
الكائن المتلون فكرياً، و المتحول سياسياً، عبدالله علي إبراهيم، يمتاز بسيولة مبدئية كبيرة، و إختلالات منهجية هائلة، و لزوجة معرفية عالية، كلزوجة الذئبق المنساب، لدرجة تجعل من الإمساك به إبيستمولوجياً، و قراءة منهجه ثقافياً، عملية شبه مستحيلة و عسيرة.
تارة يدعي تمسكه بالماركسية اللينينية، و تارة يلوح بالماركسية التجديدية، و تارة أخري يمجد الفلسفة القارية الأوربية، و تارة نادرة يحدثنا عن إنعطافة لودفيق فيتجنشتاين اللغوية الذي صاحب إصطفاف الفلسفة التحليلية، و إنفصالها عن الفلسفة المثالية، ثم يعود في نهاية المطاف ليحجينا عن بادية الكبابيش في شمال كردفان، و يدافع عن الأيدولوجيا الإسلاموعروبية الظالمة، في وجه المظالم التنموية للأقاليم الطرفية.
وهو في تحريفه و تزويره المعرفي هذا، الذي أضر بالعقل السوداني المعاصر كثيراً، لا يختلف مقداراً، و لا يقل خطورة، عن أولائك الشرزمة الهبوطيين، الذين زوروا الوثيقة الدستورية، و ساوموا بالثورة العظيمة، ليعيدوا الحياة لنفس الأيدولوجيا الإسلاموعروبية، من البوابة السياسية.
سياسياً امتازت مواقف عبدالله بالتناقض، و الغموض، و الضبابية، بجلوسه علي موائد المؤتمرين الشعبي و الوطني، و مؤسساتهم الإعلامية، حتي ركب موجة الثورة الأخيرة، مدعياً لنفسه أستاذية لا يستحقها.
دافع عن التكفيري عبدالحي يوسف، في عدة مناسبات، و صرف نظر الثوار عنه، في معارك تعتبر إساسية في مسيرة الإصلاح الديني، و متجاهلاً لحقيقة أن ثورة الإصلاح الديني أهم من الثورة السياسية نفسها، و هي المفتاح و الضمان لإستمرارية أي تغييرات سياسية.
عبدالحي يوسف بالنسبة للبشير، كان بمثابة بن لادن للملا محمد عمر، و قد إستمر نفوذ بن لادن في أفغانستان، حتي بعد سقوط نظام طالبان في كابول.
هذا النفوذ الخطير لعبد الحي، يبين حجم مشكلة الجماعات الإرهابية في السودان، و أن حكومة حمدوك وحدها، غير قادرة علي محاربة الأرهاب و ضمان الحريات الدينية، بدون تدخل و مساعدة أطراف دولية، لتطهير السودان من الجماعات الدينية المتطرفة، لأن قضية الإرهاب أصبحت عابرة للحدود و فوق طاقات الدول.
بدل أن يتصدي عبدالله علي لخطر الجماعات الإسلامية الإرهابية، إعتاد علي صرف الناس عنها، كلما نزلت نازلة.
أيضاً هو أحد عرابي الهبوط الناعم، و لا يريد تغييراً جزرياً في البلاد، و إنما مسحات شكلية، تحافظ علي الإسلام السياسي، و فقه عبدالحي التحللي، و طلس البنوك الإسلامية الفاسدة، و خزعبلات البادية العروبية.
رغم تمسحه ليل نهار بالماركسية، و الإشتراكية، و تغنيه بهما، إلا انه لا يتبني مساراً واضحاً للثورة السودانية، يكون فيه انحياز لعموم الفقراء، و الشرائح المنتجة الضعيفة في الريف و المدن.
بدل أن يهتم بمشاكل البادية المهمشة و قاطنيها، من مشاكل صحية، و تعليمية، و تنموية، ركز كل مجهوداته الفكرية من أجل إثبات الجوانب اللغوية العروبية، ليدافع عن أيدولوجيته الفوقية، و بعد كل ذلك لا يزال يدعي الماركسية.
بدل أن يتكلم عن توفير الغذاء للجوعي في بادية الكبابيش، و الماء لعطشاهم، انصبت كل مجهودات عبدالله علي إبراهيم لإثبات عروبتهم، و هم يحتضرون جوعاً و عطشاً.
فتعجب لهذا البرجوازي الصغير الغير مستقر طبقياً.
د. مقبول التجاني
الدكتور عبد الله على إبراهيم يتميز بالاستقامة الأخلاقية والأمانة المهنية والتأهيل الاكاديمي والثقافة العالية زهو من أفضل كتاب المقال في الساحة السياسية الكئيبة لكن دون ادنى شك لما يمتاز به من الوضوح والجرأة اكتسب الكثير من العداوات الغير مبررة والادعاءات الفطيرة المتهافتة من النخب السياسية
(لدرجة تجعل من الإمساك به إبيستمولوجياً، و قراءة منهجه ثقافياً، عملية شبه مستحيلة و عسيرة)
المشكلة يا دكتور في عدم قدرتكم على قراءة منهج الرجل ثقافياً ، واستحاله ذلك عليك .. كما قلت !!