
الكاتب ” المتطبع البرهاني ” زهير السراج كتب مقالا بعنوان ” لماذا اختير البرهان وليس حمدوك للقاء نتنياهو ؟ ” ثم دلق الكثير من حبر المحبة في البرهان والتخليط في الأمور واللخبطة في المعلومات والتحليل ليصل إلى نتيجة مفادها حسب قوله :” أن حمدوك لم يُظهر خلال الفترة التي تقلد فيها المنصب أي جرأة أو شجاعة في اتخاذ القرار، في أشياء بسيطة جداً مثل فتح تحقيق في جرائم دارفور والتفاهم مع المحكمة الجنائية الدولية بشأنها، والتوقيع على اتفاقية حقوق المرأة المعروفة بـ (سيدوا)، وتقديم بعض التنازلات التي تفتح الطريق أمام مفاوضات السلام ..إلخ كما تحيط به مجموعات وأفراد لا يمنحونه الفرصة لاتخاذ ما يراه مناسباً من قرارات، فكيف لرئيس حكومة بمثل هذه المواصفات أن يجرؤ على لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي، لذلك تم تجاوزه، وكل الخوف إن يستمر بهذه الطريقة، فيتجاوزه الزمن والشعب ومحبوه الكثيرون!” .. وهنا نود أن نخبرك أيها الكاتب قصير النظر المماليء للعسكر أن البرهان لم يتم اختياره لجرأته كما توهمت ولا لقدرته على اتخاذ القرار كما تخيلت .. وهذا تدحضه الشواهد منذ أن تولى رئاسة المجلس الانتقالي ثم المجلس العسكري فرأيناه ضعيفا ” لا يهش ولا ينش ” .. هو المسؤول الأول يعترف بفض الاعتصام ثم ينكر ذلك على الملأ .. يقطع الحوار مع قوى الحرية والتغيير ثم يعود صاغرا .. إلخ ما تعرف ونعرف .. إلا أن اختياره جاء من جهات تعلم مواصفات ” الصيدة ” مثلما تعمل الجهات الأمنية حين ” تجنّد عملاءها ” فهي تدرس مواطن الضعف والقصور والاستغلال والتهديد إلخ .. فالبرهان إن لم تكن تعلم ، نفيدك بأنه كان الصيد الأمثل لأجهزة مخابرات عربية وعبرية وغربية بمعرفة حكامها للزج به في ورطة ” المغفل النافع ” .. وقد كان فلم يخرج البرهان إلا بغبار وعاصفة من ” الجدل ” حين تنقشع لن يجد في الطاولة أمامه غير عبارة ” يبقى الحال على ما هو عليه .. مع السلامة .. انتهى دورك”
أولا : لعله مما لا يخفى أن البرهان كان من الضباط الكبار في عهد المخلوع .. وبقليل من المراجعة ربما لم يكن بعيدا من المعرفة عموما بملف الجهود التي كان يبذلها النظام السابق نحو التطبيع مع إسرائيل حيث لم يكن ذلك سرا خاصة في الفترة التي زار فيها الرئيس التشادي إدريس دبي إسرائيل .. والاحتمال الأكبر أن البرهان كان من مؤيدي التطبيع آنذاك ومن ثم فإن وصوله للسلطة أيضا يجب أن تكون له محاذيره وربما سارت الأمور بغير ما يتوقع من صنعوه وأوصلوه ليستمر في الحكم وينفرد بالقرار لولا الضغوط التي مارستها قوى الحرية والتغيير والاتحاد الأفريقي فأرغمته على فترة انتقالية مؤقتة على الوجه الذي حدث.
ثانيا : أن البرهان شخصية لم يعرف عنها أبدا أنها محاورة أو سياسية أو له أي علاقة بملفات تحتاج للذكاء والخبرة ولكنه ممن يتوارى خلف الآخرين ” كما حدث في انقلاب ضباط رمضان حين تم تكليفه بمهمة هامشية لكنه لم يعاقب على دوره في حين فقد الآخرون أرواحهم ” ومن ثم اختيار شخص كهذا لن يكلف كثيرا سوى القليل من الوعود غير الملزمة أو التخويف من محاورين ماهرين.. خاصة أن البرهان لم يذهب ومعه مستشارون سياسيون وكأنما كان الأمر مرتبا له ” للتصوير والإعلان فقط ” فيتحقق منه المطلوب لهذه المرحلة ولم يتضمن أي شيء مكتوب .. ولا نعتقد أن ما تم تسجيله ” بالتأكيد ” بالصورة والصوت للقاء قد تم منح نسخة منه للبرهان بل يتم الاحتفاظ به للاستخدام في الوقت المناسب ” شغل مخابرات “.
ثالثا : إسرائيل تعلم أنه لا سلطات تنفيذية فعلية للبرهان .. وأن ما تبقى من عمره في رئاسة المجلس هو عام واحد فقط ” إن استمر ” كما تعلم أن نتنياهو نفسه قد يغادر منصبه ليصبح عرضة للسجن بسبب ما يواجهه من اتهامات وبالتالي كانت ترى استخدام البرهان كورقة لصالح نتنياهو في الانتخابات وورقة لتقول بها للعالم إنها كسرت حلقة مهمة في إحدى الدول العربية الرافضة للتطبيع ” مع أنها تعلم يقينا أن ذلك لن يؤثر في الموقف الشعبي ” وأنها لم تقدم تجاه ذلك أي التزامات .. وبعد ذهاب البرهان تكون في حل من أي وعود قطعتها له.
رابعا : البرهان يعيش في حالة من الهلع بسبب ملف ” فض اعتصام القيادة ” ويعلم تمام العلم بأنه سيكون أحد المطلوبين للعدالة المحلية أو حتى الدولية إن تمكن من الفرار بعد عام دون حسم الملف ” الذي نتوقع أن يطول ” .. ولهذا فهو يبحث عن ” بطولة وهمية ” ربما رأى أنها قد تمهد له للاستمرار في الحكم ولو بحلفاء أجانب إذا استفحلت الأزمات الشعبية خاصة أن تأييد الجيش للقائه مع نتنياهو أمر يدعو للريبة وهو ملف سياسي ليس من شأن الجيش التدخل فيه.. ولذلك فهو يمهد لحماية نفسه من ملف ” فض الاعتصام ” وقد لا يجد خيارا سوى ” الاستمرار في الحكم ..وإذا فشل ” الهرب ” ليجد في إسرائيل أو أميركا مأوى يحميه من الملاحقة الدولية .. لكن الشعب بالتأكيد سيقطع الطريق على الأحلام البرهانية.
خامسا : الجرأة التي زعم السراج أن البرهان يتمتع بها ويفتقدها حمدوك .. رأيناها رأي العين حين خرج من بلاده خلسة ” يتلبّـد ” ودخل حجرة مغلقة ليحاور الصهيوني معتقدا أنه سيحتفظ بالسر فما كان منه إلا أن فضحه أمام العالم على شاشات التلفزيون الإسرائيلي حتى قبل أن يغادر البرهان يوغندا !!.. فأي جرأة يحدثنا عنها الكاتب المفتون بالبرهان؟ ولا دلالة على خوفه وارتباكه أكثر من قوله إنه ” صلى صلاة الاستخارة ” قبل اللقاء وكأنه يريد أن يخطب فتاة .. مع أنه لم يحدثنا لِمَ لمْ يصلّ صلاة الاستخارة قبل أن ” يفض اعتصام القيادة “.. فإن كان قد صلى فإن الشيطان طمأنه لفض الاعتصام وشجعه للقاء نتنياهو . ولعله من السذاجة بمكان أن يحدثنا ” رئيس مجلس السيادة ” أن قرارات حاسمة كهذه تخص الشعب وحده تخضع لصلاة الاستخارة من سيادته في حين أن من ساقوه إليها يعملون منذ سنوات ويستشيرون ويدرسون ويسافرون ويناقشون ثم يقررون… ألم يجد من الدين ” وأمرهم شورى بينهم ” ألم يسمع بـ ” ما خاب من استشار ” ؟؟..
ثم يذهب السراج إلى القول ” إن حول حمدوك مجموعات وأفراد لا يمنحونه الفرصة لاتخاذ ما يراه مناسبا ” فهل يا ترى من يلتفون حول البرهان كانوا من أصحاب الرأي والمشورة والدراية والمعرفة حتى رأيناه في فخ يوغندا يتخبط وحيدا؟؟!! .. وقبلها رأيناه في ملف ” فض الاعتصام ” بحيث لم يجد من حوله تفسيرا لما حدث إلا بعبارة ” وحدس ما حدس ” !!. التي أصبحت مثالا للتندر ..؟
ما أجرأك يا زهير على الحق … فعلا إن مصيبتنا أكبر .. وأوضح برهان على ذلك هو البرهان نفسه.. وتابعه ” قفة ” زهير السراج ..
أبو الحسن الشاعر
نعم بس ماذا عن طلب حمدوك في أديس للأمين العام للأمم المتحدة بوضع السودان تحت البند السادس من ميثاق الامم المتحدة بموافقة مجلس الأمن الدولي؟ هل هذا نتيجة الإحباط من هيمنة العسكر على مجمل السلطة الانتقالية؟؟ هل يسعى حمدوك لإيجاد ضمانة بديلة لضمانة العسكر المشكوك فيها وقطع الطريق أمام احتمالية عدم تسليمهم السلطة ورئاسة مجلس السيادة؟؟؟ هل يجهل حمدوك المآلات التي أشار إليها الكاتب تحت الحماية الدولية وقد رأينا جميعاً عجز البعثات الدولية وقواتها عن توفير الحماية للمواطنين وتأمينهم من انتهاكات الجماعات المسلحة من جيش وجنجويد وحركات تمرد؟؟؟ وأضف إليهم الفلول المسلحة من أمن ودفاع شعبي وشرطة شعبية وكتائب الظل وخفافيش ظلام ما زالت تحتفظ بسلاحها وتخفي عتادها؟؟
ماذا لو استجاب الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن لطلب حمدوك فوراً؟؟! فكيف تتم السيطرة على الفوضى التي ستحدث؟؟ هل بتقسيم البلاد أم ماذا؟؟؟؟ إنها أسئلة لعينة كثر ولابد من استنطاق حمدوك حولها في مجلس الوزراء والسيادة ومجالس قحت ولماذا صمتت أحزاب قحت ولم تبدي أية ردة فعل على طلب حمدوك هذا من الأمين العام للأمم المتحدة؟؟!!