
صراحة الامر وصل درجة الاسفاف و التنطع و الملل,المتاجرة بالدين عرفناها و سبرنا غورها منذ زمن بعيد فى السودان, لكن الاكثار من لفظ كافر و ملحد و مرتد من قبل الكيزان و حلفائهم من محدودى الدين و الافق والفكر قد فاق الحدود هذه الايام.
يتلو هذه الكلمات تهديدات على شاكلة (دم للركب) و نشيد الاخوان البغيض (فلترق منا الدماء و لترق منهم منهم دماء و لترق كل الدماء) و دونها المهج و الارواح وووو.
ياخى – عند التحضير لفتح مكة كان أحد قادة الكتائب من الصحابة يقول اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة, فقال الرسول صلعم وراءه بل اليوم يوم المرحمة فأمر بتنحيته عن القيادة, هذا كان بشأن الكفار بالدعوة فكيف تقول هذا النشيد المريع لاهلك المسلمين الذين أهلكت نسلهم و خربت وطنهم و شتتهم فى ربوع الارض؟
الدين أصلا هو منهاج حياة ينتهجه الفرد بإرادته و بوحى من ضمير , و فى أحسن الاحوال ينظم هذا المنهاج صلة الفرد بربه داخل مجتمعه المؤمن بنفس العقيدة نقطة على السطر, أما الدين الاسلامى فقد جاء شاملا حتى للعلاقة مع الآخرين غير المؤمنين, لم يرفع المسلمون الاوائل السيف إلا عندما عودوا و قوتلوا .
كانت بداية الاسلام بإقرأو ثم أنذر عشيرتك الاقربين, ثم أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير, ثم عندما إستتب الامر لا إكراه فى الدين قد تبين الرشد من الغى و من شاء فليؤمن و من شاء فليكفر.
الاسلام أصلا دين دعوى و ما أمر المسلمون الاوائل بالقتال إلا للدفاع عن الدعوة و تنزيل القرآن, الاصل هو (أدع إلى سبيل ربك بالحكمة و الموعظة الحسنة).
لا دين مع الاكراه و الدين يزدهر و يورق تحت ظلال الحرية و الاسلام يعلمنا كيف نعامل الآخرين من غير أتباع الاسلام فمثلا مع أهل الكتاب و الطوائف الاخري يقول تعالى: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ ۖ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَٰهُنَا وَإِلَٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)العنكبوت.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ(17) الحج.
وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ ۗ كَذَٰلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (108)الانعام
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ عَلَىٰ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَىٰ شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ ۗ كَذَٰلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ ۚ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)البقرة.
الله سبحانه وحده يفصل بين الجميع كما إنه يأمرنا بأن نحسن التعامل مع الآخرين من غير ملتنا مالم يؤذوننا:
لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8)الممتحنة.
و القسط يعنى إعطاء الآخرين حقوقهم بينما العدل هو الفصل بين المتخاصمين.
موضوع الدين دة فيه إن كبيرة لكن شعبنا تعلم بالطريقة الصعبة و لن تنطلى عليه أمثال هذه الاساليب الرخيصة, فهذه التجارة التى يروج لها الخال الرئاسي و حسين خوجلى و عبد الحى يوسف و إسحق فضل الله قد كسدت و صارت أسطوانة مشروخة لا يطرب لها سامع فبالله عليكم خلوا عندكم شوية إبداع,موضوعا الدين و الايمان مرتبطان بأشياء أخرى مثل تصحيح النية و العمل الصالح, لا تخلو معظم سور القرآن من (الذين آمنوا و علموا الصالحات) .
سورة الحاقة ترينا مفهوما جديدا يربط الايمان بالحض على طعام المسكين و هذه السورة تحديدا هى ضد الكيزان الانها تذكر المال و السلطان و المسكين:
وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ (25) وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ (26) يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ (27) مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ (28) هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ (29) خُذُوهُ فَغُلُّوهُ (30) ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ (31) ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ (32) إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (34).
فكيف بمن بإجرامه وسلوكه و سياساته افقر البلاد و العباد و أكثر من الفقراء و المساكين و سرق مالهم و أكثر من ذلك سفك الدم الحرام؟ إن الدين الذى تخوفوننا به سيكون ضدكم يوم الدين و فى هذه الدنيا فقد ذهبتم إلى مقبرة التأريخ تطاردكم لعنات الضحايا و الارامل و الايتام و الفقراء و المساكين و حتى من تسمونهم الكفار يشهدون على جرائمكم النكراء التى لا يقرها دين و لاقانون و لاعرف.
صلاح فيصل
الاستاذ محمود محمد طه عندما قال الاسلام برسالته الاولى لا يصلح لانسانية القرن العشرين سىء فهمه وأتهم بالردة والاتهام بالردة نفسه من تداعيات الفهم الخاطىء للاسلام فالمقصود من دعوة الاستاذ هو ان الاسلام كما جاء به محمد مستويان من التشريع مستوى (الوصاية ) (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الاخر )ومستوى (الحرية ) ( قل الحق من ربكم فمن شاء فاليؤمن ومن شاء فاليكفر ) و (لا أكراه فى الدين ) ومستوى الوصاية من التشريع قام على القران (المدنى) ومستوى الحرية قام على القران (المكى ) والقران المدنى ناسخ للفران المكى أى ان مستوى الحرية منسوخ بمستوى الوصاية الا أن النسخ ليس الغاءا بل ارجاء (ما ننسخ من أية أو ننسئها ناتى بخير منها )لانه لا يعقل أن تنسخ الحرية بالوصاية لان الحرية هى أحسن ما فى ديننا ( وأتبعوا أحسن ما نزل اليكم من ربكم ) للاطلاع على هذا الفهم يرجى الدخول الى موقع الفكرة alfikra.org
الفهم السلفى للاسلام وجد فرصته فى التطبيق فى السودان وفى العراق (داعش ) وأنتهت التجربة الاولى بسقوط نظام السفاح نميرى وانتهت التجربة الثانية بأنتحار خليفة المسلمين البقدادى