شفافية الاختيار للوظائف القيادية

أحد خزايا نظام الإنقاذ الاساسية هو هدمه لأسس الاختيار والعمل بالخدمة المدنية ومسحه للذاكرة المؤسسية للوزارات والمؤسسات وطرق العمل بها. إن وجود خدمة مدنية محايدة في أدائها لعملها ومجوده له باختيار الأكفاء من المرشحين للوظائف وعدم استهدافهم سياسيا هو أحد أهم متطلبات التقدم بخطي ثابته نحو تحقيق النمو والرفاهية لأي شعب. كان هوس الإنقاذ هو الاستيلاء علي الدولة ومواردها ووظائفها ولذلك كان همها تقسيم الغنيمة بتوزيع الوظائف لمنسوبيها دون مراعاة لمقدراتهم أو للهدف الأسمى من وجود المؤسسة نفسها. لا أحد يريد أن يكرر تجربة شبيهة بالطبع ولكن لا بأس من التذكير.
بعد ذهاب الجنوب (انفصالا أو استقلالا) التقيت صدفة بأحد أعضاء مفوضية الخدمة المدنية (الاستاذ حمدنالله) التي تكونت في أعقاب اتفاقية السلام الشامل مع الجنوب 2005 واتفاقية سلام دارفور 2006. كان الغرض من تكوين المفوضية هو تسكين بعض المؤهلين من مواطني الهامش الذين رفع بعضهم السلاح كوسيلة لرفع المظالم التأريخية التي طالت مناطقهم فيما يختص بالتقسيم العادل للسلطة والثروة. قال العضو أنه وبعد أن هدأ ضجيج الاحتفالات وتكونت المفوضية أتى إليهم في مقر المفوضية شخصان من رئاسة الجمهورية، كل منهما بدرجة وزير حسب قوله وقالا للمسؤولين عنها عليهم فقط بمعالجة أمور الجنوبيين (والا يشتغلوا بأي جهة أخرى). كان ذلك هو ديدن الإنقاذ. التوقيع على الاتفاقيات والمواثيق وبشهود اقليميين ودوليين ثم التنصل عن التزاماتها.
جذور الحرب الأهلية المتطاولة هي المظالم التأريخية المؤدية للصراع، وقد تم اختصارها في موضوعي عدم المشاركة العادلة في السلطة (وهي ليست وزارات هامشية فقط)، والثروة معرفة هنا بموارد الدولة ومشروعاتها التنموية وخدماتها ووظائفها حيث سلطة اتخاذ القرار وذلك منذ الاستقلال. الثورتين الماضيتين ذهبتا ولم يتغير الحال والحكومات المتعاقبة عسكرية ومدنية وانتقالية اتت وذهبت ولم يتغير الحال. بقيت المظالم وتفاقمت في عهد الإنقاذ بالبراميل الحارقة والقتل بالجملة. كان أحد هتافات الثورة الملهمة هو “يا العنصري المغرور كل البلد دارفور” وقد كان بلسما لشفاء كثير مما علق بالنفوس وأعاد الثقة للجميع بأن الوطن واحد “تعال معاك كفنك يا إنت يا وطنك”. يجب ألا نخذل هذا الشباب المدهش الذي أعاد لنا جميعا الثقة في أن الوطن كما هو لم تشوهه أيدي البغي والغالبية الغالبة من أهليه بخير.
فيما يختص بملء المواقع الوظيفية التي يتقرر إخلاؤها أري من المهم مراعاة استقرار الخدمة المدنية (مستقبلا) والبدء في رد المظالم بالحساسية الثورية ودون انتظار مقررات مفاوضات السلام. في رأي حق الشهداء علينا ليس فقط البحث عن المجرمين والمتورطين في قتلهم ومحاكمتهم وإنما في اجتثاث جذور الصراع ورد المظالم ووضع اللبنات الاولى لاستقرار السودان. إذا أرادت قيادات ق ح ت أن تحمي الثورة علي المدى المتوسط والطويل وتجنب السودان إخفاقات جديدة ناتجة عن عدم حساسية أهل المدن والمركز تجاه مواطنيهم البعيدين في الاستئثار بثمار التغيير، عليها بلجانها وأن توقف تطلعات شلل الافندية (نساءا ورجالا) ونهمهم وتكالبهم علي الوظائف.
لتحاشي أي عدم استقرار وظيفي مستقبلي في الخدمة المدنية يتمثل في اقتلاع حكومة قادمة لمن تم تعيينهم في الفترة الانتقالية بدعوي أنها نتيجة محاصصات حزبية أو نتجت عن توصيات شلل بعينها وليس علي أسس واضحة أو أي دعاوي أخري الافضل وضع معايير الاختيار لأي منصب قيادي في أي وزارة أو مصلحة و تكوين لجان اختيار تطعم بأشخاص من خارج الجهة المعنية مشهود لهم بالدراية والنزاهة والالتزام تخضع المرشحين لمعاينات وتقوم بترتيبهم حسب الأفضلية مع الاعتبار للتمييز الايجابي للقادمين من المناطق الأقل حظوة. شيء أخر ذو علاقة بما سبق وهو أن بعض لجان قحت من موظفي الدولة كما قيل اتخذت لها مكاتب في الوزارات والمصالح فإن صح ذلك فهو خطأ يجب أن يصحح بأسرع ما يمكن. يجب ألا يمارس أي نوع من النشاط السياسي أو النقابي أثناء يوم العمل الرسمي. اللجان دورها هام في الحفاظ على مسار الثورة ولكن الأوطان لا تبني بالاجتماعات والكلام. الأمل أن يكون السلوك الثوري هو الهادي والدليل قوموا بأعمال حماية الثورة في أوقاتكم الخاصة. “سدوا الفرقة” لكن ما تغلطوا.
د. صديق أمبدة
[email protected]
قيل أن أحد الكيزان تقدم بطلب لمدير احدى البنوك للحصول على قرض فحول المدير الطلب لمدير الاستثمار للتعليق فعلق مدير الاستثمار (ليس لديه رصيد ) فرد المدير تصدق يكفى رصيده من الايمان !!؟؟