
وتستمر مآسي السودانيين بالخارج، واليوم وصلتني رسالة من شقيقتي نقلاً عن زميل لها استاذ محاضر بجامعة أم درمان الإسلامية مبتعث لدولة الصين، وقد حاصرهم الوباء اللعين مناشداً الحكومة السودانية بسرعة إخراجهم واعادتهم إلى السودان، يقول في رسالته المؤلمة: (الفيروس يحيط بنا من كل جانب، وهو فايروس كما تعلمون قاتل، ونتيجة لذلك منعتنا السلطات من مغادرة أماكن اقامتنا، وتم ايقاف كافة وسائل النقل الدولية والولائية والمحلية ولا شئ يتحرك هنا الا الطيور، والمحزن جداً أن كثيراً منا معهم أسر وأطفال، وقد إتصل علي سوداني مقيم معنا هنا، وأفادني بأنه لا يملك طعاماً في غرفته، ويعيش ظروفاً مأساوية للغاية ومثله الكثيرون، وهذا الامر متوقع حدوثه في ظل حالة الشلل التام التي أصابت المدينة).
مختتماً رسالته برجاء كل من يستطيع اليه سبيلا، بمخاطبة كل الجهات الرسمية من مجلس الوزراء والمجلس السيادي لاجلاء السودانيين بمدينة أوهان، فهناك أطفال صغار ونساء واخوات كثر، والكل أصبح قاب قوسين او أدنى من المرض ونقصان الغذاء ومياه الشرب، ولو طرأ طارئ من مرض وخلافه، خلاف الكورونا لا قدر الله، وعفانا الله واياكم. سنصبح عاجزين عن الحل). انتهت المناشدة وننتظر ان تجد الاهتمام من الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية وسفارة السودان بالصين، فإعادة السودانيين بالصين وخاصة العالقين بمدينة أوهان الموبوءة وتقديم المساعدة لهم من صميم عمل السلطات السودانية مع ضرورة عزلهم لحين التأكد من عدم اصابتهم بالوباء اللعين. ويبقى العشم كبيراً في حكومة العدالة ونصرة المستضعفين، وبعضاً من أبناء شعبنا يعيشون هذه الأيام ظروفاً نفسية قاسية ممن وجد نفسه محاصراً تماماً بالمدينة الصينية، وممن وجدوا أنفسهم محاصرين داخل معسكرات التجنيد القسري الإماراتية، ومن هم محاصرين داخل السجون السعودية والقطرية والمصرية، ومعظم جرائمهم تتعلق بعجزهم عن سداد ما عليهم من استحقاقات مالية، فكل من خرج من داره، اما باحثاً عن علم ينتفع به وينفع به أمته، واما بحثاً عن توفير لقمة عيش كريمة له وأسرته، استعصى الحصول عليها داخل بلده بسبب السياسات الاقتصادية السيئة والمدمرة لنظام المخلوع البشير والتي تدفع ثمنها الآن الأسر والحكومة الانتقالية معاً. معاناة الأسر السودانية تجاه ذويها بالخارج تتطلب من الجميع وقفة قوية وجادة، وموقف حازم من الدولة تجاه كل ما من شأنه تعريض المواطن السوداني لمخاطر الغربة وجعله نهباً لكلاب السكك من عصابات المافيا وعصابات دول تركت مافي يدها وأدمنت ما في يد الغير، غير آبهة بمصير الشعوب التي تقع تحت براثنها، ترمي لها الفتات لتضمن ولائها الأعمى، وحتماً الشعب الذي قهر المستحيل وأحال ظلام أعدائه إلى نهار ضاحك، لن تعمي بصيرته دراهم ولا ريالات مهما تزايدت أمامها الاصفار، ولن ينحني ليؤدي فروض البنك الدولي وسياسات الرامية لافقار الدول لحساب دول أخرى. الشعب السوداني أمامه استحقاق ثورة ثالثة، ثورة حقيقية ولكنها من نوع آخر هذه، المرة، ثورة تقودها حكومته، يرفع فيها أصغر مواطن سوداني هامته أمام العالم فترفع له القبعات.
هنادي الصديق
الجريدة
بين النبي صلى الله عليه وسلم في عدد من الأحاديث ، مبادئ الحجر الصحي ، بأوضح بيان ، فمنع الناس من الدخول إلى البلدة المصابة بالطاعون ، ومنع كذلك أهل تلك البلدة من الخروج منها ، بل جعل ذلك كالفرار من الزحف الذي هو من كبائر الذنوب ، وجعل للصابر فيها أجر الشهيد .
على السفارة السودانية والحكومة الصينية تفقد هؤلاء المحجور عليهم ومدهم باحتياجاتهم الضرورية حتى تنكشف الغمة