بلا شك ليس هناك أحد يمكنه تقييم أي معتمد من معتمدي المحليات في عهد النظام المخلوع أكثر من المواطنين، وحقيقة فشلهم لا يحتاج إلى دليل وإنما الواقع كله شواهد تتحدث عن نفسها، ولم أرَ خلال ثلاثة عقود معتمدا ناجحا ولو بنسبة عشرة بالمائة فهم صورة مصغرة من المسؤولين الكبار، إذ لا يستقيم الظل والعود أعوج، وحقيقة هم جزء رئيسي من أزمة الفساد التي أدت إلى اقتلاع نظامهم، وحين تطلب الجماهير استقالة معتمد من الحاليين فاعلموا أنها على حق.
تظاهرات حاشدة تشهدها منطقة جبل أولياء منذ الأحد الماضي دعت لها لجان المقاومة، للمطالبة بإقالة المعتمد الذي رفض تقديم استقالته، وشاركت في المظاهرات لجان المقاومة بكافة أنحاء المحلية، والسبب هو استمرار تردي الخدمات، ورغم أنه هو سبب موروث من النظام المخلوع، ولكن إن كان المعتمد من النوع المبتكر والملهم والمتعاون لاستطاع عمل الكثير خاصة وأن الشباب كلهم مستعدون للتعاون معه، ولكن يبدو أنه صورة من أولئك الذين سبقوه فقد كانوا بعيدين كل البعد عن المواطنين ولا يحترمونهم.
بلا شك ظهر في محلية جبل أولياء ما ينذر بوقوع هذه المظاهرات، مثل المطالبة المستمرة بمعالجة المشاكل وتضجر المواطنين والنقد المسموع للمعتمد وغيره، ولا أعتقد أنهم خرجوا “عدم موضوع أو جحود” فقد انتظروا ما يكفي من زمن ليثبت المعتمد أنه قادر على فعل شيء، فهذه ستة أشهر منذ أن تم تعيينه على المحلية، وهي فترة كافية لتعرف الجماهير أي نوع من المسؤولين هو.
السؤال المهم الذي يطرح نفسه لماذا لا يستقيل المعتمد بكل هدوء ويعتذر عن التقصير ويذهب، حتى يجنب المواطنين الخسارة ويجنب البلد عدم الاستقرار، فلم يعد بالإمكان حكمهم بمنطق النظام المخلوع فقد استردوا حقهم في التظاهر والتعبير السلمي واسقاط كل مسؤول فاشل أو فاسد، وعليه مثل هذه المواجهات العنيفة لا تحل مشكلة، خاصة وأنه لم يعد هناك شيء يخيف المواطنين.
حقيقة كل المعتمدين العسكريين، أثبتوا انهم أكثر عجزًا من معتمدي النظام المخلوع، وكذلك والي الخرطوم، وما حدث في محلية جبل أولياء متوقع أن يحدث في بقية المحليات، فهي مجرد حالة يمكن تعميمها على المحليات الأخرى، وليس هناك حل غير أن تستعجل الحكومة تعيين الولاة المدنيين ومن ثم المعتمدين أي أنه حان وقت ذهاب كل المعتمدين.
حقيقة، ما يقوم به الشباب من متابعة ومراقبة لفشل المسؤولين في المحليات لهو أمر جيد ومفرح ونقلة حقيقية في المجتمع يجب أن يتعامل معها المسؤولون بمسؤولية، وليس عيبا أن يفشل المسؤول ويستقيل ويعتذر، فهو إنما يقدم نموذجا طيبا للمجتمع ينال به الاحترام أكثر من أن يعاند ويقاوم حتى يُقتلَع بالقوة، وهنا يكمن العيب الحقيقي، ونقول لمعتمد جبل أولياء استقِل واعتذر للجماهير حتى ولو لم تفشل، لأنك في النهاية ستذهب.
لقد بدأت المشاورات حول اختيار الولاة المدنيين وقريبا سيتم تعيينهم، ونرجو أن تحرص الجهات المعنية على اختيار الأكفاء القادرين على التعامل والتواصل مع المواطنين واحترامهم وتحريكهم فهذا الأمر مهم جدا لتقليل المظاهرات فالثورة مستمرة وكل المسؤولين تحت المراقبة.
أسماء جمعة
التيار
