أخبار السودان

حمدوك و العتباني.. لقاء تحت ظل الهدير الثوري

والخرطوم تختتم أسبوعها المنصرم ظهر الخميس، بعودة الثوار إلى الشوارع ، والمواكب تتدفق من عدة اتجاهات طلباً لاستكمال هياكل الفترة الانتقالية، وتجمع المهنيين يعود إلى رسم جدول الحراك الثوري، ولجان الميدان في الحرية والتغيير تتلقف دعوة المهنيين وتهيئ لها الأرض، ولجان المقاومة في الأحياء تنقسم ما بين مؤيد للمليونية وما بين ممسك عن الخروج فيها، بيد أن كل قوى الثورة تتفق ظاهراً بضرورة حراسة الثورة وتحقيق أهدافها، وتختلف باطناً في طبيعة الوسائل الموصلة إلى ذات الهدف، وهناك في جوبا ينتظر شركاء الثورة من قوى الكفاح المُسلح متى تُبسط الخرطوم أياديها للسلام ومتى تُفترش الأرض لحضورهم المرتقب، وبين أحشاء كل هذه المشاهد الكثيفة، ثمة خيطٍ مسدول في دائرة غامضة بعيدة عن الأضواء، خيطٌ يربط جلباب غازي صلاح الدين بـ(كرفتة) رئيس وزراء حكومة الثورة، عبدالله حمدوك، ثم يجعل الشد والجذب بينهما حروفاً من لغة تغرق فيها السوشيال ميديا، تحت عنوان الغموض الذي يكتنف أحاديث الغرف المظلمة.

الخرطوم: عبدالناصر الحاج

في عز الهدير الثوري الذي ملأ الشوارع وحاصر مجلس الوزراء بالأسئلة والهتاف، أعلنت الجبهة الوطنية للتغيير، عن لقاء جمع رئيسها غازي صلاح الدين العتباني، يوم الخميس المنصرم، برئيس الوزراء عبدالله حمدوك بمكتبه بمجلس الوزراء المحاصر بالمواكب الثورية نفسها. وقالت الجبهة الوطنية للتغيير في بيان صحفي، إن اللقاء جاء على خلفية رغبة مشتركة جددتها المعطيات الراهنة بالبلاد، وأكد غازي- بحسب البيان- أن اللقاء تناول تشخيص التحديات الحرجة التي تواجه البلاد، كما أنه بحث إمكانية تقريب وجهات النظر تجاهها، وتجنب الارتهان للرؤى الذاتية للقوى السياسية، وأشار العتباني إلى أنه ناقش مع حمدوك قيام مشروع وطني سياسي متفق عليه يحقق نهضة البلاد وازدهارها، وشدد رئيس الجبهة الوطنية للتغيير، على أنه دون ذلك الهدف تقوم تحديات كبيرة تنال أولوية خاصة في التعامل، مثل أحوال الاقتصاد، المعاش، السلام، إكمال ترتيبات الفترة الانتقالية، ومعالجة بعض التحديات المزمنة مثل قضية رفع العقوبات الأمريكية عن السودان. وأكد العتباني أن تلك الأهداف ستظل عصية على الإنجاز حال غابت دولة القانون التي تضمن توفر الحريات وتفتح آفاق المبادرات. وأشار البيان إلى أن حمدوك أكد تمسك حكومته بتنفيذ كافة وعودها، وخاصة معالجة التحديات الاقتصادية، وتحقيق السلام، ورفع العقوبات وترتيبات الانتقال. ونوه البيان إلى أن حمدوك أيد دعوات الحوار التي تتوراد من قوى وطنية متعددة.

تجمع المهنيين في الخط

أعلن تجمع المهنيين عن رفضه القاطع لأية تواصل مع كافة عناصر وفلول النظام السابق بمختلف مسمياتهم، مؤكداً على أن ما رشح من لقاء يجمع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك مع رئيس الجبهة الوطنية للتغيير، غازي صلاح الدين شكل صدمة بالنسبة لهم. وقال الناطق الرسمي لتجمع المهنيين، إسماعيل التاج في تصريحات لـ(الجريدة) ، أن ما رشح عن لقاء رئيس الوزراء وغازي صلاح الدين، شكل صدمة شديدة بالنسبة لهم في تجمع المهنيين في وقت لا زالت فيه دماء الشهداء لم تجف بعد ولم يتم القصاص لهم، ولا زالت الفترة الانتقالية تعاني من تبعات النظام البائد ومخلفات ممارسته الشائهة ضد الشعب السوداني وتلك الانتهاكات الجسيمة التي أوقعها النظام البائد وفلوله في حياة السودانيين. وطالب التاج مجلس الوزراء بالشفافية وتوضيح مباشر لا لبس فيه ولا غموض عن طبيعة اللقاء إن تم ذلك بالفعل. مؤكداً على رفض تجمع المهنيين للقاءات ما اسماه بـ(الغرف المغلقة) مع فلول النظام البائد الذين يحاولون وضع العراقيل أمام الفترة الإنتقالية والتسلل لمكونات قوى الثورة لضربها وتشتيت وحدتها وتماسكها.

منهج الإلتفاف

هناك أصوات من داخل المنظومة السياسية التي كونها غازي العتباني إبان خروجه من حزب المؤتمر الوطني المحلول في 2013م، غادرت حركة الإصلاح الآن بعد شهرين فقط من تكوينها، وأسست ما يمسمى بتيار تصحيح المسار. هذه المجموعة لا زالت تنظر إلى شخصية غازي بأنه رجل أبعد ما يكون من إحداث الوفاق الوطني المطلوب. رئيس تيار تصحيح المسار القومي، والذي انفصل عن حركة غازي، مصطفى عبدالحميد قال لـ(الجريدة) تعليقاً على لقاء حمدوك مع غازي، إنه لا يرى شيئاً إيجابياً واحداً يدفع حمدوك نحو لقاء غازي العتباني، مضيفاً أن غازي أبعد ما يكون عن منهج الوفاق، وأن غازي إن كان وفاقياً حقاً لما وصل معنا الذين أسسنا معه الحركة إلى المحكمة الدستورية لمجرد أن جهرنا برأينا في قضايا مفصلية عن مفهوم الإصلاح المؤسسي ومنع مظاهر الديكتاتورية التي كان يريد أن أن يدير بها الحركة ومن ثم إحالة عضويتها إلى قطيع يحتكم بحكمه ويسير بأمره. وأضاف عبدالحميد أن غازي يمثل منهج الإلتفاف الذي يمتاز به الإسلاميين في العمل السياسي. وحذر عبدالحميد من مغبة التوافق مع منهج غازي الإقصائي والمتبدل والملتف على القضايا، وقال عبدالحميد أن على الثوار حماية ثورتهم من تسلل الانتهازيين الذين ليست لديهم قناعات حقيقية بالتغيير والتحول الديمقراطي، مشيراً إلى أن غازي هو أحد رموز الدولة البائدة وأحد مهندسي انقلابها وأحد الذين ساهموا في ترسيخ سلطة البطش وتصفية الحسابات مع الخصوم السياسيين وهو أحد الذين ينبغي محاسبتهم على ما اقترفوه بالمشاركة في حقبة الانقاذ التي ثار الشعب السوداني ضدها، لا أن تفتح حكومة الثورة لهم الأحضان وتستشيرهم في إدارة شؤون الفترة الانتقالية.

خطوة إيجابية

بالمقابل هناك من يرى أن اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء عبدالله حمدوك وغازي صلاح الدين، بأنه لقاءاً إيجابياً يصب في مصلحة الاستقرار والتحول الديمقراطي عبر توسيع دائرة الوفاق الوطني. الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، السفير إدريس سليمان، أكد في تصريحات لـ(الجريدة) دعم حزبه لأية لقاءات تحاورية تتم بين الأطراف السودانية، وقال إننا نشجع الحوار السوداني سوداني، ونؤمن بأنه هو السبيل الوحيد لبناء الدولة السودانية على أسس وطنية راسخة، وعلق سليمان على لقاء حمدوك مع غازي بأنه لقاء إيجابي قد يفتح الآفاق إلى حوار أوسع وأشمل. وفيما يتعلق بالرأي الذي يُدين غازي بتهمة الاشتراك في تقويض النظام الديمقراطي عبر إنقلاب 1989، مع وجود رموز من الإسلاميين في السجن بذات التهمة أمثال علي الحاج وإبراهيم السنوسي، وفي الوقت الذي يتمتع فيه غازي صلاح الدين بالحرية وطرق أبواب الحوار مع الحكومة، قال سليمان، نحن لا نحدد تقديرات الحكومة في تعاملها مع السياسيين، ولكننا نقول أن الحوار الموسع مع كافة الأطراف السودانية، هو الذي يسمح بعملية مراجعة شاملة لكل القوانين الحالية، وأن حزب المؤتمر الشعبي يتمسك بمبدأ المحاسبة التي يتفق عليها الجميع، لكننا نؤكد رفض المحاسبة الانتقائية. وأضاف سليمان بأن غازي يمثل منصة مهمة وفاعلة في المسرح السياسي وهي الجبهة الوطنية للتغيير، مشيراً إلى أن أية نجاح في الحوار بين منصتين سياسيتين، قد يساهم في إزالة الاحتقان السياسي من البلاد ويفتح المجال للسودانيين نحو الانطلاق لبناء وطنهم على النحو الذي يريدونه، ودلل على أن جملة التحديات التي تواجه الفترة الانتقالية والمتمثلة في الاقتصاد والأمن ومعاش الناس يتحتم على حكومة الفترة الانتقالية الذهاب بعيداً في منهج الوفاق الوطني عبر الحوار السلمي الشامل والجامع لكل أبناء السودان.

ضد اللقاء

مصادر (الجريدة) بداخل قوى إعلان الحرية والتغيير، أفادت أن كثيراً من قيادات الحرية والتغيير أبدت استغرابها واندهاشها من هذا اللقاء وتوقيته، وأضافت المصادر بأن الصف الأول من الحرية والتغيير لا يرون ضرورة لمثل هذا اللقاء الذي تم في وقت يستعيد فيه الشارع عافية الثورة. (الجريدة) بدورها حاولت الوصول إلى الناطق الرسمي باسم الحرية والتغيير، وجدي صالح، إلا أن وجدي أكد بأنهم في الحرية والتغيير بصدد استصدار بيان رسمي عن هذا اللقاء، رافضاً الإداء برأيه الشخصي، ومشيراً إلى أن لقاءات رئيس الوزراء لا تمليها عليه الحرية والتغيير ولا تقوم بترتيبها، إلا أنه عاد وكرر بالطبع سوف نملك الرأي العام حقيقة موقفنا من هذا اللقاء بالتأكيد.

سقطة سياسية

كتب الصحافي وائل محجوب على صفحته في (الفيس بوك) معلقاً على اللقاء الذي جمع رئيس الوزراء مع عبدالله حمدوك، بأن هذه المقابلة صنيعة عقل ليست لديه علاقة بالثورة وشعاراتها ولا يعرف قدرها، وأشار وائل إلى أن غازي يمثل الجبهة الوطنية للتغيير والتي تضم الطيب مصطفى ومحمد علي الجزولي وعبدالحي يوسف وغيرهم من أنصار العهد البائد وهم الأكثر عداء للحكومة الانتقالية نفسها. وأضاف، علاوة على كون غازي نفسه لديه دور في انقلاب 30 يونيو ومن الممكن أن يقوده دوره هذا للتحقيق أمام النيابة والقضاء بحسب عريضة الدعوى المقدمة للنيابة بواسطة الفقيد الراحل علي محمود حسنين، وعلق وائل بقوله” الحديث عن أن حمدوك رئيس البلاد، وجميع السودانيين تحت مسؤوليته كمبرر للقاء فهو محض تضليل، مضيفاً بأن حمدوك رئيس طارئ لوضع مؤقت، وتسلم موقعه استناداً لتفويض مشروط بأهداف ومطالب محددة.، وبقبوله وافق على الالتزام بها لتنفيذها، وأن الثورة هي التي أتت به إلى هذا المنصب وينبغي عليه الالتزام بأهدافها وشعاراتها وأفكارها، وأعتبر وائل أن اللقاء عبارة عن سقطة سياسية لا يمكن تبريرها أو الدفاع عنها.

الجريدة

‫6 تعليقات

  1. عندما اعلن عن محاكمة من دبروا انقلاب الإنقاذ هم الإسلاميون وغاز ى احدهم واذا جاء ان يتوسل لهم غازي بالعدول عن هذا الطلب الأستاذ غاز لديه ثروة منزل فى شارع محمد نجيب واخر فله في شمبات تطل على النيل وف له فى لندن وأخري فى تركيا طيب الأستاذ غاز ىحامت الإنقاذ ومدرب الإنقاذ من له هذا نقول له لماذا انت خارج كوبر على رئيس الوزراء ان يفصح سر هذه المقابله

  2. بلقائه مع ابرز اسلامي اذاق الشعب السوداني اشدانواع التعذيب والقتل والتشريد وتكميم الافواه ومصادرة الحريات اثبت رئيس الوزراء سقوطا مخزيا في استيعاب السياسة وقصرنظره وفقدانه للحس الثوري وعدم احترامه لارواح الشهداء الذين ضحوا بدمائهم في سبيل انقاذ الشعب السوداني من ثلاثة عقود من النظام الدكتاتوري الاسلامى الذي ساهم غازي صلاح الدين في انقلابه اللعين الذي اذاق كل اشكال العذاب والتنكيل ومن المعروف لكل سوداني ان غازي كان اكثر اسلامي تشددا وكان الاولى ان يكون في مقدمة الاسلاميين المدنيين المعتقلين للمشاركة في الانقلاب المشؤوم ومن المؤكد ان دوره كان اكبر من المدنيين المعتقلين الان اما انسلاخه من المؤتر الوطني لن يشفع له ويرئه من الجرائم التي ارتكبه او سارك او سكت عنها وارى ان يتم اعتقاله والحاقه مع زملائه في كوبر للتحقيق معه

  3. هوّ حمدوك دا السِمع بيهو منووو؟ قبل ما يظهراسمو كمرشّح محتمل للبشير لتعيينو وزير ماليه.. ناس الانقاز ابلغوه باحتمال الاختيار! لم يوافق ولم يرفض! ظل ساكت!خشمو عندو!..يبدو انه كان بيقوم باستشارات هنا وهنا. وبيحاول يوازن بين ماهو فيه وبين ما هو محتمل! مع خطوات لتوفيق اوضاعه مع الجهات الخارجية اللى كان شغّال عندها بالسنين .. يبدو انو مالقى من ينصحوه لقبول طلب البشير لأستوزارو! وواصل سكاتو..على كلِّن.. تسارعت الاحداث والحكايه جات فى مصلحتو! رغم انه لم يكن هو المرشح لرئاسة الحكومه..فقد رشحت عدة اسماء من داخل السودان لم يتم الاتفاق على اى منها! فهو لم يكن معروفا فى اى اوساط ثوريه.. جايز كانت عند ميول يساريه! الله يعلم!..لكن لم تكن لها آثار او شواهد.. فى الاثناء دى نشطت بعض الدوائر ذات الصلة الوثيقةب سيدصادق وآخرين من انصارو الملتفين حوله. .ضربوا اخماسُم فى اسداسُم وتنادوا “ليه ما يكون صاحبهم ابراهيم البدوى المتطلع من مدة ليكون وزير ماليه زى ازميلو بشير عمر اذا ما أدّتت الاحداث السياسيه فى اى وقت سواء مع الانقاذ او جاء الحكم يسعى للمر’ة الرابعه الى السيد الامام! وابراهيم وبشير اقتصاديين.. خبراتهم فى المؤسسات الخارجيه ومن اولاد الامام البرره ! يقبى عشان ابراهيم يكون وزير الماليه ..لازم حمدوك يبعد منها! ليه ما يترفّع الى اعلى! وكان المكتوب فى الازل ليهو ولغيرو!

  4. هوّ حمدوك دا السِمع بيهو منووو؟ قبل ما يظهراسمو كمرشّح محتمل للبشير لتعيينو وزير ماليه.. ناس الانقاز ابلغوه باحتمال الاختيار! لم يوافق ولم يرفض! ظل ساكت!خشمو عندو!..يبدو انه كان بيقوم باستشارات هنا وهنا. وبيحاول يوازن بين ماهو فيه وبين ما هو محتمل! مع خطوات لتوفيق اوضاعه مع الجهات الخارجية اللى كان شغّال عندها بالسنين .. يبدو انو مالقى من ينصحوه لقبول طلب البشير لأستوزارو! وواصل سكاتو..على كلِّن.. تسارعت الاحداث والحكايه جات فى مصلحتو! رغم انه لم يكن هو المرشح لرئاسة الحكومه..فقد رشحت عدة اسماء من داخل السودان لم يتم الاتفاق على اى منها! فهو لم يكن معروفا فى اى اوساط ثوريه.. جايز كانت عند ميول يساريه! الله يعلم!..لكن لم تكن لها آثار او شواهد.. فى الاثناء دى نشطت بعض الدوائر ذات الصلة الوثيقةب سيدصادق وآخرين من انصارو الملتفين حوله. .ضربوا اخماسُم فى اسداسُم وتنادوا “ليه ما يكون صاحبهم ابراهيم البدوى المتطلع من مدة ليكون وزير ماليه زى ازميلو بشير عمر اذا ما أدّتت الاحداث السياسيه فى اى وقت سواء مع الانقاذ او جاء الحكم يسعى للمر’ة الرابعه الى السيد الامام! وابراهيم وبشير اقتصاديين.. خبراتهم فى المؤسسات الخارجيه ومن اولاد الامام البرره ! يقبى عشان ابراهيم يكون وزير الماليه ..لازم حمدوك يبعد منها! ليه ما يترفّع الى اعلى! وكان المكتوب فى الازل ليهو ولغيرو!:: على فكرة.لم اكتب اى تعليق من قبل فى الموضوع دا..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..