مقالات وآراء سياسية

محمد وداعة…يهدد ويتوعد!

محمد التجاني عمر قش

أولاً أود أن أسجل صوت شكر لصحيفة السوداني وهيئة تحريرها، على تفضلهم بإتاحة الفرصة لي لأعبر عن رأيي بكل حرية وأريحية، ودون قيد أو شرط. وهكذا ينبغي أن يكون ديدن الصحافة الحرة؛ حتى يقف القارئ الكريم على كافة ما يطرح من آراء، وتتضح الرؤية حول القضايا والمواقف التي تخص الشأن الوطني ومن يتولون إدارته! فقد ظلت صحيفة السوداني منبراً ديمقراطياً حراً، يطبق أعلى معايير الاحتراف والمهنية، وهي صحيفة مفتوحة لكل صاحب رأي يطرح قضايا الوطن ويناقشها بحياد وشفافية؛ خاصة وأن رئيس تحريرها، الأستاذ ضياء الدين بلال هو صحفي متمرس وخبير وإعلامي محترف، ولا يحتاج لدروس من منتسبي العمل الصحفي الذين تربوا على الأفكار الشعوبية وفقاً لمنهج ميشيل عفلق، وما يسمى بحزب البعث العربي؛ ولذلك لا أعتقد أن هذه الصحيفة ومسؤوليها ستخيفهم تهديدات الكاتب محمد وداعة، الذي يسير عكس اتجاه الرفاق؛ إذ يدّعون أن شعارهم “حرية، سلام وعدالة”، بينما يسعى هو لتحجيم دور الصحافة وسلبها حريتها بتكميم الأفواه والأقلام، أم أن حرية الصحافة، في عهد قحت الانتقالي، حرام على كل قلم حر، حلال على أهل اليسار من كل جنس؟

عموماً، قرأت مقالاً، نشر في صحيفة الجريدة، عدد السبت الموافق 16/11/2019، للكاتب محمد وداعة، أحد صحفيي قحت، على ما يبدو، ينتقد فيه ما ورد في مقالي بصحيفة السوداني، عدد الجمعة 15/11/2019 بعنوان: “يا دكتور حمدوك…أديس أحسن لك”! وقد ورد فيه: ” إنه لأمر جد مؤسف أن تأتي بشخص يقال إنه خبير في مجال الاقتصاد والسياسة، وتدعي أن له علاقات واسعة مع المنظمات الدولية، وخبرة تراكمية في العمل المصرفي؛ خاصة مع المؤسسات الأممية العاملة في مجال التنمية، وتصوره على أنه المنقذ المرتجى لأهل السودان، ثم تسحب البساط من تحت قدميه، وتخفي عنه كل أدوات العمل، أو كما يقول المثل السوداني “تدس منه المحافير”، وتمنعه قوارب النجاة، وفي ذات الوقت ترمي به في بحر لجي متلاطم من المشكلات الاقتصادية والأمنية والسياسية، وتقول له “شيل شيلتك” فقد ارتضيت هذا المنصب بمحض إرادتك ووفقاً لطموحك الشخصي، وعليك وحدك تحمل ما يترب على هذا القرار والاختيار!، فلماذا فعلت قحت هكذا بالرجل؟” ويبدو أن هذا الطرح لم يعجب عناصر قحت.

فقد كتب محمد وداعة بعنوان “محمد قش…. وأوحال صحيفة السوداني” قائلاً: ” لا يراودني أدني شك في أن الأستاذ ضياء الدين بلال، رئيس تحرير صحيفة السوداني، يدرك ويعلم الحدود الفاصلة بين النقد وابداء الرأي، وأن صحيفة السوداني كانت متوازنة، وأبحر بها الأخ ضياء في العهد السابق بمهارة وذكاء، وحجزت موقعاً بين الصحافة المسؤولة؛ ولذلك عجبت أن يفتح صفحات صحيفته لكتاب مغمورين ليسودوا صفحاتها، وهو يعلم أن هذه الادعاءات سترتد وبالاً عليه وعلى صحيفته؛ وسيأتي يوم تبور فيه تجارتكم وترتجع فيه صحافتكم وتتوقف فيه مطابعكم، بحكم القارئ لا بحكم المحكمة، وستعضون أصابعكم التي كتبت هذا الهراء ندماً، وبالطبع هو يعلم أن مهمته ومسؤوليته كرئيس تحرير تقتضي منه وتلزمه أخلاقياً وقانونياً بما يكتب في صحيفته، وإني لأربأ به من أن يسعى طائعاً ومختاراً إلى تصنيف صحيفته حتى يتراجع حظها بين القراء في كل يوم”!

ألا ترون هذا التهديد المباشر الذي يبثه محمد وداعة ليخيف به أحد زملاء المهنة المرموقين دون مراعاة لزمالة أو لأخلاق المهنة وسلوكياتها؟ ثم إنني لأشهد الله قد بذلت جهداً مضنياً، بصفتي متخصص في ثلاث لغات حية، وخبير في مجال التعليم والترجمة والتصحيح والتدقيق اللغوي، حتى أصحح أخطاء محمد وداعة، في هذا الجزء الذي أوردته من مقاله الركيك، فهو لا يميز بين همزة الوصل والقطع ولا بين الياء والألف ولا يعرف مواضع حروف العطف وعلامات الترقيم، ومع ذلك يدعي، بكل غرور واستهزاء، أن أسلوبي “يتميز بالركاكة والأخطاء اللغوية”!

يا محمد وداعة لا أظن أنك ستجد خطأً لغوياً أو إملائياً واحداً، أو عبارة بذيئة واحدة في مقالاتي التي ظللت أكتبها، في أعرق الصحف السودانية وأوسعها انتشاراً، خلال عقد أو يزيد من الزمن، فما أنا بالذي يلحن في لغة العرب، والحمد لله. وأنا زاملت الدكتور حمدوك في أرفع مؤسسات التعليم في السودان، في كل من خور طقت وجامعة الخرطوم، وتلقيت تربيةً وتعليماً مميزاً قائماً على الخلق والمبادئ الراسخة والقيم؛ ولذلك لا يمكن أن أتلفظ بما لا يليق في حق زميل معروف، لا ينقصه التأهيل الأكاديمي، ولكنه حديث عهد بالسياسة، وكل خطئه أنه ارتمى في أحضان قحت، في هذا الزمن المملوخ، واستوزر بشخصيات لا يتوقع لها أن تقدم للوطن ما يفيد، فكلهم من ذوي الخبرة الضعيفة في العمل السياسي.

وهل تريد يا محمد وداعة، أنت وكتّاب قحت، أن تضربوا حول حمدوك سياجاً من القداسة، بحيث لا يطاله النقد حتى لو كان من زميل مخلص؟  لقد ظننا أن عهد التهديد والوعيد قد ولى من غير رجعة، ولكن ما أشبه الليلة بالبارحة!

 

محمد التجاني عمر قش

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..