مقالات وآراء سياسية

جريمة الشهداء.. النقرز من الباب للكاب

علاء الدين الدفينة

تنويه واجب: (بعض المعلومات من مصادر رفضت ذكر اسماءها)

نسمات الشتاء تلفح الوجوه وتثير في الاجساد الرغبة العارمة للدفء والخمول وتكلس الزمن والوقت وتستدعي الذاكرة نحو حنين الامس واشواق الغد والفراش الدافئ حتى لو لم يكن وثير.

كانت منطقة الشهداء تعج بالمارة المتطلعين لوجبة عشاء دافئة وهمسات من الحنين والحبيب المنتظر ونغمات حانية من حنجرة عثمان حسين او بعض دندنة رقيقة من التاج مصطفى او فليكن هتافا من حماس المرحلة الثورية.

من شرق مستشفى امدرمان خرج مئات المصلين من الكنيسة الكاثولوكية بمنطقة الشهداء وبمخيلتهم خواتيم التراتيل المسيحية التي تنادي بالسلام و تقدس المحبةوالوئام … لكن ما اختلط بعقولهم وخالطها انسى بعضهم كروية الارض ومركزية الشمس وواقع البلاد التصالحي وايقظ فيهم بعض الغرائز الاجرامية وشكل لهم دافعا لتجاوز حرياتهم الخاصة نحو حرية واملاك الغير من الآمنين عابري الطريق.

…….

زرافات ووحدانا.. رجالا ونساء.. صبيانا وفتيات.. واطفال بينهم كانوا يسيرون بعد الصلاة راجلين في اعداد كبيرة بعد ان مضى اغلبهم عائدين بالحافلات التي جاءت بهم… من رجع بالحافلة التي اقلته هو الاكثر تنظيما وانضباطا ممن تفرقت بهم الطرق نحو وسيلة نقل تقلهم.

فجأة ودون سابق انذار تحركت مجموعات ساكنة من ارصفة الطرق المنتشرة حول حواف الشهداء وبدأت تنغمس داخل الجموع كما ابتدأت بعض الوجوه الشريرة في التجمع وكأنهم من عوالم الزومبي يتحركون بانتظام ممهنج نحو العابرين حتى اختلطوا بالجميع مثيرين موجة من الرعب والزعر اثر مطالبتهم للناس بتسليم مقتنايتهم من اموال وجوالات وحلي ومصاغ ذهبية.

الذهول يسيطر على الكل والوجوم سيد المشهد حين تعالت صرخات فتيات وضحايا اخرين مطالبين بالنجدة.. ان الجريمة لم تقتصر على السرقة فقط… بل هي سرقة ونهب من مخمورين… ان جمع المجرمين اصبح خليطا من بعض العائدين من الكنيسة ومعتادي اجرام ونشل وسرقة لا مأوى لهم ولا مكان الا ارصفة طرقات الشهداء او السجون والاصلاحيات (الشماسة)… اما الادهى والأمر فهو ان بعضهم قد بدأ يشهر في اسلحة بيضاء هي سكاكين وسواطير كانت مخبأة بين ملابسهم.

……..

من هم كم كان عددهم…هل هم عصابة منظمة..لماذا اختاروا الكنيسة كنقطة تجمع لهم..ولماذا اختاروا توقيت بداية الجريمة عند انتهاء طقوس الصلوات. ولماذا اختاروا هذا اليوم بالتحديد لتنفيذ جريمتهم.

ولماذا هذه المنطقة بالتحديد.

اين كانوا يخفون اسلحتهم قبل الشروع في الجريمة..هل افادوا في تحرياتهم برابط تنظيمي متسلسل يربطهم مع جرائم اخرى مشابهة..هل لهم او لبعضهم سوابق جنائية..هل جرائمهم جرائم مركبة (سرقة.. اغتصاب.. نهب الخ)

هل لديهم دوافع غير السرقة

……

كيف ومتى وبأمر من قاموا بالتجمع والتنظيم والالتزام بنسق الجريمة حيث لم يحطموا سيارات ولم يعتدوا على محلات وكان تركيزهم على الحلي والاموال والجوالات؟

……..

هل انتهت التحريات معهم.

هل تمت احالتهم للمحكمة.

ماهي التهم الموجهه لهم.

ماهي العقوبات التي تنص عليها المواد المفتوحة في مواجهتهم.

…….

البحث عن اجابات عن الاسئلة اعلاه قادنا الى انه وفي مساء الأمس و بعد إنتهاء الصلوات في الكنيسة الكاثوليكية و تفرق الناس من محيط الكنيسة ومغادرة وسائل المواصلات التي كانت تقل المصلين (حافلات وسيارات خاصة) وقد كانت الصلوات وفعاليات الاحتفال تحت حماية قوة المباحث و الدوريات اثر ترتيبات مسبقة تصاحب عادة مثل هذه الفعاليات وهو اجراء روتيني من اوجب واجبات الشرطة في كل البلاد.

كانت القوة تحت الإشراف المباشر لرئيس القسم الأوسط بأمدرمان حتى اللحظة التى تفرق فيها المصلون من محيط الكنيسة الكاثولوكية. فجأة ودون ادنى مقدمات اندلعت أعمال سلب و نهب من مجموعات كبيرة مستهدفة جوالات المارة و خصوصاً الفتيات وكان التركيز على الجوالات حيث يطلب المعتدي من الضحية تسليمه جواله وما يحمله من مقتنيات تحت تهديد السكاكين والسواطير.

في الاثناء تدخلت شرطة المحلية ممثلة في الدوريات بقيادة الملازم (ف) و قوة اخرى بقيادة الملازم اول (أ) كما صدرت توجيهات فورية لقوة مكافحة العصابات المتفلتة بالتحرك من منطقة أبو سعد غرب. وكانت هناك دوريات تغطية الاحتفال ودوريات اخرى هرعت للموقع وعددها اربع دوريات وتمكنت هذه القوة من احتواء الموقف و إلقاء القبض على 45 من المتفلتين و نزعت منهم الأسلحة البيضاء من السكاكين و السواطير وتم اقتيادهم للقسم الأوسط و عادت القوة مرة أخري لتمشيط منطقة الأحداث ابتداء من الشهداء وجوارها حتى حدائق ماجيك لاند و قد تم فتح عدد 25 بلاغا منها 16 بلاغ تحت المادة 175 ق ج و عدد 9 بلاغات المادة 174 ق ج بالقسم الأوسط. أما المتهمين المقبوض عليهم 33 منهم بلاغ تحت المواد 69/77 ق ج و ذلك لحين عرضهم على المبلغين 4 منهم تم التعرف عليهم من الشاكين في بلاغات سرقة تحت المادة 174 ق ج التي تم قبضهم فيها. كما تم فتح بلاغات تحت المادة 78 ق ج في مواجهة 8 منهم كانوا خمورين.

اما في الحملة الثانية فقد تم القبض على 34 متهما في محيط حديقة أم درمان الكبرى(ماجيك لاند).و تم فتح البلاغات تحت المواد 69/77 ق ج في مواجهتم جميعاً و بلاغات تحت المادة 78 ق ج في مواجهة 4 منهم و 8 منهم بلاغ تحت المادة 68.ثم تواصل التمشيط حتى صباح الاحد و ستتواصل الحملات لايام قادمة على المتفلتين.

……..

و نشيد بالأداء المتميز للضباط المذكورين بعاليه الذين أدوا أداءً طيبا اضافة لاشادة مستحقة  للعقيد (م) الذي كان له أثرا ممتازا في تخفيف وطأة هذه الأحداث المؤسفة وقد وضعت كل التحسبات اللازمة للحيلولة دون وقوع أحداث مماثلة.

……..

وحتى كتابة ما تتابعون فان عدد من تم القبض عليهم قد بلغ 83 بعضهم بالارشاد حيث تم الارشاد عليهم من التحريات… ومن هذا العدد فهناك عدد 29 من دولة اجنبية مجاورة والبقية بعضهم من مناطق مختلفة من العاصمة وبعضهم مجرمين تخصصوا في النشل والسرقة وهم مشردين تشرد دائم (شماسة) ومدمنين لبعض انواع المخدرات (سلسيون)… ونشير بان المواد المذكورة تتعلق بالسكر والسرقة والنهب ولا تزال التحريات معهم مستمرة كما نشير بان بعض البلاغات قد تم فتحها صبيحة الاحد.

……..

ختاما نورد بعض الحقائق التي كنا نتمنى ان تبادر الاجهزة الاعلامية لوزارة الداخلية وادارة الشرطة بعكسها للرأي العام خصوصا وانها تحسب لها لا عليها في ظل واقع معقد للغاية لا يزال يجعل صلاحيات جمع المعلومات بيد الامن لا الشرطة وفق للوثيقة الدستورية بل وجعل الشرطة جزءا من حلقات عديدة موكلة لها مهام الامن وكان الاجدى ان توكل لها كل المهام ثم تحميلها كامل المسؤولية… ففي الفترة الماضية

سلبت الانقاذ كل سلطات وزير الداخلية وكرستها في يد غيره مما يجعل الان وزير الداخلية بحاجة الى مجهودات النحل والنمل لاعادة الامور الى نصابها قبل انقلاب البشير المشئوم ورغم ذلك فبعض المعلومات الاولية التي تجمعت بطرفنا تدحض فرية الثورة المضادة حول انتشار وتوسع الجريمة حيث انخفضت نسبتها مقارنة مع الفترة المقابلة من العام السابق وهو ما نتمنى ان تظهره في الاحصاءات الدورية للداخلية لاحقا بنهاية العام وقد تم كشف غموض الكثير من الجرائم في زمن قياسي مثل مول الاحسان قتيل جبرة وغيرها.

ويجب الانتباه الى ان الفراغ الامني المشار اليه في بعض الانتقادات المرتبطة ببعض الحوادث  سببه ان الوثيقة جعلت مهمة جمع المعلومات بيد جهاز الامن مغفلة الدور التاريخي للشرطة واداراتها في هذا المجال  كما ان هيكل وزارة الداخلية لا يشمل الشرطة فقط مما يجعلنا نتساءل عن دور جهاز الامن واي اجهزة اخرى تتبع للداخلية فيما يخص مثل هذه الاحداث.

وننادي بضرورة ان يتم العمل وبصورة مستمرة ودائمة  لازالة ارث ٣٠ سنة بالتوازي مع منح اهمية اكبر للشرطة لارتباطها بامن البلاد.

وقد قامت وزارة الداهلية باعداد خطط استراتيجية كاملة لمجابهة التحديات الامنية بحسب ما توفر لنا من معلومات ونناشد السيد الوزير بطرح الملامح العامة لها وخصوصا دور الوزارة فيما يخص السلام مثلما حدث من دور بارز للوزير في متابعته لازمة الشرق الاخيرة ووجوده في الارض مع وفد قحت حتى تكللت مساعيهم بالنجاح.

وهناك الكثير من المعلومات المرتبطة  بالملف الامني للبلاد ولكنها لم تظهر وقد لن تظهر بسبب حساسية قضاياها سيما ذات الارتباطات السياسية والعقائدية داخليا واقليميا ودوليا رغم انني اتمنى صادقا من وزارة الداخلية بتخصيص منبر دوري للاعلام تطلعه فيه على المتاح من المباح.

واخيرا نوضح معلومات تحصلنا عليها عن تسيير حملة ابادة مخدرات تمت في سبتمبر بمواقع الزراعة بولايات تماس حدودية نتج عنها ابادة مخدرات قدرت ب١٠٠ الف طن.

سياسيا احرجت وزارة الداخلية وزارات اخرى حيث انها اول وزارة شكلت لجنة انفاذا لجبر الضرر للمفصولين تعسفيا وراعت في تكوينها اشراك اصحاب المصلحة في عضويتها من المفصولين كما ان الوزير الحالي قد قام بحل والغاء الشرطة الشعبية (اكبر اوكار الكيزان…التنسيقيات… كما عمل علي هيكلة وزارة الداخلية وقيادتها نحو تحقيق اهداف الثورة  واستجابة لدعوات عديدة شنت الحملات الحالية ضد تجار العملة لدعم استقرار الاقتصاد وفتحت الوزارة الباب لمقابلة المواطنين وتلقي الشكاوي المباشرة وحلها كما خصصت حيزا مقدرا للعمل الاجتماعي بالشرطة لمعالجة الكثير من الاثار السالبة التي تعرضت لها الشرطة خلال الثلاثة عقود الاخيرة.

…….

انني اختم بمناشدة اوجهها لجميع الوطنيين الشرفاء بان مهمة الامن الاجتماعي مهمة شعب كامل لا تتحقق الا بمجهودات كل المواطنين.

 

علاء الدين الدفينة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..