مقالات وآراء

الإسلاميون في السودان : غربة دين و تجديد وعي

يحدثنا شيخنا عبد الرحمن بن محمد بن خلدون الحضرمي في مقدمته عن أن الدول لها أعمار طبيعية كما الأشخاص ، وهي لا تعدو في الغالب ثلاثة أجيال ،وإن الإنفراد بالمجد وحصول الترف ، أقبلت الدولة على الهرم والسقوط .
سقطت الدولة الأموية عام 132 هجرية / 750 ميلادية بعد ملك دام أكثر من 90 عاما تحت ضربات العباسيين .
وسقطت الدولة العباسية عام 656 هجرية 1258 ميلادية بعد حكم مضطرب دام أكثر من 500 عاما تحت حوافر خيل التتار بخيانة الوزير العلقمي الذي حرص على إزالة الدولة العباسية وسلمها للتتار ، لكنه ذاق من التتار الذل والهوان .
وسقطت الأندلس عام 898 هجرية /1492 ميلادية ، بعد حكم فوضوي دام قرابة 800 عام .
سنة ماضية ، وأخيرا سقطت الخلافة العثمانية التركية عام 1326 هجرية / 1908 ميلادية بعد حكم دام 450 عاما .
ما علاقة كل هذا بالسودان ؟ حسناً ، السودان الدولة الحديثة ، قامت فيها ممالك و سلطنات إسلامية ، سلطنة الفونج 1504 /1821 ، سلطنة الفور1445/1875 في دارفور، و وسلطنة تقلي في جبال النوبة و سلطنة المسبعات في كردفان .
بعد سقوط هذه السلطنات والممالك ، كانت غربة الأسلام الأولى ، ثم جاءت المهدية 1885 /1897م ، أحيت المهدية الإسلام وأعادت الوعي في السودانيين ، وسقطت المهدية تحت ضربات الإنجليز والمصريين ، فأصبت دولة السودان تعرف ( بالسودان الإنجليزي المصري) . هنا يدخل إسلام السودان في غربتة الثانية. يحاول الأستعمار أن يشكل كيانات وأحزاب لفترة ما بعد الإستقلال في عام 1956م، فظهرت فئة الأفندية والمثقفين من خريجي كلية غردون ، فمنهم من تبني الفكر العلماني ، وظهرت الشيوعية ، وجسم مضاد للعلمانية والشيوعية تمثل في الحركة الإسلامية وبدأت تعمل في بعث الوعي اللإسلامي وسط كل فئات المجتمع ، ولقي قبولاً كبيراً وعرفت الحركة الإسلامية طريقها للبرلمان ، وأصبحت تحصد أصوات الخريجين والمثقفين لتكون في الترتيب الأول ، لم يكن الطريق سهلا ، لقد عانت الحركة الأسلامية كثيراً من كيد اليسار والعلمانين الذين حاولوا كل ما في وسعهم إزاحتها من الساحة السياسية .
الكل يتسابق لكسب ود العسكر، وعندما يشعر الحزب الحاكم بخطورة خصمة ، لا يتردد في تسليم السطة للعسكر ( عبدالله خليل عن حزب الإمة سلم الحكومة للفريق إبراهيم عبود ) سموه إنقلاب .
في عام 1989 ربحت الحركة الإسلامية سباق الأنقلابات ، ولكن بعد عقدها الأول إنقطع العقد بين العقلاء والإنتهازيين ، فكان النصر للإنهازيين ، وظهر الفساد والظلم ، وسدوا كل الأبواب والنوافذ لسماع شكوى المواطنيين ، فانعزلت الدولة عن الشعب ، فكانت الثورة التي أسقطتهم بعد 30 سنة من الحكم .
ثم ماذا ؟ آلت السلطة إلى اليسار ورغم مشاركة غيرهم ، لكن صوت اليسار هو الأقوى ، وكل علم وتركيزهم هو الكيد للإسلام والإسلامين ، قلنا لهم حاكموا كل من تثبت عليه الفساد ، ولكنهم همهم الأول هو تغريب هذا الدين عن روح الأمة بتجفيف منابعة ، وهذه غربة ثالثة للإسلام . فهل تعلم اللإسلاميون من خطأ إخوانهم ؟ لقد فرح بعضنا بإزلة حكومة الصنم ومن حوله من الخاينين الفاسدين ، لقد لعب الفريق أمن صلاح تقوش دور الوزير العباسي العلقمي الذي تعاون من التتار لإسقاط الخلافة العباسية ، ولكنه لقي نفس الجزاء ، سمعنا بأن حكومة الثورة ألغت جواز سفره الدبلوماسي.
ما هو المطلوب ؟ نريد تجديد الوعي الإسلامي ، وننسي المرارات ، وإعادة التربية ، وترتيب الصفوف من المخلصين من أبناء الحركة الإسلامية ،، وأن لا نترك الساحة لمن لا يريدون لهذا الدين قياما ، فهناك إسلام أمريكي قادم يجب مقاومته بالتوعية السلمية ، لم يحن زمن الغربة لهذا الدين فطوبى للغرباء.
بقلم : إبراهيم كرتكيلا

‫3 تعليقات

  1. بعد سقطت الدولة الاموية هل عادت من جديد؟ طبعا لا بعد سقطت الدولة العباسية هل عادت طبعا لا بعد سقطت الدولة العثمانية هل عادت؟ طبعا لا كذلك لم تعد دولة بني كوز فقد حصدها منجل الحصاد الاكبر و كنستها مكنسة الفنى الابدي. و حتى نظرية ابن خلدون هي ضد بني كوز لانها تعطي الفعل للمجتمع بعد افراغ فعله من فكرة القضاء و القدر كل شئ ضد بني كوز لكن غفلة الشعب هي التي سهلت لكم تمكنكم من رقبة الشعب في زمن الحشود و قد مضى زمن حشود الاسلاميين بلا رجعة و قد لحقت دولة بني كوز امات طه.

  2. وما هي علاقة الدين بالسياسة ؟ هل ان؟ هل اتحاكم زول انو عندو لحية ؟
    هدم مسجد ؟ ام منعت صلاة الجمعة لمتين حنلعب بورقة الدين دي ؟

  3. اسلام أمريكي!! عجبا يا كرتكيلا! سيعود اسلامنا السوداني الذي نعرفه وحده ولتذهب كل الصور المستوردة الدخيلة على اسلامنا السوداني بكل صدقيته التعبدية الخالي من الرياء والشكلية والابتذال والاحتيال والنفاق ابتغاء وجاهات ودراهم الدنيا والريالات والدولارات وما يسمى بالاسلام السياسي وما هو إلا نفاق وخداع سياسي وليس من الإسلام في شيء…

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..