أخبار السودان

مها التلب تروي انطباعاتها عن زيارة حمدوك التاريخية إلى كاودا

في الطيف و الصحيان !!
ظل حلم زيارة معقل الحركة الشعبية – شمال كاودا ذلك الحصن المنيع يراودني منذ زمن طويل حاولت أكثر من مرة لكني لم أوفق في ذلك، تلك الكلمة المشتقة من ” كودي” بالعاميّة تعني الشلال المتدفّق من الجبال.

المؤامرة
وصلنا إلى مطار كادقلي و كانت الساعة تشير إلى السادسة صباحاً و هو الموعد المحدد لإقلاع الطائرة التي تقلنا إلى كادوا لكن كانت المفاجأة حاضرة إذ أخبرونا بأننا لن نستطيع أن نقلع في الزمان المحدد أو ربما تم إلغاء الرحلة.
عندها سألنا ماذا هناك فرد الرجل هناك وقفة احتجاجية أمام مباني الأمم المتحدة و المحتجون قاموا بأغلاق المدخل يعني “لا داخل لا خارج” فسألته كيف ذلك و هل الـــ palot هناك رد بأسف نعم حتى الشخص الذي يقوم بتعبئة الطائرة بالوقود .
تحولت حالة الفرح إلى توتر عالٍ و أصبحنا في حيرة من أمرنا و تساءلت من فعل ذلك و لصالح من و كيف وصلوا الي هذا المكان في هذا الصباح الباكر و يبدو إن هنالك ترتيباً مسبقاً، في هذه اللحظة توجهت نحو أحد المسؤولين ووجهت عليه هذا السؤال فرد نعم هنالك مؤامرة و ما حدث مرتب له مسبقاً لأن هؤلاء وصلوا إلى مقر الأمم المتحدة عند الساعة الخامسة صباحاً و أردف ذلك بسؤال “كيف لوقفة احتجاجية أن تكون في هذا الصباح الباكر جداً و تابع لكن ما علينا سوى الانتظار.

الاحتجاز
مضت الساعات بطيئة ووصلت الطائرة التي من المقرر أن تقلع بِنَا لكن إلى الآن و بعد أكثر من ساعتين مازال طاقم الطائرة محتجزاً، كان الكل يجري اتصالات هنا و هنالك و مع مضي الوقت كان القلق يتضاعف خاصة و نحن وفقاً للترتيب يجب أن نكوّن أول وفد يَصْل كاودا قبل وصول رئيس الوزراء إلى كادوقلي، بعد مضي أكثر من ساعتين وصلت الأخبار بأن والي الولاية في طريقه إلى مكان المحتجين لإنهاء الأزمة و فك الاحتجاز و ما هي إلا نصف ساعة حتى تفرغ المحتجون ووصل طاقم الطائرة الي مطار كادقلي و هنا تهللت الاسارير فرحاً.

ساعة الإقلاع
ثُمّ تلاشت لحظات القلق بعد أن بدأت عجلات الطائرة تلامس مدرج الإقلاع مُتجهةً إلى كاودا، و كانت الساعة حينها تشير إلى التاسعة و أربعون دقيقة في رحلة من المقرر ان تستغرق “20” دقيقة ، كنت أعد الثواني و أنا اتطلع من نافذة الطائرة لأرى متى ستطل علينا كادوا ذلك المكان الذي ظل مغلق على أجهزة الإعلام و تكاد تكون معرفتنا به صفرية .

بكاء و نحيب
ما هي إلا لحظات ولاحت كاودا تلك المدينة الساحرة تحيطها الجبال من كل اتجاه يا لها من مشاعر و منظر خلاب يسحر العيون عندها اختلط الحزن بالفرح و تضاربت المشاعر في ظل هذا التنازع حطت بنا الطائرة بمطار كاودا و هو عبارة عن أرضية ترابية حاطها المواطنين و الجيش الشعبي من كل اتجاه في انتظار وصول رئيس الوزراء و الوفد المرافق له،
في كاودا التي وصلناها صباحاً وجدناها صاخبة تعلوها الهتافات التي تطالب بعلمانية الدولة او حق تقرير المصير، كانت هنالك حالة من الفرح الهستيري و البكاء الشديد و هناك طبول شيوخ الصوفية ترن في الآذان، و من على البعد لافتات احدى الكنائس ترحب بالضيف الزائر في احتفاء و فخر بالتنوع الذي تزخر به مدينة الجبال.

تحقيق المستحيل
هي المرة الأولى التي أزور فيها تلك المدينة لكن كل الشواهد تُشير إلى أن الأوضاع تمضي في طريق الانفراج، و منذ الوهلة الأولى لاحظت أن التوتر المكتوم الذي كان يسود العلاقة سابقاً قد انتهي إلى غير رجعة و ثمة صفحة جديدة تفتح أبوابها مشرعة نحو تحقيق المستحيل و الحلم بسودان جديد يسع الجميع .
حمدوك يذرف الدموع
عقب هبوطه من طائرة برنامج الغذاء العالمي التي نقلته إلى كاودا سبقته ابتسامته وهو يرفع يديه محيا الجماهير وهي الأيادي التي سرعان ما احتضن بها مستقبله عبد العزيز آدم الحلو وبعدها مضى ليعبر فوق الثور الذي تم ذبحه على شرف استقباله ولكن مثل الكثيرين ممن كانوا هناك غلبته دموعه التي ذرفها في أرض كاودا.

نشيد العلم و كركون الشرف
عزفت الفرقة العسكرية الموسيقية التي اكملت تعلمها على الاَلات الموسيقية عقب أحداث جنوب كردفان في عام 2010 م في ذلك الوقت لم يكمل الشباب تعلمهم على العزف فهم اليوم و على كركون الشرف عزفوا نشيد العلم حيث وقع على الآذان بشكل مختلف و الجميع يذرف الدمع السخي.

لقاء الاخوة بعد سنين.!
حدثتني ملكة جمال جبال النوبة ناتاليا يعقوب وعيونها مليئة بالدموع عن لقاء جمعها بشقيقها بعد عشرة أعوم ذاقت فيها مرارة الحرمان و الشوق و لهفة الأخ، و أضافت و لسان حالها يقول شكراً حمدوك و الحلو لقد جعلتما ذلك ممكناً.

لقاء على الرصيف..!
التقينا بالزميل و الصديق العزيز قمر دلمان بعد عشرة أعوم من الغياب القسري حيث عملنا مع بعضنا بصحيفة أجراس الحرية و افترقنا عقب تفجر الصراع الدامي بولاية جنوب كردفان في العام 2011 م ها هي السنين تدور لنلتقي مرةً أخرى ونعانق بعضنا بشوق ونهر ذكريات يغمرنا، وتجاذبنا أطراف الحديث والعناوين على أمل اللقاء.

سؤال عن الخرطوم..!
كان الكل يسأل عن صورة الخرطوم و كيف تبدو عقب سقوط نظام الإنقاذ السؤال كانت به لهفة و حنين لمعرفة ما يدور هناك لكن تلك الصورة البهية تقابلها صور شديدة السوادوية والقتامة في أسئلة عن لماذا لم توافقوا على علمانية الدولة و التمسك بقوانين الشريعة الإسلامية لكن هذا السؤال لا نستطيع الإجابة عليه.. وسنأتي على تفصيل الأسباب والدوافع التي انتهت بهم إلىى تلك الحالة في حلقاتنا القادمة.

في الطريق ..!
في طريقي من مكان الاحتفال الكبير إلى الأمانة العامة للحركة الشعبية شمال مروراً بشارع كودي كان لافتاً جداً وعورة الطريق حيث تجد العربات صعوبة بالغة مع الطرق الرديئة (السفلتة)، وهناك تحليلٌ آخر أنّ تلك الشوارع غير المُهيأة لا تصمد أمامها إلاّ مثل تلك العربات.
وكما لدينا نحن تبدو تلك الطرق المُهترئة أحد مظاهر الفساد الذي حدّثني عنه بحزن نائب رئيس جمهورية جنوب السودان جيمس واني ايقا في حوار مطول، بأنه أعاق عملية التنمية وبينها البنى التحتية بطبيعة الحال.

ارتباط بالجبال
ثمت ارتباط خفي بين إنسان المنطقة و جبالها أثناء تبادل الحديث مع مرافقي اكتشفت أنهم أطلقوا أسماء الجبال على بعض شوارع و أحياء المدينة و منها كودي، الإرسالية، دنقو و أخيراً حي نيوسايد الذي تمت تسميته بهذا الاسم لتنوع الأعراق و تعدد الثقافات و الأديان داخله.

ارتكازات الجيش الشعبي..!
لاحظت انتشارا كثيفا لـ “ارتكازات” الجيش الشعبي – شمال في معظم شوارع كادوا و تخيلت أن الأمر يتعلق بسوء الأوضاع الأمنية و مع التدقيق بدا إلي الأمر كان القائد العام للجيش الشعبي عبد العزيز آدم الحلو يتباهى بهذا الجيش و له الحق في ذلك إذ كانوا يقفون في انضباط تام و تحدي عظيم مع قلة الإمكانيات و التدريب.
ليس التباهي فَقَط فانتشار الجيش الشعبي يعطي إشارات قوية لحجم سيطرة النخبة العسكرية على مُجريات الأمور وتحكي كَيف يحكم الحلو قبضته مثلما يفعل معظم القادة الأفارقة، بالدرجة التي محت تماما كل الذين كانوا يقاسمونه المشهد السياسي وآخرهم خصومه في الطرف الآخر.

الحرب و الدمار!!
لاحظت حجم من الدمار الذي لحق بالمنطقة من جراء الحرب التي دارت في كاودا إذ لا يخلو طريق أو مدرسة، مستشفى، دور العبادة من الدمار و الهجمات التي كانت تقوم بها طائرات المخلوع و رئيس النظام البائد عمر البشير الذي لا يتردد في قتل الأرواح دون رحمة، و لم يرعي حرمة دور العبادة و المدارس التي راح ضحيتها الكثير من الأطفال الأبرياء و هو ما سنتحدث عنه في الحلقات القادمة.

هواجس ومخاطر
كانت تنتابني الكثير من الهواجس حول الحالة الأمنية و خلال هذه الرحلة تفتحت عيناي على أشياء لم أكن أتصورها خاصة حالة الأمن والاستقرار داخل مناطق الحركة، فالناس يتصورون أنه لا حياة في هذه المنطقة، وأن الموت هو المتوافر فيها، لكن على الرغم ذلك هناك وجه آخر تعيشه المدينة الصامدة التي تعاني من تردي في جميع مرافق الحياة و هذا ما سنكتب عنه في الحلقات القادمة و يبرز السؤال الأهم كيف يعيش أنسان كادوا؟؟.
– يتبع –
التيار

‫2 تعليقات

  1. بعد دة كلو
    بتكاحمو البشير في قروش
    هو والمجرمين المعه

    ماتخافو الله انتو؟

    دمار وتشريد واغتصاب
    وفِي النهائية تحاكمو في قروش هو الصعاليك المعه؟

    كان تمشو تقتلو التاس معه
    انت آكون ارحم

    جزم انتو
    جزم

    عنصريين اولاد كلب

  2. المشاهد الرائعة من كاودا وأهل كاودا و التي جسدت القيم السودانيه الاصيله قد أنستنا الغضبه التي انتابتنا من بدايه روايه الاستاذه الفاضله عن الحدث التاريخي ، و ما تخلله ذلك المشهد التعطيلي البائس ، و هو ذلك المشهد البائس لانصار الزواحف من العهد البائد و هم يمارسون هوايتهم الخبيثة في محاوله يائسه منهم لتعطيل الزيارة التاريخية الي كاودا و الذي عجز الوصول اليه مخبولهم العنصري و احدثت لهم العقده النفسيه الجماعيه . انها لوقاحه و قله أدب و جرءه يائسه لفئه ضاله تريد ان ترفع مصالح الاوغاد علي عموم المصلحه القوميه . يا للهول انها لجرءه انتحارية ليس الا و لم يجد من الشعب السوداني الا المزيد من الاحتقار و الإذلال .
    فالتحيا ثوره الشعب السوداني و اليحيا الوطن و اليعش سوداننا حرا بين الامم . رغم انف المنحطين اخلاقيا .

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..