مقالات وآراء

العقوبة يا انتقالية

أشارت دراسات إلى نجاح تطبيق العقوبات البديلة داخل السجون في عدد من الدول و درجة انعكاس تطبيقها على البناء الاجتماعي للأسرة واستقرارها ويحافظ عليها من التفكك ويعد أفضل بكثير من وضعهم داخل زنازين تكلف الدولة ملايين الدولارات والكثير من الهموم الأمنية طوال فترة تواجدهم بين المجرمين في السجن قرابة الــ(40) ألف نزيل يجوبون سجون السودان عبر أوامر النقل التي تصدرها السجون بين فترة وأخرى العقوبات البديلة أو (بدائل عقوبة السجن) كما تم تعريفها هي: “مجموعة من التدابير التي تحل محل عقوبة السجن، وتعمل على تطبيق سياسة منع الحرية”. ويتخذها القاضي بدلاً من عقوبة السجن، وتكون بخدمة يقدمها السجين لفئة من فئات المجتمع، أو لجهة، أو موقع خيري، أو الالتحاق بمرفق تعليمي، يستفيد منه السجين بهدف إصلاحه وحمايته من الأذى، وتقديم خدمة لمجتمعه.. وقد تُعرَّف أيضًا بالعقوبات ذات النفع العام؛ لأن السجين ينتفع منها من خلال إصلاحه في المجتمع، والمجتمع ينتفع منه من خلال اندماجه. وغالبية الأنظمة العدلية والقضائية في كثير من دول العالم اليوم تتجه لتفعيل السياسات العقابية الحديثة؛ فتعمل على تطبيق العقوبات البديلة لأسباب إنسانية واجتماعية ووطنية واقتصادية، وبالأخص في الجرائم والمخالفات التي تقع لأول مرة، أو من فئات الشباب التي دخلت السجون نتيجة أسباب اقتصادية.
ويرى مختص قانوني إن عقوبات بدائل السجون قد تكون غرامات مالية، أو أعمالًا خدمية واجتماعية،، أو إلزام المحكوم عليه بالأعمال اليدوية والتوعوية ونجد أن الأعمال اليدوية هنا في السودان موجودة داخل ورش السجون فقط لا تنتقل إلى خارجها ومع العلم إن ذلك فيه خدمة للمجتمع وتطوير لذات النزيل وتعديل سلوكه بما يمنعه من العودة لجرائمه، ويمنع المحكوم بالسجن مع وقف التنفيذ من السفر مطلقًا
المادة 208 تتيح لرئيس الجمهورية وبصلاحيات واسعة أن يصدر العفو العام في الحق العام ويجب أن لايكون الإفراج بموجب قانون السجون ولائحة تنظيم السجون لأن الإفراج يكون مقيداً ..كما يجب المساواة بين النزلاء كذلك للاستفادة من لائحة السجون التي تجمد جزء منها بسبب التدخل السياسي في تقديري أن الشرطة عبر إدارة السجون استطاعت الحفاظ على أمنها ومن بداخلها في ظل الظروف التي مرت بها البلاد من توترات أمنية وهذا يعكس أيضاً أن معظم من بداخل السجون عقولهم ليست إجرامية ولايميلون للعنف بل يتمتعون بالأخلاق السودانية حيث إنهم ساندوا الثورة دون اللجوء للعنف أو اختراق القانون.
حيث أخير
التحدي لازال أمام السجون أن تسرع في إعداد الكشوفات ومساندة الدولة في تطبيق المواد التي تنصب في مصلحة النزيل وأسرته.

رجاء نمر
التيار

تعليق واحد

  1. هذه لفتة عميقة منك يا استاذة رجاء وتحتاج إلى بحوث في القانون والسياسة العقابية وفق الاتجاهات الحديثة. فحقيقة لم تعد أنماط العقاب التقليدية الموروثة صالحة للظروف الراهنة. فالسجن لم يكن عقوبة أصلية في التاريخ الإسلامي حيث كان الحبس وسيلة لتنفيذ الأحكام الأدائية فقط كحبس المدين لأداء الدين، أو وسيلة لضمان المحاكمة بمعنى حبس المتهم لمحاكمته وبعد المحاكمة لا يسجن عقابا لأي جريمة يدان بها وإنما قد يستمر حبسه فقط لتنفيذ الحكم عليه مثال إلزامه بأداة حق للمحكوم لصالحه أو لتنفيذ عقوبة الجلد أو القصاص أو الدية إلخ..ففي البدء لم توجد مؤسسات سجون ولم تظهر إلا بعد تطور سياسة التجريم وتوسعه بتقنين المزيد من التجريم في الدولة الحديثة بزيادة عدد الأفعال المجرمة في قوانين العقوبات وقد كانت في الماضي فقط حفنة من الأفعال التي تصنف جرائم أساسية (حدود) كالقصاص والزنا والقذف والسرقة والنهب. ومع أن تطور مؤسسات السجون ونظمه لم تكن لتبرر التغيير في سياسة العقاب بإضافة السجن والحبس كعقوبة في حد ذاتها فقط لتوفر السجون، فهذا ليس مبررا لتغيير السياسة العقابية بل العكس هو الصحيح حيث تطور التوسع في السياسة العقابية هو الذي أدى إلى التوسع في مؤسسات السجون. وكان المفروض أن تحافظ السياسة العقابية على بدأت عليه بشأن الحبس أو السجن فقط كوسيلة وليست غاية أو عقوبة في حد ذاتها! فالمبدا هو أن الحد من الحرية لا يجب أن يكون عقوبة مطلوبة لذاتها وإنما كضرورة للنظر في مظلمة أو إجبارا لأداء حق.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..