
ثمة مايجعلنا نتغزل أحياناً بالحبر يمنحنا الوقوف التام على ضفاف النشوة يجعلنا على ناصية الشموخ يحملنا حيث الفضاءات المتلفحة بالشرف فبمثل ماصعدت أرواحهم طاهرة الى بارئها صعدنا بالأمس زهواً وعزة وكبرياء بشعور مختلف هتافاً نكاد فيه لا نسمع ولا نرى الا صوت الوطن وصورته وحين نصرخ باسمه تجدنا أمام صورة شهيد وضاء الوجه وضاح المحيا عريض الإبتسامة.
فعلى دفتر صباح ١٩ ديسمبر يوم أمس حررنا للشهيد رسالة حياة أقامت في جوف ثورة وتسربت ابتهالاتها مع كل شهقة شوق له تقص تواتر نوره بكل شغف فتحكي وميض مشاعرنا المترعٌ برائحة الشهيد ذاك الذي جاس قلبه وبات تأويلاً لكل القطاف فياوحدتنا بعد شتات وحدك الواثب بدمنا فمن مثلك أيها الشهيد تأرجح فوق أسلاك اليقظة والاستيقاظ حتى الموت ثم اغتسل من الحلم مرتين ليمنحنا شرفة مليئة بالبياض بعد ان عم الظلام ثلاثين عاماً من مثلك نظر الى أصابعه تحترق لتكون ضوءاً ابدى للوطن في تلك الساعة الصباحية التي فقدت الوقت وتلك الطلقات والكلمات التي ولدت كفيفة بأمر عقول خاوية لذلك الظل الجبان الذي صفع وجهك وداس عليه وهو يرتجف بعد ان أرعبه صوتك لتلك الوسائد التي كنت تتوسدها المبتلّة بدموع النصر لك وللصمت المتشظي الذي يلازم ضمائر وقلوب تخافك حتى في موتك.
للمطالب (المهملة) التي تبح الحناجر فيها بالقصاص (٣٠ المشنقة بس) لتلك الرسائل التي يدير لها العسكر ظهره وللعنة الهواتف التي وثقت لحظات الموت للرؤى التي جُرحت من لثمة الغدر وأغمضت عيناها برهة وبعدها رأت ( كل شي) للصدى العائد من لفافة البارود لتسكن طلقة غائرة قلب الشهد الدكتور محمد بابكر ورفاقه.
للمواكب التي خرجت الملايين فيها تحتفل لأنها كانت تصغى لصوت الصوت الذي نفذ بين التراتيل و الغناء (حرية سلام وعدالة) صوت الذي جاء بقبسٍ من حياة وألف معنى صوت ثائر خرج في عيد ثورته المجيدة شامخاً يشبه الوطن في علاه حصد المجد و النور لينثر ذاته للجياع ثمراً صوت جاء كما المطر ليغسل وجه الوطن من غبار الزيف والظلم والفساد ويصالح الناس في مابينهم محبة سلبها القهر ودمرتها الحرب والنفوس.
وشرقت عطبرة من جديد شمساً حرقت شعارات ودور الفساد التي تعلو عليها الواجهات كذبة لتخفي عيوب الذنوب الحديثة والقديمة
وخرجت المواكب في كل مدن السودان بهجة وفرحة آتية من أزقة الجواب الى ساحات المواجهة ( ياعسكري مافي حصانة يا المشنقة يا الزنزانة)، في رسالة واضحة حتى تكتب بكل انتباه لا لتشطب من تلك الأعين علامات الإشتباه.
طيف آخر :
وطني أعترف بأنكِ مدُّ احلامي ومنتهى تأملي
صباح محمد الحسن
الجريدة