أسامة رقيعة من داخل الكنيست الاسرائيلي … !!!!

حين وصلنا الى هناك كان قد أشتد بنا الجوع ، هذه الأرض أحبها ، ولكننا لا نعرف طرقاتها جيدا ، كنت وفي خضم ضبابية الطرقات وهيجان معدتي الجائعة أحلم بخبز حار ، أغمسه جيدا في حساء دافي ثم أرسله الى معدتي فتهدأ هي وأحس أنا بالاسترخاء .
فكرة ما لمعت في ذهن مرافقي ، فرأيته يضئ جواله ويقول لي : الخرائط من قوقل أو نظام تحديد المواقع العالمي ( الجي بي أس ) ، سوف نبحث عن مطعم عربي يكفينا شر هذه الجوعة ، فقلت له وانا أضع يدي فوق بطني نعم أسرع وركز في بحثك عن أي طعام حلال ( حلال فوود ) وربما تكون النتيجة أسرع، وهكذا ظهرت أمامنا وعلى شاشة جوال مرافقي أسم مطعم وقد رأينا صورته فهتفنا معا .. ها هو لابد انه مطعم عربي ، كانت بيانات المطعم على الخارطة توضح انه يبعد حوالى 11 كيلو متر تقريبا من موقعنا ، فلم اتريث انا بل نظرت امامي في الطريق فوجدت يدي قد ارتفعت تلوح لاقرب تاكسي يمر من أمامنا فيما اقول لمرافقي شغل نظام الجي بي اس في هاتفك ودعنا نقود صاحب التاكسي فهو مهما تحدثنا اليه لن يستوعب مقدار جوعتنا وحنيننا الى الخبز الحار والطعام الدافئ في هذا الليل البارد.
انطلق التكاسي المطيع وقد كان يخترق الطرقات في سهولة ويسر ويعبر الازقة الضيقة بين المباني العاليات كما ولو انه ينزلق على الجليد ، وبعد دقائق أخبرنا نظام تحديد المواقع اننا قد وصلنا الى وجهتنا ، فهبطنا من التاكسي ونقدناه الفلوس شاكرين ، وبينما انا اترجل من التاكسي أصبت ببعض الاحباط حاولت أن اعالجه سريعا مرتكزا على صياح معدتي وأحساسي بالجوع ، كان المكان متواضعا جدا ولايشير الى ثمة مطاعم كبيرة ، بل كل مافيه بعض الدكاكين الصغيرة المضاءة بعناية والمحلات ، وفي الطرف البعيد من الشارع ثمة شي كأنه فرن للمخبوزات او شي من هذا القبيل ، التفت لمرافقي فوجدته يوزع نظراته بين جهازه الجوال الذي في يده وبين واجهة المحلات والدكاكين محاولا مطابقة الاسماء كما ظهرت لنا ثم فجأة انتفض هو واسرع نحو مكان مضاء ثم حثني على متابعته ، نعم كان هو ذاته مطعمنا الذي على الخريطة وهنا حاول الاحباط ان يطل على برأسه مرة اخرى ولكني سبقته بالدخول الى المطعم .
المطعم صغير جدا في حجم الصالون لا اكثر ، المطبخ ومكان اعداد الطعام في الواجهة يحتل مساحة بالكاد تسع لشخص واحد ولكن بداخلها ثلاث فتيات رقيقات وسريعات الحركة ولا شك ان كل شي نظيف جدا ومضاء بعناية ، والى الداخل قليلا طاولة مرتفعة لا تزيد مساحتها عن مساحة كتاب متوسط الحجم وعليها جهاز صراف كمثل ذاك الذي في كل المطاعم ويقف خلف الطاولة شاب شديد بياض البشرة كامل الوقار وافر الاحترام وفي عينيه بريق الذكاء ، كان سريع الحركة خفيف التنقل ، بادرته بسؤال الجائع المتلهف ماذا تقدمون من طعام نريد ذلك الذي لا ياخذ وقتا في الاعداد .
اللحظة الذي جاوبني فيها ذاك الشاب عن نوع الطعام صاحبني فيها بعص الخدر قي جسمي ولا ادري اين اختفي الاحساس بالجوع لان ما سمعته جعلني أحس بالفعل أنني داخل الكنيست الاسرائيلي وأن كل الذين في هذه المساحة الصغيرة هم الحكومة الاسرائيلية بذاتها ، لا بل انني التفت ناحية مرافقي فبدت لي صفحة وجهه وهو يبتسم بخفة ظل كمثل باراك أوباما وهذا الداخل مجدد من خلفه نحو المطعم هو دونالد ترامب نفسه لا أحد غيره ، فقد قال لي الشاب الانيق نحن نقدم طعام اسرائيلي فهو مطعم اسرائيلي متخصص ، حاولت أن أخفي كل هذا الشعور بان أساله مرة اخرى كما ولو اني لم أسمعه أو لم أفهمه بعد ، ما هذه الورطة يا صديقي تخيلت انني لو خرجت سوف يبلغ عني ولو دخلت اي طعام سوف اطلب ، هل اقول انني قد شبعت ولكن هؤلاء الاذكياء قد يكتشفون انني جائع بالفعل ولهذا اتيت ، ولكنني لم اعرف اين راح احساسي بالجوع واين ذهبت اشواقي للخبز الحار ، التفت لمرافقي واعترفت له اننا قد دخلنا بارجلنا الى الكنيست ولا مجال لنا للعودة ولابد ان ناكل .
قدم لنا الشاب قائمة الطعام وأنا الان اعترف انني قد رفعت نظارتي ووضعتها ثلاث مرات ثم اقتربت من الاضاءة اكثر حتى استجمعت نظري الشارد فلمحت في وسط القائمة كلمة ( حمص ) فعدت اساله هل تضعون زيت الزيتون الرائع على الحمص ؟ فانا احب الحمص جدا بزيت الزيتون الدافئ – وفي الواقع انا لا افعل – ـ فقال لي لا نحن في هذا المطعم نضع زيت نباتي به القليل من الثوم ونصنع الحمص يدويا في البيت فهللت له نعم هو جميل احبه ايضا اذا امنحني طبقا من الحمص وذهب خيالي اي بيت هذا واي يد هي التى سوف تقدم لي هذا الحمص وجلست على الطاولة ومرافقي امامي .
كيف تصنع الامم هيبتها بغض النظر عن اي شئ ، انا لا اعرف احدا هنا ولكني اعرف من اين هم ، تذكرت زياراتي السابقة لامريكا واوربا واسيا تذكرت اصدقائي المقيمون هناك لم يخطر ببالي كيف هم يتعاملون حين ولوجهم الى ثمة مطعم اسرائيلي وقد لمت نفسي كثيرا لما لم اسالهم واستفسر منهم قبل مجئي الى هنا وكيف انني في كل جولاتي هذه لم استعد لمثل هذا اليوم !!
اكلنا ورفيقي ذاك الحمص وطلبنا مزيدا من الخبز وابتسمنا لمن حولنا وقد ختمنا جلستنا تلك بكوب من عصير البرتقال المحلى بالعسل وذهبنا الى فندقنا كي ننام في صمت والامطار تداعب هذه العاصمة التايوانية تايبيه وتمنحني جمالها الذي اعتادت ودون سبب واضح تذكرت في شوق كبير الكثير من أصدقائي الذين درست معهم القانون بجامعة الخرطوم ، ولنا عودة .
أسامة رقيعة
[email protected]
باحش يا رقيعة بتاع قانون جامعة الخرطوم!!
ناوي على تطبيع يا معلم؟
طيب ما تقول بالواضح؟؟؟
اللف والدوران لزومو شنو؟
عامل فيها ذكي؟