حزب الوطن هو الغالب

من اشراقات ثورتنا السودانية ومكاسبها ووعيها، فإن الوطن قد صار هو الحزب الكبير لهذا الشعب، الذي رأيتموه في بأسه وغضبته يتجلى يعلو صوته، ويكسر القيود والاغلال، ليستعيد قراره، ويحرر “حريته” من براثن الانظمة الشمولية الفاسدة، ومن أيادي وادراج القوى السياسية المعارضة، والتي بضعفها وإنقساماتها وهشاشة تركيبتها، فشلت في الزود عنه واستعادتها اليه .
فلم تعد احزابنا العريقة والمتواجدة في الساحة الآن بعد ديسمبر 2018، هي الأحصنة التي يعتلي ظهرها ابناء حزب الوطن، ويراهنون عليها، ويعولون عليها، في نسخ اهداف ثورته طبق الأصل، وتنفيذ مطالبه، وفي حفظ مثل تلك الثورات الوطنية الفريدة ومكاسبها، لأنها بإختصار احزاب بنيت على قواعد طائفية وكتل وكيانات جهوية، تسعى لتلميع نفسها بالشعارات الديمقراطية البراقة، والواجهات الدينية الخلابة، لحصد اكبر عدد من البعيدين عن جوهر الاحداث، والمتفرجين من خلف الأسوار، والواقفين على الارصفة دون انتباه،لغرض تمكين قادتها وكوادرها من الوصول لمقاعد السلطة.
فلنتعلم من اخطاء التجارب السابقة الاحادية النظرة التي عندما تركب سرج السلطة وتتقوى تبحر عكس تيارات الشعوب.
دعونا نسلك خط الثورة ونهجها وأن لا نحيد عن ترجمة افكارها لدنيا الواقع ، دعونا نشترك جميعا في بناء هذا الوطن، الذى تقهقر بعيدا للوراء ، وكاد ان ينزلق في مطبات وحفرة الضياع والفتن، فلولا حصافة هذا الشعب ووعيه لما ذابت تلك التحديات والصعاب ، ، فتلك الوجوه السمراء التي امتزجت فيها كل الاعراق، البسيطة، البريئة الملامح، التي رأيتموها بالامس تخرج بالملايين في شوارع مدن السودان وقراه، فرحا بعام الثورة، هم أعضاء حزب هذا الوطن الكبير، وهم شبابنا وسادتنا الصغاروالكبار بوطنيتهم ووعيهم، هم الذين يحملون احلامنا وتطلعاتنا في قلوبهم البيضاء، وهم الدرع والحصن الوفي والترس المنيع لهذه الثورة، وهم الذين في سبيل تحرير هذا الوطن من طغاة النظام الانقاذي، خاضوا معارك النضال والكفاح الثوري، بصدورهم العارية، وهم الذين ضحوا بارواحهم، من اجل ان ننال حريتنا وخلاصنا، فتساقط من صفوفهم الشهداء المغدور بهم، والجرحى، والمعاقين، والمختفين قسرا في سجون النظام، لهذا فتلك الثورة ملكهم، ولهم، ولا لسواهم، فهم التصحيح، وقادة السودان الجدد وهم ممثلوه .
فلنستلهم ونستخلص من روح الثورة، ومن شعبنا البطل معنى الوطنية، ومعنى حب الاوطان، وليس حب القادة والزعماء وتقديس الاشخاص.
ديننا الغالب هو الاسلام ، لا أحد سيزايد علينا بالدين ، فلندع جانبا الحديث عن المعتقدات، وعن التجاذب بافكار العلمانية والشيوعية، وغيرها مما يؤمن به الاخرين في زمن الحرية، ولنتمسك بانتمائنا جميعا لهذا الوطن، الزاخر بالخيرات ،والذي تتساوى فيه حقوقنا وواجباتنا، فالوطن يئن ومازال جرحه مفتوحا ونازفا والاخطار تحدق به ، وبحاجه مستعجلة لأفكارنا وسواعدنا وجهودنا كي ينهض من كبوته، ويتعافى جسده، وبعدها لكل حدث حديث.
برير القريش