزانية – والعجز الخارجي – الميزان التجاري – مع تراكم احتياطي نقد أجنبي، والذي يمكن من استقرار سعر صرف العملة المحلية مقابل العملات الآخرى٠
وفق هذا النموذج النيوليبرالي كل من يلتزم بتحقيق هذه المعايير الكمية في مؤشرات الاقتصاد الكلي يعتبر قد حقق قدرا من النجاح يؤهله لأن يحظى باحترام، وتقديرمؤسسات التمويل الدولية، مثل صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبيوت المال والأعمال في العالم٠
وقد تفيد شهادة حسن الأداء المالي هذه في جذب رأس المال الأجنبي، والمحلي، لتحقيق زيادة في معدلات النمو في المشاريع الكبرى بعد أن تقوم الدولة بتهيئة المناخ المشجع للاستثمار٠
طبقت كثير من الدول هذا النموذج مع تحقيق نسب نجاح أو فشل متفاوتة حسب الظروف الخاصة بكل حالة وحتى إذا تحقق النجاح فقد يكون محصورا في تحقيق نجاح في ارتفاع معدلات نمو إجمالي الناتج المحلي، والتحسن الملموس في معظم المؤشرات الاقتصادية، مثل التضخم، وانخفاض نسب البطالة، والتمكن من جذب الاستثمارات الأجنبية.

ولكن عادة ما يكون هذا النجاح محدودا في الاعتبارات المادية الكمية الملموسة، ويتجاهل هذا النمو تحقيق التنمية بمفهومها الشامل لقطاعات كبيرة للمواطنين من الطبقات الفقيرة والوسطى٠
والسبب في ذلك يكمن في النظرية الاقتصادية للفكر النيوليبرالي والتي تنادي بفكر حرية السوق، والذي يعتبر الأداة المثلى في الاستغلال الأمثل للموارد، وتحقيق الفعالية الاقتصادية “Efficiency” القصوي دون الالتفات لعملية التوزيع وتحقيق العدالة الاجتماعية “Equity”. والتي حسب مفهوم الفكر الاقتصادي النيوليبرالي تعتبر من مهام مؤسسات اجتماعية أخرى مهمومة بقضايا التوزيع، والعدالة الاجتماعية، وخلق شىبكة الأمان الاجتماعي. فمهمة السوق حسب المفهوم النيوليبرالي تحقيق أكبر قدر من النمو الاقتصادي المضطرد، والتمكن من تسخير الموارد وفق آلية السوق، مع تخفيف قبضة الدولة في النشاط الاقتصادي ما أمكن وحصر دور الدولة في تحقيق سيادة القانون، وضمان حقوق الملكية، ومكافحة الاحتكار، وتشجيع حرية المنافسة الحرة٠
من الواضح جدا تبني وزيرالمالية دكتور البدوي لهذا الخط الايديولجي والذي ترتكز خطته الاقتصادية المعلنة عليه تماما ومن الواضح ايضا اصراره علي هذا النهج دون “تفويض” او “تصويت” وهذا في حد ذاته يعتبر مخالفة واضحة لكل اسس الديمقراطية والشفافية وروح الثورة وهو مسؤؤل “تاريخيا” عن هذا التوجه٠

نموذج الدولة التنموية ودور الدولة في النشاط الاقتصادي

مصطلح “الدولة التنموية” يعني تدخل الدولة التام والمباشر في تحقيق التنمية الاقتصادية. وخير مثال لنموذج “الدولة التنموية” هو السياسات الاقتصادية التي اتبعتها حكومات شرق آسيا في النصف الثاني من القرن العشرين، وأكثر تحديدا نموذج الاقتصاد الياباني٠
شالمر جونسون في كتابه الشهير حول مفهموم “الدولة التنموية” حدد أبرز ملامحها التي يمكن تلخيصها في الآتي:

اولا/ توفر نخبة وطنية في جهاز الدولة متميزة، ومؤهلة فنيا من أصحاب المواهب الإدارية المتميزة. تقوم هذه النخبة باختيار الصناعات القابلة للتطوير، ووضع سياسة صناعية لتطوير هذه الصناعات في أسرع وقت، والإشراف على القطاعات الإستراتيجية، ومراقبة الجودة. هذه المهام تحت إشراف جهاز الدولة مع استخدام قوى السوق٠
ثانيا/ الاعتماد الواسع على شركات القطاع الحكومي، ولاسيما الشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص في ملكيتها، والاستثمار في القطاعات ذات المخاطر الكبيرة. وتكون مهمة الدولة تحديد ميزانية للاستثمار، وتشجيع سياسة للتنافس الدولي والتنموي، وليس فقط الحفاظ على المنافسة المحلية، ورعاية الحكومة للبحث العلمي وتطبيقاته (صناعة تكنولجيا المعلومات)٠
ثالثا/ خلق جسم حكومي قيادي لإدارة، وتنسيق خطط التنمية مثل وزارة الصناعة والتجارة في اليابان “MITI”. يكون مهمة هذا الجسم أو الوزارة ضبط السياسة الصناعية، والتحكم في التخطيط، وصناعة الطاقة والإنتاج المحلي والتجارة الدولية والتمويل. كما يجب أن يكون لها مراكز للبحوث العلمية وتطوير وضبط الجودة٠

معظم الدول الصناعية الكبرى في مرحلة من تطورها التاريخي طبقت سياسات تدخلية في التجارة والصناعة والتكنولوجيا لحماية صناعاتها الناشئة. وكان الهدف من تطبيق مثل هذه السياسات هو تطوير القدرات القومية عبر البحوث والتنمية والتعليم والتدريب، والحصول على التكنولوجيا الأجنبية، والتعاون بين القطاعين الخاص والعام٠
والجدير بالذكر أن دولة بريطانيا العظمي قد طبقت نموذج الدولة التنموية طوال 235 سنة كاملة٠
في الولايات المتحدة اقتصر مفهوم الدولة التنموية، والذي كان محدودا علي حماية بعض الصناعات الجديدة كصناعة القطن، وذلك بتخفيض الرسوم الجمركية على الصناعة الواحدة حتى تقوي وتستقل بذاتها٠
استخدمت فرنسا وألمانيا مفهوم الدولة التنموية لتحفيز التنمية الصناعية، ولكن تطبيقها امتد لفترة زمنية قصيرة (32 عاما في حالة فرنسا، 73 عاما في حالة ألمانيا)٠

نماذج لبعض الدول التي طبقت نموذج الدولة التنموية:
تعتمد الخطة الاقتصادية المقترحة نظريا وعمليا علي تطبيق نموذج الدولة التنموية بعد أن أثبت نجاحا منقطع النظير لعدة دول أصبحت الآن في مصاف المعجزات الاقتصادية بعد أن كانت تمر بظروف أسواء من ظروف السودان بمراحل. على رأس هذه الدول كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة وموريشيوص وأخيرا رواندا٠

التجربة الماليزية

تعتبر ماليزيا نموذجا رائعا يجب الاحتذاء به واستخلاص الكثير من الدروس والعبر من تلك التجربة. فدولة ماليزيا الصغيرة نسبيا في المساحة ورغم صغر المساحة وصعوبة التضاريس وتنوع الأعراق والاجناس تمكنت ماليزيا في فترة وجيزة أن تكون من الدول الصناعية الكبري، وأن يرتفع مستوى دخل الفرد من 5286 دولار سنويا في عام 2005 الي 9656 دولار في عام 2011 ، وحاليا تحتل مرتبة ثالث أغنى دولة آسيوية بعد سنغافورة وبروناي من ناحية دخل الفرد.

اعتمد نجاح التجربة الماليزية على الآتي:

أولا/ القيادة السياسية الواعية والكاريزمية. فالدكتور مهاتير محمد (طبيب سابق) يعتبر زعيما وطنيا، وأبو التحديث بالنسبة للماليزيين، ويتمتع بالنظرة الثاقبة والفهم العميق لمشاكل أمته والنزاهة والحسم لحل المشاكل.
ثانيا/ عند التركيز على التنمية الاقتصادية المستدامة تأثرت ماليزيا بالنموذج الاقتصادي لدول النمور الآسيوية – كوريا الجنوبية والصين تايوان هونج كونج وسنغافورة – فتحولت من التعدين والزراعة إلى التصنيع. وكانت التجربة اليابانية محفّزا لهم نحو التصنيع وكان شعار مهاتير محمد الشهير “الاتجاه شرقا”. ففي فترة وجيزة أصبح قطاعا التصنيع والخدمات من القطاعات الرائدة في الاقتصاد٠
في الآونة الاخيرة دخلت ماليزيا في اقتصاد الصناعات الالكترونية والسياحة وجذب الاستثمار الأجنبي الذي يتمتع بتسهيلات كبيرة في كل المجالات، ماعدا صناعة الفولاذ والسيارات. فهي تتمتع بحماية الدولة من المنافسة الخارجية٠
ثالثا/ الدرس المستخلص من تجربة ماليزيا أن التنوع الاقتصادي أساس بناء لاقتصاد قوي يستطيع أن يواجه اَي أزمات داخلية أو خارجية.
رابعا: التركيز علي التنمية الاجتماعية والقضاء على الفقر والعطالة. فنسبة الفقر كانت نحو الخمسين في المئة، اَي أن نصف المجتمع يعاني من الفقر وانخفضت إلى 5.5 في المئة في العام 2000،وهذا إنجاز عظيم أما نسبة البطالة فكانت نحو 10 في المئة في فترة الخمسينات. إذ انخفضت إلى أقل من 3 في المئة الآن متخطية الكثير من الدول. كان السبيل لخفض العمالة هو الاعتماد على صناعة الإلكترونيات التي تحتاج إلى رأس مال قليل وعمالة كثيفة٠
خامسا/خصصت الدولة 4.5 في المئة من إجمالي الناتج القومي للخدمات الصحية، ويتمتع نحو 98 في المئة من السكان بخدمات صحية مجانية، وتتميز الخدمات الصحية الماليزية بالجودة على مستوى العالم٠
سادسا/هناك مجانية التعليم العام وخاصة تعليم المرأة والاهتمام بالتعليم ماقبل المدرسة، فضلا عن التركيز على التربية الوطنية والتعليم الفتي والصناعي ونظم المعلومات. وضف ربط أهداف التعليم بخطط التنمية الاقتصادية٠
تجربة موريشيوص
جزيرة صغيرة مساحتها أقل من اَي مدينة سودانية وعدد سكانها تجاوز المليون بقليل. هي فقيرة من الموارد المعدنية كالبترول واعتمدت بشكل أساسي على قدرة وإرادة الإنسان فكانت المعجزة التي اعتمدت على الآتي:

اولا/وجود القيادة واستقرار النظام السياسي فمنذ الاستقلال عام 1969. لم تشهد موريشيوص أي انقلاب عسكري. وكان ومازال النظام الديمقراطي يسير بشكل سلس والأغرب من ذلك لم تضبط حالة تزوير واحدة. هناك نظام غاية في الانضباط والشفافية ورئيسة البلاد حاليا دكتورة أمينة غريب الحاصلة علي الدكتوراه في الكيمياء العضوية. وهي من الأقلية المسلمة، وهذا دليل واضح علي عدالة النظام بالنسبة للمرأة والأقليات ومحاربة الفساد ومراعاة الشفافية٠
ثانيا/ التركيز علي التنمية البشرية في التعليم والصحة وتوفير حق السكن لكل مواطن. فالتعليم العام إلزامي ومجاني من المرحلة الابتدائية وحتى الجامعة مع إعطاء حوافز مالية للتشجيع على دخول الروضة، والتركيز على التعليم الحرفي والمهني. هناك 87 في المئة من السكان يملكون منازلهم. أما الرعاية الصحية فهي مجانية للجميع بما في ذلك جراحات القلب٠
ثالثا/ هناك تقليل للإنفاق العسكري لاعتقادهم أنه إهدار للموارد وتحويله للإنفاق علي التعليم والصحة٠
رابعا/ كل المؤشرات الاقتصادية تتحدث عن نجاح باهر للتجربة. فدخل الفرد عند الاستقلال لم يكن ليتجاوز 400 دولار وصل الآن إلى 6700 دولار سنويا ومستوي العطالة إلى 2 في المئة كذلك نسبة الفقر وهي أرقام خرافية مقارنة مع معظم دول العالم٠
خامسا/ في أقل من خمسين عاما تمكنت موريشيوص من التحول من اقتصاد يعتمد علي تصدير قصب السكر فقط إلى اقتصاد متنوع يشتمل علي السياحة وصناعة النسيج والتكنلوجيا المتقدمة بفضل القيادة الواعية والاعتماد علي تنمية الإنسان فهو الذي يصنع المعجزات٠
سادسا/ مسألة التنمية ليست رهنا بالموارد بل الاستغلال الأمثل لما تملك والتوزيع العادل لما تنتج. فموريشيوص لا تملك سوي العنصر البشري، فكانت القيادة واعية لهذا وعملت علي تنمية الإنسان واستقراره وتمكينه ليكون هدف وأساس التنمية والنمو الاقتصادي٠
سابعا: هناك مجانية التعليم العام وخاصة تعليم المرأة والاهتمام بالتعليم ماقبل المدرسة، فضلا عن التركيز على التربية الوطنية والتعليم الفتي والصناعي ونظم المعلومات. وضف ربط أهداف التعليم بخطط التنمية الاقتصادي٠

تجربة رواندا

من أهم أسباب نجاح التجربة في روندا:

1- كاريزما القيادة، ووضوح الرؤى المستقبلية٠
٢- الجهاز الإداري لتنفيذ الخطة، وإيمانهم بها مع مراقبة دقيقة لمنع الفساد، ووضع عقوبات رادعة للمفسدين٠
٣- الفعالية في التنفيذ خاصة في جهاز الدولة٠
٤- تحفيز الاستثمار وتسهيل الأعمال٠
٥- التركيز على قطاع التعليم والبنيات الأساسية مثل الطرق، الكهرباء، المياه، وتوصيل الانترنت٠
٦- الاهتمام بالقطاع الاجتماعي، التعليم، والصحة من قبل الدولة٠
٧- استنهاض همم المجتمع في مواجهة التحديات عقب المذابح، وقلة الموارد الطبيعية، أدت هذه التحديات لاستنهاض الأمة، والإصرار للخروج من أجل البقاء ساعد في ذلك القيادة الواعية، والإرث الثقافي للشعب الرواندي الصامد، وقادر علي مواجهة التحديات بعد أن تجاوز كارثة المذابح الجماعية٠

عبر ودروس من تجارب الشعوب
تميزت تجارب كلا من كوريا الجنوبية وماليزيا وسنغافورة ورواندا وموريشيص بخصائص، وعوامل أدت إلى نجاح تام في كل هذه التجارب، ويمكن تلخيص ذلك في:
أولا/ معظم هذه الدول واجهت تحديات عظيمة كانت تهدد وجودها مثل احتكاكات عرقية وإثنية حادة وكوارث طبيعية وا٠ضطرابات سياسية ومجاعات وظروف طبيعية وقلة حادة وضعف في الموارد الطبيعية٠

ثانيا/ تتمتع كل هذه الدول بالقيادة الواعية والوطنية من أصحاب الرؤى الواضحة “Vision”، وفِي أحيان أخرى زعامات تاريخية، وشخصيات كاريزمية، تتمنع باحترام الجميع يعني رجال دولة بحق قادرين علي القيادة التاريخية، والقدرة علي المبادرة وقيادة الأمة، لمواجهة التحديات مهما كانت أمثال دكتور مهاتير محمد في ماليزيا ودكتور أمينة غريب في موريشيص وجنرال بارك في كوريا الجنوبية وبول كاغامي في رواتدا وملس زناوي في إثيوبيا، وغيرهم من القادة التاريخيين٠

ثالثا/ جهاز دولة قوي وبيروقراطية تتمتع بالروح الوطنية المؤمنة بالبرنامج التنموي إيمانا قاطعا وبدور الدولة المحوري وتكنوقراط على قدر عالي من الكفاءة الفتية والإدارية والانضباط والفعالية٠

رابعا/ محاربة الفساد بشكل حاسم وقاطع وسن عقوبات راداعة لكل متلاعب في المال العام٠

خامسا/ تتشارك كل هذه النماذج في الاعتماد على ماهو متاح واستغلاله بشكل امثل وبفعالية عالية والشاهد في كل هذه التجارب كان العنصر المتاح هو الإنسان. لذا كان الإنسان محور التنمية فهو وسيلة تحقيق التنمية وهدفها ركزت كل هذه الدول علي الصرف بشكل كبير على القطاع الاجتماعي في التعليم والصحة وخفض نسبة الفقر والعطالة٠

سادسا: الاعتماد علي التعليم في جميع المراحل واعتبار العلم كعامل أساسي من عوامل الإنتاج فكان التركيز على التعليم الفني والمهني والصناعي والتدريب وإدخال نظم المعلومات والتقنية الصناعية٠

سابعا/ في حالات كتيرة كانت القفزة نحو التصنيع مهمة للغاية وتساعد في احداث نقلة سريعة في مستوى الدخل والاداء الاقتصادي٠

ثامنا/التنوع الاقتصادي عامل أساسي في احداث تنمية مستدامة٠

تاسعا/ الانضباط الاداري والمجتمعي وسيادة حكم القانون٠

عاشرا/مشاركة كل فئات المجتمع والشعور بالمسؤولية والواجب الوطني٠

خطة الإصلاح المالي كشروط مسبقة لتطبيق الخطة الاقتصادية متوسطة المدى

يجب العمل الفوري على إعادة الهيكلة في هذه المجالات بما يتوافق مع المعايير الدولية ومتطلبات الخطة٠

1/الميزانية (الميزان الداخلي)

2/الميزان التجاري (الميزان الخارجي)

3/لأسعار والتضخم

4/العمالة والاجور

5/سعر الصرف

6/السياسة النقدية

7/السياسة المالية

8/ الدين الداخلي والخارجي

اختلالات هيكلية و تشوهات طويلة المدى يجب معالجتها وفق خطط مدروسة٠

منظومة التعليم والصحة٠

منظومة الاجور والعمل٠

منظومة الأسعار والدعم٠

منظومة الضرائب والجمارك٠

منظومة القطاع غير الرسمي والتعاوني٠

منظومة الشمول المالي٠

منظومة الاعمال العامة٠

منظومة المؤسسات العامة ومراجعة الخصخصة٠

أسباب ومصادر خلق النمو الحقيقي

1- استثمار حقيقي يهدف لتشغيل الموارد، وخلق قيمة مضافة حقيقية مع مراعاة التنافسية والإنتاجية٠

٢- الاستثمار العام الحكومي بنيات أساسية٠

٣- الاستثمار الأجنبي مع شراكة حكومية في قطاعات هامةً٠

4- الاستثمار الحكومي في رأس المال البشري والتعليم والصحة والتدريب٠

٥- التصنيع الزراعي، شراكة حكومة قطاع خاص قطاع تعاوني٠
صناعة الأغذية واللحوم والأدوية والمشروبات من الصمغ العربي عبر شراكة أجنبية بشروط تراعي المصلحة العامة٠

٦- تطوير قطاع السياحة والآثار٠

٧- صناعة البرمحيات وجذب الكفاءات السودانية في هذا المجال الحيوي٠

الإصلاحات الهيكلية العاجلة لتتفيذ الخطة

١/ استعادة التوازن الداخلي الميزانية

جانب المنصرفات والإنفاق الحكومي، وقانون الانضباط المالي والاداء المؤسسي، ووقف هدر المال العام.
جانب الإيرادات الإصلاح الهيكلي الضريبي وتوسيع القاعدة الضربية والفئات الضريبية ووقف التهرب الضريبي، كذلك قانون الجمارك والرسوم والدمغات.

٢/ استعادة التوازن الخارجي الميزان التجاري
في جانب هناك الصادر العمل علي إزالة عوائق الانتاج في قطاع الصادر الزراعي والتعدين وتحفيز المنتخبين بسعر صرف مناسب العمل علي تطوير البنيات الاساسية للإنتاج. في جانب الواردات هناك التركيز علي الواردات الهامة للإنتاج وإقطاع الصحة والتعليم ووقف الاستيراد السلع الكمالية٠

٣/ سياسات مكافحة التضخم الجامع في تطبيق سياسة نقدية صارمة والحد من الإفراط النقدي، سياسات خفض العطالة عن طريق تأهيل وتدريب الخريجين بما يتماشى مع متطلبات سوق العمل وإدخال نظام تكنولوجيا المعلومات في برامج تدريب العاملين٠

٤/ وجود سياسات سعر الصرف واقعية عن طريق بنك السودان والعودة إلى نظام المراقبة علي النقد وتأكيد دور النظام المصرفي لتمويل التنمية وفق خطة مدروسة لتفعيل دور النظام المصرفي الهام٠مراجعة دقيقة وجادة لاداء القطاع المصرفي ويشمل ذلك بنك السودان والبنوك الاجنبية والتحقيق في قضايا الفساد والتجاوزات في بعض البنوك٠تقييم شامل لاداء البنوك الاسلامية والتاكد من جدوي الفكرة والمفهوم٠

٥/ التأكيد علي مبدأ التنافسية في سلع الصادر عن طريق ضبط الجودة وتقليل التكلفة لضمان سعر منافس دوليا، كذلك تأكيد مبدأ الإنتاجية في كل القطاعات الاقتصادية عن طريق ضبط الجودة وتقليل التكلفة الاقتصادية٠

أسس ومبادئ خطة النمو الاقتصادي

١/ إزالة كل معوقات النمو الهيكلية
البنيات الأساسية: توفير طاقة العمالة الجيدة مثل رأس المال، وقوانين الاستثمار، وقوانين العمل، وسهولة تسيير الأعمال، والإجراءات الإدارية، وإدخال تكنولوجيا المعلومات٠

٢/ تاكيد دور الدولة المركزي في الخطة
للدولة، دور قائد ورائد في وضع خطة التنفيذ ومتابعة أداء الخطة علي الدولة والإشراف على إدخال القطاع الخاص والتعاوني تحت الإشراف المباشر لتأكيد ضمان المصلحة العليا للمواطن، وضمان مشاركة القطاع الخاص في مجالات يصعب على القطاع العام تنفيذها لأسباب مالية فنية وإدارية٠

٣/ ضمان مشاركة كل فئات المجتمع دون تمييز. فهدف الخطة المواطن السوداني ووسيلة تنفيذ الخطة المواطن السوداني أيضا، دون تمييز عرقي، إثني، ديني، أو جهوي. وتستخدم هذه الخطة كأداة من أدوات تحقيق السلام والانصهار الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد٠

٤/ التركيز علي القطاع الاجتماعي وتفعيل دور المرأة والأقليات
من أهم الأساسيات لهذه الخطة احداث نقلة نوعية لحياة المواطن السوداني الذي عانى من الحروب والمجاعات والفقر والعوز في فترة حكم تجار الدين. لذلك من أهم الأسس لهذه الخطة شعور المواطن بشئ من التحسن في مستوى معيشته وحصوله علي العمل والتعليم والصحة كحق طبيعي. كذلك تركز الخطة على استنهاض دور المرأة خاصة في الريف وكذلك تفعيل دور الفئات المهمشة في المجتمع٠

الأهداف العريضة للخطة الاقتصادية

١/ تحقيق نمو اقتصادي معافى ومضطرد
لتحقيق نمو معافى لابد من التاكيد علي استقرار أسس الاقتصاد الكلي بمعني سياسة مالية تعتمد علي التخفيز المالي “Fiscal Stimulus” كذلك سياسة نقدية مستقرة والتأكيد علي التوازن الداخلي: الميزانية والتوازن الخارجي أو الميزان التجاري، التركيز على القطاع الزراعي باعتباره القطاع الرائد وكذلك التصنيع الزراعي والتصنيع لإحلال الوارد٠

2/ الإصلاحات الهيكلية الأساسية والاستثمار في مشاريع البنيات الأساسية من طرق ومواصلات وشبكات صرف صحي وإعادة تأهيل الناقل الوطني من سكك حديدية وخطوط جوية وبحرية، وكذلك قطاع الاتصالات، وتوفير القوى العاملة المؤهلة والمدربة تدريبا مناسبا ومواكبا لحاجة البلاد التنموية٠

٣/ استعادة سيطرة الدولة علي الشركات والمؤسسات التي تعرضت للخصخصة الجائرة، وكانت مثالا واضحا لإهدار الموارد مثال لذلك مشروع الجزيرة وشركات الاتصالات وسودانير والخطوط البحرية والمدابغ الحكومية وقطاع البنوك٠

٤/ التركيز علي التحيز للفقراء والطبقة الوسطى والصرف على القطاع الاجتماعي وإزالة الفقر وإقامة العدل الاجتماعي والتقليل من الفوارق الطبقية وعدم المساواة٠

٥/ مراقبة دور القطاع الخاص والتأكيد علي مصلحة كل فئات المجمتع ومراقبة النشاطات الطفيلية والمضاربات التي تهدف للثراء السريع ويجب أن تتضمن هذه الأهداف في قوانين العمل والاستثمار لضمان المصلحة العامة ومنع الاستغلال للعمال وهدر موارد البلاد٠

٦/ تشجيع الاقتصاد الرقمي عن طريق الاستثمار في التاهيل والتدريب وجلب الكفاءات السودانية من العاملين بالخارج حتى ولو لفترة لتدريب وتاهيل الشباب السوداني من الخريجين، كذلك علي الدولة الاستثمار في معاهد التدريب والتاهيل في شبكات الاتصال والبرمجة والبنيات الأساسية في مجالات تكنولوجيا المعلومات٠

أولويات تنفيد الخطة

١/ ضمان الاستقرار في الاقتصاد الكلي

٢/ تحديث القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني لضمان الأمن الغذائي وتحسين موقف الميزان التجاري٠

٣/ تحديث القطاع الصناعي المعتمد على الزراعة بشقيها النباتي والحيواني وتطوير صناعات الاغذية بغرض الاكتفاء الذاتي وتقليل فاتورة الواردات كذلك بغرض التصدير٠

٤/ الإصلاحات الهيكلية في قطاع النقل، الطرق، المواصلات، والاتصالات. كذلك تدريب القوي العاملة٠

٥/ الاهتمام بالقطاع الاجتماعي مثل التعليم والصحة وإزالة الفقر والعوز الاجتماعي٠

تحقيق توازن الاقتصاد الكلي

لتحقيق اَي نمو مستقر يجب التأكد على استقرار أساسيات الاقتصاد الكلي مثل ضمان نسبة نمو معتبر من خلال التشغيل الكامل للاقتصاد مع مستوى تضخم منخفض و مستوي عطالة مناسب ومقبول كذلك استقرار في أسعار العملات الأجنبية بالنسبة للجنيه السوداني مع ضمان سياسة نقدية ومالية مستقرة. يجب التأمين علي ان تكون كل متغيرات الاقتصاد الكلي متناسقة ومتطابقة مع متطلبات الخطة الاقتصادية٠

سياسة مالية تتمثل في ضبط الخلل الهيكلي وتعتمد على اتفاق حكومي مسؤول وموجه نحو قطاعات إنتاجية وقطاعات اجتماعية مثل التعليم والصحة ووقف الصرف البذخي وغير الإنتاجي كذلك تطوير القطاع الإيرادي للدولة قطاع الضرائب والتوسع الضريبي راسيا وأفقيا “Fiscal Consolidation”

شروط مسبقة لنجاح الخطة (Preconditions)

أولا: ايقاف الحرب وإقامة السلم الاجتماعي
ثانيا: إقامة نظام حكم لا مركزي أو فيدرالي يضمن استقلالية القرار السياسي والاقتصادي للأقاليم كافة، وتقليل هيمنة المركز على القرار السياسي والاقتصادي مما يؤدي لإزالة الغبن الاجتماعي ويحفز على مشاركة الجميع وتوفر بيئة سلام تساعد في تحقيق التنمية المستدامة٠
ثالثا: استعادة دور السودان في المنظمات الدولية وتصحيح الصورة السيئة ومحو صفة دعم وتمويل الاٍرهاب يساعد ذلك انفتاح السودان علي دول العالم واقامة علاقات اقتصادية وسياسية متوازنة تراعي فيها المصلحة العليا للوطن٠
رابعا: استعادة دور السودان الدبلوماسي والتأكيد علي سياسة خارجية متوازنة بعيدة عن الاستقطاب والتأكيد علي دبلوماسية التنمية٠

الخطة الاقتصادية متوسطة المدي. اربعة سنوات

خطة الإصلاح والاقتصادي والنمو

تهدف هذه الخطة إلى استعادة التوازن الهيكلي والاستعداد للانطلاق نحو النمو الاقتصادي المضطرد وتعتمد لتحقيق ذلك على تحريك كل الموارد الكامنة وعلي رأسها الموارد البشرية الضخمة وتفجير طاقات وإبداعات الإنسان السوداني المبدع الخلاق. والوسيلة لتحقيق كل تلك الأهداف تأكيد دور الدولة المحوري وتغير المفهوم التقليدي في أن دور الدولة ينصب على تقديم خدمات وحاجات المواطن فقط إلى مفهوم أعمق لدور الدولة ويتمركز ذلك حول إزالة كل عوائق الإبداع والتميز واستنهاض الطاقات الكامنة للمواطن وتسخيرها لمصلحة الوطن. كذلك هناك حاجة لتأكيد دور الدولة في تمويل ودعم البحوث والدراسات العلمية لتطور الأداء والإنتاج والانتاجية لبناء مجتمع المعرفة “Knowledge Based Economy”

ميزات ومحاور الخطة الجديدة

أولا: تختلف هذه الخطة من خطط نظام المتأسلمين في أهمية التفكير التنموي الذي يضع المواطن البسيط في محور الاهتمام. كذلك أهمية دور الدولة والقطاع العام في قيادة تنفيذ والإشراف علي الخطة وتلقي الاهتمام السياسي على أعلى المستويات ويقوم التنفيذ والإشراف اليومي بواسطة وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي٠

ثانيا: جوهر الخطة هو تنويع مصادر دعامات الاقتصاد الوطني وتفادي الاعتماد علي مصدر اقتصادي واحد وتفادي الاعتماد على الاقتصادي الريعي (بترول، ذهب، معادن)

ثالثا: رسم استراتيجات قطاعية ودمجها في الخطة العامة: خطة التصنيع الخفيف بديل الواردات وخطة التصنيع الزراعي وخطط تطوير الانتاج والانتاجية الزراعية والطرق والبنيات الاساسية والاتصالات والتعدين والطاقة وقطاع الخدمات الاجتماعية، وخلق آلية للتنسيق بين كل هذه الخطط ودمجها في الخطة العامة٠

رابعا: الإبداع في طريقة الربط بين دور القطاع العام والخاص والتعاوني واستدعاء أهمية الإبداع والتكنولوجيا لزيادة التنافسية والإنتاجية في كل القطاعات٠

خامسا: ربط الخطة مع خطط الميزانية السنوية من حيث التمويل والتنفيذ تحت إشراف إدارة واحدة في وزارة المالية والتخطيط الاقتصادي٠

سادسا: ربط الحكومة المركزية مع سلطات الأقاليم لتأكيد وحدة الهدف وتأكيد دور الأقاليم الهام في تنفيذ ونجاح الخطة الاقتصادية٠

أهم مؤشرات أداء الاقتصاد الكلي للخطة

أهداف الخطة المتوقع تحقيقها تعتمد بشكل كامل على أداء مؤشرات الاقتصاد الكلي، والتي يجب أن تعكس الانسجام التام بين قطاع الإنتاج الحقيقي والقطاع المالي والقطاع النقدي وأيضا القطاع الخارجي (الصادر والوارد).

تتوقع الخطة احداث نمو في إجمالي الناتج المحلي “Real GDP” بمتوسط 8 في المئه خلال فترة الخطة أربع سنوات نتوقع أن تحدث الخطة معدل نمو في إجمالي الناتج المحلي 2.5 في المئة في السنة الأولى للخطة كما أن من المتوقع أن يصل هذا النمو ما يعادل 8 في المئة في نهاية سنوات الخطة٠
الجدير بالذكر أن معدل نمو السكان السنوي في السودان نحو 2 في المئة. لذا يجب أن تعمل الخطة على تحقيق معدل نمو يفوق نمو السكان السنوي لتحقيق الأهداف المنشودة. كما تهدف الخطة لخفض مستوى التضخم من شكله الجامح لمستويات معقولة بحيث تصل لمعدل الرقم الواحد في نهاية الفترة (أقل من عشرة).وتهدف الخطة ايضا إلى خفض معدل البطالة لمستويات معقولة وضمان تشغيل واحداث فرص عمل جيدة للشباب٠

تهدف الخطة إلى خفض عجز الميزانية في مستويات مناسبة مع المعايير الدولية كنسبة لإجمالي الناتج العام(5%) ، كذلك خفض العجز في الميزان التجاري. وايضاً تخفيض نسبة الدين المحلي للدين الأجنبي٠

النمو المتوقع لإجمالي الناتج المحلي غالبا ما ينتج من المصادر الآتية:

١/ الإنفاق الحكومي في مشاريع البنى التحتية مثل الطرق تأهيل السكة حديد والخطوط البحرية والجوية ومشاريع الطاقة والمياه والاتصالات وإعادة تأهيل المشاريع الزراعية٠

٢/ التوسع الزراعي وزيادة الإنتاج والإنتاجية في المحاصيل التي يمتلك السودان ميزات تفضيلية في إنتاجها مثل الصمغ العربي والسمسم والفول إضافة لتطوير الإنتاج الحيواني وزيادته٠

٣/ التصنيع المرتبط بالزراعة مثل الصناعات الغذائية وتصنيع اللحوم والألبان وصناعة الجلود والأحذية (سلاسل القيمة المضافة)٠

٤/ الصناعات الخفيفة كبديل للاستيراد مثل صناعة النسيج والاسمنت والإدوية والصناعات الكيماوية٠

٥/ بدء الدخول في صناعة البرمجة وإنشاء قطاع كامل لتكنولوجيا المعلومات واستغلال الأيدي العاملة السودانية في الداخل والخارج بعد تشجيعهم في الدخول في هذا المجال عن طريق حوافز مرضية٠

٦/ ترقية قطاع السياحة والخدمات مثل الفنادق وشركات التأمين والبنوك٠

٧/ تطوير إنتاجيات الذهب وبقية المعادن بغرض التصنيع الخفيف والتصدير. أما الذهب فيجب ضمان احتياطي كاف لدى البنك المركزي لحماية العملة المحلية من تقلبات السوق العالمي٠

تعتمد الخطة بشكل كبير علي الإنفاق الحكومي “Fiscal Stimulus” وذلك لتشجيع الاستهلاك الخاص والاستثمار من قطاع الاعمال. ويعني ذلك أن الصرف الحكومي الاستثماري على المشاريع العامة مثل الطرق والبنيات الأساسية خصصت له هذه الحصة نسبة لا تقل من 40 في المئة من الميزانية السنوية٠

لتمويل هذه الخطة يجب أن تتم إصلاحات هيكلية وجوهرية في جانب إيرادات الدولة والتي تتلخص في الآتي:

١/ إيرادات من حصيلة الصادارات وعوائد الذهب٠

٢/ تحويلات المغتربين٠

٣/ عوائد ضريبية وعوائد الجمارك والرسوم٠

٤/ استثمارات أجنبية وقروض ميسرة٠

يجب مراجعة كل هذه المصادر وتقييم عملها في الفترات السابقة ومعالجة القصور لاحداث أكبر عائد متوقع منها٠

تتطلب الخطة تحسين أداء القطاع النقدي وخاصة في ما يتعلق بمراقبة التضخم وتخفيضه لأقله مستوى ممكن وخفض سعر الفائدة وتقويم القطاع المالي والمصرفي وتفعيل دور البنوك التجارية والمتخصصة لتمويل التنمية وتشجيع قطاع الصادر وتقليل الواردات كل ذلك يساعد في تحديد سياسة سعر صرف للعملة المحلية ليتوافق مع تنفيذ الخطة الاقتصادية٠

خلاصة القول يمكن أن نلخص مايلي:

أولا: البناء في المرحلة القادمة يتطلب الابتعاد عن التعصب الايديولوجي والتكلس الفكري والدوغمائية ويتطلب المرونة والانقتاح علي كل التجارب الرائدة في العالم وأن نكون أكثر عملية وبراغماتية في أخذ ما يفيد من تجارب وتطبيقها دون حرج مع الاحتفاظ على المصلحة الوطنية العليا٠

ثانيا: يجب الإسراع في معالجة الخلل السياسي والدستوري بما يضمن مشاركة كل سوداني في السلطة والاقتسام العادل للثروة٠

ثالثا: التاكيد علي قيادة الدولة للنشاط الاقتصادي وضمان توزيع الموارد والاستثمار في المشاريع الكبري والتركيز علي الاستثمار في القطاع الاجتماعي من تعليم وصحة وخلق شبكة أمان اجتماعي وضمان توزيع عادل للثروة ومكافحة الفقر٠

رابعا: استنهاض كل قطاعات المجتمع السوداني للمساهمة في الخطة لا سيما المغتربيين وسوداني المهجر من أصحاب الكفاءات ورأس المال لتمويل المشاريع والمساهمة الفنية والادارية٠

خامسا: تفعيل دور المرأة في المجتمع عن طريق رفع مستوى مشاركتها السياسية ودعم مشاريع المرأة المنتجة في الريف والمدن٠

سادسا: أهمية الإدخار على مستوى كل قطاعات المجتمع. فمعظم الدول سالفة الذكر خاصة الآسيوية تتمتع بثقافة الإدخاروتحقق مستويات إدخار عالية تصل إلى ثلاثين في المئة من الدخل القومي وتساهم الحكومة في تشجيع سياسات الإدخار عن طريق إقامة مؤسسات وأوعية لتستوعب هذا النهج مثل تأسيس بنوك الإدخار القومية. وعادة ما تكون سياسة تشجيع الإدخار هذه مصحوبة بسياسة استثمار حكومي في البنيات الأساسية والقطاع الاجتماعي مما يساعد علي خلق معدل نمو عال للدخل القومي٠

سابعا: تشترك معظم هذه الدول التي اتبعت نموذج الدولة التنموية في خاصية هامة للغاية وهي عدم الانصياع لتوصيات صندوق النقد الدولي وتطبيق سياسات التحرير الاقتصادي حرفيا بل على العكس اختارت ما تراه مناسبا من سياسات تصلح للظروف الخاصة بكل حالة. فعلى سبيل المثال يوصي الصندوق بضرورة استقرار الاقتصاد الكلي
‏”Macro Stability” بمعني ضرورة ترتيب الميزانية واحداث التوازن الداخلي وايضاً احداث التوازن الخارجي. وتأخذ معظم هذه التوصية لاهميتها كشروط مسبقة لاحداث اَي إصلاح هيكلي ولكن كان اختلاف هذه الدول مع الصندوق في تحديد الاولويات وسرعة التنفيذ. وبينما يوصي الصندوق في سرعة التنفيذ واحداث الصدمة تطالب هذه الدول بتطبيق السياسات بشكل تدريجي وعلى مراحل من ناحية أخرى لا يلتفت برنامج الصندوق لأهمية القطاع الاجتماعي ومحاربة الفقر وتحقيق العدالة الاجتماعية في توزيع الدخل بينما تركز هذه الدول على الأهمية القصوي لهذه القضايا وتصر على تضمينها في كل برامج الإصلاح الاقتصادي٠

والمتابع للأحداث الان يلاحظ التناقض الواضح في توجهات الحكومة
والضبابية في مواقفها تجاه القضايا الاساسية فإذا نظرنا البرنامج المعلن لقوي الحرية والتغيير في الجانب الاقتصادي نري الأتي “وقف التدهور الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين في كل المجالات المعيشية.كذلك التزام الدولة بدورها في الدعم الاجتماعي وتحقيق التنمية الاجتماعية من خلال سياسات دعم الصحة والتعليم والاسكان مع ضمان حماية البيئة ومستقبل الأجيال”
وهنا يتضح التركيز علي اهمية دور الدولة في قيادة وريادة امر الاقتصاد مع الاعتراف بالدور الحيوي للقطاع الخاص الوطني وكذلك القطاع التعاوني كذلك نري هذا في تصريحات الدكتور حمدوك التالية لصحيفة السوداني “قال رئيس الوزراء د.عبد الله حمدوك، إن أولى أولوياته هي إيقاف الحرب وتحقيق السلام بجانب معالجة الأزمة الاقتصادية بطرح اقتصاد وطني يقوم على الإنتاج وليس الهبات والمعونات، وأضاف: “نحن في أزمة اقتصادية ممكنة الحل”.
وهذا التوجه اقرب لتوجه الدولة التنموية والتي تتولي فيها الدولة إدارة الاقتصاد وفق خطة محكمة ومتناسقة تتحدد فيها الادوار لكل القطاعات وفق تخطيط مدروس بعناية وفِي توافق زمني محدد٠
ونرى هذا التناقض واضحا في تصريحات السيد وزير المالية والذي اتضح تماما توجهه نحو خيارات المذهب النيوليبرالي وسياسات اجماع واشنطون وفلسفة التحرير الاقتصادي وسياسة الباب المفتوح والتركيز علي استجداء المنح والهبات من “الاصدقاء” اضافة الي انتظار “ممل” الي وصول التدفقات المالية المشروطة من منظمات التمويل الدولية مثل صندوق النقد والبنك الدولي وغيرها من مؤسسات دولية وفق شروطها المعروفة واهما سحب الدعم عن السلع الاساسية وتحرير سعر الصرف وبقية الشروط المعروفة٠
وفِي تصريحات وزير التجارة والصناعة نري توجها يدعم خط الدولة التنموية والذي صرح بها واتخذها معلما وتوجها ويحمد علي صراحته المريحة ففي لقاء تلفزيوني علي قناة الخرطوم بث مؤخرا صرح السيد مدني عباس مدني باهمية ومحورية دور الدولة في كافلة القطاعات الاقتصادية وفق خطة متناغمة تهدف في المقام الاول الي تحقيق أهداف الثورة المعلنة في الاستقرار الاقتصادي ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية ويمضي في تفس الخط التنموي وزراء القطاع الاجتماعي في مجالات الصحة التعليم العام والتعليم العالي والرعاية الاجتماعية٠ اما وزير الطاقة والتعدين كانت تصريحاته تميل نحو تبني خط سياسة السوق وذلك من خلال تصريحه في ندوة أقيمت لتعظيم عائدات الذهب بان ترفع الدولة يدها من هذا القطاع وتترك القطاع الخاص يعمل بحرية كاملة وتكتفي الدولة بجمع ماتستحقه من ضرائب٠
من خلال هذه التصريحات والتي توضح التضارب في الاراء وغياب سياسة عامة وواضحة المعالم تتسم بالتنسيق والتناغم بين كافة القطاعات وفق جدول زمني معلوم وتكامل تام بين البرامج المختلفة في إطار يهدف لتحقيق أهداف معلومة ومدروسة في مدي زمني قصير ومتوسط وطويل ومن الواضح أيضا ان كل وزير بتبني خطا يتماشي مع أيدلوجيته او توجهه السياسي وربما ما يتوافق مع مزاجه الخاص٠
وكان نتاج ذلك القصورالكبير خلق حالة التوهان والتوجس وعدم اليقين وربما فقدان الثقة في هذه الحكومة من قبل الكثيرين من جماهير الثورة وشبابها الداعم وقد نجد الكثير من المنطق في هذا المنحي فحكومة حمدوك لم تحقق حتي الان ابسط أهداف الثورة وخاصة علي الصعيد الاقتصادي فالمواطن الان يعاني اكثر في المأكل والمشرب والملبس والمواصلات والتي أصبحت معضلة هذه الأيام٠
علي حكومة الدكتور حمدوك تبني خط الثورة والتزام نهج الدولة التنموية وفق خطة تستند علي وضوح الرؤية والارادة السياسية الفاعلة مع إقناع الجمهور بصدق التوجه وفعل ذلك قد يؤدي الي الحصول علي ثقة الجمهور و الدعم الشعبي والسياسي المنشود لتبني تلك الخطة والتي تهدف في المقام الاول لتحقيق أهداف الثورة المتمثّلة في الاستقرار السياسي والاقتصادي ومحاربة واقتلاع دولة التمكين وتحقيق العدالة الاجتماعية٠

د. محمد محمود الطيب
واشنطون
نوفمبر 2019
[email protected]

References

‏http://www.acrseg.org/39585

‏[1] ) Esteban Pérez Caldentey, The Concept and Evolution of the Developmental State, International Journal of Political Economy, Vol. 37, No. 3, Fall 2008, pp. 27-53.

‏https://democraticac.de/?p=46742

‏http://www.aleqt.com/2011/03/21/article_517191.html

حمدوك: أولوياتي إيقاف الحرب ومعالجة الأزمة الاقتصادية

‫6 تعليقات

  1. مقال موفق وشرح وافي , و اتمني الحكومة تكون بتسمع للخبراء امثالك حتي تتم النهضة المنشودة و ينتقل بلدنا الحبيب من دولة فقيره الي دولة نامية و سياسيات واضحه و تدعم الاقتصاد و الانتاج.

  2. شكرا جزيلا دكتور. اتمنى ان يلق مقالك ما يستحقه من النقد والإثراء العميق
    احد المحللين الإقتصاديين سئل لماذا نجحت التجربة الصينية ولم توفق مثيلتها في روسيا ؟ وكانت الإجابة بأن الدولة في روسيا انتهجت سياسة إقتصادوية ليبرالية بحتة اهتمت فيها اولا بالخصصة . بيع القطاع العام الروسي الذي كان يبلغ كموجودات تريليونات الدولارات من الأصول . بيع في زمن وجيز وحصلت دوائر فساد كبيرة في هذا وإهدار كبير للثروة القومية. اما الصين فاهتمت اولا بالمنافسة . بين القطاعات الحكومية وبين القطاع الخاص والمنافسة الداخلية في كل القطاعين.مما ولد إتجاها متصاعدا للنمو .

  3. تعظيم سلام للدكتور و لمجهوده الثره و انا اعتبر هذا من اجمل و اشمل ما قرات في الشأن الاقتصادي السوداني ، لكن هناك اشكاليات تكاد تكون موروثات أو تعقيدات سودانية بحته تعوق عجله الاقتصاد السوداني منذ الاستقلال و تكاد تكون كمرض سوداني مستفحل لم يتم تشخيصه الا من قبل الثوار الذين تداركوا ذلك المرض و تحدثوا عنه جهارا نهارا في وقت السكوت كان سيد الأمر و الذي من وراءه ذاق الشعب السوداني ما لم يذقه شعب علي كوكب الارض رقم كل ما يملك من إمكانيات طبيعية و ثروات باطن الارض و عقول نيره . فبإمكاننا اختصار و تلخيص تلك الأمراض المقعدة للسودان في الآتي :
    – أولا الحسد الايدولوجي الجهوي بحيث خرجت وجوه سودانية نصبت من أنفسها ديناصورات مرجعيه ذات حصانه الالوهية ثم نصبت من أنفسهم أوصياء علي الشعب باكمله ثم جعلت من أعمالهم و أقوالهم و افعالهم رقم ما شابها من اخطاء جسام ، فقد اسدلوا علي تصرفاتهم ستار العصمه الربانية ثم ازهقوا بموجبها انفس غاليه طالبت ارساء العدالة التنموية و خلف ذلك القناع الكاذب بنوا لأنفسهم الكاريزما الكاذبة ثم قادوا الشعب نحو الهلاك .
    – ثانيا ظهور الحسد السياسي النخبوي و في دائرته الضيغه بحيث النجاح ينبغي بان لا تخرج من دائرتهم تلك و الا كالوا عليه الموامرات و الدسائس حتي يقبروهو و يفشلوهو بكل ما اتو و ما استحوذوهو منذ الاستقلال من نفوذ و أموال حتي و ان اقتضي الأمر الي إشعال حروب و سفك دماء لأشغال الآخرين و اخراجهم من دائره التنافس البناء .
    – ثالثا انتشار الظاهره الطبقية و العنصرية الجهوية من خلف هويات مستورده و ارغام الناس عليه بحد السيف ثم التعمد بعدم قبول فكره التنمية الشاملة بحجه عدم السماح للآخر بان يكون ذات رأي و إسهام اقتصادي فعال خشيه فقدان السيطره .
    – رابعا الحسد الجهوي و الاستعلاء الأجوف بسبب التوجه الصفوي من المركز بسبب الإعلام السالب و التجهيل المقصود و المعمد بان جهات بعينها يجب ان تظل خارج التنمية خشيه فقدان الامتيازات المركزيه حتي و ان كان هناك عقول صادقه في تلك الجهات بامكانها الإسهام الصادق في البناء فلا ينبغي عليها ابداء الرأي أو النقد لاستراجياتهم الاستوازيه و الغوغائية .
    – خامسا جعل الحروب الأهلية من قبل هذه النخبه المركزيه وسيله سياسيه لتضييق الدائرة السياسيه عند السماح لبعض النموذج الذي يسمونها الديمقراطية من اجل امتصاص الغضب الدولي و إقناع الرأي العالمي بان هناك ديمقراطية بعد ان يعزلوا المناطق ذات الكثافة السكانيه الكبيرة و الرأي المغاير من الإسهام في عجله الانتخابات خشيه المفاجآت من تلك المناطق . فعن طريق إشعال الحروب فيها تستحيل التعداد السكاني فيها بصوره صادقه و من ثم دواير الانتخابات يقيمونها علي هذا الكذب الإعدادي بحيث انهم يكرسون نفوسهم عن طريق اكثار الدوائر في مناطق نفوذهم و تقليلها في مناطق من يخالفونهم الرأي . و من المعروف ان التخطيط الاقتصادي قبل السياسي يعتمد علي التعداد السكاني و بهذا تذهب الترليونات الي مناطق غير منتجه أصلا و تظل مناطق الإنتاج الفعلي خارج دايره الاهتمام ثم تتكدس الاموال و الثروات في جهه بعينها ثم يتم نهبها و اخراجها الي حيث الهويه المستوردة ليشتروا بيها حصاناتهم الجهوية فضاع الوطن بين حسدهم و نفوسهم المريضة في وقت كان بامكانه بان السودان من اعظم بلاد الارض نماءا و ازدهارا لكن ابت النفوس المريضة الا احجام حجمه فكان ان بدأت إرجاءها تتصدع و تنشطر و تتداعي حتي تداركه الثوار .
    – حتي العقول المتعلمه من بعض الصادقين بالمركز و الذين بدأوا يتململون من السياسه المتبعة لإحساسهم بالخطا و النهايه المؤلمه تم تهجيرها عن طريق التضييق عليهم حتي هربوا الي دول الجوار بجلدهم و اغتربوا فيها لسنين خشيه البطش بهم .

    ناسف علي التطويل لكن الأمر مولم و محزن و نحمد الله بان الثوره اندلعت في لحظه مهمه و حسمت الموقف و انقذت البلاد من كارثه تقسيمه الي خمسه دويلات . نتمني من الجميع التكاتف و توحيد الكلمه و إسهام الجميع من اجل انتشال البلد من وحل دام فيه لأكثر من مائه عام .

  4. 👍👍👍
    غاية الروعة يا ابني…بارك الله فيك وزادك من علمه..واملي أن يقرأ المسئولون ما جاء فيه من إستنارات ونماذج وحلول تكاد ان تكون ” مقشرة “

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..