مقالات سياسية

لماذا لا نطبع !؟

سهير عبدالرحيم

المثل الشعبي السوداني الدارج الذي يقول: (ناس البكاء استغفروا والجيران كفروا)، انطبق علينا حرفياً، ذلك أننا الدولة الوحيدة التي حتى وقت قريب تكتب في جواز سفرها (صالح لكل الدول عدا إسرائيل).

في الوقت الذي يمضي فيه الفلسطينيون جيئة وذهاباً بين القدس وتل أبيب مثلما يتحركون في غدوهم ورواحهم بين رفح ورام الله، بل أن ثلث الفلسطينيين يعملون موظفين وعمالاً وحتى مزارعين في الحقول الإسرائيلية.

وهنا لا نريد التحدث عن الفلسطينيين الذين يعملون جواسيس في جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) أو الذين يعتبرون دليلاً للعيون الإسرائيلية في تنفيذ عمليات اغتيال كثيرة طالت قيادات فلسطينية رفيعة، لا نريد أن نتحدث عن هؤلاء، فالجواسيس في كل العالم لا يمتلكون ولاءً ولا ايماناً إلا (بمحفظتهم).

ولكننا نود القول إننا ومنذ أن فتحنا أعيننا على الدنيا وجدنا أن السودان في حالة عداء سافر مع إسرائيل، وتشربنا هذا العداء في قصائد اللغة العربية: أنا من يافا.. أنا من صفدي.. سرقوا بلدي بلدي المحتل فلسطين.. لم يزهر فيه الليمون لم تضحك فيه الأحياء.

ثم تشربناه مزيداً في الجغرافيا ونحن ندرس خرائط كل الدول، ونعرف أن القدس عاصمة فلسطين المحتلة، دون أن يشُار الينا في الاطلس الى الدولة المحتلة، ثم نقرأ مجدداً التربية الإسلامية ونتشرب أكثر بقصة السيدة مريم العذراء وسيدنا المسيح عليه السلام وبيت لحم وبيت المقدس، ونتشرب أكثر بأن الجهاد ضد إسرائيل شرف وشهادة.

ثم نتشرب أكثر وأكثر في التاريخ بأن ندرس وعد بلفور لليهود وزراعة المستوطنات وخطة الاستيطان الكبرى، ونقرأ عن هزيمة الإسرائيليين في خط بارليف بمتعة كبيرة، ذلك دون أن نستصحب النكسات المتوالية للعرب في حروبهم مع إسرائيل.

اخبرونا بأن اسرائيل محتلة، ولكن لم يخبرونا بأن إسرائيل التي خاضت الحروب وعركت الانتفاضات مع الفلسطينيين لم تلن لها قناة، ذلك لأن اللوبي اليهودي في واشنطون يوفر لها الغطاء والحماية والدعم المادي والعسكري واللوجستي، فكان العرب وفي كل حروبهم يعودون بخفي حنين.

ومنذ حرب ١٩٤٨م مروراً بالعدوان الثلاثي ١٩٥٦م ونكسة ١٩٦٧م وحرب الالف يوم، او كما يطلقون عليها حرب الاستنزاف واكتوبر ١٩٧٣م او حرب تشرين وحرب لبنان (عملية الصنوبر) ١٩٨٢م والصراع في جنوب لبنان، مروراً بالانتفاضات الفلسطينية وآخرها عملية العصف المأكول أو الحرب على غزة الأخيرة.. كانت إسرائيل الرابح الاكبر …؟

خارج السور:
المصيبة ليست في هزيمة إسرائيل للعرب، ولكن المصيبة أن جل الدول التي خاضت حروباً ضد إسرائيل كانت الأسرع في التطبيع معها.
سهير عبدالرحيم
[email protected]
نقلاً عن الانتباهة

‫6 تعليقات

  1. السودان عايز يطبع مع اسرائيل، مع العلم انه كان ضمن الوفد الفلسطيني في اسلو عام ١٩٩٣ لتوقيع اتفاقية سلام وتطبيق مع دولة (العدو)!!، وعنده عشرات الصور مع شخصيات اسرائيلية بارزة في ال”YouTube”….

    بالمناسبة: لااعرف كم عدد الفلسطيين في السودان؟!!، لكن اخر احصائية اسرائيلية عام ٢٠١٨ اكدت ان عدد السودانيين في كل مدن اسرائيل وصل الي اكثر من (٧) الف شخص…ولا يوجد اي رقم عن عدد السودانيين في قطاع غزة ورام الله!!…الاردن طردت قبل عامين (٨٠٠) لاجئ سوداني بحجة انهم يرغبون الدخول لاسرائيل، وارجعتهم الي السودان!!

  2. المسألة يا سهير ليست في تطبّع أو لا تطبّع وإنما السؤال هو من يتخذ قرار التطبيع من عدمه!!! أرى أغلب المتناولين للموضوع تأييداً ومعارضة يجهلون هذا السؤال ويتكلمون فقط عن موقفهم من التطبيع من حيث هو؟ فهل يؤيدون التطبيع ولو جاء من البرهان وحده أم لا يقبلونه إلا إذا جاء من مجلس الوزراء؟ مع ملاحظة أن مجلس الوزراء يستحيل أن يفعل هذا وهو يعلم أن هذا ليس من صلاحية الفترة الانتقالية

  3. نحن الآن في مرحلة بناء النظام، المهم هو منهجية الحكم وليس القرارات نفسها، المسائل المصيرية التي تغير سياسة تاريخية ومختلف عليها مثل هذا الموضوع يجب أن تترك لحكومة منتخبة، كما عدد وزير الإعلام، وحتى عند وجود الحكومة المنتخبة، يجب أن نتوخى الممارسة الديمقراطية المتجذرة وليس مجرد الاقتراع، التغييرات الهامة في السياسات -وأعتقد القرانين أيضا- يجب أن تبدأ من المستويات الدنيا لهرم السلطة ألا وهو الشعب، يلزم السماح بالنقاش الشعبي حول المسائل الهامة ومن ثم بلورة السياسات على ضوء الرأي العام المتكون، من المؤسف أن لا نأخذ العبر من دروس “المشروع الحضاري” الذي حاول فرض وصايته على قيم المجتمع وعكس عقيدته على السياسة الخارجية.

  4. حقيقة لا زالت قلقاً من الشد والجذب والتقريع والانتقاص والاتهامات سوى كانت مؤسسة أم غير ذلك.
    مبعث هذا الخاطر عندما أرى الحديث عن الصلاحيات والتفويض ومن يضطلع باتخاذ القرار وو ألخ.
    لقد كان السيد الصادق المهدي بما لديه من خبرات سياسية ، سباقاً في التنبيه بضرورة تحديد الاختصاصات والصلاحيات منذ الوهلة الأولى لبداية تكوين مجلس السيادة ومجلس الوزراء. ولم يلتفت أحد إلى ما ساقه من أهمية هذا الأمر من حيث أنه لم يشارك في الثورة وأنه كان على وفاق مع حكومة الإنقاذ التي هبة ديسمبر ٢٠١٨!!

    يغيب على معظم شرائح الثورة أن الثورة لم تأت لتقصي الآخرين بل أن هدفها إزالة النظام الحاكم ووقف استباحة الوطن على كافة الأصعدة التي مارسها كما نعلم.

    لقد إتخذ أعداء الوطن من أبنائه للأسف معولاً هداماً لإجهاض الثورة بمحاربة كل الأجيال من مؤسسات وأحزاب وتجمعات بل أفراداً ليس لهم ذنب غير أنهم نشأوا خلال الثلاثين العجاف التي عاشتها فترة الإنقاذ . وبكل تأكيد – أن الإقصاء ومحاولة حرمان كل الفئات من الانصهار في مسيرة العهد الجديد لهو الجهل بكل مقوماته!
    فهذه الثورة قام بها الشباب زخيرة المستقبل وهم يفتقدون القيادة الواعية التي تعرف الطريق الصحيح لتحقيق أهداف هذا الشعب الذي عانى ولم يزل ، أنهم بحاجة للرأي السديد والقدوة السياسية الحسنة.

    أرى جعجعة السودانيين التي تنم عن افتقار شديد للنظر أبعد من وقع أقدامهم مع التقدير لفئة قليلة لم يفسح لها المجال بل الأصح أنها تنأى بنفسها عن آسن العمل السياسي خاصة الشتات الفكري الذي اعترى كل فرد وجماعة حتى لم يعد يُعرف مصير البلاد – هل منا من يتنبأ بما سيؤول إليه الوضع في ظل المعطيات الماثلة الآن ؟

    فليعلم من لا يعلم أن الأحزاب المتمثلة في حزب الأمة والاتحادي الديمقراطي والجبهة الاسلامية والحزب الشيوعي والبعثي وغيرهم هم الأساس والقاعدة الجماهيرية لإرساء دعائم الديموقراطية والحكم ، ولا غيرهم ، رغم إخفاقات العمل الحزبي المتعددة منذ النشأة ولكن هذا قدر الأمة.. فلا تزيدوا الطين بلة كما يقال ، ولن يستطيع أي عاقل أن يلغي حق أي مواطن مهما فعل ، فهذا وطنه الأم – فهل يتم نفيه من الأرض؟ أصحوا شوية ياناس ، أنتم محاصرون ويجري تنفيذ مخططات تقسيم البلاد فماذا أنتم فاعلون؟

  5. ماذا فعل البرهان ..!!؟؟…
    : فعل البرهان ما كان يجب ان يفعل منذ زمن بعيد ولوا فعلوا ( الاكابرة) لما كنا وما كان السودان في هذا الوضع المذري …!!لو اعدنا وطبعنا علاقاتنا مع اسرائيل فلسنا اول من يعيد او يطبع علاقاته معها .. ففي الدول العربية وحدها يوجد خمس دول عربية او يزيد ترفرف اعلام اسرائيل فوق سمائها …
    ومالنا نذهب بعيد فأهل القضية نفسها ( الفلسطينيين) تربطهم علاقات وثيقة مع اسرائيل ومنها العلاقات التجارية التي تخدم مصالح الطرفين فهم وبشكل يومي يتبادلون العمل في كل انواع التجارة الزراعية منها وغير الزراعية .. الخضروات والفواكه يتم تبادلها بشكل يومي والزيارات المجتمعية متبادلة بينهم .. بل تجمعهم علاقات اسرية ويتم الزواج فيما بينهم .. وغير ذلك الكثير ..
    فمالنا نحن في السودان يحرم علينا التعامل الودي والتجاري مع اليهود وغيرنا يسمح له بذلك … ولاتنسوا ان نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم قد تعامل بالحسنى مع اليهود ما جعلهم يدخلون طائعين في الاسلام ..
    ان كانت اسرائيل دولة (كافرة) وغير مسلمة ولا يجب ان نقيم علاقات معها فلماذا نقيم علاقات مع الصين ومع فرنسا ومع بريطانيا ومع امريكا ( وبشكل واسع ان شاء الله ) فهل هذه دول اسلامية …؟؟؟
    عودوا الى رشدكم وافعلوا ما فيه مصلحتكم ومصلحة شعبكم الذي طحنته معاناة الفقر والجوع والعطش ….
    ( خليكم من هذه المثالية الزايدة عن الحدود )….
    تخريمة :
    استاذة سهير : وانتي الصحفية الشجاعة والجريئة التي لا يشق لها غبار ، ليتك تكتبي وباسهاب للمسوولين في الدولة من اعلى الهرم ان يتقوا الله في هذا الشعب ( النادر وجوده في العالم) والصابر على الامرين ان يفعلوا كل ما من شأنه ان يفك الضيق عن هذا الشعب الابي ( حتى لو يتحالفوا من الشيطان الاكبر) ولا ينسوا انهم قد وصلوا الى كراسيهم هذه بهذا الشعب المارد الجبار وبامكانه ان ينزعهم منها ويرمي بهم في مذبلة التاريخ …
    وفقك الله ولا تخافي في الحق لومة لائم وانتي كذلك ..

    محمد فضل – جدة

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..