
العلاج بالأعشاب أو ما يسمى بالطب البديل إنتشر بشكل غريب، وربما عدد المراكز التي تقدمه أكثر من عدد عيادات الطب الأصيل إن جاز لنا أن نسميه، وعدد العاملين به أكثر من عدد الأطباء الذين تخرجهم الجامعات وتصرف عليهم الدولة وتدربهم، والغريبة إعلانات المحال التي تعمل في مجال الطب البديل تملأ وسائل الإعلام المسموع والمرئية والمكتوبة أكثر من إعلانات المنتجات الغذائية، رغم أن هذا الطب تسبب وما زال يتسبب في كوارث لبعض الباحثين عن العافية .
قبل يومين شاهدت بالصدفة في إحدى الفضائيات عدداً من الإعلانات التي تتحدث عن معجزات الطب البديل، ثم برنامجاً تستضيف فيه أصحاب شركة تعمل في هذا المجال، وحقيقة سمعت منهم ما لم أسمعه من الأطباء ربما الأطباء أنفسهم لم يسمعوا به، و إن صحَّت هذه المعجزات لأغلقت كليات الطب والمستشفيات أبوابها وبحث أهل الطب عن وظائف أخرى، وحقيقة هذا ما دعاني لكتابة هذا العمود، فما سمعته من كلام لم أشك أنه مستحيل تحققه.
أحد المتحدثين في البرنامج قال إنهم يعالجون (مرض الزهايمر) وأنهم اكتشفوا أن أحد الأشياء التي تسبب (الزهايمر) الفراغات التي بين الأسنان نتيجة خلع بعضها وكذلك الغذاء والبيئة، وهذا يعني أن نسبة مقدرة من الشعب السوداني معرضون للإصابة بالزهايمر، لأنه أن أجرينا دراسة سنجد أن هناك عدداً مقدراً خلع عدداً من أسنانه، وحسب معلوماتي العامة التي استقيتها من أطباء فإن الأسباب المحددة للإصابة بالزهايمر ما زالت غير مفهومة تمامًا، ولكنها تتعلق بمشاكل تصيب خلايا الدماغ أو الخلايا العصبية والدراسات والبحوث مستمرة على قدم وساق في الدول المتقدمة لمعرفة أسبابه.
الأكثر دهشة دعاية لعشبة سحرية في نفس القناة تتحدث عن علاج العقم بشكل عجيب ينسف كل البحوث والدراسات العلمية التي ظل يجريها العلماء المتخصصون على مدى التاريخ، وما سمعته عن هذه العشبة لم أسمعه في إعلانات أكبر المراكز المتخصصة في العقم في أكثر الدول تقدماً في الطب، وهذا قليل من كثير.
السؤال المهم أين وزارة الصحة من هذا الانتشار المخيف للطب البديل أو العلاج بالأعشاب، وحقيقة المرضى يقعون فريسة لاستنزاف المرض والعلاج بهذا الطب، ورغم هذا لا يتوب الناس ويكررون نفس الخطأ بحثاً عن (رايحتهم) الصحة العافية مهما كانت غالية أو مستحيلة وقالوا (العندو رايحة بفتح خشم البقرة) وإن وصفت الصحة لمريض في (خشم) البعوضة لسعى إلى فتحة .
حقيقة نحتاج إلى أن تخبرنا وزارة الصحة حقيقة هذا الطب البديل الذي يشفي كل مرض يستحيل أن يعالجه الطب الأصيل، ثم هل هو نافع للدرجة التي تجعله ينتشر بهذه الكثافة، وإن كان بهذه الفاعلية والسحر والإعجاز والقدرة على علاج الأمراض ويتفوق على الطب الأصيل لماذا لا تفتح له كليات تخرج أطباء (عديل).
نعلم أن الطبيعة مليئة بالأشياء التي تساعد على علاج بعض الأمراض بدون استخدام الأدوية، و أعتقد إن الطب بديلاً كان أم أصيلاً، فأصل الكثير من الأدوية مواد طبيعية وأعشاب معالجة، وفي نفس الوقت الغذاء الصحي والرياضة والاسترخاء والتفاؤل وغيرها الكثير يعالج من الأمراض بل و يقي منها، ولكن الأمر مرتبط بالمنطق العلمي فمتى تنتبه وزارة الصحة لمراكز الطب البديل وتفتي في أمرها؟.
أسماء جمعة
التيار