
في الذكرى الأولي لثورة ديسمبر الشبابية ظل السودان منذ حصوله عل إستقلاله يبحث عن هويته و مكانته بين الدول حاول أن يجرب النظام الديموقراطي عدة مرات
لكن الأحزاب الطائفية وأدت محاولاته في مهدها فضلاً عن أن الساعين لإقامة الديموقراطية غفلوا عن إقامة المؤسسات الديموقراطية مما تسارعت عوامل الهدم و الإنهيار لإلتهام أطرافها هكذا أصاب الشعب اليأس فلجأ الى تغيير الحكم عبر ثورة أكتوبر التي فجرها العمال و الطلاب كانت أول ثورة سبقت ثورات الربيع العربي بل سبقت مظاهرات الطلاب في فرنسا و سرعان ما تكالب طلاب السلطة من الأحزاب الطائفية و غيرهم في تدبير أنقلاب عسكري وأد التطلع الى النهوض و توالت الأحداث في غياب نميري بأمريكا فقامت أنطفاضة إبريل أعقبتها إنتخابات جاءت بالصادق المهدي الذي إنقلب عليه الأخوان المتأسلمون عبر ترتيبات الترابي الذي يقول أنه لم ير البشير إلا يوم سلمه البيان الأول لإذاعته على الشعب و عبارته المشهورة ( أذهب الى القصر رئيساً و سأذهب أنا الى السجن حبيساً )
هيمن الكيزان على مقاليد الحكم عقب ثورتين شعبيتين و كتموا أنفاس الشعب طوال ثلاثة عقود إستحال السودان من خلالهم الى إقطاعية تخصهم و محظورة على كل شرائح المجتمع ما عداهم و طوال هذه العقود السوداء ظل الشعب و لا سيما الشباب في محرقة الكيزان بطالة و إعتقالاً و تعذيباً و تصفية جسدية الى أن إنفجروا في ثورة كبرى زلزلت أركان الكيزان و كيانهم و فرقتهم شتاتا لكنهم ظلوا يتشبثون بجائهم الحرام و يعتقدون إعتقاداً جازماً أن خيرات السودان كلها من حقوقهم الخاصة و لا أحد يمكن أن ينازعهم فيها و حتى حينما حل حزبهم الكيزاني و أخذت الحكومة الإنتقالية تُمارس صلاحيتها قانونيا في إعتقالهم كانوا يستنكرون هذا الفعل و يدعون أن حقهم الدستوري يمنحهم الحرية في ممارسة نشاطهم الحزبي و نسوا تماماً ما كانوا يفعلونه بمعارضيهم
ثمة سؤال يطرح نفسه إذا كان الشباب قد فجروا هذه الثورة الفريدة فمن قادها !!؟…. لعل من تصدى لقيادتها تجمع المهنيين دون غيرهم لكن سرعان ما ردفهم إعلان قوى الحرية و التغيير فأصبحوا جسماً صلباً قادراً على صد أذيال الكيزان لكن كل من ولغ في آنية الكيزان و إستطعم مذاقها من العسير عليه أن يترك الجمل بما حمل ويذهب لحال سبيله و عقب التوقيع بين المجلس العسكري و إعلان قوى الحرية و التغيير الوثيقة الدستورية أخذت مسارات الثورة تتأرجح و لا سيما أن حميدتي أصبح نائباً لمجلس السيادة و هنا تمددت الطامة الكبرى كسبيل شأئك بين قوى الحرية و التغيير و السير قدماً بالثورة الى مآلاتها المرجوة ظل أعضاء مجلس السيادة من العسكر و حميدتي يزيفون الحقائق و يناصرون الكيزان و أذيالهم حتى مجزرة إعتصام القيادة العامة البشعة التي إغتالت حلم الثوار و فردوسهم المفقود يحاولون عبثاً أن يموهوا و يبرئوا الضالعين فيها و ثمة من يطعن في نزاهة بعض وزراء الحكومة الإنتقالية و يقلل من فعاليتهم لكنهم قطعاً يحرثون في البحر !!؟… الثورة الشبابية الشعبية ماضية في بناء و نهوض وطن شامخ لا أحد يجرؤ على كسر عزيمة الثوار و ها هي الملاين تخرج في الشوارع بالخرطوم و المدن الكبرى في الأقاليم و القرى و الفرقان تطالب بالقصاص للشهداء يتردد صدى هتافها ليبلغ عنان السماء ( يالمشانق يا للزنزانة )
فيصل مصطفى