ما يحدث من تهافت على المناصب الوزارية ووظائف الخدمة المدنية من بعض أحزاب الحرية والتغيير لا يليق بالثوار ، فالثوارقاموا بما قاموا به كواجب أملاه ضميرهم وبالتالي لا يطلبون المغنم ، هذا التهافت جعل الجبهة الثورية تشترط أن يؤجل تعيين الولاة وأعضاء المجلس التشريعي لتنال نصيبها ، ومعهم حق في ذلك ، ما داموا هم فصيل من الثورة ، واستنكر البعض عليها هذا المطلب رغم أن مكونات بعينها في الحرية والتغيير تعمل بدأب لتدفع بكوادرها في وظائف الخدمة المدنية بعد أن سكنت عناصرها في الوزارات . هذا التخوف ما كان ليحدث لو إلتزمت هذه المكونات بالإتفاق على إختيار الوزراء من التكنوقراط من غير ذوي الإنتماءات الحزبية . وهذه الأيام تدور معارك إختيار الولاة حيث رأينا العشرات يتكالبون ويتهافتون على مناصب الولاة ، ورغم أن تعيين الولاة قد يستشف منه حرصا لإكتمال الحكم المدني ، لكن أليس إكتمال عملية السلام أهم من إختيار الولاة في هذا الوقت حتى لو كان الحكام مكلفين لحين الإتفاق ، ويكون بذلك ضرب عصفورين بحجر واحد : إكتمال السلام والحكم المدني في وقت واحد ومعهم المجلس التشريعي .
كان المرجو من مكونات الحرية والتغيير ضرب المثل للشعب بالترفع عن هذا السلوك فهوليس دليل عافية بل يعكس تمكن ثقافة المؤتمر الوطني في الساحة السياسية ، فالمنصب في عهدالإنقاذ تحول إلي مغنم متروك لصاحبة التصرف بعيدا عن اللوائح والقوانين في كل ما يتصل به ، فالإنقاذ لم تغرس الفضائل والقيم الفاضلة ، بل أيقظت أسوأ ما في النفس الإنسانية من رزائل ، الطمع والأنانية وحب الذات ، والأمارة والمنصب لم يكن بهما من الإغراء قبل ذلك للدرجة التي تجعل المرء يتخلى عن المبادئ والقيم كما حدث في عهد الإنقاذ . وخلال كل العهود السابقة بما فيها العهد المايوي كانت المناصب يتولاها أميز ما في النخبة المهنية والسياسية ، أما في عهد الإنقاد فقد تولاها من هم دون مقامها ، فطلبها كل من هب ودب من فاقدي التأهيل والخبرة والمعرفة . وما نراه من تكالب وتهافت يعطي صورة سالبة عن الثورة ، وهو سلوك لا يتناسب مع ثقافة الثورة التي تريد أن تمحو بها ثقافة الإنقاذ في السلطة والحكم ، المتكالبون بهذه الصورة قطعا لن يحدثوا التغيير، بهذا السلوك لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، وجرثومة المنصب مغنم التي زرعها النظام البائد في الساحة السياسية ،يجب أن تختفي . إبتعدوا عن نموذج الإنقاذ وأحزاب الفكة التي كونها الباحثين عن المناصب من ذوي القدرات العاطلة فالمنصب أصبح الآن لخدمة الشعب وليس لخدمة الشخص .
د. الصادق محمد سلمان