مقالات سياسية

نعم للمؤسسية يا حمدوك 

يوسف السندي 

في حواره مع الصحفي عثمان ميرغني ذكر رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بانه و ان كان معه الحق الا انه لن يقيل وزيرا الا بالتشاور مع قوى الحرية و التغيير ، و ذلك باعتبار أن هذا هو ما تقتضيه المؤسسية ، كثيرون من الذين تعودوا على الرؤساء الذين ينفردون بالقرارات لم يستطيعوا هضم ما قاله حمدوك ، حتى عثمان ميرغني نفسه صعب عليه الأمر، و ذلك لأن بلادنا تعودت على المسؤل الأول الذي بيده كل شيء ، يحل و يربط كما يشاء ، صاح ام غلط، ما دام هو المسؤل الأول فهو المسؤل الخارق الذي يستطيع إصدار اي قرار و في أي وقت و أي مكان ، و بالطبع هذا أسوأ ما خلفته الدكتاتورية في ثقافة الشعب السوداني ، مما جعله شعب تسوده الثقافة الدكتاتورية ، ثقافة الأب الذي يهيمن على بيته بلا نقاش مع الزوجة و الأبناء، ثقافة المدير المتحكم في كل شيء بلا أي تحاور او نقاش مع الموظفين ، و هي للاسف ثقافة سلبية و متفشية حتى في الأحزاب السياسية و منظمات المجتمع المدني ، و تحيل حياة الدولة و الاسرة و الشركة إلى حياة جامدة تفتقر للابداع و الرضا و المشاركة .
ثورة ديسمبر و حكومتها الانتقالية يقع على عاتقها حمل كبير جدا و هو تغيير العقلية و الثقافة التي خلفتها الأنظمة الدكتاتورية ، عقلية المسؤل الخارق و ثقافة الانفراد باتخاذ القرارات ، و تحويل إدارة البلاد من إدارة يتحكم فيها بعض المواطنين إلى إدارة يتشارك فيها جميع المواطنين .
من أهم مطلوبات تطوير أي عمل هو رضا الموظفين و المستفيدين، الوصول إلى رضا المواطنين هو المطلوب من الدولة ، و اول وسائل هذا الإرضاء هو إشراكهم في اتخاذ القرارات ، اسوا شعور يمر به المواطن في بلاده ان يشعر بأنه فاقد للسلطة و القوة على اتخاذ القرار ، لذلك جاءت الديمقراطية بطريقة الانتخابات و التي تجعل بيد كل مواطن صوتا انتخابيا يجعله قادرا على اتخاذ قرار التصويت للذي يرضيه و يمكنه من المشاركة في إدارة البلاد .
في عام ١٧٨٩ جورج واشنطن القائد الأمريكي الشهير وحد الولايات المتحدة الأمريكية و اختير رئيسا ، أثناء رئاسته جاءه من الأمريكيين من أراد أن ينصبه ملكا كملك انجلترا و بعضهم أراده رئيسا مدى الحياة ، فقد ظنوه الرجل الخارق و المسؤل العظيم ، و لكنه رفض كل ذلك و قال لهم ( نريد أن نبني دولة قانون لا دولة أشخاص ، الدستور هو المرشد الذي لن أتخلى عنه ابدا ) ، التزم جورج واشنطن بالدستور ، اكمل دورته الرئاسية و ترجل لمن جاء خلفه بالانتخابات و ذهب ليعمل في مزرعته الخاصة حتى توفي.
ترك جورج واشنطن كرسي الرئاسة و السلطة و القوة احتراما للمؤسسية و ذهب لعيش حياة بسيطة حتى توفي ، و لكنه جعل أمريكا قوية لانه صنع الأساس القوي الذي يحترم فيه الرؤساء الدستور و المؤسسية و تحافظ عليه أمريكا حتى يومنا هذا و يجعلها سيدة العالم ، رئيس الوزراء حمدوك و حكومة الفترة الانتقالية لو استطاعوا فقط وضع دستور دائم و احترموه و علموا الشعب قيمة احترام الدستور و المؤسسية يكونون قد وضعونا على الطريق الصحيح ، طريق النهضة و النجاح .
يوسف السندي

تعليق واحد

  1. ماهذا العبط؟ دي ما مؤسسية دي اسمها سبهللية..
    حكومة الانقاذ برضو كان بترجع للموتمر الوطني عند اختيار الوزراء..
    الجهاز التنفذي يفترض ماعندو علاقة بالاحزاب ..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..