أخبار السودان

أزمة مكان ..”صنايعية” يواجهون شبح التشريد .. !!

تحقيق: الراكوبة
علي امتداد البصر تجدهم هنا وهناك صغار يافعين، شباب في مقتبل العمر وكبارٌ تقدَّم بهم العُمُر، يستظلون تحت أشجار (حوش كبير) قالوا انه ملك للحكومة، تراصت السيارات بأنواع وموديلات مختلفة في مكان فسيح يقع من الجهة الشرقية محازيا المنطقة الصناعية الخرطوم وقد تم تسويره من كل الاتجاهات بـ(الزنك)، المكان عبارة عن (جملونات) كبيرة مُشيَّدة منذ عهد الانجليز –حسبما قال لنا البعض- وعلى ارضها يتمدد قضبان السكة حديد التي كانت ممرا للقاطرات قديما
بداية الحكاية
القاسم المشترك الذي جمعهم بهذا المكان هو البحبث عن (لقمة عيش) تقيهم عناء سؤال الناس، يجلسون تحت لهيب الشمس بين أنواع وأشكال من الحديد تجعل درجة الحرارة أقرب إلى اللهيب الشمس، من بينهم من يعول اسرته الكبيرة او الصغيرة لتوفير قائمة طويلة من المطلوبات منها الاكل والشرب والعلاج والتعليم والايجار والكثير من متطلبات الحياة الاخري ،هكذا رسموا طريق حياتهم لتمضي بهم الحياة لمستقر لعل وعسى تتحقق معه احلامهم وامنياتهم. وبينما هُم في هذا الموَّال اللاهب تفاجئوا وبلا سابق انذار انهم اصبحوا بين عشيةً وضحاها مشردين في العراء باغلاق باب مصدر رزقهم اليومي الذي منه يتشبَّسون بالحياة وذلك بعد ان اتي اليهم شخص يخبرهم باسم آخر (صاحب مصانع وشركات) انه قام بشراء تلك المساحة و انها آلت له، وأخبرهم بانهم سيبقوا متواجدين بهذا المكان لممارسة عملهم اليومي، لم يرفضوا حديث الرجل بل باركوا له ثم كان سؤالهم حاضرا (ممن اشتري ذلك الشخص المكان وطيلة تلك الفترة ما يفوق الثلاثون عاما لم يظهر مالك هذه الارض؟)، لم تكن هناك اجابة شافية لسؤالهم المشروع بإعتبارهم متواجدين في هذا المكان منذ سنوات طويلة جدا ولم يظهر لها صاحب، بل كان الرد بان تم تسوير الحوش من كل الاتجاهات وبداخله معدات عملهم وسيارات الزبائن وتركهم لأشهر في العراء و اغلاق الباب بالضبة والمفتاح بل و فتح بلاغات في مواجهتهم عملا بمقولة (ضربني وبكي.. وسبقني اشتكي ).
حال يغني عن السؤال
لمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع قمنا بزيارة للمكان بعد مناشدة منهم لايجاد حل لمشكلتهم التي طافوا بها لاهل القانون و لم يحسم امرهم بعد ، التقينا بعدد من المتضررين من الفنيين اصحاب نداء الاستغاثة وكل من يري بانه متضرر و نقلنا ما ورد من حديث علي لسانهم .
حيث ابتدر الحديث فني ميكانيكا مكي كوريا قائلا: (المكان ده قعدنا فيهو فترة طويلة جدا تفوق الثلاثين سنة حيث كان عبارة عن قطعة حكومية فاضية ونحن كصناعية ما عندنا ماوي ،لقيناها خرابات مليئة بالأوساخ والحشرات فقمنا بنظافتها حتى أصبحت بالشكل الحالي..) وأضاف: (قبل عيد الاضحي ظهر شخص قال اسمه محمد المنا وذكر انه اشتري الموقع عبر اشخاص.. قلنا له مبروك لك، لكن ماذا عن وضعنا نحن؟ فقال لنا : (ما في مشكلة انتو ما قصَّرتو بتعميركم لهذا المحل.. وانا أيضا لن اقصِّر معكم ).
مكي قال: لكن تفاجانا يوم وقفة عيد الاضحي الماضي بانهم سوَّروا المحل كاملا بالزنك فاستفسرنا منهم عن الحاصل فقالوا لنا: (ما في مشكلة ح نعمل ليكم باب تدخلوا به)، لنفاجأ للمرة الثانية بأنهم قفلوا الباب بالضبة والمفتاح وكتبوا على الباب انهم المالكون للمحل.. وبعد ذلك اتوا بعسكري أوقفوه أمام الباب واغلقوا المحل رغم علمهم بأن عرباتنا ومعداتنا داخل المحل و لما احتججنا أرهبونا بالبوليس و رفعونا بالعربة. يقول مكي نحن من جانبنا قمنا بفتح بلاغ أوضحنا فيه للشرطة الحاصل كله.. ومنذ يوم الوقفة وحتي الان لم يصدر امر قبض ضدهم بالرغم من اننا حددنا المتهم بالاسم وتم اخذ اقوالنا واقوال الشهود وبلاغنا مكتمل لكن حتي الان لم يصدر امر قبض في مواجهته بل بالعكس فُتح امر قبض في مواجهتنا ثلاث مرات وأدخلونا الحراسات وحتي الان لم تحل مشكلتنا، وواصل: (أيضا أحضروا لنا اوراق عقد بيع وملكية قاموا بوضعها على الباب رغم اننا غير معنين بها ولا نحن الجهة القانونية او القضائية، بعدها أتوا الينا ببوليس يحمل كلاشه وضعوه امام البواب كارهاب لنا بالرغم من اننا تعاملنا بسلمية، ومنذ شهرين نحن قاعدين في الشارع بعد ما قفل الباب بالضبة والمفتاح. وأضاف: (نحن مع حكومة التغيير وداعمين لها لكن عايزين نعرف البلد دي فيها قانون ولا مافي قانون اساسا ولا نحن كصناعية ما عندنا حق في الوطن ده؟ ).
سرقة وغمر بالمياه
ويقول ابراهيم عوض ابراهيم (مُعلِّم) ميكانيا سيارات لـ(الراكوبة): أنا عندي اكثر من 14 شخص شغالين معاي بصرف عليهم ماسكين أُسر بعد قفلوا المحل قعدنا برا وعرباتنا جوه من نبيها عربات كلها دستورية وبعد دخلت المحل وفُقدت منها عربة لاند كروزر قيمتها 80 مليون.. لم استطع مُصارحة صاحبها بانها سُرقت و اضطررت لشرائها من حُر مالي وغير ذلك وجدت اشياء كثيرة مفقودة، وبسبب تشريدنا لمدة شهرين تضررنا وتضرر العمال الذين يعملون معنا لانهم يعولون أسر ثم ثانيا نقوم بتدريب الطلاب المهنيين و نستخرج لهم شهادتهم ورغم أننا نخدم شريحة مهمة في المجتمع لكن حقوقنا ضائعة ،و الضرر وصل لدرجة انهم قاموا بغمر الحوش بالمياه ومنذ اكثر من شهرين اصبح المحل غارق بالطحالب ما اعاق دخول العمال لممارسة اعمالهم، في النهاية نريد أن نؤكد اننا لا ولن نغادر المكان الا بعد معرفة الجهة التي اشترت الارض.. ومن ثم نتأكد ونطمئن على توفيق اوضاعنا كحرفيين ).
نيران وحريق
من داخل الحوش تحدث الفني محمد عثمان رزق سوميت الذي اشتعلت النيران في احدي السيارات التي يقوم باصلاحها قائلا: (بسبب اغلاق المكان كان عندي عربية شغال فيها وموجودة في الداخل فجاة ولعت نار سريع والحوش مقفول وكنا ثلاثة بالداخل سريع اتصلت بالدفاع المدني ولما وصل حام حول الحوش عشان يدخل ما قدر بسبب التسوير الي ان احترقت العربية و اتفحمت و حاولت اطفيها بالتراب و الماء لحدب ما تاذيت بالنار في اقدامي،رسالتي نحنا كحرفيين اتضررنا جدا و عايزين الحهة اللي تنصفنا و ترد لينا حقوقنا لاننا بنعول اسر وأخيرا اضطرينا لدخول الحوش من خلال فتحة ).
تهديد بالإضراب
التقينا من داخل الحوش التقينا بالزبون نصرالدين حسن ابراهيم و هو لديه عربة داخل الحوش و تضرر من الاغلاق قائلا: (عندي عربية هنا داخل المحل من قبل العيد بسبب اغلاق المحل و بسبب الشخص الذي ادعي ملكية الارض تضررت من المسألة دي وحتي اللحظة لم استلم عربيتي لان كل الابواب كانت مغلقة لان و صول السمكرجي للعربة امر صعب،مبينا (خلال الفترة دي كلها لو صلحت العربية واجرتها كان العائد حيكون كبير جدا و مجزي لكن الان انا متضرر جدا بسبب الاغلاق الطويل للمحل ولذلك ليس امامنا سوى بالاضراب باعتبارنا شريحة مهمة في المجتمع لولانا ما كانت العربات دي ماشة في الشارع ).
الطرف الآخر يترافع
ولسماع الطرف الآخر في القضية سعت (الراكوبة) سعياً حثيثاً لمقابلة المشتري ” محمد المنا”، ذهبنا إلى المنطقة الصناعية الخرطوم حيث يملك الرجُل شركة معروفة هناك، حيث قابلنا مُفوَّض “المنا” بمتابعة اجراءات تسجيل القطعة (المتنازع حولها) وهو بدر الدين حميدان فقال: ( لقد قمنا بشراء هذه القطعة قبل سبعة اشهر وذهبنا بلغنا الشباب الذي يعملون بداخلها باننا قمنا بشراءها و في حاجة لها لذا سنبدأ البناء ،موضحا (بعضهم تقبل الفكرة و غادر و ساعدنا بعضهم في دفع رسوم الايجارات و بعضهم في الترحيل ،و الذين رفضوا الفكرة قالوا لابد من ناتي لهم بشهادة البحث واتينا لهم بعقد البيع الا انهم قالوا يريدون لقاء محمد المنا فقلت لهم ماذا يفعل لهم و انا المفوض بعمل اجراءات الارض قولوا ما تريدون و سانقله له الا انهم رفضوا،هم غير مؤجرين و ليس لديهم حق التملك و لا المقاضاة و لم نقل لهم انها سيمكثون فيها لاننا اشترينا هذه الارض للتوسعة فقط و اعطيناهم فرصة لترتيب اوضاعهم ،مبينا (عقد البيع الذي تم بين شركة محمد المنا الذي اشتري القطعة من بنك قطر الاسلامي و هي كانت مرهونة من شخص يدعي صلاح رهن القطعة لبنك قطر الاسلامي بعد ان اخذ منهم اموالا طائلة و غادر خارج السودان و لم يدفع ما عليه من مال فما كان من البنك الا و قام بمقاضاته لدفع المبلغ و في نهاية الامر حكمت المحكمة ببيع الارض في دلالة فقام بشراءها محمد المنا ،مواصلا (بعدها بدانا اجراءتنا بتسوير الارض لان لدينا انشاءات فيها و حاليا نحن مؤجرين (جملونات) في الخارج ،مختتما (بعدها اتخذنا اجراء قانوني برفع دعوي تعدي و تم تحويلها للمحكمة و هي من ستفصل في الموضوع ).

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..