مولانا والإمام بعض منى وأشواق وبضع أحلام!!

? عما تبحث يا فتى في زورق الأوديسا المكسور؟!
(1)
المناخ السياسي الحالي في الخرطوم يساعد على إطلاق الإشاعات ونشرها؛ فأقطاب النظام الحاكم في زلزلة شديدة وحالة تخبط وحيرة من الأمر بعد الانتصارات العسكرية العديدة التي حققتها الجبهة الثورية في عدة محاور؛ الشيء الذي دفع المتبجح نافع الذي طالما استفز القوى المعارضة وجماهيرها وشكك في جديتها للاعتراف علنا وعلى الهواء مباشرة بأن الجيش السوداني ليس بقادر على فرض سيطرته وحماية البلاد من اندفاع القوى الثورية المسلحة، التي تهدد اليوم بدخول مدن الغرب الكبرى مثل كادوقلي والأبيض.
(2)
تبدو مناشدة نافع ونظامه للشعب أن يهب مستنفرا ليدافع عن سلطة أذاقته المر وجرعته كؤوس العلقم طوال ربع قرن من الزمان مشهد شكسبيري بامتياز، مترع بالميلودراما والمفارقات التراجيدية، وهي مناشدة تشبه لحد بعيد صرخة غريق هوى في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج حتى إذا أخرج الرجل المستفز لسانه النضاح بالسم لم يكد يسمعه أحد، فمن يزرع الريح يحصد العاصفة، فاذهب أنت ورهطك واستنفرا نحن ها هنا معارضون.
(3)
ويتفنن الرهط الإنقاذي وأجهزته الأمنية اليوم في بث الأكاذيب ونشرها عن قرب انقلاب قصر مزعوم يقصي الرئيس وحاشيته الأقربين ويضع الأمر في يد نائبه الذي عقد صفقات وتفاهمات مع بعض زعامات القوى السياسية المعارضة حفاظا على الدولة من الانهيار، ويبدو أن هذه التسريبات الأمنية الكذوبة قد لاقت هوى في نفوس بعض الزعامات التقليدية المنبطحة، وداعبت أشواقا دفينة في دواخلها، فانعكس ذلك بصورة جلية على مواقفها وطبيعة فهمها للتغيير الذي ينشده الشعب.
(4)
هذا يدل بوضوح أن تلك الزعامات قد أصابها “الخرف السياسي”، ويجب عزلها و”الحجر” عليها من قِبل القوى الوطنية الحية داخل أحزابها قبل أن تدفع بالجميع لمحرقة النظام الهالك وتقود لتفتيت ما تبقى من وطن، فقصر النظر الذي لازم تلك الزعامات في تعاملها مع نظام الإنقاذ الفاسد قد دفع ثمنه شعب السودان وسدد فواتيره أرواح ودماء عزيزة، فكفى عبثا بمقدرات الشعب وحقوقه، ويكفي التلاعب بمستقبل أجياله.
(5)
ويجب أن يفهم الجميع أن زمن”الترقيع” والمعالجات الديكورية من قبيل “انقلاب قصر” يزيح بعض الوجوه التي احترقت ويضيف بعض الزعامات البائسة لطاقمه ويبقي على بنية النظام المتهالكة وأجهزته النخرة كما هي ، قد مضى والتغيير الذي تنشده الأجيال الحديثة جذري يستهدف تصفية مجمل البنيان السياسي العتيق وإعادة بنائه من جديد على أسس متينة تضمن التقسيم العادل للسلطة والثروة في ظل دولة العدل والقانون.
(6)
ولا يحتاج المرء لكثير عناء وتفكير وهو يرقب مجريات الأحداث والحراك السياسي الجاري ليقتنع أن خيار رفع السلاح الذي تبنته بعض القوى المعارضة هو مؤشر يؤكد ما ذهبنا إليه، ويشير بوضوح لطبيعة التغيير الجذري المنشود، والذي ترى القوى الثورية كافة ضرورة أن يكون حاسما للقضايا الوطنية التي ظلت طوال الفترة الماضية معلقة في الهواء تناطح الريح، ويتم عند الضرورة استغلالها من البعض سياسيا للمتاجرة بها في سوق النخاسة السياسي الذي أشرع أبوابه بخروج المستعمر وذلك فقط لتحقيق مكاسب ذاتية وحزبية ضيقة.
(7)
المتاجرة بقضايا مصيرية مثل الهوية الوطنية وكيفية حكم البلاد والاقتسام العادل للثروة والسلطة قد تمت لعقود على حساب المواطن البسيط وخصما على تطلعاته وآماله في بناء دولة المواطنة الديمقراطية، مما قاد لدخول الوطن في أزمات متتالية أرهقته وعطلت مسيرة نمائه وتقدمه، وقد دفعت أجيال متعاقبة فاتورة هذه المتاجرة الخاسرة، وآن أوان التخلي عن نهجها الخبيث وحسم القضايا المصيرية موضوع الخلاف بما يرضي الله والمواطن المسحوق؛ حتى لا يستمر نزيف الدم وهدر الموارد والثروات القومية في الحروب العبثية .
(8)
ولابد في هذا المقام من الإشارة إلى أن الوعي السياسي الجماهيري على الرغم من آلة النظام الإعلامية المضللة قد انداح وارتقى، وما صبر الشعب على هذه الأوضاع المعيشية الصعبة وتريثه في إحداث التغيير واقتلاع النظام الفاسد إلا مؤشر آخر يشير دون لبس إلى مدى جدية بحث قوى الثورة وعزمها على إحداث تغيير نوعي لا يشبه ما تم من قبل وإيجاد حل جذري وحاسم لكافة قضايا الخلاف كحزمة واحدة ليتم تجاوزها مرة والى الأبد والتفرغ لبناء دولة المواطنة الديمقراطية كسبيل وحيد للاستقرار والتقدم والازدهار.
(9)
هذا الذي نراه وذكرناه قد يزيل علامات التعجب عن أذهان القوى المعارضة التي تتعجل التغيير ويساعد على فهم أسباب سكون الشارع وخموده رغم سوء الأحوال المعيشية وعمق الأزمات الاقتصادية والسياسية، ويسهم في إنارة الطريق لنرى جميعا بعين العقل ونقيم ما يروج له من أكاذيب وإشاعات عن قرب التوصل لحلول توافقية مع النظام الحاكم.
(10)
إن ما تلهث وراءه بعض الزعامات السياسية من مساومات مع السلطة الحالية بدواعي تجنيب البلاد ويلات الصراع وسفك الدماء ما هي إلا محاولات مخزية لإيقاف عقارب الساعة عن الدوران، وإعادة إنتاج الماضي البائس بحثا عن مصالح ذاتية وأسرية ضيقة لا تعدو أن تكون بضع أحلام وأشواق ومنى مريضة، تعبر عن رغبات ذاتية يتم تجميلها بأطروحات مجانية الغرض منها الاحتفاظ بحقوق موروثة تدعيها بعض البيوت، أصبغ عليها القدر اللعين شيئا من القداسة الزائفة التي لا تمت للواقع ولا منطق الجدل بصلة.
** الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون.

تيسير حسن إدريس 20/06/2013م
[email][email protected][/email]

تعليق واحد

  1. فعلا زمن الترقيع انتهي … (الديمقراطية قادمة وراشدة لا محال ولو كره المنافقون)امين يارب العالمين …

  2. لله الحمد و الشكر ان فضح ديناصورات الطائفية ( الميرغني و المهدي ) و كشف مدي تكالبهم علي السلطة لهم و لابنائهم مما اودي بهم للركوب في مركب واحدة مع طغمة الانقاذ الهالكة ليرحلوا جميعآ الي مزبلة التاريخ .. لطفآ من الله بكشف عورتهم حتي لا يعملوا علي سرقة ثمرة التغيير كما فعلوا باكتوبر و ابريل ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..