أخبار السودان

شركة المواصلات.. هل تعبر المتاريس العميقة؟

عرض: تهاني النميري

“يا ماشي لي بيتك، شيل معك نفرين!”، هتاف تصدح به حناجر شباب يعترضون سير مركبات خصوصية في شوارع العاصمة الخرطوم لإقناع سائقيها بأن يقلّوا معهم مجّاناً ركّاباً ينتظرون منذ ساعات وسيلة نقل، في ظلّ أزمة مواصلات خانقة تعاني منها العاصمة السودانية.

وإذا كانت المواصلات أزمة مزمنة في السودان، لا سيّما في العاصمة، فقد تفاقمت في الآونة الأخيرة بسبب عوامل عدّة أبرزها تهالك حافلات النقل العام وغالبيتها مملوكة لأفراد، وخروج قسم منها من الخدمة جرّاء ارتفاع أسعار قطع الغيار، وشحّ الوقود ورداءة الطرق وتدهور سعر العملة وتشهدت العاصمة السودانية الخرطوم، أزمة حادة في المواصلات بسبب أزمة الوقود التي تشهدها مدن البلاد المختلفة منذ أيام، ورصدت (الجريدة ) تكدس المواقف بمئات المواطنين بجانب غياب شبه تام للحافلات والبصات، فيما استغل أصحاب المركبات الأزمة بمضاعفة سعر التعرفة وبلغ سعر الكريز خط الحاج يوسف (30) جنيهاً بدلاً من (20)، بينما وصل سعر مواصلات الجبل (بص الوالي ) أيضاً 20جنيهاً للفرد الواحد ، و(500) جنيهاً (طرحة) الامجاد لشرق النيل مع غياب تام للجهات المختصة التي فشلت في السيطرة على مالكي البصات والحافلات لعدم زيادة سعر التعريفة الرسمية.

إضطر عدد كبير من المواطنين إلى قطع مسافات طويلة مشياً على الأرجل، بعد فشلهم في الحصول على مواصلات تقلهم الى مناطقهم في منظر يطرح عدة تساؤلات أين الجهات المختصة من هذه الفوضى.

وقالت ملاذ طالبة جامعية: (أنا وزميلاتي -جميعنا نسكن الحاج يوسف – إضطرينا للمشي بأرجلنا من شارع البلدية الى كبري كوبر)، وأضافت: من هناك استغلينا عربة تاكس للوصول الى الحاج يوسف.

فيما قال المواطن عبدالله: يجب على الحكومة الانتقالية حل أزمة المواصلات التي أرقتنا حيث نقف لساعات طويلة وفي نهاية الامر ندفع التذكرة بالضعف فيجب وضع سعر تعريفة موحدة لكل المركبات على حسب المنطقة لأن مايحدث فوضى كبيرة وحتى البصات لا نجد فيها فرقة لوضع أرجلنا عليها ومن جهة أخرى فان أصحاب الحافلات يستغلوا ظروف المواطن وبعضهم يقول عبارة تخنقنا كل يوم وهي”أنا ماماشي” على الرغم من ان المركبة تكون فارغة من الركاب ولابد من وضع حد للسائقين الذين يقومون بتجزئة الخطوط.

بالقرب مني كاد ان تحدث مشكلة بينه والراكب داخل الموقف فتداركته.. بينما لاحمد ابراهيم رأيه والذي قاله وكان صريحاً حيث قال: أنا ما بنكر ليك بنزيد التعريفة وكمان بحدد ليك من الظهر حتى بعد صلاة العشاء لكن مرات كتيرة انو السبب فيها بكون المواطن وهم في حالة اضطرار بقولو ليك نعمل ليك كدا تعال وصلنا وفي الغالب الخط ماخطك وفي الحتة دي انت فرصتك ممكن تزيدة 100% الداير يركب يركب والماداير يركب مخير، واضاف: لأنو الحافلات مابتكون متوفرة في الوقت تحديداً.

وأشار سائق بص فضل حجب اسمه لـ”الجريدة” الى ان هناك كمية من البصات متعطلة نسبة لعدم توفر قطع الغيار مستشهداً بالقول “نحنا بنسوق البص بالجلالة” لأن المحرك يحتاج لزيت خفيف وبعض الزيوت تتلف المحركات وزاد بالقول ان الراتب غير مجزي خاصة للمساعد الذي يقف طول اليوم يحصل على راتب “500” جنيه فقط فهي لا تتماشى مع راتبه في الوقت الذي رفض ذكر راتبه كسائق وقال ان الشركة تحاسبه على عدد الكراسي الفارغة لذلك يستفيدوا من “الشماعة”.

ووعدت الحكومة الانتقالية برئاسة عبد الله حمدوك بمعالجة أزمة المواصلات سريعاً عبر خطة تشمل خصوصاً استيراد حافلات وإصلاح المعطل منها وتأهيل طرق رئيسية وتعزيز الرقابة وتفعيل سكك الحديد، وبانتظار حصول ذلك أمرت جميع الوزارات والمؤسسات والقوات الأمنية والعسكرية “بتسخير آلياتها لنقل المواطنين مجاناً” وعلى الرغم من تدشين القطار للحد من أزمة المواصلات الا انها مازالت مستمرة.

وتشهد عدد من محطات الوقود بالخرطوم والولايات منذ أيام، شحاً في البنزين والجازولين، ما أدى لاكتظاظ العربات الخاصة والعامة أمام الطلمبات، في انتظار التزود بالوقود وطالبت اللجنة التمهيدية لنقابة سائقي شركة مواصلات ولاية الخرطوم، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، بحل الشركة في وقت كشفت فيه اللجنة عن ممارسات فساد شملت اختفاء مبلغ 450ألف دولار كان مخصصاً لإستيراد قطع الغيار وتخفيض البصات العاملة إلى نسبة أقل من ١٨٪ من العدد الكلي بأم درمان.

وكشفت اللجنة عن ان قطع الغيار تشترى من تجار (الشنطة )الأمر الذي يجعلها غير مطابقة للمواصفات.

وأرسل عضو اللجنة التمهيدية لتكوين نقابة سائقي بصات شركة مواصلات ولاية الخرطوم هيثم خالد عبد الله، جملةً من الاتهامات وفتح ملفات للفساد خلال مؤتمر صحفي قٌبيل عدة أسابيع، وأكد من خلاله سيطرة المؤتمر الوطني حتى الآن على الشركة الحكومية مطالباً رئيس الوزراء عبد الله حمدوك باتخاذ قرار بحل الشركة فوراً.

وقال ” الشركة تدار وفق شراكات غامضة وتعمل ضد المواطن وتضع عراقيل على انسياب المواصلات “. وكشف عن اختفاء مبلغ 450 ألف دولار لاستيراد قطع الغيار ولم تقدم الشركة اي معلومات عن الصفقة والإستيراد.

ولفت عبد الله، إلى أن الشركة تجمع الإيرادات اليومية بشكل عشوائي دون منح مستندات مالية، واتهم بعض الأقسام في الشركة بالمماطلة في توفير قطع الغيار للبصات وشرائها من ” تجار الشنطة ” وأضاف” أغلب قطع الغيار غير مطابقة للمواصفات”.

وفي السياق وضع مدير ادارة شركة المواصلات العامة بالخرطوم محمد ضياء الدين النقاط على الحروف وكشف عن فصل وإبعاد عدد كبير من مديري وموظفي الادارة التابعين للنظام البائد مبيناً ان المراجعات التي تمت وجد أن خانة المؤهل في قوائم التوظيف المكتوب بها إما “دباب” أو “أمن شعبي” وأكد وجود استهداف متعمد لعرقلة عمل الشركة وقال ضياء الدين في تدوينة على صفحة “تجمع المهنيين اللسودانيين بسويسرا” انهم شرعوا في تنفيذ خطة اسعافية عاجلة للخروج من أزمة المواصلات والاختناق المروري وكشف عن وجود اعداد كبيرة من السيارات المتعطلة تم اهمالها لاسباب بسيطة مما فاقم من أزمة المواصلات وقال الآن جاري العمل لاعادة تأهيلها اضافة الى أن جزءاً من السيارات تم بالفعل اعادتها للعمل واضاف: وجدنا كذلك “36” عربة متوقفة بسبب زيت الماكينة فقط مشيراً الى ان الامر مقصود منه تعطيل عمل ادارة الشركة وزيادة معاناة المواطن وأقر ضياءالدين بوجود أزمة ادارية داخل الشركة وارجع أسبابها الى ان غالبية الادارة العليا وجزء من الاصطاف العامل يتبعون للامن الشعبي وقال رغم ان الشركة تابعة للقطاع العام ومعنية بخدمة الجمهور لكن للاسف الشركة كانت مملوكة للنظام السابق وشركائه وكل عائدها المالي يذهب اليهم واضاف: الموضوع كان عبئاً كبيراً بالنسبة لنا خاصة وان كل خطة للمعالجة تتطلب اعادة النظر في الموظفين الموجودين الذين اكتشفنا كل مؤهلاتهم إما “دباب” او”أمن”.

 

الجريدة

تعليق واحد

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..