مقالات وآراء سياسية

ثورة التغيير في الولايات حتمية

نور الدين بريمة

إنه لمن المؤسف حقا، أن تجبر الحكومة الإنتقالية السودانية، مواطنيها، الذين أتوا بها بثورة شعبية، في أخذ حقوقهم بأيديهم، بعد إنجازهم لثورتهم المجيدة، وإختيارهم لحكومتهم، هذه الثورة التي ألهبت مشاعر الجميع، الأعداء قبل الأصدقاء، مثلما أزكت فينا قيما فاضلة، فقدناها سنين عددا، كيف لا وهي الثورة التي فقدنا فيها، أعز ما نملك من المهج والارواح، وحتى نوفي شهدائنا وضحايانا حقهم، ينبغي علينا أن نحافظ على جزوة ثورتنا متقدة، ثم نطرح تساؤلا للقائمين على أمرنا: لماذا تدفعوننا دفعا ثوريا، في المطالبة بإقالة الحكام العسكريين؟، ولماذا تدفعوننا كذلك، على إجبارهم لتغيير المديرين العامين بالوزارات، والتنفيذيين بالمحليات، وغيرهم من الكيزان والكوزات، المتوهطين في الوظائف العليا، وتعيين من يعبرون عن ثورتنا ويحققون أهدافنا وتطلعاتنا، وليس هذا ببعيد، حيث بالأمس القريب، يوم الاربعاء الموافق (٢٢/١/٢٠٢٠)، قام الثوار في لجنة المعلمين، أبرز مكونات تجمع المهنيين، في ثغرنا الشرقي الحبيب، بولاية البحر الأحمر، قاموا بتنظيم وقفة إحتجاجية، بعد أن بح صوتهم، وفترت عزيمتهم، في المطالبة بالحسنى على تغيير مدير عام وزارة التربية، مما دفعهم إلى التظاهر والإحتجاج، وممارسة الضغط على الحاكم، حتى سلم أمره طائعا مجبرا لثورة الشعب، الثورة التي قهرت أعتى آلة دكتاتورية، دموية، جبروتية، لينكسر أمام إرادة الثوار ومطالبتهم بالتغيير، وهو الإحتجاج الذي بات قاهرا لحاكم البحر الأحمر،  ويجبره على تغيير المدير العام (الكوز)، ولم يكن هذا التصرف الأول من نوعه، فمدير عام وزارة الصحة في نفس الولاية، إن لم تخن الذاكرة، فقد تم إقتلاعه بذات الطريقة، كما تم تغيير مدير عام وزارة الصحة، في ولاية جنوب دارفور بطريقة مشابهة، وتلحظون أن الولايات لم تشهد طواعية، تغييرا حقيقيا وملموسا، لذلك لم يحس المواطن بمضامين الثورة ومظاهرها، حيث ظل حكامها يتمترسون خلف حجج أو مبررات غير منطقية، وليست بها أدنى وجاهة، سوى المصالح الذاتية الضيقة، التي جمعت بين: طمع الولاة، وخوف ربائب الإسلامويين، وهذا الواقع حسب تقديري، يرجع لأحد سببين أو دافعين: لا ثالث لهما، إما أن الحكام أنفسهم كيزان او شركاء للكيزان، أو أنهم- أي الحكام- وجدوا تساهلا، وإن شئت قل: تواطئا من الحكومة الإنتقالية، التي لم تقم بالضغط عليهم، وإجبارهم على إنفاذ برامج وأهداف الثورة، وضرورة التنسيق والتشاور، ثم الاستجابة لتنسيقيات قوى الحرية والتغيير بالولايات، وهو الأمر الذي يدفع كل صاحب ضمير حي، وعقل متقد، إلى إرجاع البصر كرتين، ما لم ينقلب بصره حسيرا من الإستفسار، والمطالبة بفك طلاسم هذه الأزمة، ونعتقد أنه طالما تم الإتفاق، بين: حكومتنا  ورفاقنا في الكفاح المسلح، بتأجيل تعيين الولاة والمجلس التشريعي، إلى حين الوصول إلى إتفاق سلام شامل، يحقن الدماء ويحقق الإستقرار، فما الذي يمنع حكومتنا ذاتها، من توجيه الحكام العسكريين وإلزامهم، بضرورة إحداث التغيير في ولاياتهم، وتحقيق أهداف الثورة؟ كذلك نرسل قرارنا الشعبي في بريدهم، ونطالبهم بأعجل ما يكون، بضرورة إلزام حكام الولايات بإحداث التغيير الحقيقي، وتعيين المديرين العامين بالوزارات، والمديرين التنفيذيين بالمحليات، وتغيير الأطقم الكيزانية، الشاغلة للوظائف العليا، والمؤثر في إتخاذ القرارات بالولايات، وآمل أن يكون هذا الأمر شأنا ولائيا وليس مركزيا، وأن يكون حق تعيين الحكام لهم حقا أصيلا، دون الرجوع إلى المركز، وإن كانت القضية مشروطة بموافقة المركز، وأصبح الشرط صحيحا وملزما، فلعمري هذا شيئ معيب ومشين، بل ومعيق كذلك في عملية إنجاز تطلعات الشعب السوداني، وما لم نعمل جميعا على إستدراكه، فإن طوفان الشعب قادم، والتغيير سيكون حتميا لا محالة، لذلك نصيحتنا لحكوماتنا في المركز والولايات، الحقوا أنفسكم قبل أن تجرفكم الثورة الشعبية.

 

نور الدين بريمة

[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..