أخبار مختارة

هل يورّطنا لقاء البرهان ونتنياهو فنصبح محورًا في تدمير منشآت إيران النووية؟

كامب عنتيبي في الميزان التحليلي

عبدالرحمن الامين
[email protected]

هذا المقال التحليلي يستجلي ثالوثا من المواقف المتضادة .
سنفترض بادئا ذي بدء حسن نية السيد الفريق عبدالفتاح البرهان عندما هرع لمقابلة نتنياهو في عنتيبي وفق مرئياته الذاتية كما أفاد وإعترف . لكن ، ولأن النوايا ليست بديلا للمؤسسية ، ولأن الخطأ لاينجب إلا المزيد من الأخطاء فإن هذه الحلقات الثلاث تهدف لتقديم تقييم كاشف لثلاثة محاور هي البرهان والكيزان و معارضو التطبيع في قوي الحربة والتغيير.

زبدة ما خلصت اليه في هذه الحلقات رسالة صريحة موجهة لحكومة الدكتور حمدوك ، وليس للبرهان او المجلس السيادي . يتعين علي حكومة الدكتور عبدالله حمدوك أن تمارس تنفيذيا وإداريا مانصت عليه الوثيقة الدستورية التي يقف الشعب حارسا لنصوصها . فلا عذر لفشل حكومة أنجبتها ثورة تواصلت أشهرا طويلة ودفع خلالها شعبنا فاتورة ذات بتكاليف باهظة وقَبِل تكنوقراطيوها بالتكليف لتنفيذ مهام محددة ، خلال أجل محدد . بعد ستة أشهر من الممارسة والتعلم لابد وأن أدرك وزراء الثورة أن فيزياء السياسة هي من جنس فيزياء الطبيعة حيث الفراغ يُغري دوما العناصر المتربصة بالتمدد لملئه ، كيفما تيسر ومتي تيسر . خلال الشهور الماضية ، فإن قوي الثورة الحية ، ومن خلال مراقبتها اللصيقة للأداء ، تيقنت أن من يترخرخ في تنفيذ المهام الموكلة له أو يتغافل عن ممارستها فهو إما إختيار خاطئ وبمعايير منحازة او انه ضحية إستقدام لمنصب لا يتسق مع قدراته أو أنه يعاني ضعفا في التأهيل الوظيفي رغم نبوغه الأكاديمي في مجاله . وفي كل الأحوال ، يجب أن تعي الحكومة أن هذا الشعب سلّمها أحلامه وفوضها حقوقا تنفيذية كاملة . فإذا تيقن بعض وزارئها ألاّ قِبَل لهم بقسوة معارك التنفيذ ، لأي سبب كان ، فإن الأمانة مع النفس والمصلحة العامة والسمعة الذاتية تحتم عليهم الترجل عن القيادة فورا بكرامة موفورة ومثالية مهنية وأخلاقية ستُحمد لها . فالكل يعلم أن أمامنا مهمة إستثنائية لانتشال وطن بكامله من قاع سحيق وإعادة تأهيله فلا وقت للوعود أو لتبرير القصور . وعليه ، فإن الحقوق التنفيذية للوزراء ليست نصوصا مقدسة أو شهادات ستتزين بها سيرتهم الذاتية بعد إنتهاء الفترة الانتقالية وإنما واجبات تنتظر التنفيذ .هذه الحقوق إذا لم يمارسها الوزراء سطا عليها أعضاء المجلس السيادي وبالتالي فإن المحافظة علي نطاق الاختصاصات يتم بممارستها وليس بتحنيس من سلبها وإقتلعها ليرجعها لهم . فإن تقاعس الوزراء عن آداء أعمالهم وهجروا ذلك النطاق ، فإنهم يستون مع من يرمي نفيسا علي قارعة الطريق ويأتي ليلومن من إلتقطه من السابلة !

حلقة اليوم ترصد وتناقش الأخطاء الاستراتيجية التي إرتكبها رئيس المجلس الانتقالي ، الجنرال عبدالفتاح البرهان أثناء مشاركته السرية في (كامب عنتيبي) ولقائه برئيس الوزراء الاسرائيلي بنجامين نتنياهو يوم الاثنين 3 فبراير الجاري . وفي المحور الثاني سنتصدي لفلول الظلام التي إستيقظت فجأة تولول زاعمين أن ثورة ديسمبر المجيدة هدّت حوائط المسجد الأقصي علي أهل فلسطين ! سنبرز لهؤلاء الأفّاكين وثائق انبطاحهم لإسرائيل في الغرف المغلقة منذ 1997 ، بينما إدعوا أمام كاميرات التلفزة طهرا زائفا ، وورعا مغشوشا مرددين محفوظات ضياع الحق الفلسطيني والقدس الشريف ! المحور الثالث والاخير ، وهو الأقسي علي النفس، فنخصصه للزيف السياسي الذي فضح البعض في تجمع قوي الحرية والتغيير وكشف سر فرقعاتهم الحلقومية التي إنتاشت البرهان بمزايدات قومية وعروبية تخطاها الزمن . فقد تنكروا لمسوؤليات أبوتهم للحكومة ، وهم رب بيت الحاضنة السياسية للحكومة. ليت نقدهم للقاء عنتيبي إنحصر عند نقاط تجاوز البرهان لصلاحياته أو إنفراده بذلك القرار الخطير أو خرقه للوثيقة الدستورية ، لو قالوا ذلك لكنا اول من يسندهم ويصطف معهم ويعزز مطالبتهم للمجلس السيادي برفع يده فورا عن أعمال وزارات الخارجية والمالية والمعادن والبترول والزراعة وأي وزارة تنفيذية أخري يقوم عليها المدنيون شكلا ويمارسها العسكريون فعلا . لكن أن يُحرِّموا وينكروا علي السودان حرية إتخاذ قراراته السيادية من أجل عيون أطرافا في جوارنا العربي يهمهم أن ترضي عنهم بأكثر ما تهمهم مصالح بلادنا العليا ، فهذا لعمري هو عين النفاق السياسي . فسجلات التأريخ تشهد انه ومنذ صدور قرار مجلس الامن الدولي رقم 242 في 1967 فإن قبول العرب بالقرار عني قبولا بالصلح والسلام مع إسرائيل ، لذا فإن تقافز هؤلاء بمزايدات جوفاء علي أمورنا السيادية مرفوض تماما .

🔴 أولا : أين أخطأ البرهان ؟

💢 تصرفه جاء مطابقا لعبث عمر البشير بشأن السياسة الخارجية إذ تقفي ، لحد التطابق ، خطي الديكتاتور المخلوع وبخاصة في تجاوزه الصريح للمؤسسات والإنفراد بقراراتها . ساق الجنرال البرهان خلاصات فرعونية صمدية أسقطت مبادئ الشوري بالكامل عندما برر ان مافعله يصب في مصلحة بلادنا العليا (مَا أُرِيكُمْ إِلا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلا سَبِيلَ الرَّشَادِ ).
فإلحاح إسرائيل في طلب الإذن لطائراتها بالعبور عبر أجواءنا ، وموافقته علي الطلب كما أفاد ، أدخلنا عمليا وفعليا في المحور الامريكي الاسرائيلي والذي تشير كثير من الارهاصات الأمريكية أنه يستعد لشن حرب إستباقية مجنونة ومكلفة لتدمير المواقع النووية الإيرانية دونما إعتبار لدرجة التخصيب التي بلغتها إيران في إنتاج قنبلتها الأولي . هل سيحدث إشعاع نووي يزهق أرواح الملايين من سكان الاقليم ؟ لن تجد ردا لمثل هذا السؤال المشروع الذي يبقي كإحتمال وبخاصة أن إيران لم تكشف المستوي الذي بلغته في تصنيع تلك القنبلة وماتبقي لإكمال الإنتاج . نتساءل : هل تحسّب الفريق البرهان لإحتمال جرنا لهذه الحرب الكارثية ، هل توفرت له حيثيات إستخبارية كافية حول سر الطلب والالحاح الاسرائيلي علي فتح مجالنا الجوي لطائراتهم ؟ ثم ، ماهي ضمانات التثبت والتحقق التي حصل عليها من أن سماحنا بعبور رحلات الطيران التي طالبه بها نتنياهو وأصر عليها ، سيبقي مرهونا بالاستخدام التجاري لطائرات شركة العال المتجهة لأمريكا الجنوبية ، كما أوردت الاخبار ؟ كيف سنطمئن أن الامر لا ينطلي علي خدعة وان المقصد الحقيقي هو تحوير موافقتنا وإستخدام فضاء بلادنا المكشوف كجسر جوي تتزاحم وتنطلق منه القاذفات والمقاتلات الامريكية والاسرائيلية التي ستهاجم العمق الإيراني؟

🛑 ومادام أننا نتحدث عن ضمانات ، هل تطورت إمكانياتنا العسكرية الجوية والرادارية لدرجة قدرتها علي حماية أجواءنا من مثل هذه الاحتمالات ؟ هل لشبكة دفاعاتنا الجوية القدرة علي ردع الطيران الحربي الاسرائيلي الذي برهن عدة مرات علي قدرته في إستباحه اجواء بلادنا ( حتي بدون إذن ) وضرب عدة أهداف مختارة بدقة متناهية ؟ هل نسينا فشل مصداتنا الجوية يوم أن هاجمت طائراتهم قافلة للتهريب يوم الخميس 26 مارس 2009 ، او نسينا تقصُّدهم يوم 5 ابريل 2011 لسيارة بعينها داخل صينية مرور ببورتسودان الساعة العاشرة ليلا وملاحقتها بدقة ساعة سويسرية ، حتي فجروها لوحدها دون غيرها من السيارات وقتلوا راكبيها الاثنين ؟ ثم هل نسينا تمكنهم من الوصول لقلب العاصمة الخرطوم وتفجير مصنع اليرموك ليل الثلاثاء 23 ابريل 2012 ؟ – هل نسينا إعتراف عبدالرحيم محمد حسين بأن أهم تكنولوجيا تتوفر عليها مضاداتنا وترسانتنا الصاروخية هي “الدفاع بالنظر”؟؟ ياتري كيف سندافع عن سيادة أجوائنا إذا تحايلت إسرائيل علي الاتفاق واستخدمت طيرانها العسكري؟ وتحديدا ، مالذي سيمنعها هي وأمريكا بطائراتهم الاستلثية القاذفة التي لايكشفها الرادار )، من ضرب أهداف في العمق الإيراني بصواريخ نووية تكتيكية Tactical Nuclear Weapon (TNW) أو في بحر العرب حيث يتركز الأسطول والغواصات الإيرانية إنطلاقا من بلادنا المنكوبة بالاحلاف والمحاور ؟

💢 لماذا إختار البرهان ان يرهن سياستنا الخارجية الي سماسرة دوليين مثلما فعل المخلوع البشير ؟ لماذا رضي بأن تصبح السيدة نجوي قدح الدم يوم الاثنين 3 فبراير 2020 بديلا لوزارة الخارجية ومجلس الوزراء بل وللشعب السوداني بكامله ، تماما كما فعل طه عثمان الحسين يوم الاثنين 4 يناير 2016 ؟ فقد قفز طه الحسين فوق المؤسسات ، وجهّز مع “أجانب” ،وبمفرده، طبخة قطع العلاقات مع ايران وأعلنها من العاصمة الاماراتية ؟ فما أشبه إنجرار البرهان خلف مبادرة السيدة نجوي قدح الدم ، وتجاوزها لوزارة الخارجية ووزيرتها الاستاذة أسماء ، وهذا يطابق تجاوز الفريق طه الحسين لوزير الخارجية ابراهيم غندور الذي علم ، ولأول مرة ، بأمر قطع العلاقات مع ايران من الصحافيين عند خروجه من اجتماع مع وزيرة البشير المدللة ، أمير الفاضل !
وثمة إشارة ذات دلالات يتوجب إيرادها . فبالرغم من أن الديكتاتور المخلوع خلق للسيدة نجوي قدح الدم منصبا غير مألوف ، “سفيرة بالقصر الجمهوري ” وترك لها امر إختيار مكتبها بالقصر وتأثيثه وفق تفضيلات ذوقها وخصّها بمخصصات لاعلاقة لها بسلم مرتبات سفراء الخارجية ، ووشحها بوسام النيلين من الدرجة الاولي ، دون إنجاز بائن يعلمه الناس ، رغم كل تلك العطايا فإنها دأبت وحتي يومنا الماثل علي تقديم نفسها كمستشارة للرئيس اليوغندي يوري موسيفيني! يشاركها في هذا الجحود الوطني طه الحسين بتابعيته السعودية وتعريفه لنفسه كمستشار بديوان ولي العهد السعودي للشؤون الافريقية وهو من إستحدث له رب نعمته المخلوع لقبا وظيفيا ، مثل نجوي ، بمخصصات وزير لا وجود له في تصنيف وظائف ديوان الخدمة بجمهورية السودان ، فأصبح لقبه الوظيفي كفزورة رمضانية ” الوزير مدير مكاتب الرئيس “!.

🛑 نتساءل دون براءة : لماذا تلكم العجلة للتطبيع مع إسرائيل وملفات وإستحقاقات الفترة الإنتقالية تتوسد الادراج تتنتظر أيادي التنفيذ البطيئة ؟ ولماذا تصدي البرهان للبت بشكل منفرد في امر استراتيجي علي هذه الدرجة من الخطورة بل وأصر حتي بعد عودته علي عدم الاعتذار عن تخطيه لصلاحياته المضمنة في الوثيقة الدستورية التي أرتضتها كل الأطراف لتسيير أعمال الفترة الانتقالية ؟ إذا إفترضنا تعرضه لضغوط خارجية أغرته فيها وعود بواخر القمح والبنزين ، كيف غابت عن الجنرال المحارب أبجديات يعلمها وهي أن مغامرات الحروب لا يمكن التنبؤ بخسائرها أثناء عملياتها وبما سيعقبها من زلازل بعد ان تضع أوزارها ؟ فهو يعلم يقينا ان الحروب كانت عبر التأريخ ملاذا مفضلا للحكام لصرف أنظار شعوبهم عن صعوبات داخلية وأداة حشد فعالة امام عدو خارجي ، متوهم أو حقيقي . أليس ذلك هو عين ما يتعرض له نتنياهو من مصاعب شاكلة الإجهاض المبكر الذي ذهب ب “صفقة القرن” ، إدانة المحاكم الإسرائيلية لزوجته بالفساد ، ومن ثم إدانته هو ومواصلة ملاحقته فتراجع حزبه إنتخابيا وفشل في الاحتفاظ بحكومته الائتلافية ؟ هل اصطحب برهان معه الحالة النفسية لنتنياهو الذي لابد وأن تأريخ مواجهة الناخبين في بلاده في 2 مارس لصناديق الانتخابات تصيبه بالهلوسة مثل ترمب الذي يرتجف قلبه كلما تذكر ما يتنظره يوم الثلاثاء 3 نوفمبر 2020 ؟ هل إنتبه الجنرال البرهان للظروف التي أتته فيها دعوة زيارة واشنطن والتي تمت واجواء محاكمة ترمب تجري في مجلس الشيوخ ؟ هل قيّم الإسقاطات السالبة لزيارته من منظور حالة الضعف السياسي الداخلي وتأزم بنجامين نتنياهو ودونالد ترمب أمام الناخبين في بلديهما ، والنهش الاعلامي اليومي لسيرتهما ، وتهم الفساد الغليظة التي أصبحت عنوانا لعهديهما وكيف أن هذه المعطيات غدت تمثل القواسم المشتركة التي تجمع الرجلين ؟ هل ان إستدارجه كان فخا من رجلين تربطهما صلات شخصية اكثر من صلاتهما الرئاسية فهما في الأصل صديقين حميمين ولدا في مدينة نيويورك ويرتبطان بعلاقة قوية بعائلة جاريد كوشنر اليهودية الذي هو أيضا زوج إيبنة الرئيس الحسناء فانكا ترمب ، التي إعتنقت ديانة زوجها اليهودي ؟ إستطرادا ، وبالنظر الي درجة التماهي السياسي والاستراتيجي غير المسبوق بين الزعيمين هل من حائل يمنعهما من إفتعال مغامرة عسكرية خارجية يشتريان بها وقتا مستحقا لإلتقاط أنفاسهما وشغل الناخبين عن خيباتهما الادارية الداخلية ونقل كاميرات التلفزة في واشنطن وتل أبيب الي جبهات القتال بدلا من المحاكم ؟ تتعين هنا الاشارة الي حقيقة في الثقافة الوطنية السائدة في كل من إسرائيل وأمريكا اللذين يُجرِّمان تغيير الخيول أثناء السباق ، والقادة أثناء الحروب . فطيلة 232 عاما منذ أول انتخابات في عام 1788 ، دأب الناخبون الامريكيون علي إنتخاب ذات الرئيس الموجود إثناء الحرب وجددوا ثقتهم فيه لأربعة سنوات جديدة توقيرا لمنصبه كقائد أعلي للجيوش الامريكية وإكراما لدماء من يتساقط من الشهداء في المعارك الدائرة أثناء الانتخابات ! وفق هذا الفهم لقدسية مساندة القائد أثناء الحرب ، فقد كسب الرئيس جيمس ماديسون فترة رئاسية جديدة في عام 1812 وأعيد إنتخاب الرئيس إبراهام لينكولن في 1864. وحدث ذات الأمر للرئيس فرانكلين روزفلت في 1944 إذ حصل علي فترة ثانية ليواصل قيادة أمريكا أثناء الحرب العالمية الثانية وكذلك ضمن الرئيس ليندون جونسون 4 سنوات جديدة أثناء حرب فيتنام في 1964 . وصوتت أمريكا في عام 1968 لصالح إستمرار ريتشارد نيكسون ليطفئ ذات الحرب بما يحقق مصالح أمريكا فمددوا له لولاية ثانية في 1972 أما الرئيس بوش الإبن فقد أعيد أنتخابه في 2004 ليواصل حربيه المدمرتين في أفغانستان والعراق.

💢 ليس سرا ان تطابق وجهة نظر نتنياهو وترمب وعدوانيتهما المترسخة ضد ايران ترجع لسنوات فائتة أستغلها ترمب للترويج العلني أثناء حملاته الانتخابية في 2016 بضرورة نقض إتفاق أوباما النووي مع إيران وتسليمها 4 مليار هي في الاصل أموالها المحتجزة في أمريكا . دعا ترمب صراحة للقضاء علي برنامج وقدرات ايران النووية وتعهد للناخبين المتشددين بهذا الامر . وبالفعل فان اول شئ فعله هو النكوص عن التعهدات التي بذلها اوباما لإيران وقام بتمزيق الاتفاق رغم إعتراضات الاتحاد الأوربي وروسيا والصين وفرض عقوبات قاسية هدفها خنق النظام الإيراني والقضاء عليه . ولأنه لم يتبق الان علي تنفيذ وعوده الانتخابية بتدمير ايران سوي 9 أشهر ، فإن شن اسرائيل وامريكا لحرب ثنائية واسعة النطاق خلال هذا الصيف اصبح اكثر ترجيحا لان الضغوط الاقتصادية فشلت في تحقيق ما اراده ترمب . علاوة علي ذلك فإن نتائج هذه الحرب الإقليمية ستقود لخلخلة الإقليم بكامله وإعادة ترتيب أوراق المنطقة وفق خريطة المصالح الاسرائيلية الامريكية . انتبه الديموقراطيون بالكونغرس مبكرا لهذا الاحتمال بعد زيادة تحرش ترمب بإيران ومناكفته المستمرة لها والتي انتهت بقتله لأقوي رجالها ورموزها الثورية – قاسم السليماني قائد فيلق القدس يوم 3 يناير الماضي . لتفويت الفرصة علي دونالد ترمب في تجريب المجرب وإشعال حرب مدمرة هروبا من مشكلاته الداخلية المتفاقمة يضمن معها فترة رئاسية جديدة حاصر الديموقراطيون لوثته الحربية فأصدروا قرارهم يوم الخميس 9 يناير 2020 بمنعه من شن حرب إستباقية ضد إيران (طالع صحيفة لوس انجلوس تايمز https://bit.ly/2ULRg4P ). لابد من التذكير بان للرؤساء الامريكيين طرائقهم التنفيذية التي تساعدهم في التهرب من مثل هذا القرار البرلماني غير المُلزم للبيت الابيض فضلا عن أن ترمب أثبت خلال سنواته الثلاث الماضية أنه أكثر الرؤساء الامريكيين تخطيا للكونغرس وتحديا لقرارته.

🛑 في التدوال العام أطروحتان تفتقران للدقة يعتبرهما الكثيرون معيارا كافيا إما لمساندة البرهان وتأييد ماقام به أو معارضة الزيارة . أولهما ان التطبيع مع إسرائيل من شأنه ان يرفع إسم بلادنا من قائمة البلدان المساندة للإرهاب والثانية ، والثاني ، وانه وبمجرد رفع إسمنا من تلك القائمة ستتدفق علينا الاستثمارات وستُفتح خزائن بنوك الارض لإقراضنا وتوفير إحتياجاتنا من النقد الاجنبي والقمح والبنزين وغيرهما . لابد من القطع أنه ، وحتي الان ، لا تتوفر أي ضمانة ان التطبيع مع إسرائيل سيتزامن معه أو يترتب عنه إزالة اسم السودان من قائمة الارهاب . مثل هذه الضمانات عادة يتم إشتراطها وتستصدر في حضور شهود دوليين قبل التوقيع . لو تغاضينا ، نظريا ، عن كل مآخذنا السابقة عن الطريقة والظروف التي احاطت بالزيارة ، وليس مشروعيتها ، ألم يكن من الأوفق ، مثلا ، إشتراط برهان ذهابه لعنتيبي بحضور وزير الخارجية بومبيو نفسه للقاء والطلب منه مباشرة التعهد بأن يتزامن التوقيع مع رفع إسمنا من تلكم القائمة اللعينة ؟ إذا تعذر حضور بامبيو فما المانع من التريث لحين مقابلته في واشنطن ، ولماذا لم تتم دعوة الأطراف الاسرائيلية لذات اللقاء ؟ . من الواضج أن دعوة الزيارة المقدمة من وزير الخارجية الامريكي يوم 2 فبراير للبرهان ، والتي طلب فيها منه السفر في اليوم التالي لمقابلة نتنياهو في عنتيبي ، قصدت ان تترك التفاصيل معلقة في الهواء فخلت الدعوة من الاجل والموعد وحتي الأجندة ! وبالفعل ، سافر برهان وحصل منه نتنياهو علي ماأراد وحصدنا نحن دعوة شفاهية من ادارة تبقي لها في الحكم اقل من 9 أشهر !! وثمة امر آخر ، من قال أن قرار رفعنا من تلك القائمة اللعينة يهيمن عليه ترمب لوحده ؟ فذلك القرار بعد مروره وحصوله علي دعم دوائر وزارات الخارجية ، الدفاع ، الخزانة ، العدل ، الامن الداخلي ، مجلس الامن الوطني والرئيس ، فإنه يجب ان يحصل علي موافقة مجلس النواب الذي يسيطر عليه الديموقراطيون وقد فرغ ذلك المجلس المناهض لسياسات ترمب من إدخاله إسمه للتأريخ كثالث رئيس أمريكي يتم تقديمه لمحاكمة هدفت لاقصائه من الحكم وعزله وحرمانه من ممارسة أي نشاط سياسي طيلة عمره ! السؤال هو ، كيف لكونغرس بهذا العداء مع البيت الأبيض ان يمرر مقترحا يرسله له الرئيس ترمب يطلب فيه رفع إسمنا من قائمة الارهاب علما بأن صوت مصالح دولتنا في واشنطن خنقته السيدة وزيرة الخارجية إذ لم تفرغ حتي هذه اللحظة من تسمية سفير لنا في واشنطن بشكل رسمي وإن تطايرت الاشاعات بأن مرشحنا هو السفير الدكتور نورالدين ساتي !! المهم هو ان سفارتنا بواشنطن ، وعشرات غيرها ، تعمل بقائم مكلف بتسيير الاعمال . أما عدم إرتباط التطبيع بالوضع الاقتصادي فهو أمر فني معقد. للتبسيط الشديد نقول : صحيح أن المصارف التجارية الدولية التي تحظر التعامل معنا الان سوف ترفع هذا الحظر عندما يتم تسريحنا والافراج عنا من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، لكن ليس صحيحا أن تلك البنوك سوف تُقرضنا أموال مودعيها بدون أن تتأكد من قدراتنا علي التسديد . كنا نأمل أن يكون في معيه الجنرال البرهان مفاوضون شرسون ومتمرسون في فنون التمويل والاقراض ومسنودون بالمعرفة والمحاججة القانونية حتي ينتزعوا لنا مكاسبا وطنية محددة قبل أن يبصم الرجل علي إستعداده للتطبيع مع إسرائيل . فدعوة زيارته لواشنطن تلقاها في محادثة هاتفية جاءت عبر الأثير ، أبدي خلالها الوزير بومبيو زخما من الاماني والتمنيات الطيبات لكن في غياب شئ محسوس يُنْزل تلك الاماني والوعود لتمشي بيننا ، ستظل تتراقص في الهواء ! كان ممكنا ولائقا أن يشترط الجنرال مساندة أمريكا لبلادنا في مؤسسات بريتون وودز كأن يطلب تحديدا إلغاء الفوائد المتراكمة علي أصل ديوننا الخارجية التي تستعد لتخطي حاجز 60 بليون دولار (ولتوضيح ضخامة ما يتراكم من فوائد سعر الصرف علي الودائع والقروض المصرفية فلنأخذ مثالا مبلغ 400 مليون دولار دفعها شاه إيران قبل سقوطه ثمنا لصفقة طائرات F16 . فما ان قطعت امريكا علاقتها مع نظام الملالي في 1979 إثر إقتحام أنصار الخميني للسفارة الامريكية في طهران وأخذ طاقم الدبلوماسيين الأمريكيين كرهائن ، أعلن البيت الأبيض وقف تسليمهم تلك الطائرات وتجميد المبلغ. نتيجة للاتفاق النووي مع ادارة اوباما في عام 2017 أرجعت امريكا لهم مبلغ الاربعمائه مليون نقدا والتزمت بدفع الفوائد بأقساط . المتراكم من تلك الاموال بلغ في الإجمالي 1,3 بليون دولار بعد 37 عاما ، أي ثلاثة أضعاف المبلغ الأصلي!)نعود للقول أن مطالبتنا بأشياء غير واقعية يبدد مثل السانحة التاريخية . من نماذج المطالبات غير المعقولة المطالبة بالغاء ديوننا (وليس اسعار الفائدة) بحجة أن نظام اللص البشير هو من إستدانها بإسمنا وسرقها ، وإن شعب السودان برئ منها . مثل هذا المنطق المتشطر لا علاقة له بالواقع الذي تحتكم له مؤسسات المال ولا يخلو من سذاجة وسطحية ولابد أن يسقط علي أذن صماء .فالمؤسسات الدولية ، من بنك دولي وصندوق نقد ووكالات أممية ومؤسسات إقراض متخصصة ، تتعامل مع كل من يطرق بابها من “حكومات اليوم الماثل The government of the day ” التي تنعقد لها شرعية حكم بلادها داخليا وتمثيلها خارجيا حتي ولو كان حاكمها قردا يرقص علي مزمار!

💢إنتهى 💢
🌑 في الحلقة 2 من 3 : كيف نسي الكيزان خطابات البشير وإرساله السمسار الباكستاني (منصور إعجاز) 6 مرات لتل أبيب (وثائق)
🔴 في الحلقة 3من 3 : ماذا دهي بني العباس في قحت؟

‫12 تعليقات

  1. اول مره اعرف بان السودان عنده حدود مع ايران تحتاج اسرائيل للطيران فوقها لضرب ايران!

    زج ايران في الموضوع غير منطقي علي الإطلاق!

    المسألة ابسط من ذلك بكثير , اسرائيل تحتاج لموافقة السودان علي إستقبال مايقرب من عشرين الف لاجيء سوداني باسرائيل ترفض اسرائيل العنصرية منح اي منهم حق الاقامة الدائمة . والسودان يحتاج لعون إسرائيل لازاحته من قائمة الارهاب الامريكية المجحفة .

    هذا كل مافي الأمر !

    1. اخونا سيد احمد ، كفيت .. ده الكلام العديل .

      يا جماعة بطلّوا الفلسفة والإستعراض ، كل واحد جاي و ملقّط ليهو معلومات من هنا ومن هناك .
      البلد في حاجة لتضافر الجهود . الوثيقة الدستورية اصلاً مخستكة من يومها ، بس الناس قالوا باركوها عشان الانتقالية تعدّي بخير .
      الثورة السودانية هي الثورة الوحيدة النجحت بدرجة (ممتاز) عن دونها ..
      شوفوا اليمن ليبيا وسوريا حتى مصر والآن شوفوا العراق ولبنان !!!
      احمدوا الله يا سودانيين و ما تكاجروا وتتفلسفوا و تضّيعوا البلد .
      البلد مليانه سلاح تقيل (مدرعات ودوشكات) ومليشيات متفلتّه ومتنافرة و كيزان متربصيّن
      نعم تعاني البلاد الكثير من الازمات.. ولكن الانتقالية ذاهبه لمقاصدها واستطاع المجلسين بضبط النفس و الحكمة تجاوز الكثير من العقبات والمطبات .
      الحكومة بحاجة لدعم قوي و على المواطنيين ضبط لغتهم و الانتباه للمتربصين والإشاعات و ما يدسه جداد النظام البائد من فبركات و تصريحات غير صحيحية للمسؤلين و قادة الاحزاب و قحت والمهنيين .
      ثورتكم مباركة والنصر قريب .. ابشروا بالخير .

    2. ترفض اسرائيل العنصرية منح اي منهم حق الاقامة الدائمة .
      *******************************************************
      يعني لو كانوا في اي دولة عربية بما فيهم فلسطين او السعودية التي يقاتل فيها جنودنا جنبا الي جنب مع جنودها كانت منحتهم الجنسية .؟؟!!! علي الاقل اسرائيل استقبلتهم وكرمتهم لم تسلمهم للجلاد الجزار البشير كما فعلت الاردن ولم تقتلهم بدم بارد كما كانت تفعل القوات المصرية علي مع اسرائيل حيث تقوم القوات المصرية اصطياد الشباب السوداني الهاربين من جحيم الجزار كالارانب او البط , لتقوم القنوات المصرية بايراد الخبر في شريط صغير اسفل الشاشة(قتلت القوات المصرية كذا من الافارقة الذين يحاولون التسلل الي الكيان الصهيوني).. كأن الذين تم قتلهم ليسو بادمين؟!

  2. مقالك يا استاذي بعيد كل البعد عن واقعنا……… اسرائيل موجودة بإرادة وقدرة الخالق لهذا الوجود…… الرسول (ص) قبل 1400 سنة عاهدهم في المدينة المنورة.هذا من جهة…أما بلغة السياسة والمصالح المتبادلة…….فأثبت البرهان أنه يعرفها أكثر من غيره فالتحية للبرهان و شجاعته وجرأته….الواقفون ضد البرهان لن يعطوا إلا منطقا معوجا..

  3. تخيل الطيارة تقوم من تل أبيب تعبر البحر الأحمر أو مصر تجي طافية النور تحوم فوق السودان تاخد البركة وتلف ترجع تضرب إيران .. أو طيارة أمريكية تقوم من حاملة طائرات في الخليج الفارسي أو المحيط الهندي تطير عكس…تجي السودان ..تحلق فوق الكريدة … يدوها الفاتحة … تلف تمشي تضرب إيران.
    مصيبتنا في كتابنا أكبر من مصيبتنا في حكامنا

  4. كلامه خارج الموضوع، المسألة ليست في جواز التطبيع من عدمه، ولكن الجهة التي حق اتخاذ القرار باسم الدولة وهي رئيس الوزراء وليس مجلس السيادة برمته (رئيسه) ودا حسب الوثيقة الدستورية. الملاحظ أن البرهان دائماً يحاول أن يبدو كرئيس للدولة مع أنه مجرد عضو في مجلس السيادة وهو مجلس تشريفي فقط ورئيسه ليس له صلاحية فوق بقية الأعضاء بل هم الذين يفوضونه بالتوقيع على قرارات المجلس بالتوافق أو أغلبية الثلثين. فهو لا يجوز له التوقيع على أي قرار مالم يكن صادرا من المجلس بأغلبية الثلثين فهو مجرد عضو يرأس اجتماعات المجلس وفق لائحة أعمال المجلس التى أجازها الأعضاء وليس له أية صلاحيات خاصة حتى في إدارة شئون القصر من أمانة عامة وموظفين وتعيين وفصل وميزانية ومرتبات إلخ مالم يفوضه المجلس بذلك.
    ولأنه لم يكن مفوضا من رئيس الوزراء في السماح لإسرائيل باختراق أجواء البلاد فإن ذلك التصرف يعتبر باطلا كأن لم يكن، بل إن السلطة الانتقالية بمستوياتها الثلاثة ليست مخولة حسب الوثيقة الدستورية باتخاذ قرار التطبيع مع إسرائيل لأنه من الصعب المسائل الكبرى المتروكة للحكومات المنتخبة ولأن مثل هذا القرار يحتاج إلى إلغاء كثير من القوانين التي تنص على مقاطعة إسرائيل.

  5. السلام عليكم استاذ عبد الرحمن الامين والتحية لكل عشاق الراكوبة الظليلة..اختصارا يقال والعهدة علي الراوي ان زيارة البرهان ولقا نتنياهو كانت بغرض ضمان الحماية والغطا الامريكي الاسرايلي وبي التالي الدولي لي الانقلاب العسكري القادم في السودان وازاحة حكومة حمدوك عن طريق افتعال الازمات الحاصلة حاليا وقيام مظاهرات وشيطنة الثورة. عبر الشق العسكري من مجلس السيادة بي مساندة دول المحور السعودي لضمان الدعم الدولي وعدم المحاسبة..يعني قضية رفع العقوبات ما هي الا كذبة كبيرة للاستهلاك الاعلامي فقط..نرجو اليقظة والحذر مما يفعلة العسكر

  6. لو قلت أن إسرائيل تحاول تشكيل محور عرب داعم لضربها لإسرائيل (السعودية، مصر، الإمارات البحرين وربما الكويت) وما يشكله دخول السودان في المحور من دعم لكان التحليل مستساغاً. أما أن أالطيران الإسرائيلي يعير مصر أو السعودية ثم يعبر الأجواء السودانية ليضرب إسرائيل فهذا لن يحدث إلا في أفلام الكرتون.
    هنان احتمال وتفسير قد يكون مقبولاً وهو أن تضرب إسرائيل إيران بالصواريخ من المياه الإقليمية السودانية بالبحر الأحمر لكي تخرج وتعفي السعودية من المسؤولية التاريخية الضخمة. أي أن يصبح السودان مخلب قط ووكيلاُ عن إسرائيل في ضرب إيران صاروخياً. تأكد أن أي ضربة لإيران سوف تتم صاروخياً وليس بالطائرات. وسوف تكون الضربة خاطفة وسريعة ومفاجئة Blitzkrieg في اعتقادي الشخصي أن زيارة البرهان والتطبيع مع إسرائيل وتسليم البشير للجنائية ما هي إلا مقدمات لتقسيم السودان والشعب السوداني. انتبهوا يا أيها السادة.

  7. انتو مالكم ومال اسرائيل ودول الخليج العربي ومصر وغيرها.. يا جماعة الخير خلونا مع الافارقة الاشاوس
    نحن سود وافارقة وبيشبهونا .. ليه جارين وراء العرب المنافقين ديل .. المهم نكون يقظين ومراقبين وعيونا مفتوحة وحريصين كل الحرص مما يحاك ضدنا .. ونصبر ولا نسبق الحوادث لين المرحلة الانتقالية
    لحكومة مدنية كاملة .. وبعدها لكل حادث حديث..

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..