مقالات وآراء سياسية

فقرانين وتغيانين

حيدر المكاشفي

وما سائلين في أتخن تخين وعندنا الكبير الله، ولا أقول الجمل كما جرى المثل، فالفقير منا لا يتردد في ذبح شاته الوحيدة لإكرام ضيف هجعة عابر ولا يقبل أبداً أن يستضيفه بكسرة خبز جافة هي كل ما في بيته من طعام. ورقيق الحال فينا يمكن أن يستدين لكي يسد حاجة من هو أرقّ حالاً منه، وعلى ذلك قس، هذا مبن ناحية، ومن ناحية أخرى هناك حالة سودانية ثانية مشهودة وهي التبذير والاسراف في بسط موائد الطعام عند الأسر المقتدرة بكميات تفوق كثيراً حاجة أفراد الأسرة فيذهب كثير منه إلى مقالب القمامة، بل أستطيع أن أزعم أن الفقراء أنفسهم يمارسون هذه العادة حين يعدون طعامهم الفقير فإنهم يعدونه بأكثر من حاجتهم ويذهب الباقي أيضاً إلى الكوشة، والأغرب أن هذه الظاهرة السودانية ليست حكراً على الأسر السودانية داخل الوطن وإنما انتقلت مع الأسر التي هاجرت خارج الوطن، وتحضرني في هذا الصدد واقعة طريفة في ذم هذه العادة السودانية، ففي واحدة من محاضرات مادة التحرير الصحفي وكان موضوعها (العنوان الصحفي) وكنا وقتها طلاباً ندرس الصحافة، وكان أستاذ هذه المادة مصري هو الدكتور أحمد المغازي وكان شديد الغيظ مما شهده ووقف عليه من إسراف وتبذير الأسر السودانية ورصده للمعدلات الكبيرة من فاقد الطعام التي تذهب إلى الزبالة رغم صلاحيتها للاستخدام الآدمي، فما كان من هذا الأستاذ بعد أن طرح هذا الموضوع إلا أن اقترح له عنواناً هو (بمراجعة صفيحة الزبالة ينصلح حال الاقتصاد السوداني)..
وعن هذه العادات التبذيرية الاسرافية الذميمة، يقول أحد التقارير العالمية إن العالم يقذف بـ(33%) من الغذاء في مزابل النفايات وغالبية هذه النسبة تخرج من المجتمعات الأفريقية ومن ضمنها السودان الذي يفتقر إلى التدريب على الاستهلاك المرشد..ونضيف إلى ما قاله هذا التقرير، أن كثيراً من الأشياء والممتلكات التي يمكن إصلاحها والاستفادة منها مجدداً مثل الأثاثات وغيرها يقذف بها عندنا فى السودان على أسطح البيوت ورؤوس المنازل، فمثل هذا التصرف يدخل أيضاً فيما يمكن أن نسميه الاختلال في إدارة الاقتصاد المنزلي، وهذا باب واسع يبدأ من مرحلة تقييم الحاجيات الضرورية لإستهلاك الأسرة ومقدار المصروفات اللازمة خلال وقت معلوم، وتحقيق التوازن بين الدخل والمنصرف وتعليم أفراد الأسرة وخاصة الأطفال على ترشيد الاستهلاك وعدم التبذير، ولا ينتهي إلا بترتيب الحياة الأسرية على النحو الذي يحقق الاستقرار ويبعث على الاطمئنان. إن أهمية موضوع الزبالة يكمن في علاقتها الجدلية بالسياسة والاقتصاد، ومن هنا فإن الأمر ليس شأنا أسريا محضا، ولا هو أمر ترشيد فقط، وإنما له علاقة قوية بأنظمة الحكم والسياسات غير الرشيدة التي تزلزل أركان المجتمع وتقسمه إلى فئتين، فئة منعمة وغنية ومرفهة تلقي بفضلاتها في المزابل، وفئة معدمة لا تجد شريحة منها حتى الفتات فتضطر للإقتيات من هذه المزابل والأمثلة موجودة بكثرة..

حيدر المكاشفي

الجريدة

‫2 تعليقات

  1. Firstly, you have generalized your view while you lack of information, accuracy, reliability, and research

    Even if we agree with you, some poor may cook more than their actual need for another reason. This could be for unexpected visitors. In this case, what this could be interpreted as hospitality not as the so-called Egyptian lecturer told you

    Secondly, you studied at the so-called Islamic University and was taught by and Egyptian lecturer on Economy of Bins/Food waste while you studied another course. Does it make sense sir

    If you studied economy in a reputed university you would not have written what we unfortunately read

    Lastly, one of the problems with some columnists is that some of them feel that they HAVE to white a contradictive article to attract others’ attention, especially, the publishers

  2. كلامك عن فاقد الطعام يصح على قلة قليلة من السودانيين
    أما الغالبية العظمى فلا يجدون ما يسد الرمق
    واظنك تتفق معى

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..