مقالات وآراء سياسية

سجل الحريات الديني:  رد الاعتبار و جبر الضرر

محمد بدوي

المراقب للتطورات المرتبطة بالحريات الدينية وحقوق غير المسلمين بعد سقوط البشير مرورا بالفترة التي تولي فيها المجلس العسكري الانتقالي زمام الامور الي الوصول الي الاعلان عن المجلس السيادي و تشكيل الحكومة الاتجادية يمكنه ان يقف علي العديد من القرارات ذات الطابع الايجابي حيث اصدرالمجلس العسكري   في الثالث  والعشرون من ابريل 2019  قرار باعادة اعتماد عطلة الأحد  للمدارس المسيحية التي كانت  السلطات السودانية قد ألغتها في العام 2017  و اجبرت المدارس المسيحية علي العمل وفقا للنسق العام لتقويم العطلات بما لا يتناسب وخصوصية وضعهم الديني ،بالرغم من تولي الاستاذ نصرالدين مفرح امر وزارة الشئون الدينة والاوقاف في الاسبوع الثاني من سبتمبر2019 الا ان هنالك نشاط ملحوظ وجهود حثيثة يمكن تلمسها للمراقب لاداء الوزارة ففي الثالث من  نوفمبر 2019   صرح مفرح مناشدا  ومرحبا بعودة الطائفة اليهودية السودانية بالعودة إلى بلادهم مقرنا دعوته بالمساهمة في تعمير البلاد ،  امتدت الجهود ليستثمر الوزير زيارته إلى المملكة العربية السعودية للوقوف علي وضع الاوقاف السودانية ثم اصدار قرار بحصرها حصرا دقيقيا مع قيد زمني لذلك ، خطابه بمناسبة عيد المولد النبوي  الشريف  كانت خطوة رسخت ممارسة واعية بأن الوزارة تقف علي مسافة متساوية من كل الطوائف الدينية بالسودان واهمية ذلك بانها اعادة تصحيح مسار السياسات التي سادت في فترة الاسلاميين السودانيين لان الملف المرتبط بالشؤون الدينية والأوقاف في بلد متنوع مثل السودان بحاجة للاصلاح لما يشهده الواقع من انتهاكات واسعة ارتبطت بالممتلكات والحريات الدينية  لغير المسلمين بشكل عام  حيث سبق وأن صرح وزير الشؤون الدينية والأوقاف السابق  تاج السر الفاتح في 17 أبريل 2013 قائلاً ” لن نسمح ببناء كنائس جديدة ” وكذلك للمسلمين ممن هم علي علاقة بمدارس فقهية ليست علي صلة بنهج الإسلام السياسي و تكفي الاشارة لمحاولات محاربة طائفة القرآنيين السودانيين من قبل  السلطة السابقة  في الفترة من ( 2011- 2015)  باستخدام تهم الردة و استغلال القانون في محاكمات غير عادلة ، التكامل في الجهود داخل الانتقالية و المتمثل في القرار الصادر من مجلس الوزراء السوداني في الحادي عشر من نوفمبر 2019 و القاضي بمراعاة خصوصية غير المسلمين وتعزيز أوضاعهم في مناسباتهم الدينية في تقديري شكلت خطوة تكميلية لجهود وزارة الشؤون الدينية انعكست في قرار الإدارة الأمريكية الصادر في الاسبوع الثالث من ديسمبر 2019  بشطب  اسم السودان من قائمة الدول المنتهكة للحريات الدينية و هي خطوة متقدمة في تعزيز صورة السودان و قد تشكل خطوة في الوفاء بالالتزامات المطلوبة لرفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب .

الامر الاول : مساهمة في تعزيز جهود الوزارة في المضي قدما بإيجابية اود ان اشير الى عدد من القضايا المرتبطة بملف انتهاكات الحريات الدينية في ظل السلطة السابقة للعمل علي تصحيحها لكي تكتمل صورة احترام وتعزيز الحريات الدينية بالبلاد وهي الغاء القرار بالرقم  القرار الرقم 78-2015- و الآخر 214-2014 من مدير عام الأراضي بولاية الخرطوم   من مصلحة أراضي ولاية الخرطوم و القاضي بازالة 25 كنيسة بولاية الخرطوم تحت ذريعة عدم الوفاء بصحيح القانون ، بالرغم من أن السبب الحقيقي في تقديري سياسي  مرتبط بالمشروع الحضاري الهادف إلى  تقليص مظاهر الوجود المسيحي بالبلاد ، بالرغم من صدور القرار فقد رفضت الكشف عنه و أبقته في طور السرية إلى أن كشفت عنه وسائل  الإعلام ، و كان حينها قد طالت الإزالة ثلاثة كنائس بكل من ضواحي  الحاج يوسف بالخرطوم بحري ، سوبا بالخرطوم شرق ، و الكلاكلة بالخرطوم جنوب ، الجدير بأن تسعى الوزارة إلى إلغاء القرار مع وزارة التخطيط العمراني  والعمل علي المساعدة في تقنين أوضاع تلك الكنائس ان كان هنالك ما يستدعي الى جانب معالجة أوضاع الكنائس التي طالتها الإزالة بالإضافة إلى المحاسبة لمن تسببوا في تلك الانتهاكات وفقا لاحكام القانون بل قد تخطوا الوزارة إلى أبعد من ذلك بتدشين حملة واسعة تفتح فيها ابواب المساهمة لكافة قطاعات الشارع السوداني بمختلف طوائفهم من الراغبين من اجل اعادة تعمير دور العبادة المختلفة التي طالتها التخريب السياسي من النظام السابق .

الأمر الثاني:  تشكيل لجنة ادارية او قانونية بمخاطبة النائب العام  لمراجعة أوضاع ممتلكات وعقارات دور العبادة و  المؤسسات التعليمية المسيحية التي طالتها المصادرة سواء النادي الكاثوليكي بالخرطوم الذي تمت مصادرتها بموجب قرار صادر من المجلس التشريعي لولاية الخرطوم الصادر في العام 1996 وكذلك الممتلكات الأخرى التي تمت مصادرتها عقب انفصال جنوب السودان في العام 2011 و ما تم في العام 2014  بما يشمل عقارات و قطع اراضي وأدوات تعليمية و كتب مقدسة و بشكل خاص  حالة الكنيسة الانجيلية بالخرطوم بحري مع التحقيق إداريا من قبل إدارة الكنائس التابعة لوزارة الشؤون الدينية في صحة التصرف في عقاراتها  و تفويض الأمر للنائب العام ان كان هناك مسوغ وفقا لما قد يسفر عنه الاجراء الاداري .

الأمر الثالث : التحقيق واتخاذ الاجراءات المناسبة في حالات الدمار الناتجة عن القصف الجوي ” بالطائرات الحربية ” الذي شمل عدد من  دور عبادة بإقليم جبال جنوب كردفان علي وجه الخصوص مدينة كادوقلي في الفترة بين 2013-2014  .

اخيراً : ونحن نستشرف راهن تعلق عليه الآمال للانتقال إلى واقع مدني بكل معطياته ربما يجدر علي وزارة الشؤون الدينية القيام بخطوة جريئة تحمل اعتذار علني للمسلمين وغير المسلمين من الطوائف المختلفة علي الانتهاكات التي طالتهم تاريخيا منذ تطبيق قوانين سبتمبر 1983 الي راهن الحادي عشر من ابريل 2019 قد يمثل نقطة تاريخية في للضحايا وأسرهم ممن  طالتهم انتهاكات الحريات الدينية مع النظر الى ذلك الخطاب او الاعتراف العلني من زاوية الممارسات السلبية لبعض حكومات ما بعد الاستقلال لأننا أحوج ما نكون إلى تعبيد الطريق نحو مستقبل ديمقراطي يعزز من ابراء جروح الماضي و خطوات وقائية خلاقة و مطلوبة  للحد من تنامي  إرث الأصولية الذي رسخت له ممارسات استغلال الدين تاريخيا من بعض حكومات ما بعد الاستقلال بشكل عام و  عهد الاسلاميين بشكل خاص  .

 

محمد بدوي

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..