أخبار السودان

تقسيم السودان: فشل ام نجاح؟..تساؤلات عن الدور الذي لعبته الحركة الإسلامية في ايصال البلاد الى هذا الفشل الذريع.. حزب البشير يتصرف وفق مبدأ وحيد هو ضمان استمراريته..

يطرح تقسيم السودان الذي بات شبه مؤكد ولا ينقصه سوى اعلان النتائج الرسمية للاستفتاء على تقرير مصير الجنوب الذي سيجرى بعد مئة يوم، تساؤلات عن الدور الذي لعبته الحركة الإسلامية التي تسلمت الحكم في الخرطوم بعد انقلاب 1989 في ايصال البلاد الى هذا الفشل الذريع في الحفاظ على الوحدة الجغرافية والمواطنية، والذي يفتح الباب امام انقسام آخر ربما في الشرق الدارفوري، او ما اذا كانت هذه الحركة التي انقلبت ايضاً على مؤسسيها قد «نجحت» في ازالة «العقبة الرئيسية» امام اقامة «امارة» اسلامية خالصة في الشمال.

وبين «الفشل» و «النجاح» يسجل التاريخ ان السودان سيكون الدولة العربية الأولى في مرحلة ما بعد الاستعمار التي تقسم بموجب «أمر واقع» داخلي وصمت عربي ورعاية دولية، فيما تتراجع نظرية «المؤامرة» الجاهزة للاستخدام كلما واجه نظام عربي أزمة في ايجاد ارضية مشتركة بين مكونات شعبه المتنوعة دينياً وعرقياً، مثلما هي الحال في العراق ولبنان.

واذا كان نظام البشير يقدم نفسه على انه «ضحية» تراكم ظروف وعوامل داخلية وخارجية حرمته من اي خيار آخر سوى القبول بنتائج الاستفتاء، في اطار موافقته على انهاء اطول حرب اهلية في افريقيا، فإن منتقديه يردون بأنه شجع عملياً على الانفصال عندما امتنع اساساً عن ممارسة شراكة صحيحة مع الجنوبيين الممثلين في حكومة الخرطوم ورفض مبدأ التقاسم الفعلي للسلطة، وتلكأ في تقديم اي حوافز للجنوبيين لإبقائهم داخل الوطن الأم، وتعامل معهم سلفاً على اساس انهم كيان مستقل وباشر التفاوض مع «الحركة الشعبية» التي تمثلهم على ملفات لمرحلة ما بعد الانفصال وتقاسم الثروة النفطية والمياه وسواها، حتى انه لم يتردد في اعلان انه سيسقط الجنسية عن الجنوبيين فور اعلان نتائج الاستفتاء، قاطعاً بذلك الطريق على اي احتمال للتعددية في الشمال.

ويقول المنتقدون ايضاً ان الإسلاميين وصلوا الى الحكم في وقت كان العالم يقطع خطوات متقدمة نحو الاعتراف بحق الاختلاف، مع انهيار الاتحاد السوفياتي وانقسامه جمهوريات قومية ثم مع تفكك دول مثل يوغوسلافيا وتشيكوسلوفاكيا على اساس عرقي وديني، فلم يدركوا اهمية هذا التغيير في المفاهيم الدولية، ولم يفعلوا شيئاً لتفادي المصير نفسه، لو كانوا فعلاً راغبين في تجنبه. فهم أصروا على أسلمة القوانين وفرض تطبيقات الشريعة من دون مراعاة الواقع التعددي، والتضييق على الأقليات وحرمانها من حقوقها تدريجياً، ولم يقدموا تطمينات عملية لشركائهم بأن المد الأصولي لا يعرض الوحدة الوطنية للخطر ولا يدخلها في تجارب غير مضمونة النتائج مثلما حصل.

تصرف نظام الخرطوم وفق مبدأ وحيد هو ضمان استمراريته، فلم يتنبه الى ان الحروب «الداخلية» جغرافياً لم تعد شأناً داخلياً للدول، بل صار لها بعد دولي يمكن ان يؤدي الى معاقبة انظمة وحتى سقوطها، فكان ان تورط ايضاً في اغراء ممارسة القوة في دارفور، ما جعل رئيسه مطلوباً للعدالة الدولية، وزاد من سعيه الى محاولة استرضاء العالم عبر التخلي اكثر عن جنوبه وبشروط لفظية فحسب.

حسان حيدر
دار الحياة

تعليق واحد

  1. اذا كان المؤتمر اللاوطني لديه شعور بالانتماء لهذا الوطن العظيم لما وصل بنا الحال الي الدرك المظلم ولكن المتأسلمين شذاذ الأفاق ارادوا هدم وتدمير كل الذي بناءه أجدادنا من تأريخ وسيأسة وأقتصاد قاتلهم الله أين ما حلو

  2. ياخي ديل باعوا أبوهم اللي جابهم الحكم من أجل السلطة والمال
    فما بالك بينا نحنا الشعب السوداني

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..