هشام الشواني يوثق لبدايات ثورة ديسمبر المجيدة

الأيام دي تحديدا السنة الفاتت كانت ايام غريبة شوية ارح احكي ليكم قصة لأول مرة و منها اعتراف ومنها توثيق :-
١٩ ديسمبر ٢٠١٨ لمن جات انا كنت في كردفان تحديدا ام روابة شغلي هناك تبع الكهرباء. اليوم داك وقبلو بشوية كنا جزء من الغضب العام على النظام و الأزمات الكتيرة مع قرف شديد ملأ نفسنا من سياسة اليأس و جرجرة الأمور الكان النظام البائد بارع فيها تماما. حراك عطبرة وبورتسودان والقضارف وقبلهم الدمازين.
الوضع بالنسبة لي كان حرج وكان لازم نتحرك جماعيا و فرديا وبقيت ماقادر اقعد في كردفان وفي نفس الوقت لازم اقعد عشان لو في قدرة على المساهمة والعمل للحراك هناك كان بيكون الدور أهم. عموما الوقت داك لفترة يوم ١٩ و ٢٠ ديسمبر الحراك إتركز في القضارف وعطبرة وبربر وبعض الاماكن الاخرى.
يوم ٢٠ ديسمبر اللي هو واقع يوم خميس بتذكر طلعتا الشغل عادي و نهاية اليوم وانا راجع الميز بتاع الشغل والخميس الناس المعاي كلهم مشو اهلهم دخلت وما متأكد الواحد يسافر ولا يقعد. الجمعة عندي عرس صاحبنا رازي لكن الحقيقة انا طول اليوم كان بالي في الثورة البقا واضح انها لازم تشتعل. فجأة ومع دخلتي السكن لقيت نفسي بنفس الملابس بشيل لي قطعتين وشنطة صغيرة و شوية قروش و مشيت الطريق السفري للخرطوم . الوقت ما كان وقت باصات سفرية لكن كنت متأكد بلقا حاجة وفعلا لقيت شريحة و دخلت الخرطوم الخميس بالليل الساعة ١١. وما نزلت البيت ههههههه
حاولتا صراحة افتش مظاهرات ليلية جهة الصحافة وجبرة لكن اهو الواحد كان لازم يعقل شوية ويرجع ينوم في انتظار الجمعة.
الجمعة ٢١ ديسمبر صحيت و طبعا في نشاط عالي كحال كل الناس في الميديا وتفاعل مع دعوات تظاهرات بعد الصلاة. اليوم داك جهزتا للصلاة من بدري وحضرت الخطبة كلها في المسجد. كنت مهتم بحاجتين : الخطبة ماتكون ضد الثورة ودا شئ كان حا يعني تدخل مباشر زي مابقا يحصل لاحقا اتنين معاينة ملامح الناس. جامع الحي ما كان فاعل لكن الغضب واضح شديد. طلعتا مشيت جبرة طوالي عارف انو هناك في مظاهرات. زمن طويل و تقفيل شوارع و مطاردات وعلى العصر كدا طلعتا عشان ألحق عرس رازي صاحبنا ( هسي ماشاء الله بي بنتو ربنا يحفظا هههههه ).
السبت ٢٢ ديسمبر صباحا شلتا حاجاتي و رجعت كردفان تاني. في ظرف يومين مشيت وجيت من غير اكلم زول لأني كنت متابع الاحداث بصفحة الفيسبوك (تأمين إتضح لاحقا اني كعب في التأمين ) المهم رجعت لسببين : عندي شغل صيانة مهم ، اتنين ماشي اشوف حايحصل شنو هناك. اليوم داك وانا في الطريق الرهد قامت فيها ثورة شعبية ممتازة و ملهمة و أحرق الناس دار المؤتمر الوطني ومبنى ديوان الزكاة. الرهد و ام روابة مدن قريبة من بعض حوالي ٧٠ كم بس وبينهم تداخل وتقارب شديد. صراحة يوم الرهد كان ملهم شديد في اليوم التاني الحصل في ام روابة.
المهم وصلت ام روابة متأخر وما عندي اي معلومات عن هل بكرة ممكن يحصل شي ولا لا وماقدامي اي شي غير اعمل شغل فردي قدر ما اقدر عشان مافي وقت للتنسيق ولا بعرف في منو شغال هناك. لقيت البلد كلها امن و دعم سريع منتشر على المدخل. لكن القدرتا اعملو حاجة ظريفة جدا لمن اتذكرا هسي : اخدتا ورق A4 كتير ومشيت براي في الكمبيوتر طبعتّ بخط كبير : الشعب يريد إسقاط النظام ومن الجهة التانية بنفس الورقة (تسقط بس ) . وبي ليلي داك وزعتا المنشورات دي في السوق على اساس بكرة تتلقي ههههههه. صراحة الحتة الاخيرة دي عاجباني جدا وذكرى لاتنسى على المستوى الخاص.
الأحد ٢٣ ديسمبر كان عظيم : الصباح وانا ما عارف حايحصل شنو مشيت الشغل و متابع الممكن يحصل وماعندي اي معلومات غير المنشورات الوزعتها بالليل في السوق وفجأة طلع في شباب و رجال ونساء منسقين او ما منسقين لا اعرف طلعو السوق. كانت نسائم حرية عجيبة و غضب حقيقي شعبي وهتافات عن المعاش و عن الحقوق وضد الظلم. ام روابة شهدت يوم تاريخي والله وانا كحال الآخرين كنت مشارك وفي الحقيقة كنت ظاهر جدا وكان في قيادات من المنطقة وشباب مميزين جدا من القيادات بتذكر الاستاذ حاتم ميرغني. المهم على الساعة ١٢ ظهرا تناقصت وتيرة التظاهر وهنا كان لازم بعد كدا اتخارج. اتخارج حرفيا يعني من المكان دا . كنت ظاهر شديد و ناس الأمن بيعرفوني والبلد طبعا محكومة بقانون الطوارئ. بالنسبة لي الإعتقال في الدقيقة ٥ من البداية دا هزيمة. الصورة البقت منتشرة شديد بعد الإصابة كانت في مظاهرات أم روابة.
ههههههههه عملت حركة انا فخور بيها صراحة : مشيت البيت بأبعد نقطة ممكنة. غيرتا ملابسي شلتا شوية قروش و مشيت من غير زول يعرف الا زميلنا جعفر الوصلني الطريق السفري وسط عربات الامن وتاتشرات الدعم بس لسا ماكانوا استوعبو الصدمة وركبتا مشيت وين ؟؟ دا سر تأميني وقتها ههههه . مشيت الرهد ايوا مشيت أبيت في الرهد مع ناس الشغل هناك كأني في زيارة وفي الحقيقة انا زايغ يعني هههه وفعلا في نفس اليوم وكم يوم بعدها ناس الأمن بيجو السكن في ام روابة و العبد لله مافي يعني والحمد لله.
التواجد في الرهد ما كان آمن بس كان لازم ابيت ليلة الأحد هناك و صباح الاتنين ٢٤ ديسمبر اركب امشي الخرطوم تاركا كل شئ ورائي . ملابس قروش لابتوب هههههههه. ومن غير امل في العودة الا النظام يسقط. لأنو حرفيا انا كنت خليت الشغل ومافي طريقة ارجع تاني . في خطوة رسمية اخدت اجازة لمدة اسبوع لكني كنت عارف انو ما منها فايدة . وفعليا كان كلو شي مامهم وقتها.
صباح الاتنين دا مشيت بدري وانا متلحف لي شال و قطعتا تذكرة بالدين من صديق هههههه عشان القروش في ام روابة والمعاي ما كافي وركبتا الباص السفري للخرطوم. البص لازم يمر بأم روابة وفعلا كان حاتكون حاجة مضحكة لو اتمسكتا بدري كدا ههههههه. الرفاق اخدو ٦ شهور في سجن شالا والابيض بس طلعو مع السقوط (كلو شي مقدر ههههه).
البص لمن مرّ بأم روابة ما حصل شي وقف ليهو وقفة معقولة . هنا اتصلتا على جعفر و قلتا ليهو جيب لي من البيت الشنطة الصغيرة والقروش وفعلا دا الحصل واتحركنا و وصلت الخرطوم يوم ٢٤ ديسمبر . انا في حدود ٥ ايام كنت في كردفان وجيت الخرطوم ورجعت ام روابة ومريت بالرهد وجيت راجع الخرطوم تاني ودا كلو كان موثق في الصفحة. كانت حاجة عجيبة انا ذاتي مستغرب فيها هههههههه
جيت يوم ٢٤ ديسمبر واليوم البعدو كان : الثلاثاء ٢٥ ديسمبر ودا يوم قصتو براها طبعا كلكم عارفنها.
انا ما مفكر اكتب توثيق للمراحل. ولا عندي شعور احتفالي زي ماقلت قبل كم يوم . تقريبا ما حا اكتب غير الحاجة دي الا لو اتذكرتا اشياء مهمة . لكن الفترة دي مميزة عندي جدا لأنها البداية الحقيقية الثورة وشهدتا فيها حراك في مدينة كبيرة و مدينة صغيرة و بلدة.وعلى المستوى الخاص كانت مغامرة عجيبة ومجنونة.
شكراً على هذا التوثيق للأيام الأولى لثورة ديسمبر 2018 الخالدة. بالمناسبة هناك ضرورة ملحة لتوثيق كل الذكريات عن هذه الثورة. يجب على المشاركين في هذه الثورة كتابة كل ما يتذكروه عن تجربتهم، فكل ذلك سيتحوّل لاحقاً إلى أعمال أدبية ودرامية وفنية بصورة لا يتخيّلها صاحب الذكريات. يجب تسجيل هذه الذكريات حتى من أولئك الأميين أو مَنْ لا يرغب في
الكتابة.