مقالات وآراء سياسية

قصة مأساة الأُسود!

زهير السراج

* في اتصال هاتفي مع اللواء شرطة ( عبدالله خليفة هرون) مدير الادارة العامة لحماية الحياة البرية بوزارة الداخلية، اعترف بمسؤوليتهم الكاملة عن الحالة المأساوية والهزال الشديد للأسود (نفق أحدها أول أمس) بحظائر الحيوان بحديقة القرشي بالخرطوم، التي نقلت صورها وأخبارها الصحف وأجهزة الاعلام العالمية وأثارت غضب العالم على السودان، لا تتفوق عليها في ذلك إلا الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام البائد في دارفور !

* جزم اللواء (هرون) بتكوين لجنة تقصي حقائق تشمل كل المسؤولين بإدارة الحياة البرية بولاية الخرطوم بدءاً من مديرها العميد (عصام الدين جابر حداد) وحتى الملازم أول (محمد آدم عبد القادر) مدير الحظيرة، وتقديم المسؤولين للمحاسبة، واعترف بتسلمه خطاباً قبل ثلاثة أشهر من المستثمر السوداني الذي يستأجر حديقة القرشي من محلية الخرطوم جنوب ويستغلها في بعض الانشطة الترفيهية والرياضية منذ عام 2005 وحتى اليوم، يطلب فيه سحب الحيوانات آكلة اللحوم (خمسة اسود وضبع ) من الحديقة لوجود مخاطر بيئية وأمنية على مرتاديها، وقام بتحويله الى إدارة الحياة البرية بالولاية للنظر فيه، ولكنها لم تتخذ أي قرار فيه..!

* سألت العميد (عصام جابر) في اتصال هاتفي عن موضوع الخطاب، فقال انه اتخذ قراراً برفض طلب مستأجر الحديقة ولكن لم يبلغه بالقرار لأنه ليس الجهة المختصة، وإنما محلية الخرطوم جنوب التي اتفقت معها ادارة الحياة البرية على استضافة الحيوانات بعد نقلها من حدائق 6 ابريل بالخرطوم الى حديقة القرشي في عام 2007 ، غير ان الاستاذ (بدر الدين سليمان) صاحب شركة (بدروسيم) مستأجرة الحديقة نفى ذلك، وقال إن الاتفاق تم بين ادارة الحياة البرية وشركتهم وليس محلية الخرطوم جنوب، وأبرز صورة عقد بتاريخ 14 يونيو عام 2007 عليه توقيع العميد شرطة ( عبد الحافظ عثمان الجاك) مدير إدارة حماية الحياة البرية بولاية الخرطوم (وقتذاك) كطرف أول، وتوقيعه نيابة عن شركة بدروسيم كطرف ثان، باعتبار أن شركتهم هي صاحبة الحق في استخدام الحديقة، حسب العقد المبرم بينهم وبين محلية الخرطوم جنوب، (لم يسمح لي بالاطلاع عليه لعدم علاقته بحظيرة الحيوانات في الحديقة، حسب وجهة نظره)، وأكد ان المحلية لم تكن في يوم من الأيام طرفاً في موضوع الحظيرة ولم تسأل عنها إلا بعد الأحداث الأخيرة لمجرد العلم!!

* حسب العقد الخاص بالحظيرة بين ادارة الحياة البرية بولاية الخرطوم وشركة بدروسيم، فإن مسؤولية إطعام الاسود وعددها ثلاثة ( ذكر واحد وأنثتان) تقع على عاتق ادارة الحياة البرية إلا في حالة عجزها عن ذلك حيث تنتقل المسؤولية الى شركة بدروسيم، وهنالك أسدان آخران أحدهما انثى مملوكة لشركة أخرى، وذكر مملوك لإدارة الحياة البرية، موضوعان في قفص واحد بغرض التزاوج، تقع مسؤولية اطعامهما وتوفير الرعاية البيطرية لهما على عاتق الشركة الأخرى، وهما في حالة غذائية وصحية جيدة!

* من المؤسف أنه لا إدارة الحياة البرية ولا شركة بدروسيم قاما بمسؤوليتهما تجاه اطعام الاسود الثلاثة التي ظلت تعتمد بشكل كامل على الصدقة والهبات، بالإضافة الى الاعتماد على اللحوم المريضة المستبعدة من الذبيح في المسالخ لعدم صلاحيتها للاستهلاك البشري، وهو في حد ذاته أمر في غاية الغرابة إذ كيف تُطعَم أسود بلحوم حيوانات مريضة يمكن أن تنقل اليها المرض والعدوى، وليس مستبعداً أن تكون السبب في مأساتها، بالإضافة الى التجويع الشديد الذي يتحمل مسؤوليته الطرفان خاصة إدارة الحياة البرية، وحجتهما في ذلك قلة الامكانيات..!

* دخلت إمرأة النار في هرة، لا هي أطعمتها ولا تركتها تأكل من خشاش الارض .. فمن يحاسب المسؤولين عن معاناة وتجويع وموت أسود حبيسة بريئة بحجج واهية، وتشويه صورة السودان أمام العالم ؟!

 

زهير السراج

الجريدة

‫3 تعليقات

  1. اخ زهیر حساب الآخرة معلوم ماذا عن حساب الدنیا.القوانین السودانیة التی تعاقب علی سوء معاملة الحیوان موجودة،تطبق بس علی هٶلاء المجرمین.

  2. بدروسيم – هل هى نفس الشركة التى كانت تقوم بتوريد زيوت سيارات فى ثمانيات القرن الماضى بطريقة مشبوهة ؟؟؟؟

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..