مقالات وآراء سياسية

الصادق المهدي بعد فوات الأوان

ياسر عبد الكريم

كان الضابط يكتب قصيدة حب لزوجته وهو يواجه جيوش النازية ..ولم يكن يعلم الضابط الإنجليزي وهو يكتب سطور رسالته انه ستصل متأخرة.. ربما تصور ان تصل بعد أسبوع أو أسبوعين أو بعد شهر على أكثر تقدير أمام ظروف الحرب.. ومات الضابط ولم تصل الرسالة.. وإن كان قد وصل الى زوجته خبر وفاته في الحرب وفي نهاية تسعينيات القرن الماضي وأثناء رحيل القوات الروسية من ألمانيا عثر أحد الجنود على بعض الأوراق القديمة وكان من بينها رسالة الضابط الى زوجته ..

وتلقت الزوجة بعد إسبوعين من العثور على قصيدة الحب التي كتبها لها زوجها منذ خمسين عاما وكانت تجاوزت الخامسة والسبعين من عمرها.. والشئ الغريب ان هناك اشياء كثيرة تصل متأخرة بعض الوقت.. إننا قد نجد حُلماً قد تأخر.. أو غاية جاءت بعد فوات الأوان ولكن ان تصل الرسالة بعد خمسين عاماً فهذه مصادفة غريبة.. بعض الناس يسعى الى حلم من الأحلام ويحاول ان يجد له أي طريق ولكن الحلم يخونه مرة أو مرتين وفجأة يظهر الحلم من جديد ويبدو واقعاً

هنا يشعر الإنسان ان الحلم جاء متأخر عاما أو أكثر ولكن الأشياء تكتسب معنى وإحساس خاص حينما تجئ في وقتها .ما قيمة ان يجد الإنسان الحب وهو يعيش خريف عمره فلا هو قادر على العطاء.. ولا هو قادر ان يعيش اللحظة الذي تمناها يوما في شبابه .

ما قيمة أن يجد السيد الصادق (مع تقديرنا له) النجاح في الانتخابات بعد أن فني عمره كله في سراديب الفشل والاخفاق وسوء التقدير وكان في كل مرة بعد أن تأتي به الديمقراطية يفرط فيها للعسكر ونعيش في دوامة الإستبداد والدمار ..إن النجاح إحساس جميل ولكن بشرط واحد ان يأتي في الوقت المناسب وللشخص المناسب

ما قيمة ان نكسب المال ان قيمته الأساسية ان نجد معه المتعة والسعادة.. ولكن ان جاءنا المال ونحن لا نريده ولا نستطيع ان نفعل شيئا خسرنا معه الإحساس وخسر معنا القيمة

كان من الممكن ان تكون الرسالة التي تلقتها السيدة العجوز قمة السعادة بالنسبة لها لو اكتشفت ان زوجها مازال حياً ..وانه سيعود اليها وهو يحمل سنوات عمره الطويل ..

فكان من الممكن أن يكون عودة السيد الصادق جميلا ورائعا للشعب لو إستقال من السلطة في 1989 بعد أن بنى السودان الحديث الديمقراطي المزدهر ولم يفرط في الديمقراطية كنا نتلقى عودته بشغف ..كما عاد دكتور مهاتير محمد بعد أن إستقال من منصبه في 2003 مؤسس دولة ماليزيا الحديثة وقائد تطورها وهازم الفقر والفساد خاض الانتخابات وفاز بأغلبية المقاعد عاد محمول على الأكتاف العام السابق بعد 17 عاما وهو في الثانية والتسعين من عمره يصبح أكبر الحكام أعمارا في العالم.. هذه هي العودة المشرفة التي كنا نتمناها للسيد الصادق

سيتصدر السيد الصادق وحزبه الأنتخابات مرة اخرى لأن نسبة الأميين في السودان قد تفوق 75% لكن عودة كالرسالة التي ارسلها الضابط لزوجته اشعلت في الرماد بعض النيران في ليلة شتاء طويلة وسرعان ما خفت كل شئ …

 

ياسر عبد الكريم

[email protected]

 

 

‫4 تعليقات

  1. (سيتصدر السيد الصادق وحزبه الأنتخابات مرة اخرى لأن نسبة الأميين في السودان قد تفوق 75% )……إقتباس…لا لن يعود الصادق المهدي حتي لو بلغت الأمية ألف في المية؛؛؛ يظهر إنك فعلا كنت مطول كتييير من البلد ولم يسعفك حظك بحضور أيام الثورة وأيام الإعتصام المشهودة.

    1. ان كان الأمر بيدك فلا تتركه يعود … حقا فاقد الشيء لا يعطيه … اظنك ما متتبع جيد للاحداث وتهرف بما لا تعرف فان كنت متابع لما قلت ما قلت

  2. اسوا مايمكن ان تقراءه كما كتب اعلاه خاليا خاويا من المعنى والمضمون– فوز حزب الامة فى الانتخابات وليس فوز الصادق بالانتخابات– الانتخابات القادمة سيكون على راس الحزب رئس منتخب من المؤتمر وسيتفرغ الامام للامامه وشئؤن الانصار —
    اما الادعاء بان الامية هى التى تقود لفوزز حزب الامة- فللكاتب ان كان هو فعلا يشعر بانه كاتب ان يدرك ان اكبر نسبة لحاملى الشهادات العليا فى حزب الامة وان حملة شهادة الدكتوراه فى حزب الامة يعادل مجمل عضوية احزاب التكتك والرقشات
    الديموقراطية لم يتعمد الصادق افشالها- بل انت وكلهم يعلمون ان الاسلاميين قادوا بالتحالف الغبى م عاليسار سلسلة اضرابات جعلت استمرارها مستحيلا وستتكرر العملية وستتكرر الانقلابات طالما ان مثل افكار الكاتب اعلاه مازالت تئن تحت وطاءة الحقد والغرض وتجاهل المصالح الوطنية وتتغابى بطبعها عن فهم معنى الممارسة الديموقراطية
    الصادق عبد الوهاب

  3. ” وكان في كل مرة بعد أن تأتي به الديمقراطية يفرط فيها للعسكر ونعيش في دوامة الإستبداد والدمار ”

    هذا الكاتب المدعو ياسر عبد الكريم بقليل من التدبر كان يمكن ان يتدارك رايه اعلاه وهو يزم في الامام الصادق المهدي بانه فرط في الديمقراطية وعند اصدار قانون تفكيك حزب المؤتمر الوطني وايقاف صحيقة السوداني وحل جمعية القران الكريم وقناة الشروق وانطلاق حملات الزحف الاخضر وغيرها كلها كانت ارهاصات توحي بانقلاب وحركة مخيفه وجاء تمرد قوات الامن كالصاعقة وسرى في الناس كسريان النار في الهشيم الى ان تنفسنا الصعداء وتمكنت القوات المسلحه من احتواء الموقف.

    الخلاصة ان لا الامام الصادق المهدي ولا اي حزب سياسي يستطيع ان يقف في وجه اي انقلاب عسكري وانما الشعب باستطاعته ذلك في تركيا استطاع الشعب ان يقف في وجه الانقلابيين وحتى حزب المؤتمر الوطني بكل جبروته وقواته لم يستطيع ان يرد انقلاب اللجنة الامنية للقوات المسلحه.

    هناك بعض الاستفسارات والاسئلة لا نجد لها اجابه في وقتها ولكن الزمن ان طال او قصر ياتي بالاجابه كم كتبت الاسافير والاقلام بان الامام الصادق المهدي فرط في الديمقراطية ولكن هذه دعوة باطل يراد بها حق يحب علينا دائما ان نكون صادقين وعادلين ومنصفين في اتهامنا للآخرين .

    الكتابة السياسية يجب ان يكون فيها اخلاق وكفى من التجريح والادانات والشتائم في حق اي سياسي بالباطل.

    الامام الصادق المهدي الان تتغبر اقدامه في سنجه وفي كسلا وفي القضارف ومدني وسنار يقف مع السودانيين في مصائبهم واحزانهم وبالامس كان في واجب العزاء في بيت الشيهد احمد الخير بخشم القربة نحن لا نطالب الاخرين ان يحبوا امامنا ولا يكرهونه ولكن نطالبهم ان ينشغلوا بمستقبل الديمقراطية وان يغبروا ارجلهم في تراب الوطن في القرى والفرقان وفي الولايات بدل ان كل واحد يجلس ياكل في الفسفس ويقعد الصادق المهدي قال والصادق المهدي فعل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..