شهادة المرأة فى القرآن ليست نصف شهادة الرجل (إضافة)

ذكرت في مقالي السابق: أن الأصل في الشهادة في الإسلام لا علاقة لها بجنس الشاهد، بل لها علاقة بمدى قوة الشاهد في الموضوع، وفائدة شهادته، وقوتها، وتناولنا الآية الكريمة التي تحدثت عن شهادة المرأة، وهي قوله تعالى في سياق الحديث عن توثيق الحقوق المادية: “وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى” (البقرة: 282). وسوف نرى ماذا قال المفسرون والفقهاء المحدثون في الآية الكريمة كى لا يعتقد القارئ الكريم أنها وجهة نظر فردية بالرغم من سلامة المنهج، و كذلك حول شهادة المرأة في هذه الحالة وغيرها، وارتباط ذلك بحالة المرأة من حيث خبرتها بالمعاملات المالية.
يؤمن بعض المفسرون و الفقهاء على أن الآية لا تتحدث عن مقام الشهادة، بل عن مقام آخر، وهو طلب الإشهاد، يقول الشيخ محمود شلتوت إمام الازهر الاسبق: “إن النص ليس واردا في مقام الشهادة التي يقضي بها القاضي ويحكم، وإنما هو وارد في مقام الإرشاد إلى طرق الاستيثاق والاطمئنان على الحقوق بين المتعاملين وقت التعامل.
يفرق الدكتور محمد عمارة في هذه القضية تفريقا مهما بين (الشهادة) و(الإشهاد)، فيقول:
“الآية هنا تتحدث عن (الإشهاد) وليس (الشهادة)، فالشهادة التي يعتمد عليها القضاء في اكتشاف العدل المؤسس على البينة، واستخلاصه من ثنايا دعاوى الخصوم، لا تتخذ من الذكورة أو الأنوثة معيارا لصدقها أو كذبها، ومن ثم قبولها أو رفضها.. وإنما معيارها تحقق اطمئنان القاضي لصدق الشهادة، بصرف النظر عن جنس الشاهد، ذكرا كان أو أنثى، وبصرف النظر عن عدد الشهود.. فللقاضي إذا اطمأن ضميره إلى ظهور البينة أن يعتمد شهادة رجلين، أو امرأتين، أو رجل وامرأة، أو رجل وامرأتين، أو امرأة ورجلين، أو رجل واحد، أو امرأة واحدة.. ولا أثر للذكورة أو الأنوثة في الشهادة التي يحكم القضاء بناء على ما تقدمه له من البينات”.
والمتأمل في الآية هنا يجدها تتحدث عن الإشهاد على العقود، وهو أمر اختياري وتوثيقي مقصود به إثبات حقوق الناس، وأن العلة في اشتراط اثنتين هو الاحتراز من أن تنسى إحداهما فتذكرها الأخرى، صيانة للحقوق المالية، فهو احتياط وليس شرطا.
كما أن (الإشهاد) الإنسان مخير فيه في اختيار الشهود، فقد يختار زيدا ولا يختار عمرًا، وقد يختار فاطمة ولا يختار أخرى، مثلا، لكن في الشهادة ليس من حق الجاني، أو المجني عليه، أن يختار الشهود، أو أن يرفض شاهدا لعلة جنسه، أو لعلة أخرى، إلا لعلة الشهادة الزور، أو الظلم والتجني، وهي قضايا لا علاقة لها بالجنس أو الدين أو الإقليم، وهذا الفرق هو ما يقع فيه كثير ممن يتناول هذه القضايا، وينسى أن الآية تتحدث عن (الإشهاد) على العقود، وليس عن (الشهادة) في القضايا والأمور الحياتية، والدينية، والسياسية.
وهو ما يدل عليه قوله تعالى: “ممن ترضون من الشهداء” دلالة على الاختيار، وهذا يكون في الإشهاد لا الشهادة، أما الشهادة فلا يشترط قبول الطرفين للشاهد الذي رأى الحدث بنفسه. وما يعضد ذلك أن المقصود الإشهاد، وأنه فرق بينه وبين الشهادة، أنه لو طلبك أحد للإشهاد على عرس ابنه، أو كتابة عقد بيت، ورفضت الحضور للإشهاد، لم يقل أحد من الفقهاء: إنك تأثم، برفضك الحضور للإشهاد.
وقد علل بعض العلماء الأمر في الآية هنا بانتصاف شهادة المرأة: بعدم حضور المرأة العمل العام، وقلة وخبرتها بالعمل التجاري والمالي، بحكم ظروف البيئة آنذاك، وقد فصلنا ذلك في مقالنا السابق ..
ولكن هناك عالما تونسيا كبيرا هو الطاهر بن عاشور أشار إلى ملمح مهم في آية سورة البقرة، فيقول:
“وفيه مرمى آخر، وهو تعويدهم بإدخال المرأة في شؤون الحياة، إذ كانت في الجاهلية لا تشترك في هذه الشؤون، فجعل الله المرأتين مقام الرجل الواحد، وعلل ذلك بقوله: أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى، وهذه حيطة أخرى من تحريف الشهادة، وهي خشية الاشتباه والنسيان، لأن المرأة أضعف من الرجل بأصل الجبلة بحسب الغالب، والضلال هنا بمعنى النسيان.
فهو يرى أن هذه مرحلة تأهيل للمرأة، التي في مجتمع تمنع فيه من المشاركة في العمل المالي والحياتي، فيفقدها خبرة التمرس بالحياة، فتكون هذه مرحلة أولى بالمشاركة، التي تعينها فيها امرأة أخرى، تقوية لها ولموقفها، تليها مرحلة أخرى، تتقن فيه المرأة فنون الحياة المالية وغيرها، فيتغير حكمها، كما تدرج الإسلام في إنهاء الرق مثلا، واضعا التشريع هدف إنهائه في فترة ما. وهو نفس رأي المراغي في تفسيره، ومحمد عزة دروزة في التفسير الحديث ، ومحمد عبد الحليم أبو شقة في الجزء الأول من موسوعته الرائعة (تحرير المرأة في عصر الرسالة) .
وخلاصة القول في الآية الكريمة: أنه أمر خاص بحالة تعيشها المرأة، وهي حالة انعزالها عن الحياة المالية، والتي لا خبرة لها فيها، فكانت الآية هنا حفاظا على حقوق الناس، فهي تنظيم لمسألة إثبات الحقوق، وليس موقفا عاما من المرأة، وكما يقول الفقهاء: الحكم يدور مع علته وجودا وانتفاء. وهو ما رايناه في نِصوص قرآنية أخرى واضحة تستوي فيها شهادة المرأة بالرجل تماما مثل شهادة الزنا, وهذه النصيحة القرآنية الخاصة بتوثيق الدين ربما كانت شائعة عند نزول الوحى إلا أنها اصلا ليست إجبارنا بل تخبرنا عن الممارسة الثالية فمثلا هناك من يتداينون و لا يوثقون ذلك إما فى الماضى أو الحاضر وفى الحاضر هناك وسائل أخرى لتوثيق الدين و أكثرها شيوعا هى الشيك الذى لا يلتزم بالمعايير القرآنية بل بمعيار آخر هو صدور الشيك من صاحبه و بتوقيعه.
من جانبى أرجو أن أضيف أن الآية أصلا قصد بها حث العرب الاميين على تعلم الكتابة و كذا تنظيم معاملات حرفة التجارة التى برع العرب فى أسفارها لكنهم أهملوا هذين الجانبين.
لقد صدر تقريبا نفس الرأى لدينا هنا فى السودان و لكن بدون تبرير مفصل عن الشيخ الترابى و نائبه إبراهيم السنوسي و لكنهما لم يبذلا جهدا فقهيا يذكر لإنشغالهما بالكيد السياسى و جشع السلطة , فى الآونة الاخيرة صدر مثل هذا الرأى عن بعض أعضاء الحرية و التغيير فإتهمهم البعض بالخروج على الدين, حقا إنها مشكلة محاولة الخروج من القوالب القديمة و لو بالحق,قبل فترة صرح البروفسير عقيل سوار الدهب أنه حاول شن حملة على ختان الاناث فى السودان فهاجمه كثير من الائمة من على منابر المساجد,الغريب فى الامر أنك لا تجد لعادة ختان الاناث اصلا فى الدين و منطقة الخليج كلها بما فيها المملكة العربية السعودية التى تحوى مهبط الوحى لاتجد فيهاهذه العادة المؤذية.
المخرج الوحيد من الازمة الفقهية التى نرزح تحتها هو بناء مرجعية دينية متعلمة مواكبة للعصر, و تثقيف الائمة حتى يتوقفوا عن إعتماد الافكار المتجمدة و الاطلاع على مراجع أخرى وسطية مثل الشاطبى, يمكن اعتبارالشاطبى أحد رموز الفكر الوسطى فى التشريع الإسلامى والثقافة الإسلامية، حيث استطاع أن يخرج بالفكرالتشريعى من الجمود والثبات إلى حيز الفعالية والوجود، باعتباره عاملا من عوامل النهضة، فقاوم بشدة التقليد مؤكدًا على أهمية دور العقل فى الاستنباط، واستطاع أن يبتكر منهجًا على درجة كبيرة من الإبداع والتجديد فى النظر إلى الشريعة الإسلامية يقوم على مراعاة مقاصد الشرع والتوسط بين مبانى الألفاظ ودلالاتها ومعانيها، فكان لزامًا على كل من يتصدر للفتوى أن يتحرر من الأحكام المسبقة وأن يتعامل مع النازلة بطريقة عقلية رشيدة توفق بين الدلالة اللفظية ومقاصد الشرع ومآلاته، وبمنهج وسطى معتدل.
صلاح فيصل
[email protected]
انت زول اهبل ولا شنو كمان تفسير الفدان عاوز تحرق فيه وكاتب مليون سطر رفضنا وتدعوا بيها.. ارجع لكل التفاسير والتى شوف قالو شنو.. متخلف
الرد على صلاح فيصل في مقاله شهادة المرأة ليست نصف شهادة الرجل في القرآن والذي لم ينشر!!
كعادته الأستاذ صلاح فيصل يدخل في مواضيع الفقه والتفسير وهو متحرر تماماً من أي قيود معرفية ومعرفة كافية بأبجديات الموضوع الذي يطرقه فيدخل نفسه ويدخلنا في متاهات نحن في غنى عنها والسبب كما يبدو لي في هذا المقال بالذات هو أنه التقط بعض الأفكار أو عنت له بعد الخواطر ويريد أن يجد لها محلا من الإعراب بطرحها هكذا دون أن يكلف نفسه دراسة الموضوع دراسة وافية ليتحفنا بخلاصته!
فهو في هذا المقال قرر في عنوانه أن شهادة المرأة ليست نصف شهادة الرجل في القرآن وهو تقرير ما كان له أن يجعله في العنوان أصلاً وإنما كان أن يجعله في صيغة الاستفهام مثلاً: هل شهادة المرأة….ولكن مع أنه قرر ذلك في العنوان فقد جعلنا نتتبع حيثياته في الوصول إلى هذه الخلاصة ولكن لم نجد دليلاً واحداً في مقاله تسند هذا العنوان. بل إنه لم يجرؤ على القول بعبارات موجبة أن يرينا كيف استنتج ذلك من الآيات القرآنية التي استعرضها!
ومنذ البدء جعل يقرر معاني الصيغ المختلفة لمادة ش،ه،د بلا دليل ولا كتاب منير! ففرق بين الشاهد الذي يشهد الفعل أو الحال ويطلب منه تقديم الشهادة لاحقاً ولو حتى في يوم القيامة! وبين الشاهد الذي لا يستشهد بضم الياء وفتح الهاء.
من قال إن هناك شهداء لا يشهدون أو يستشهدون بضم الياء وفتح الدال، أي لا تطلب شهادتهم؟ فالذين شهدوا مائدة السماء التي أنزلت على سيدنا عيسى وليس سيدنا موسى كما ظن صلاح، شهدوا بذلك لاحقاً لأقوامهم وسيشهدون بها يوم القيامة على من كفر بها وانكرها ولم يوف شرطها، وهو الإيمان برسالة رسولهم عيسى عليه السلام!
كما أدى به هذا الخلط في الفهم بأن يعرف الشهيد بأنه شاهد يطلب منه تأدية شهادته لاحقاً لا محالة! فهل وصف الله تعالى لنفسه بشهيد، (وهو بالمناسبة، الوصف الوحيد الذي يليق به تعالى ولم يرد في القرآن وصفه بشاهد مطلقاً ولهذا تفسير ومعنى لم يتطرق إليها ذهن الاستاذ مطلقاً في بحثه الذي قرر فيه ما شاء دون رقيب أو عتيد! أقول هل وصفه تعالى لنفسه بشهيد يعني أنه سيشهد لاحقاً بشهادته؟! ويبدو أن الأستاذ قد قال بذلك فعلاً حين قال إن الله تعالى يشهد عليهم في الآخرة!! ونقول سبحانه وتعالى هو الحكم العدل في الآخرة وإنما يشهد الشهداء والأشهاد على المحاسبين يوم القيامة بدءا من أعضاء أجسامهم ومن رسلهم وغيرهم من الصديقين و الشهداء وكتب أعمالهم! سأبين لك ذلك في تعليق لاحق ما الفرق بين شهيد وشاهد وصيغ الجمع وجمع الجمع فيها والمراد من منها. ولكن قبل ذلك أنقل اقتباسا من معاجم اللغة التي تجاوزتها وربما ظننت أن المعاني الاصطلاحية لا علاقة لها بالمعاجم اللغوية. فكمثال جاء في (مقاييس اللغة:
(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام).
كما يبدو أن استنتاجك لخلاصة العنوان وإن لم تقلها بعبارات واضحة تتلخص في مقارنتك بين آية الدين في سورة البقرة وآية القذف في سورة النور، بأن الأخيرة لم تحدد صفة ونوع الشهداء الأربعة مما استنتجت منه أن هؤلاء الشهداء الأربعة يمكن أن يكونوا رجالا كلهم أو نساء! وهذا ما لم يقل به أحد غيرك وحتى أنت سكت عن هذا ولم تقله صراحة وتركته ليستنتجه القارئ وحده وإن بحيث إن حمل عليك أحدهم في هذا قلت أنا لم أقل ذلك!!! وأقول لك ارجع ودقق في آية القذف وستجد في وصف الشهداء بأنهم أربعة وليس أربع وذلك يعني في قواعد النحو أن المعدود مذكر!
وإذا كنت تعتقد بأن آية الملاعنة في تهمة الزنا قد ساوت بين الزوجين المتلاعنين في عدد الشهادات لكل منهما فلا يعني ذلك مساواة المرأة بالرجل في الشهادة مطلقاً! فالحالة هنا خاصة بالزوجين في مسألة فسخ زواجهما والتفريق بينهما فتمت مساواتهما لهذا الخصوص وبهذه الصفة أي صفة الزوجية!
نشروا هذا الرد على صلاح فيصل في مقاله شهادة المرأة ليست نصف شهادة الرجل في القرآن والذي لم ينشر فكيف يكون مكررا!!
كعادته الأستاذ صلاح فيصل يدخل في مواضيع الفقه والتفسير وهو متحرر تماماً من أي قيود معرفية ومعرفة كافية بأبجديات الموضوع الذي يطرقه فيدخل نفسه ويدخلنا في متاهات نحن في غنى عنها والسبب كما يبدو لي في هذا المقال بالذات هو أنه التقط بعض الأفكار أو عنت له بعد الخواطر ويريد أن يجد لها محلا من الإعراب بطرحها هكذا دون أن يكلف نفسه دراسة الموضوع دراسة وافية ليتحفنا بخلاصته!
فهو في هذا المقال قرر في عنوانه أن شهادة المرأة ليست نصف شهادة الرجل في القرآن وهو تقرير ما كان له أن يجعله في العنوان أصلاً وإنما كان أن يجعله في صيغة الاستفهام مثلاً: هل شهادة المرأة….ولكن مع أنه قرر ذلك في العنوان فقد جعلنا نتتبع حيثياته في الوصول إلى هذه الخلاصة ولكن لم نجد دليلاً واحداً في مقاله تسند هذا العنوان. بل إنه لم يجرؤ على القول بعبارات موجبة أن يرينا كيف استنتج ذلك من الآيات القرآنية التي استعرضها!
ومنذ البدء جعل يقرر معاني الصيغ المختلفة لمادة ش،ه،د بلا دليل ولا كتاب منير! ففرق بين الشاهد الذي يشهد الفعل أو الحال ويطلب منه تقديم الشهادة لاحقاً ولو حتى في يوم القيامة! وبين الشاهد الذي لا يستشهد بضم الياء وفتح الهاء.
من قال إن هناك شهداء لا يشهدون أو يستشهدون بضم الياء وفتح الدال، أي لا تطلب شهادتهم؟ فالذين شهدوا مائدة السماء التي أنزلت على سيدنا عيسى وليس سيدنا موسى كما ظن صلاح، شهدوا بذلك لاحقاً لأقوامهم وسيشهدون بها يوم القيامة على من كفر بها وانكرها ولم يوف شرطها، وهو الإيمان برسالة رسولهم عيسى عليه السلام!
كما أدى به هذا الخلط في الفهم بأن يعرف الشهيد بأنه شاهد يطلب منه تأدية شهادته لاحقاً لا محالة! فهل وصف الله تعالى لنفسه بشهيد، (وهو بالمناسبة، الوصف الوحيد الذي يليق به تعالى ولم يرد في القرآن وصفه بشاهد مطلقاً ولهذا تفسير ومعنى لم يتطرق إليها ذهن الاستاذ مطلقاً في بحثه الذي قرر فيه ما شاء دون رقيب أو عتيد! أقول هل وصفه تعالى لنفسه بشهيد يعني أنه سيشهد لاحقاً بشهادته؟! ويبدو أن الأستاذ قد قال بذلك فعلاً حين قال إن الله تعالى يشهد عليهم في الآخرة!! ونقول سبحانه وتعالى هو الحكم العدل في الآخرة وإنما يشهد الشهداء والأشهاد على المحاسبين يوم القيامة بدءا من أعضاء أجسامهم ومن رسلهم وغيرهم من الصديقين و الشهداء وكتب أعمالهم! سأبين لك ذلك في تعليق لاحق ما الفرق بين شهيد وشاهد وصيغ الجمع وجمع الجمع فيها والمراد من منها. ولكن قبل ذلك أنقل اقتباسا من معاجم اللغة التي تجاوزتها وربما ظننت أن المعاني الاصطلاحية لا علاقة لها بالمعاجم اللغوية. فكمثال جاء في (مقاييس اللغة:
(شهد) الشين والهاء والدال أصلٌ يدلُّ على حضور وعلم وإعلام، لا يخرُج شيءٌ من فروعه عن الذي ذكرناه. من ذلك الشَّهادة، يجمع الأصولَ التي ذكرناها من الحضور، والعلم، والإعلام).
كما يبدو أن استنتاجك لخلاصة العنوان وإن لم تقلها بعبارات واضحة تتلخص في مقارنتك بين آية الدين في سورة البقرة وآية القذف في سورة النور، بأن الأخيرة لم تحدد صفة ونوع الشهداء الأربعة مما استنتجت منه أن هؤلاء الشهداء الأربعة يمكن أن يكونوا رجالا كلهم أو نساء! وهذا ما لم يقل به أحد غيرك وحتى أنت سكت عن هذا ولم تقله صراحة وتركته ليستنتجه القارئ وحده وإن بحيث إن حمل عليك أحدهم في هذا قلت أنا لم أقل ذلك!!! وأقول لك ارجع ودقق في آية القذف وستجد في وصف الشهداء بأنهم أربعة وليس أربع وذلك يعني في قواعد النحو أن المعدود مذكر!
وإذا كنت تعتقد بأن آية الملاعنة في تهمة الزنا قد ساوت بين الزوجين المتلاعنين في عدد الشهادات لكل منهما فلا يعني ذلك مساواة المرأة بالرجل في الشهادة مطلقاً! فالحالة هنا خاصة بالزوجين في مسألة فسخ زواجهما والتفريق بينهما فتمت مساواتهما لهذا الخصوص وبهذه الصفة أي صفة الزوجية!