مقالات سياسية

العقل الكسول في الجسد الكسيح

قد يكون الكيزان هم أسوأ أنموذج لمجموعة تنظيمية بشرية في المجتمعات، فالفرق بينهم وبين مكون المجتمعات السودانية أنهم أشد انحراف وإنانية. فالذي لا ينفعل بحب يجري في دمه للناس والوطن يكون متهم بالكسل والكساح. لأن النشاط مكمنه القلب والدم، والطموح يستمد هذا النشاط من انفعال الدم ثم يسكن العقل. وفي أقوالنا المأثورة يقولون : «فلان ما عندو دم» كناية لعدم الإحساس. وإذا توفر عدم الإحساس فبشر الناس بالشر والحسد والكراهية. فهذا ما فعله الكيزان بالسودانيين.
ولكن هنالك كساح وكسل من نوع آخر لا يوصف صاحبه بالأنانية والكراهية والحسد والشر ولكن يوصف بقلة الإبداع والخلاقة وروح المبادرة. يحتاج هؤلاء لمن يهزهم ويرجهم ليصلو لمرحلة التفاعل الحي. وإذا لم يجدو من يحثهم يقعون في شراك الشر والأنانية.

المجتمع السوداني به من القيم العليا قل ان تجدها في المجتمعات الأخرى. ولكن قادة السودان متطرفون منحرفون أنانيون على مدى التأريخ الحديث منذ الاستقلال. يحبون أنفسهم وجماعاتهم ولا يحبون الوطن.
ولكنني أرى أن الحل أن يقوم كل واحد منا بتحريك دواخله بحب يثير القلب والدم. وان يقوم كل واحد منا بتبني مشروع صغير في عقله وخطة عمل وحب لهذا المشروع ثم نلتقي في منتدى كبير جامع وان يحمل كل واحد منا بطرفه وبطريقة ما حب معتدل وليس عشق منفلت ثم نحب بعضنا ونمد أيادينا للبناء بحب وإخلاص. فالنجاح عدو الكسل وصديق الطموح. فالإنسان الكسيح فيه خلل في وظائف االدم والأعصاب عضويا، وخلل في وظائف الروح والنفس أخلاقيا.

فكيف نعمر هذا الوطن وهذا الإنسان المغلوب على أمره؟
إذا ألقينا نظرة على المتسولين في الشوارع نجد أن غالبيتهم يفقدون إما أعضاء من الجسد أو خلل نفسي أو روحي أو إحباط من الأوضاع الإنسانية والإقتصادية وهذا هو المحك. بعض الأحيان يتردد الفرد منا في مساعدة المتسول عندما تتلمس فيه اللباقة والذكاء وقوة الجسد لأنه لا ينقصه شي سوى روح الطموح والمساعدة النفسية. فمن يساعد من؟ سؤال صعب ولكن إجابته سهله، علينا أن نساعد أنفسنا ونتخطى محطة الإحباط، انت تحلم بمستقبل زاهر ولكن لا يحس بك شخص آخر لذا عليك مساعدة نفسك.
من عاداتنا الأصيلة السودانية إذا جاء ضيف أو عابر سبيل في مجتمعات السودان كل واحد يخرج بصحنه أو كورته أو صينيته فتجد الناس يتنافسون في الكرم من أجل إكرام الضيف، فلماذا لا نتنافس ونخرج من بيوتنا بقلب سليم ونية صادقة نحمل أفكار خلاقة من أجل إكرام هذا الوطن السودان. شعار اعتصام القيادة العامة الذي ابتدعه شبابنا الثوار «عندك خت ما عندك شيل» هل هذا الشعار أتى من فراغ؟ لقد أتى هذا الشعار من صميم المجتمع والذي تناقلته أجيال الانترنت الحديثة. شباب ترعرعوا على الحداثة والمدنية وصفحات النت والشاشات المدمجة ولكن شعاراتهم كانت من صميم تقليد سوداني أصيل. فهل يرضى الآباء الذين علموا أبناءهم هذه الصفات ان يرتكبوا أفظع الجرائم السياسية والأخلاقية في حق أبناء لم يعقو الأباء والوطن. لا يكون الحل في الاستهبال السياسي من آباء أنانيون ضد شباب متفاني.

لذا وجب أن يتقدم الصفوف حكماء وعلماء وعدول المجتمع السوداني ثم يليهم الشباب الطموح لا السياسيون كسولي الوطنية وكسيحي الحب الغيري. لقد ذهبت الثورة في جلباب مشوه لن يرضى ان يلبسه أحد ولا يرضى وطني غيور ان ينظر إليه بعين الرضا والسرور.

كم نحن كسالى في وطن شامخ وغني بقيمه العتيقة النادرة ونحن نرى معظم صفوف الخبز في المخابز يتقدمها النساء حيث ان المرأة الطاهية المضحية من أجل الأسرة الأنسب لها المطبخ وتبدع فيه من خيرات البلد من ان تقف كسيحة مشلولة الفكر في صفوف تجلب الضنك واليأس والإحباط.

كم انتم ظالمون أيها الآباء والسياسيون ومظفو الدولة الأفندية. ألم تدرسوا في مدارس الوطن؟ وهل درستم حصص التربية الدينية والوطنية والفلاحية والصناعية؟ ألم تدرسو حقوق الوالدين والأبناء والمجتمع والوطن؟ ألم تدرسو حقوق الطرقات وحقوق الضعفاء والمحتاجين؟ ألم تدرسو براءة الذئب من دم يوسف حتى تظلمو إخوانكم بهذه الطريقة؟ ألم تدرسو نظافة القلب واليد واللسان ثم لم تعلمو انها من الإيمان؟ وهل علمت ان الإنسان الأول قتل أخيه من أجل نزوة وحسدا ولم يستطع أن يواري سوءة أخيه فكان الغراب أندر أخلاقا منه؟ لماذا لم تطلبو الهداية من رب الكون فيوحي لكم كما أوحى للغراب؟

ولكن الخلاصة هي طلب التغير والتغيير ليس أماني و أدبيات خيالية وخطابية دون عمل. إذا ابتدع خيالك الخصب فكرة طموحة طبقها قبل ان يسمع بها جارك. فإذا سمع بها ولم تطبقها لربما سرقها او حسدك ولم يطبقها. وإذا عملت بها قبل نشرها أتبعك جارك و اقتدى بك. فالكسل سلوك مشين والكساح الروحي موت سريري للروح قبل الجسد. فلن تكون البذرة ثقيلة إذا حملتها ووضعتها تحت التراب فان اعتراك الكسل فالسماء تمطر في مواسم الهطول لتنقذك رحمة الله من الفقر والجوع. فكن مثقفا وعالما يحب العمل والأخذ بالأسباب.
اللهم هل بلغت فاشهد.

أحمد يوسف حمد النيل
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..