ولاة الولايات .. دفتر الحضور الثوري من جديد

أنفاس الفجر
عوض البارئ محمد طه
تأخر كثيراً تعيين ولاة الولايات المدنيين وقد إرتبط التأخُر بالتأخير في توقيع اتفاق سلام نهائي ننتظر ان يُزف الينا خبره من عاصمة دولة جنوب السودان جوبا , صحيح ان السلام مكسب كبير ينتظره الشعب السوداني وهو الاولية الاولى للفترة الانتقالية حتى قبل الملف الاقتصادي وهو بلا شك مرتبط بالملف الاقتصادي ارتباط وثيق اذ لا تنمية و لا تعافي اقتصادي بغير سلام شامل يسكت صوت البندقية الى الابد , و لكن تأخير تعيين الولاة غيب الثورة تماماً عن الولايات _ و هنالك شواهد _ جعلها قاصرة حتى الان على المركز ، فعاشت الولايات ما يمكن ان نسميه (تهميشاً ثورياً) رغم انف الثورة التى انطلقت من الولايات ..!!!
ان الولاة العسكرين بذلوا ما فى وسعهم للمحافظة على الامن و انسياب السلع الضرورية والاحتياجات الاساسية لمواطني الولايات ولكن بحسبانهم مكلفين – غير راغبين في إستمرار التكليف – لم يصدروا القرارات الثورية التى ينتظرها الشعب السوداني في الولايات لتواكب التغيير في السودان إلا من بعض القرارات هنا وهنالك على غرار ما فعله والي القضارف المكلف مؤخراً, و ما فعله والي البحر الاحمر جراء الضغط المتصاعد من قبل تجمع المعلميين بولاية البحر الاحمر فيما يلي تعيين مرشحهم الاستاذ تاج السر هداب .
لقد ترتبت على تاخير تعيين الولاة المدنيين ( خسائر ثورية فادحة ) بالولايات – ان جاز التعبير – فالولايات تعانى من ذات الوجوه وذات الاداء وذات الطريقة .. و حتى الذين حاولوا ان يدعوا الثورية من رموز النظام البائد و يركبوا قطار الثورة فى مقطوراته الخليفة لم يفلحوا في ذلك لان الطبع يغلب التطبع . كما ان عدداً من الولايات شهدت اضطراباً امنياً و عنفاً و صراعات دامية ظاهرها قبلي و باطنها يعج بآيدي خفية و مطامع اقليمية لا تريد للسودان استقراراً, ومنها ولاية البحر الاحمر التى هي عرضة لكل المطامع الخارجية .. وقد يقول قائل ان الولي العسكري بخلفيته العسكرية أجدر وأقدر من الوالي المدني على حسم التفلتات ولكن الأمر على النقيص من ذلك حيث ان الولاة العسكريين جُلهم ان لم يكن كلهم باستثناء والي البحر الاحمر الذي جاء والياً للولاية من كلية هيئة القيادة والاركان خلفاً للوالي المكلف السابق اللواء عصام عبد الفراج الذي اُقيل من منصبه على خلفية الأحداث التى تزامنت مع عيد الفطر المبارك , الا ان الاخرين كانوا قادة للمناطق العسكرية في ولايتهم فانشغلوا عقب بيان برهان في ابريل الماضي بشؤون حكم الولايات و تركوا فراغاً أمنياً كبيراً وهذا ضمن الاسباب التى ادت الى التفلتات ، و كان الاولى ان يتفرغوا لمهامهم الامنية وهم من يقودون القوات المسلحة في الولايات وبالطبع القوات المسلحة في كل مكان هي صمام الامان الذي يثق فيه الشعب السوداني .
إن تأخر تعيين الولاة المدنيين جعل تجمع المهنين يعود الى جداول التصعيد الثوري وهو احد ابرز مكونات قوى اعلان الحرية و التغيير التى تمثل الحاضنة السياسية للحكومة الانتقالية , فهل هو محق في ذلك ؟ أم إن الأمر فيه تعجل ربما يقطع الطريق أمام السلام الذى بات وشيكاً بحسب ما يرشح من عاصمة الجنوب من أخبار ؟
يبدو أن سوء تقدير الزمن فى الوصول إلى السلام جعل الأمر معقدا ومملاً حتى لجأ تجمع المهنين إلى خيار الضغط الثورى .
عوض البارئ محمد طه
[email protected]