
11 مارس 2011
أكدت وزيرة الخارجية الأميركية أمام مجلس شيوخ بلادها “سعي الولايات المتحدة لمنع السودان من التحول إلى صومال آخر في ظل انطلاق عدد من الثورات الشعبية بالبلدان العربية”، وتعهدت بتقديم مساعدات للخرطوم لم تسمها لكن وصفتها بالإيجابية، وقالت إن لدينا مسؤولية كبيرة نحو السودان، وفي الوقت الذي نركز اهتمامنا على ما يدور في المنطقة العربية، فلن ندع السودان يتحول إلى صومال آخر.
ونقل القيادي في “الحركة الشعبية” لوكا بيونق، بعد اجتماعه مع مساعدة مدير المعونة الأميركية “راجا جنداهايها”، أن بلادها شرعت في إجراءات لإعادة المساعدات التنموية للسودان شمالاً وجنوباً. وقال بيونق إن المسؤولة الأميركية أبلغته بأنهم عاكفون على إعادة المساعدات التنموية للسودان، كما وعدت بالمحافظة على الدعم الممنوح للجنوب بذات المستوى الذي كان عليه قبل الإجراءات التقشفية.
ويقول العالمون ببواطن الأمور إن الأميركيين يريدون تحقيق إنجاز في عملية السلام ووضع أسس لعلاقات صحية بين دولتي السودان، وإنهم حريصون على أن يحصلوا من نظام الخرطوم على أكبر قدر من التعاون لتنفيذ اتفاق السلام، باعتبار أن الولايات المتحدة هي الراعي الأكبر لهذا الاتفاق الذي بدأ في عهد بوش.
وثمة الآن شعور في الخرطوم بأن واشنطن بدأت تتفهم أوضاع السودان، وأنها حريصة على وفاء الحكومة السودانية بالتزاماتها تجاه الجنوبيين، كما تؤيد الدعوة الصادرة عن بعض الأحزاب والقوى السياسية الشمالية والجنوبية إلى عقد ميثاق بين الدولتين يكون أساساً لعلاقات حسن الجوار والتعاون الاقتصادي والأمني بينهما.
وإلى جانب كل هذا، فالواضح أن الولايات المتحدة مهمومة الآن بالتطورات المتلاحقة في العالم العربي، وهي لا تريد حدوث “تطورات مفاجئة” في السودان، وأن جناح الإدارة الأميركية الذي راهن على احتواء نظام “الإنقاذ” بدأ يملك من المعلومات ما يجعله قريباً من الثقة في حكومة الخرطوم، ويعتقد أن بإمكانه إحداث انقلاب سياسي سلمي داخل الجماعة الحاكمة، لعلمه باستحالة استمرار أوضاع ما قبل يوليو القادم، وبأن أصواتاً كثيرة بعضها مؤثر بحكم أقدميته في بناء الحركة الإسلامية السودانية، بدأت ترتفع بالدعوة للإصلاح. وقد أصبحت أخبار خلافات “حزب المؤتمر الوطني” معروفة، علاوة على بروز تيارات شبابية داخل الحزب تطالب بتغيير وتبديل “الطاقم الحاكم”.
وفي الجانب الآخر يبدو أن لجنة حكماء إفريقيا برئاسة ثابو امبيكي، وخلال اجتماعات أديس آبابا التي عقدت الأسبوع الماضي، توصلت إلى إقناع الشريكين بضرورة الوصول إلى حلول مرضية للقضايا العالقة قبل يوليو القادم. فقد أعلن امبيكي أن الطرفين اتفقا على مواصلة التفاوض بهدف الوصول إلى مبادئ رئيسية تفضي إلى بناء دولتين مستقرتين، وأعلن أن اللجنة المعنية ببحث مسألة أبيي ستجتمع في غضون عشرة أيام بالرئيس البشير ونائبه سيلفاكير، وقال: “يتعين حل هذه المشكلة بمشاركة الشخصيات الرئيسة في شمال وجنوب السودان”.
وكانت الولايات المتحدة قد وعدت بمساعدة السودان في إقناع الدائنين بإعفاء بعض ديونهم عليه. واقترح امبيكي تشكيل وفد من الجانبين لحضور الاجتماع المشترك للبنك وصندوق النقد الدوليين والذي سيحضره معظم دائني السودان.
إذا صدقت وزيرة الخارجية الأميركية بوعدها، قد نشهد ربيعاً جديداً في العلاقات الأميركية السودانية، ربما يخفف التشدد الذي تمارسه الحكومة على المعارضة حالياً، بما يدفع نحو التعامل مع الأجندة الوطنية على نحو يجنب السودان أزمات أكبر مما يعيشها اليوم.
عبدالله عبيد حسن