
شاهدت مصادفة، مقطع من مسيرة الزواحف التى نظموها بمدينة الفولة أمس، فى هذا المقطع كان الهتاف الرئيسي للزحافة يقول (يا حمدوك يا كضاب أمرق أمرق داك الباب)، لم تعنيني كثيرا هتافيات تلك المسيرة، التي تحاول عبثا تقليد ومحاكاة هتافات الثورة وشعاراتها المبدعة، إلا من حيث أنها أعادت للذاكرة أدبيات الثورة وشعاراتها وهتافاتها المعبرة التي اجترحها شباب الثورة المبدع، ومن ذلك هتافهم المصنوع بتكلف واضح (يا حمدوك يا كضاب) الذي يعيد ذكرى هتاف الثوار الشهير (مش كدا يا وداد..كضاااااابة)، الذي اجترحه الثوار من كلمة لرئيس الزواحف المخلوع بمدينة الأبيض بمناسبة تخريج دارسين بفصول محو الأمية، وجاء فى كلمة المخلوع (الأبيض تستاهل أكتر من كدا..لأنها هي عروس..ليست عروس الرمال و إنما عروس السودان.. و العروس لازم تتزين و تتحنن.. و إلتفت إلى الوزيرة وداد التي كانت برفقته و قال ليها مش كدا يا وداد)، وقد صدق الثوار إذ لم يكن هناك أكذب من رئيسهم المخلوع حتى انه صار معروفا منذ زمان بين زملائه فى الجيش باسم (عمر الكضاب)، وتلك قصة أخرى لا تسعها هذه المساحة المحدودة..
لما كان الشئ بالشئ يذكر، فقد ذكرتني مسيرة الزواحف وهتافاتهم رديئة النسج، بتلك الأيام الثورية الملحمية البطولية لشباب السودان البواسل وكنداكاته الفارسات، واعادت للذاكرة هتاف (تسقط بس) الجامع المانع الرافض لأي تلتيق أو ترقيع بل تغيير شامل وكامل، وقفزت إلى الذاكرة صورة الدكتورة مودة جبريل ابراهيم من العاصمة البريطانية لندن وهي تتوسط ثلة من الكنداكات وتهتف بقوة وتردد الثلة من ورائها بحماس وثورية (حكومة الجوع.. تسقط بس، حكومة العسكر.. تسقط بس، حكومة الجبهة.. تسقط بس)، وفي عطبرة الثورة كان الهتاف الأبرز (شرقت شرقت.. عطبرة مرقت)، ثم هل ننسى شعار الثورة المركزي (حرية سلام وعدالة..الثورة خيار الشعب) ومن أبرز الهتافات التي رددها المتظاهرون )نحنا مرقنا مرقنا ضد الناس السرقوا عرقنا)، و(أي كوز ندوسو دوس..ما بنخاف ما بنخاف)، الذي يقول عنه الثوار أنه يأتي كرد مضاد لشعار الفلول (فليعُد للدين مجده أو تُرق منا الدِماء..أو تُرق منهم دِماء أو تُرق كل الدماء)، ومن الهتافات الثورية (رُص العساكر رص..الليلة تسقط بس)،و( يا عنصري ومغرور.. كل البلد دارفور)، و (نحن مرقنا وما خايفين وين الفاتح عز الدين)، وكان ردا على تهديدات القيادي بحزب المؤتمر الوطني الفاتح عز الدين بقطع رؤوس المتظاهرين. وكان الثوار يتفاعلون كثيرا مع هتاف (الطلقة ما بتقتل بقتل سُكات الزول)، و(دم الشهيد بكم، ولا السؤال ممنوع)، و(دم الشهيد ما راح لابسنو نحنا وشاح)، وغيرها من هتافات وشعارات ثورية ستظل راسخة وباقية وخالدة لن تنمحي ولن تزول، ونأمل لا يضيع هذا الثراث الثوري بالمشافهة دون توثيق وتدوين وحفظ بأن تنهض مجموعة من شباب الثوار لاداء مهمة التوثيق ليوميات الثورة وادبياتها منذ انطلاقتها وحتى تتويجها بالنصر..
حيدر المكاشفي
الجريدة