مقالات وآراء سياسية

الصادق المهدي.. كراع في المركب وكراع في الطوف

حيدر المكاشفي

عاد الامام الصادق المهدي للتلويح مجدداً بكرت الانتخابات باطلاقه عبارة شعبية أثارت كثيراً من الجدل، اذ طالب أمام حشد كبير من أنصاره بسنجة بمنح غالبية مناصب ولاة الولايات لحزبه، وأضاف بلهجة تهديدية (وأي كاني ماني سندعو لانتخابات للولاة)، بفرضية اكتساحهم لها عطفاً على فوزهم بالانتخابات التي جرت عام 1986، الأمر الذي اثار الاتحاديين فتصدوا لتفنيد معيار المهدي المستند على انتخابات جرت قبل 34 عاماً، وقالوا لو كان الأمر كذلك سنطالب بكل المقاعد قياسا على اكتساحنا لانتخابات 1953، و(كاني ماني) عبارة شعبية تطابقها عبارة (مجمجة) التي سبق أن أطلقها حميدتي، وتقول عنها الموسوعة الحرة (ويكبيديا) هي النسخة الشعبية من اللغة الهيروغليفية التي يتكلمها عامة الشعب المصري القديم، وكاني هو السمن البلدي (المصنوع من اللبن) والماني هو عسل النحل. وأصل الكاني والماني هو أن الفلاح المصري القديم كان حينما يحتاج أن يقدم طلباً للحكومة أو يشتكي جاراً له (وكان أغلب الشعب أميا لا يقرأ ولا يكتب) يحتاج أن يذهب للكاهن كي يكتب له الطلب، فكان الفلاح يذهب للكاهن ويقدم له الأتعاب (أو الرشوة) المكونة من السمن والعسل وبعد أن يتناول الكاهن الكاني والماني يبدأ في الاستماع لحكاوي الفلاح الذي يريد أن يقدم شكوى قد تكون حقيقية أو كيدية، ومن هنا نشأت مقولة كاني وماني في الثقافة المصرية بمعنى ألا تحكي لي حكايات قد تكون حقيقية وقد لا تكون، وانتقلت إلى الثقافة العربية بالاحتكاك.. وهكذا هو دائما هو الامام الصادق مهما عاديته ومهما اختلفت معه، فانك لابد واجد منه ما يعجبك ويحببك فيه، ومنها هذه البراعة في احياء التراث الشعبي السوداني بمفرداته وأمثاله وحكمه وحكاويه وأحاجيه وغلوتياته التي يحفظ منها الكثير جدا بل يعتبر مرجع فيها (ديكشنري الشعبيات السودانية)، بدرجة نزعم أنها لم تتوفر لغيره، وما ذلك الا دليل على أصالته وانتمائه الصميم لهذا الشعب ومعرفته العميقة له، وأيضا بمستوى نستطيع أن ندعي باطمئنان أنه لم يتوفر لسواه، فشكراً له على هذا العطاء المنداح على كل الاتجاهات والمجالات..

ولكن مشكلة الامام أنه كثيراً ما يأتي بالفعل وعكسه والكلام ونقيضه وتجده دائماً ما يحبذ النزول بين منزلتين والوقوف بين يافطتين، هو معك اليوم وضدك غداً لا يستقر على رأي ولا حال، متأرجح دائما مثل بندول ساعة الجيب، كما أنه أحياناً ينهي عن خلق ويأتي مثله، وآخر مثال على ذلك كان انتقاده للحزب الشيوعي لجهة أن الحزب ينتقد الحكومة وهو جزء من الحاضنة السياسية لها، والمفارقة أن الامام نفسه لا ينتقد الحكومة فحسب وهو جزء من حاضنتها السياسية بل يمضي أكثر من ذلك ويطالب بانهاء فترتها بأعجل ما تيسر باقامة انتخابات مبكرة، وهو مرة داعم ومساند للحكومة ومرة يطالب بانهاء تكليفها سريعاً، ومثل حال المهدي هذا يقول عنه المثل (كراع في المركب وكراع في الطوف)، وسبق لغندور حين كان يشغل منصب مساعد الرئيس المخلوع ونائبه في الحزب المحلول، أن أطلق هذا الوصف على المهدي على أيام حوار الوثبة، حيث قال (المهدي يضع كراع في المركب وكراع في الطوف) في إشارة الى أن رئيس حزب الأمة الصادق المهدي لم ينسحب من الحوار وأنه أكد في آخر لقاء معه استمراره في الحوار ورهنه بتحقيق التواصل بين المتحاورين..

حيدر المكاشفي

الجريدة

‫3 تعليقات

  1. من خلى عادتو قلت سعادتو.
    هذا هو شعار أبو كلام الهرم حيث حاول إعادة المرتزقة 76 ولكن هذه المرة من الداخل.
    مساكين الأنصار ناس سيدي.

  2. طبعا الاعمار بيد الله لكن المنطق والعقل يقول ان السيد الصادق المهدى قاب قوسين او ادنى . السيد الصادق نسخة 1964 ليس الصادق نسخة 1986 وقطعا لن يكون هو ذاته نسخة 2020 . تاريخه النضالى والسياسى والفكرى ثر ومجيد …ولكن لكل اجل كتاب . السيد الصادق من مواليد 1936 ود. محمد ناجى الاصم من مواليد 1991. دى بتجى!!!!

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..