مقالات وآراء

الشفيع خضر ما بين ضمير الجماعة المتكلم.. الشفافية و إسقاط الشارع من المعادلة الوطنية

العبارة المدخل:
<<قضية التطبيع لا يمكن حسمها باستطلاعات الرأي في الشارع>>
و الإشارة أعلاه نحو تطبيع السودان مع إسرائيل التي سعى إليها البرهان رئيس المجلس السيادي السوداني.
الشارع يعني كتلتين أو أكثر; شارع الثورة، و شارع معارضي الثورة، و هناك شارع آخر له قدمٌ هنا و قدمٌ هناك. فعن أي شارع يتحدث؟!
واحد من شعارات شارع الثورة: (زمن الدسدسة و الغتغتة انتهى) فهل من سقف لشفافية الشفيع أعلى من ذلك؟! و هل تجاوزه/تجاوزهم لشارع الثورة يعني أنه قد قر في ذهنه/ذهنهم أن ثمة راسماً لمشاريع و خطط أهداف ثورة ديسمبرغير هذا الشارع الثوري، أم أنها مطالبة صريحة بتجاوز هذا الشارع و الذي يُفهم إستنتاجاً أن ما يريده الشارع يقف و سيقف عقبة أمام ما يريده/يريدونه من مشاريع و سياسات!
يقول الشفيع (و قد رهطه):
<<إن الشفافية لا تعني البذل السابق أو الكشف عن المعلومات التي قد يسبب كشفها ضررا بليغا بالأمن القومي.>>
و للتذكير فإنه يتناول هنا لقاء رئيس مجلس السيادة السوداني البرهان برئيس وزراء اسرائيل نتنياهو مبرراً و مستنداً/مستندين على عدم الإضرار بالأمن القومي السوداني! إذن، فهذا هو مبرر عدم الشفافية فيما يخص فترة التحضير للقاء و التي حددها البرهان بشهرين كفترة سبقت اللقاء الفعلي بعنتيبي يوغندا!!
و هنا عبارتان وردتا بمقاله (فلنركز على ضمير الجماعة):-
الأولى:
<<لا تعني الشفافية الكشف عن المعلومات الخاصة بأمن الدولة وسياساتها الدفاعية وتحركاتها الخارجية، وغيرها من المعلومات التي قد يسبب كشفها ضررا بليغا بالأمن القومي.>>

و الثانية:
<<لذا، نحن هنا لا نفترض أن ترتيبات لقاء البرهان ونتنياهو كان يجب الكشف عنها قبل حدوث اللقاء، ولا نعتبر ذلك من الشفافية.>>

كما علينا أن نركز على العبارة المفتاحية التي قد تفسر ضمير الجماعة المتكلم:
<<ولكن، ما أثارته التصريحات المتضاربة حول من كان يعلم ومن كان لا يعلم، جعلت المواطنين على قناعة تامة بأن أحد أكبر مسؤولين إثنين في البلاد يكذب،>>

و إستطراداً يؤكد:
<< بعد لقاء البرهان نتنياهو، حدثت ربكة شديدة في أجهزة الحكم الانتقالي، وارتفع مؤشر التباعد وعدم الثقة عاليا بين المكونين، المدني والعسكري، الشركاء في إدارة البلد، وكاد الأمر يتسبب في انقسام خطير لا تحمد عقبات تداعياته، خاصة وأن الثورة المضادة تتربص وتنتظر اللحظة المناسبة للانقضاض، علما بأنها لا تزال تتحكم في الكثير من مفاصل الدولة الرئيسية>>
هنا لا بد من تأكيد حقيقة مؤكدة، و هي أن المكون المدني يمثل قوى الحرية و التغيير الحاضنة السياسية لثورة ديسمبر 2010 بينما المكون العسكري هو اللجنة الأمنية للنظام المباد، فلماذ يرتفع حاجب الدهشة عند تنافر قطبين بهذا التعريف؟!

<<نحتاج أيضا إلى مزيد من المبادرات التي تُثري وتُغني عامل الثقة بين المكونات السياسية، المدنية والعسكرية، والتي توحد الرؤى حول كيفية مواجهة وتخطي مهددات الفترة الانتقالية، والسير بها إلى الأمام.>>
لا أرى من شئ يدعم الثقة بين فريقين أصدق من الشفافية التي يعلِّي من قدرها مرة و يحط أخرى من قدرها، فهي الجسر إلى البوتقة التي تمازج النقيضين في واحد هجين بنفس واحدة و عقلين متوافقين. و هذا كان سيكون واقعاً لو توافق النقيضان على وثيقة واحدة و تواضعا على احترامها و سارا على هدي نورها.
و في عتبة ثالثة يقف الشفيع (و قد رهطه) موقفاً منبريا إستدراكياً لخيبةٍ ماثلة و ماثلة أسبابهاً:
<<وهذه الرؤية الاستراتيجية للسياسة الخارجية، ترسمها أجهزة الدولة المختصة والقوى السياسية الداعمة لها، ويتم بلورتها في برنامج محكم التخطيط ومحدد الأهداف، بما يحقق المصالح الوطنية العليا للدولة.>>
إذن، لمن تنعقد أحقية أو بالأحرى لماذا لم تنعقد للمكون المنوط به رسمها و تنفيذها طالما أن طائرها يحط على كتف المكون التنفيذي (مجلس الوزراء و وزارة الخارجية) و هي بدون أي إبهام “سياسة الدولة الخارجية؟!
ثم و استطراداً يقول:
<<وبدون الرؤية الاستراتيجية، ستتسم كل تحركاتنا بالعشوائية.>>
و سأدع السؤال يقفز:
الرؤية الاستراتيجية لا تكون أحادية في مكون ثنائي ما لم ينعقد إتفاق واضح على وثيقة واضحة بين المكونين، فهل أن ما قام به البرهان بند متفق عليه داخل هذه الاستراتيجية أم أن ما قام به يمثل إستراتيجية غير هذه؟! و هذه الأخيرة تحتاج إلى شفافية إنتظرت أن تأتى منه، و سأنتظر أن منه/منهم تأتي.
و عن القضية الفلسطينية و ارتباطنا بها من خلال قرارات المنظمات الاقليمية كالجامعة العربية أو الدولية، ينحو/ينحون نحو إجهاض كل الثوابت و المتغيرات السابقة و يطالب/يطالبون بأن المسألة باتت:
<<تستوجب إعادة النظر وإعادة التفكير والخروج باستنتاجات وخلاصات جديدة تتماشى وهذه المتغيرات.>>
إذن، أين هي الإستنتاجات أو الخلاصات؟؟!!

ما تبقى من مقالي سيكتبه ،و لا شك، القارئ المطلع عليه.

طلال دفع الله
[email protected]

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..