مقالات وآراء سياسية

تظاهرات اليوم: المقصد والمقصود وما بين ذلك!

عبدالرازق أنقابو

سؤال أولى، هل تحالف قوي الحرية والتغيير على وفاق وتناغم مع المجلس السيادي ام انهم على مفترق طرق قاصدين ممارسة الضغط على المجلس السيادي لإكمال بناء أنظمة الفترة  الانتقالية بحجة التمهيد لقيام العملية الديمقراطية بالبلاد، لأمر يخدم خطط قحت اللا معلومة، حتي تضيع طموحات الشعب السوداني سدى وتذهب ثورته ادراج الرياح دون تحقيق أدنى ما يصبون إليه.

الإجابة على ذلك التساؤل تتضح جلية في لماذا الدعوة لهذه المليونية دون غيرها تحديدا، بالرغم من أن هناك مطالب جماهيرية أخرى هي اشد الحاحا منها – تتلخص في النقاط الآتية:

١- أليس الضغط على كبح جماح الطفيلية وجشعها الفاحش في غلاء الاسعار المتصاعد دون وازع رباني ولا رقيب سلطاني  هي الأولى بالمخاطبة لتخفيف أعباء معاش الناس.

2- أليس إعمال قانون من أين لك هذا، ردا للمال العام المسلوب لخزينة الدولة هو مطلب جماهيري مرتقب.

3- أليس إلقاء القبض على كافة كوادر الإسلاميين النافذة ورموز النظام البائد القيادية بالاشتباه البائن في الثراء واستغلال السلطة هي أولوية بديهية لكسر شوكة النظام البائد.

٤- أليس إحالة كافة الرتب القيادية بالأجهزة الامنية كلها؛ القوات المسلحة، الشرطة والامن الوطني بما فيهم الولاة المكلفون من رتبة الفريق الي العقيد هي أولوية قصوي للحد من اي عمل محتمل مضاد للثورة ومقوض للفترة الانتقالية.

تبقى كل تلك الأسئلة مجتمعة أولوية ملحة وكل الشعب السوداني يصدح بأنها ثورة، ولكنها في واقع الأمر ثورة مسروقة على حين غرة، تماما كما فعلها الإسلاميون عند الإطاحة بدكتاتورية مايو، ها هو التاريخ يعيد نفسه، لنشهد ذات السرقة لذات الثورة بالاطاحة بدكتاتور آخر – سرقها تجمع من هم علي نقيض من الحركة الإسلامية وأتباعها بالسودان.

فالذي كنا نامله من هذه الثورة هي أن تكون اسم على مسمى،  ثورة حمراء – لقيامة صغري يحتاجها السودان لحجم المسوءة وهول المضرة التي المت به. ولكن المؤسف انها ثورة حرفت مقاصدها، حتي لم نشهد فيها الي الان ولا حالة إعدام واحدة مقابل الالاف من بلاغات القتل والاخفاء بحق أولئك المجرمين او تجريد للمختلسين او طرد لجميع المحاسيب والمحسوبين!! وبالمقابل، فإن جميع أتباع النظام البائد في السلك الدبلوماسي، ومراكز المال والتمويل، والشركات الكبري المحسوبة تنظيما وجهة ظلت تعمل وكان شيئا لم يكن، وهم – اي اتباع النظام البائد، من ابعد الناس عن مكابدة الحياة وشظف العيش – لا يعرفون صفوف رغيف ولا صف وقود وغاز ولا صفوف صرافات وغيرها، حتى تفاجأ شعب السودان والعالم أجمع بمسيراتهم من زحف أخضر ومحاولات انقلابية اخري – تجشموها مطمئنين لا خائفين تماما ”كان شيئا لم يكن”!

عليه قطعا، فإن هذه الثورة ليست بثورة بشكلها المعروف، وإنما مظهر آخر للنظام البائد بثوب جديد. وهنا، بملاحظة بسيطة، يمكن للمتابع لمجريات الحراك قبيل إسقاط البشير باسابيع وتطورت ما بعد سقوطه الي يومنا هذا، يتضح له مع من استيلاء اهل المركز لمسيرات ”ثورة الجياع الحقيقية (6-11 أبريل)” دون أن يجعلوا بينهم ممثل واحد منهم، وذلك التلكوء والمماطلة الحاصلة ما بعد سقوط النظام لإنهاء وإزالة مظاهره، إلى جانب ما بدي واضحا من ضعف في أداء الأجهزة الأمنية تجاه الرقابة والاستجابة للأحداث وحفظ الأمن، كلها تعطي نتيجة واحدة – هي التآمر لإعادة إنتاج النظام السابق بشكل او بآخر، أو افشال الفترة الانتقالية على أقل تقدير!!

فسرقة الثورة – ثورة الجياع والمظاليم التي أطاحت بالبشير والتآمر عليها، يدأت اولا من تغيير مسماها الحقيقي من ثورة أبريل الثانية الي سبتمبر ٢٠١٣م تارة وديسمبر ٢٠١٨م تارة أخرى، وذلك بالجزم على أنها ثورة جاءت نتيجة تراكمات، وما أراها إلا فهلوة للالتفاف على حقيقة من أسقط نظام البشير!! فالنقطة الجوهرية الدالة علي من أسقط نظام البشير، اقول انها ليست المعارضة السياسية منفردة او مجتمعة وقد فشلت طيلة مسيراتها حتى انتهت بوضع يدها مع النظام فيما يسمى بالحوار الوطني لأجل تمكين بقائه، ولا حتى تلك الحركات المسلحة بمفردها او باجمعها هي من أسقطت نظام البشير!! فالحقيقة التي لا يرغبها اهل المركز، هي أن من أسقط نظام البشير، تلك الجموع الهادرة التي فاجأت النظام باعدادها الغفيرة المتصاعدة في ثورة جياع حقيقية بين ٦ الي ١١ أبريل هي من أسقطت النظام وعادت الي حياتها بلا خراب ولا تخريب ولا تتريس ولا متاريس، تاركين وراءهم بحلول شهر القيام أنصار هذا التجميع، يرفلون بين ساحة القيادة وكولومبيا وما ادراك ما كولمبيا، تأكيدا منهم على انهَم هم من أسقطوا نظام البشير الذي كان بمقدوره لولا جموع الجياع التي تهادرت عليه وقد ايدها الله على زله ونزعه بأقرب المقربين إليه – كان بمقدوره فضهم تماما، كما فضهم المجلس العسكري بلا رجعة – الي الآن،!!

فإنه، ان جاز لنا وصف النظام البائد في سر حقيقة أمره، نقول بالخط العريض انه ”نظام تداول جهوي للسلطة، يأتي مرة بالبزة العسكرية خلسة، ومرة بتجارة الدين خدعة، ومرة أخرى بالديمقراطية الزائفة كذبة” وهذا – أي التمويه المتعمد والكذب المقصود، ما يفسره شعارهم – شجرة المؤتمر الوطني، وتعريفها خدعة بأنها شجرة جامعة (للانفتاح) إلا لمن أبي وقد جمعت بدراما غير مسبوقة ”إخوان وشيوعية، وشيعة ووهابية، وصوفية وماسونية”، في تناقض يحار المرء في فك طلسمه ولكنه كله يأتي تحت قاسم الإنتماء –  “مظلة الجهوية الذكية”، كاكبر تمثيلية تمويهية انطلت على الشعب السوداني طيلة الثلاثين سنة الماضية بل زهاء الستين عاما بأجمعها من عمر استقلال البلاد!!

ففي خضم ذلك التيه والتتويه والتمويه، نجد ان الشعب السوداني عاش ذات التمثيلية باوجهها المتعددة، من ”اذهب إلي القصر رئيسا واذهب الي السجن حبيسا” إخفاءا لحقيقة وجهة انقلاب النظام البائد، إلي سب امريكا علانية وطلب ودها والتعاون َمعها سرا تضليلا للرأي العام، وها هي اليوم تتكرر نفس التمثيلية في وصف ذات نظام البشير بأنه البائد علنا والتغاضي عن اجتثاثه واستئصاله خدعة بشعار الثورة (حرية، سلام و”عدالة”)، ليصبح اول المستفيدين منه هم إتباع النظام البائد – الجهويون انفسهم، وكأنما صمم حقيقة لحمايتهم وقد كان!

وبناءا على ذلك، فإن الدعوة لتلك المسيرات، ما هي إلا خطوة استباقية لقطع الطريق امام حركات النضال المسلح من الاتيان بحكام اقاليم غير موالين وكذا نواب تشريعيين وذلك هو المقصد والمقصود، بغية استنساخ ذات النظام البائد بهندسة الجهوية الذكية التي برزت واضحة في آخر انتخابات بالعام ٢٠١٥َ حينما جاء الأصم ”الاب” تلك المرة بذات البشير مرشحا ما بين أربعة إتباع له جهة وتوجها، ما كان لهم إلا أن تركوها له وهم أنفسهم من هللوا مرة أخري وروجوا للإتيان به نفسه في انتخابات ٢٠٢٠م ولكن يقدر الله أمرا آخر!! عليه، فإن عملية قطع الطريق أمام حركات النضال من الإتيان بمرشيحها للحكم المحلي والتشريعي هي بيت القصيد امام اي تقارب محتمل على خلفية الاتفاق المرتقب ما بين الفريق اول محمد حمدان دقلو وقادة حركات النضال المسلح تلك، ولنا مع هذه الخاتمة قول اخر … فترقبوه!!
عبدالرازق أنقابو
[email protected]

‫5 تعليقات

  1. المحاصصات في المحادثات
    مع كامل التقدير والاحترام للوفود في رحلاتها المكوكية إلي جوبا الجميلة إلا أن الموائد غير المستديرة المتعددة تنبئ بأن فترة الست أشهر المحددة للوصول إلي سلام يعيدنا إلي سودان 01/01/1956م لا هي ولا تمديدات تزيد في مداها غير كافية لمبتغي ثورة ديسمبر2018م فالأطراف المتكأكأة علي القصعة ما زالت في ضلالها القديم لا تري في الجلوس علي موائد التفاوض إلا تحت عنوان قسمة الثروة والسلطة وبس !
    قسمة السلطة والثروة عند الحركات المسلحة من سبل كسب العيش السهل حيث يحمل الاتفاق وظائف لا تخضع لمعايير الخدمة المدنية ولا تحتاج إلي فحص مؤهلات وخبرات وعندهم من رعي الإبل قادر علي الرعاية الصحية في ولاية الخرطوم بذات سهولة سوق الماشية إلي ( العد) صباحا وأعادتها إلي حظائرها ليلا والأمر عنده رعاية في الحالين.
    المحاصصات عند البعض طوافة تحمل من الشقة في باريس أو أوغندا إلي دهاليز القصر الجمهوري في اختصار مخل وقفزات علي آلية الانتخابات وعد الأصوات وترشيحات الناخب في السودان.
    المحاصصات فيل أدخلته الإنقاذ قبل البناء ثم أقامت عليه غرف المحادثات ويصعب ألان إخراجه بالباب ولكن ثورة الشباب تتفرد بوسائل لا تخطر ببال أصحاب المصلحة في التفاوض في غرف مغلقة فالعودة إلي سودان 01/01/1956م ربما يقدم في مائدة مستديرة تتوافق عليها الإطراف ومن حيث تسلمنا السودان من الانجليز بلا طق أو شق نسجل الاعتراف الجمعي بالتدمير الوطني الذي مارسته أجيال السودان المتعاقبة لأربع وستين عاما ورثنا بعدها سودانا منقسما علي نفسه ومحطما إلي دولتين فاشلتين بينما خلال ست وخمسين عاما تسلمنا من الانجليز وطنا يسع مشروع الجزيرة والسكة حديد ومشروع طوكر وحدوده من نمولي إلي حلفنا يتغني إنسانه ( منقو قل لا عاش من يفصلنا).
    وختام القول المحاصصات في المحادثات السري منها والمعلن يجعل محطة السلام عصية إلا أنها غير مستحيلة مع إصرار الثوار.
    وتقبلوا أطيب تحياتي

  2. تعرف إستاذ شماعة الجهوية و العنصرية دي ما هي إلا خنجر من صنع بعض المتفعين و إنقاد خلفها كل مسكين ، و أدعوك لتنظر ببساطة في مكونات الحركة الإسلاموية و أركان و يد الإنقاذ الباطشة قادمة من أي جهة ؟؟ ستجدهم من كل جهات السودان الأربعة و خامسها المركز الذي تتحدث عنه ، مشكلة الجهوية هي من صنيع الإستعمار و إستمرأها كل من حكم السودان من بعدهم في أغلب الأزمان ، لذلك علينا جميعاً الإنتباه و عدم تتضيع فرصة ثورة الشباب التي قامت من كل جهات السودان ، لا أريد أن اوجه سهام الإتهام التي أشهرتها و لكن أسمح لي أن أنوه مرة أخرى للإنتباه من خلق روح الإتهامات و تبادلها و ليكن الحوار منطقياً و مسببا دون إتهامات و تعصب و ليكن شعارنا السودان يسع الجميع إذا إتسع صدر كل منا للأخر ،، مع الشكر

    1. هذه نفس الغلوطية، من يحكم السودان حقيقة – الإنقاذ مثالا، اهي الجهوية ام الجبهجية!

      هذه الغلوطية كما يقول أهلنا هي مقصودة بحد ذاتها لإخفاء الأثر – أي سياسة التيه والتتويه والتمويه !!

      وهنا دعوني لا اعطي إجابة تحديدية، بل دعونا نتجول في مراكز المال والتمويل، مدراء الشركات الكبرى ومجالسها ادراتها، السلك الدبلوماسي وجميع المناصب الدستورية، مع عدم الكلام عمن بقيادات الأجهزة الامنية، فاننا لنجد الإجابة قاطعة وما الحركة الإسلامية الا غطاء تتستر به الجهوية الذكية

  3. حقا أنا لا أفهم لماذا هذا التكالب على المحاصصة في المناصب وهي بمفهوم هذه الثورة تكليف ومسؤولية وليست تشريفات وامتيازات! إذا كان عذر جماعة الجبهة الثورية هو أنهم يعتقدون أن جماعة قحت تقتسم الغنائم دونهم فما هي حقيقة مفهوم جماعة قحت لهذه المناصب والوظائف؟ هل ينوون الاغتناء منها كما كانت تفعل عصبة اللصوص الأنجاس؟ هل ما زالت هذه المناصب توفر لشاغليها السيارات للمسئول وعائلته والنثريات والبدلات التي لا تحصى إلخ؟ لقد أعطى البرهان ومجلس السيادة أسوأ مثل لهؤلاء وأولئك بدعوى الهيبة والبروتوكولات الفارغة التي لا تغني ولا تسمن من جوع! إذا كان الأمر يتعلق بضيوف البلاد الأجانب فيكفي وجود إدارة للمراسم في قصر الشعب ومجلس الوزراء!! إيه الكلام الفارغ دا فلقتونا بالمحاصصة وما أدراك المحاصصة! هل هذه ثورة محاصصة يا كلاب يا ملاعين وقد جاد الشباب لها بالمهج والأرواح والأعراض من أجل أن يتكالب عليها اللصوص بالمحاصصات؟!!!

  4. ما هذه العنصرية البغيضة؟ لماذا كل هذه الكراهية؟
    أى جهوية و رئيس الوزراء نفسه من جنوب كردفان؟
    تتحدث عن المحاصصة و المحاصصة هي ما يحدث في محادثات جوبا
    الجبهة الثورية تريد أن تجمد حاضر ومستقبل الوطن إنتظارا لمفاوضات يعلم الله وحده متى تنتهي، و من يظن أنها ستنتهي منتصف فبراير كما هو مقرر فهو واهم.
    و على الحكومة أن تعلم أنها بترددها و الإذعان لتهديدات الجبهة الثورية و لهجتها العدائية ستسوء الأوضاع أكثر مما يؤدي إلى إنقلاب و حينها نفقد نحن و الحكومة و الجبهة الثورية الوطن ونتباكى عليه.
    إلى حكومتنا: طالما أن الشعب معك و العالم الخارجي معك فأفعلي الصواب و ما فيه منفعة الوطن و لا تنشغلي لا بالعسكر و لا بالجبهة الثورية و لا بالحلو أو عبد الواحد.
    قطار أعظم ثورة قد إنطلق و لن يتوقف بإذن الله من أراد الركوب و المساهمة في بناء الوطن فمرحبا به و ستعمر دارفور و ستذدهر جبال النوبة و النيل الأزرق و كل السودان بمشاركة الجبهة الثورية أو عدمها.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..